أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالوم ابو رغيف - هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!














المزيد.....

هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 02:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العنوان غريب جدا، فليس من احد يتصور هذا النوع من التخاطب المهذب بين جلاد وبين رجل في طريقه إلى الإعدام. على الاقل في بلداننا الشرقية، لكن هذا السيناريو غير مستبعد الحدوث بين جندي هتلري وبين يهودي أنهكه التعب فخرج قليلا عن طابور الإعدام الى حمامات الغاز الرهيبة.
الألمان يحرصون على لغة تخاطب مهذبة وخاصة في مجالات ومواقع العمل، أكان العمل في مدرسة أو في سجن أو في مصح عقلي أو في بار أو ماخور، فهم، أي الناس وقبل إن يلتحقوا بإعمالهم لا بد إن يجتازوا دورات إعداد تأهلهم لهذا العمل أو ذاك، ومن ضمن هذه الإعدادات تعلم طريقة التعامل و التخاطب المهذبة.
الألمان إضافة إلى الحرص على لغة وطريقة المخاطبة، يحرصون أكثر على النظام، فكل شيء له نظامه الخاص، وهذا الحرص على إتباع النظام قد يتعلمه الطفل في البيت من الأبوين إن كانا يعيشان معا، وهو احتمال ضئيل، إذ إن نسبة الطلاق أو الانفصال عاليتان، أو قد يتعلمه من إلام إن لم تكن منشغلة بالعمل أو منشغلة بنفسها، لكن على الأغلب يتعلمه الطفل في المدرسة ومن سلوك الآخرين في الشارع أو ملاعب الأطفال.
في هكذا مجتمع، لا تعتبر اللغة المهذبة ولا الحفاظ على النظام دليل على الاحترام أو على الرقي الحضاري، فهي وجه للتعامل وليس جوهره، مقرونة بالافضل أو الأتكيت او أنها تقال بحكم العادة والتعود. وهذا ما لا يفهمه الكثير من الشرقيين الذين يعتقدون انهم محل احترام وترحيب سكان الدول التي يقطنونها.
لم يكن أكثر من النازيين انضباط، ولا أكثر منهم حفاظا على النظام ولا أكثر منهم التزاما بالمحافظة على اللغة المهنية في التخاطب، ومع هذا، قد قتلوا أكثر من 6 ملايين يهودي بأبشع صورة. واجري الأطباء النازيون التجارب الطبية على اليهود، اطفال ونساء وشيوخ، واجروا عليهم تجارب لمعرفة اثر أسلحتهم الجرثومية والكيماوية. استخدموهم كما تستخدم الفئران أو الأرانب المختبرية دون استخدام التخدير. ولم تحول لغة الألمان المهذبة، و حفاظهم غير المألوف على النظام، الى الوصول لأحط درجات الدناءة، فقلعوا اسنان المعدومين المذهبة وجمعوها على شكل أكوام بدت كأنها تلال من خواتم ذهبية. يقال إن الطب في ألمانيا قد تقدم وازدهر لأن الأطباء قد اجروا جميع تجاربهم الطبية على اليهود مباشرة دون الاحتياج إلى أرانب اختبار.
لكن كيف لهذا الشعب الذي ينتسب إليه ماركس وانجلز وفويرباخ وهيجل وبريخت وفرويد وماكس بلانك ويوهان استباستيان باخ واماديوس موزارت وبتهوفن إن ينتسب إليه هتلر وغوبلز ويوسف مينجيلة ومجاميع القتلة والسفاحين والجلادين التي تقدر بالآلاف؟
كيف لهذا الشعب الذي يهتز وجدانيا لسماع السيمفونيات إن يهتز فرحا وجذلا لخطابات هتلر التي تنشر الحقد والبغض والكراهية؟
لم تكن اللغة في زمن هتلر غير مهذبة، ولم تكن غير مرتبة، ولم تكن المرأة غير محترمة ولا الشوارع غير مبلطة ولا البنايات خربة، ورغم أزمة الرأسمالية الاقتصادية العامة، لم يكن الألمان يعيشون بأقل مستوى من شعوب البلدان المجاورة. بل لم يأتيهم هتلر عن طريق انقلاب عسكري أو تآمر خارجي إنما تدرج عبر إجراءات قانونية وانتخابات برلمانية ومكنته الأحزاب اليمينية وكبار الرأسماليين من الوصول إلى السلطة واحتكارها.
كما إن كل هذه الأحداث التي شهدتها ألمانيا لم تأخذ عقود من الزمن، لقد اكتملت مراحلها بوقت قصير جدا من 1933-1938 حيث الغي هتلر منصب رئيس الجمهورية وأصبح القائد الأوحد لألمانيا.
فكيف لشعب عريق وذكي إن يتغير بهذه السرعة ويمنح السلطة لرجل احل الكارثة ليس بالعالم فقط بل بشعبه أولا.؟
ألمانيا لم تكن غريبة عن السياسة ولا عن الديمقراطية ولا عن الحراك السياسي أو الثقافي، ولم يكن الشعب الألماني شعبا جاهلا يعاني من الأمية أو التخلف العمراني أو الثقافي، ومع هذا استطاع بعض من النازيين التلاعب بعواطف الحشود الكبيرة من الشعب واثأروا فيهم الروح القومية العنصرية والقوا بالذنب وكل عوامل النكوص والركود الاقتصادي على اليهود. لا زال اليساريون الألمان يعتريهم الخوف اذا فازت بعض الأحزاب النازية بمقاعد في البرلمانات المحلية، فهم يعرفون، إن المزاج العام متقلب، والأحزاب الأوربية اليمينية تبحث عن شماعة تعلق عليها جميع سقطاتها وآثامها.
في زمن الهتلرية، استطاع النازيون تغير العقلية الألمانية وتحويلها إلى ذهنية السارق. صوروا لهم إن أموال اليهود وما يملكونه من عقارات ومن بنايات وأموال هم أحق بها وإنها ستكون من نصيبهم. هذه الذهنية لا زال يلتجأ لها الحاكمون والإسلاميون الثائرون في البلدان العربية المختلفة أنها مبدأ الغنيمة. هو نفس المبدأ الذي اتبعته الحكومة الملكية في العراق في ما يعرف بالفرهود حيث سرقت أموال وبيوت اليهود العراقيين بدناءة مثيرة للقرف.
وهو نفس المبدأ التي تلجأ إليه جميع الحركات الإسلامية المسلحة التي لا تكتفي بغنائم الأموال بل تتعداها إلى النساء والمناصب أيضا.

في إسرائيل رغم إن قسم كبير من شعبها عانى من المطاردة والاعتقال والهولوكوست، ورغم الديمقراطية الانتخابية، إلا أنها لا تختلف كثيرا عن جلاديها النازيون في معاملة الفلسطينيين.
إسرائيل رغم كل هذه المظاهر الحضارية إلا إن ذهنيتها مبنية على مبدأ الغنيمة أيضا، لذلك تصادر الأراضي والبيوت وتبني المستوطنات وتحتل الجولان وتتكلم عن التحضر.



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية وموقف البعض منها
- الشيعة ومقبرة النجف
- كوردستان من الفدرالية الى الكونفدرالية
- رجال الدين والفضائح
- المساواة في القانون والشريعة الاسلامية
- إله عربي بقلنسوة وأزلاف طويلة
- وصايا الله العشرة والاسلام السياسي
- كلمات الله الضائعة بين جبرائيل وبين محمد
- سيرة غير عطرة لنبي
- الايمو والسياسة والدين.
- اضطهاد المرأة في صدر الاسلام
- عندما يكون الله معديا
- من اجل ربيع يساري قادم
- هل يمكن تعايش الثقافتين العلمانية والاسلامية؟
- احتجاج جسد عاري
- الديمقراطية الإسلامية العجيبة في العراق
- الاسلام والقذافي وصدام
- الصخب الإعلامي والإسلامي
- القوميات بين الواقع والطموحات.
- هل تخلع الشعوب الاله كما خلعت الحكام ؟


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالوم ابو رغيف - هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!