عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 15:06
المحور:
الادب والفن
نسيم الصباح القادم من المحيط ؛ يداعب جسدي ؛ بل حتى عيوني الباكية التي فارقها النوم .
إمتطيت الدراجة، و حينئد ضغطت على الدواسة ؛ سرت بمهل عبر إلتواءات، و منعرجات ؛ إنه شارع مرصص ؛ من هناك ضباب كثيف تخترقه ثغرات ؛ بواسطتها تظهر غابة الأركان ؛ تستوطنها دور آيلة للسقوط .
إنني هنا في قرية سوسية ؛ تارة أضغط على الدواسة، و تارة أخرى أسير بمهل ؛ أ-حقا أنا هنا ؟ إنك هنا يا عبد الله، فلتنظر ماذا يلبس هؤلاء الأطفال ؟ إنهم يرتدون الفوقيات، و هم متوجهون إلى الكتاتيب ؛ حقا ؛ لقد تأكدت أنني في قرية سوسية عريقة، و ها أنا أنحرف شمالا، فأتلوى عبر منعرج ضيق ؛ و من ثمة أحاذي مقرا للزاوية التيجانية، ثم الزاوية الناصرية، و غير بعيد عنهما تتراءى قصبة فرنسية تعود إلى القرن التاسع عشر ؛ أ-لست هنا بصدد تكوين مركب ؟ و ما زاد هذه الإمكانية سطوعا : هي تلك الساحة - تسمى ساحة أسايس التي تحتضن سنويا مهرجانا يسمى بالعبيد - التي تشبه إلى حد ما ساحة الأغورا - ساحة توجد في وسط مدينة أثينا يتجمع فيها المفكرون، و السياسيون للبث في قضاياهم- ؛ حيث يتجمع القرويون فيها كل مساء قبل، و بعد الصلاة لتجاذب أطراف الحديث ؛ لا أدر بالضبط هل هي فعلا تلتقي بساحة الأغورا اليونانية أم لا ؟ فهذه الساحة السوسية لا يحضر فيها إلا الرجال، و تربض السيارات، إضافة إلى الأزبال المتراكمة هنا و هناك .
حقا لقد إستمتعت بهذه الجولة، و ما أعجبني فيها هو التأمل، و الدهشة بروعة المكان ؛ إنني حقا في قرية سوسية ؛ قرية مركبة يعيش فيها مجتمع متجانس من العرب، و الأمازيغ، و الصحراويين، و الشماليين، إضافة إلى أفراد من كل حدب، وصوب، أما بالنسبة للغة فلا تجد طغيانا لهذه، أو تلك ؛ إن العربي كما الأمازيغي ؛ كل واحد مطالب بالتخلي عن بصيص من لغته لكي يندمج، و يتواصل مع الآخر ؛ هذه هي حقيقة المجتمع المزيج.
أوقفت الدراجة، وبعدها عكست الإتجاه، و أنا أستمتع بهذه الرحلة، و أقول مع ذاتي : / حقا إنها الروعة بأضفى معانيها/ .
عبد الله عنتار- قرية إخوربان- أيت ملول.
05/08/2012
أ
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟