أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - لمحة عن القدّيس سمعان الخراز ونقل جبل المقطّم















المزيد.....

لمحة عن القدّيس سمعان الخراز ونقل جبل المقطّم


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 15:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لمحة عن القدّيس سمعان الخراز ونقل جبل المقطّم


كل قبطي أرثوذكسي يعرف فحوى هذه القصة العجيبة في تاريخ أكبر كنيسة ناطقة بالعربية اليوم. عاش هذا القديس (Simon the tanner)، سمعان الخراز/الدّباغ، الإسكافي في نهاية القرن العاشر للميلاد في عهد البابا الأنبا أبرام بن زرعة السرياني البطريرك الثاني والستين، الذي ترأس كرسي مار مرقص بين السنتين ٩٧٥-٩٧٩. واسم سمعان هذا مقرون بمعجزة نقل جبل المقطّم/المقطّع/المقطّب حوالي عام ٩٧٥م. بعد بناء القاهرة ببضع سنوات، في عهدخلافة معد، أبو تميم، المعز لدين الله الفاطمي ٩٥٣-٩٧٩م، أول حكّام الفاطميين في مصر. وقد شجّع معز الدين العلم والأدب وحوار الأديان في أجواء حرّة وصريحة.
لا نعرف شيئا يذكر عن نشأة القديس سمعان ولا تاريخ ولادته ولا من أبوه. وفي تلك الفترة زاول الأقباط مهنا كثيرة في مصر القديمة كدباغة الجلود وصناعة الأحذية وهكذا سمي سمعان بالدباغ والخراز والإسكافي. وتحكى هذه الحكاية: أتت إمرأة جميلة إلى القديس سمعان لإصلاح حذائها وبينما كانت تخلعه انحسر فستانها وتعرّت ساقاها فاشتهتهما عيناه وفورا غرز المخرز إحدى عينيه ففقأها تمشيا مع الوصية الربانية “فإذا جعلتك عينُك اليمنى تخطأ، فأقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن تفقد عضوا من أعضائك ولا يُلقى جسدك كلُّه في جهنم” (متى ٥: ٢٩). وقد شُيّدت أول كنيسة باسمه في جبل المقطم سنة ١٩٧٤ زمن البابا شنودة الثالث. يُحتفل بذكرى عيد القديس سمعان ونقل جبل المقطم في السابع والعشرين من تشرين الثاني كل عام، واحتفظت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بثلاثة أيام صوم المعجزة وأضافتها على الأربعين يوما في صوم عيد الميلاد. ويذكر في التراث القبطي عن هذا القديس أنه كان مؤمنا، متقشفا، رجل تضرع وصلاة، متضعا، خادما للمقعدين والمسنين والمرضى. في الرابع من آب عام ١٩٩١ تّم العثور على هيكل عظمي وبجانبه جرة فخار يربو عمرها على الألف سنة خلال ترميم كنيسة العذراء مريم أم النور ببابليون الدرج بمصر القديمة. قرر البابا شنودة في عام ١٩٩٢ أن ذلك الهيكل العظمي هو لسمعان الخراز، رجل أربعيني، قصير القامة، أصلع الرأس من الأمام وشعر غزير من الخلف. وزّع رفات جسد القديس سمعان على ثلاث كنائس: كنيسته بالمقطم وكنيسة السيدة العذراء ببابليون الدرج وكنيسة السيدة العذراء، المعلّقة.

سجّل الأنبا ساويرس بن المقفع، أسقف الأشمونين، معجزة نقل جبل المقطع كما شاهدها في كتاب تاريخ البطاركة. خلاصة قصة هذه المعجزة هي كالتالي. دأب الخليفة الفاطمي المعز لدين الله على عقد مناظرات دينية ودية في مجلسه ضمّت رجال دين من الأديان السماوية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام. عمل في ديوان الخليفة المعز لدين الله، رجل يهودي، يعقوب بن كلّس، وكان قد اعتنق الإسلام ليحظى برتبة وزير في الدولة الفاطمية وكان له خصم مسيحي لدود، قزمان بن مينا المعروف بأبي اليمن الذي كان منافسا له في المنصب المذكور. طلب كلّس هذا من يهودي يحمل الاسم موسى أن يناقش البطريرك أبرام في مجلس الخليفة فدعا أبرام أسقف الأشمونين الأنبا ساويرس أن يقوم بمهمة المجادلة. قال ساويرس ليس من اللياقة بمكان أن أتحدث إلى يهودي بمعية الخليفة فاحتدّ موسى رفيق كلس غيظا رادّا: ما هذه الإهانة في حضرة الخليفة؟ إنه ينعتني بالجهل. كان ردّ ساويرس، تمهّل ففي جعبتي الدليل القاطع على جهلك من كتابك أنت فلا تحتد ولا تضطرم. لست أنا الذي أصفكم بالجهل يا موسى بل النبي العظيم أشعياء قال: “عرف الثور قانيه والحمار مَعلف صاحبه لكنّ إسرائيل لم يعرف وشعبي لم يفهم” (أشعياء ١: ٣). قرّر موسى والوزير بن كلس الانتقام من الأنبا أبرام والأنبا ساويرس والعمل كل ما في وسعهما من أجل الإساءة للأقباط وللديانة المسيحية عامّة. بدأ موسى في نبش العهد الجديد لاصطياد خلل أو تناقض معين لبسطه في مجلس الخليفة وإفحام الخصم. تمخّض بحثه عن هذه الجملة التي قالها يسوع المسيح “… الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان بمقدار حبّة من خردل، لقلتم لهذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، لما عجزتم عن شيء” (متى ١٧: ٢٠).
استحسن الخليفة تحدي موسى اليهودي في كلتا الإمكانيتين، إذا كان قول الإنجيل هذا صحيحا فهذا يعني توسيع خارطة المدينة شرقا على حدود بركة الفيل. أما إذا تعذّر تنفيذ ما ورد في الإنجيل المذكور فهذا سيكون القول الفصل في بطلان الدين المسيحي ومصير تابعيه سيكون واحدا من ثلاثة: قَبول الإسلام، هجرة قسرية، قتل بالسيف.
حزن الأنبا أبرام وتضايق جدا إزاء هذه المهمة الشاقة جدا وتوجه إلى مسيحيي مصر كافة للصوم المتواصل ثلاثة أيام كاملة لاجتياز هذه المحنة العصيبة. غفا البابا أبرام غفوة خاطفة في صباح اليوم الثالث ورأى في منامه مريم العذراء قائلة له: لا داعي للخوف أيها الراعي الأمين، هيا اخرج إلى السوق من الباب الحديدي وهناك سترى إنسانا أعور يحمل جرة من الماء فهو الذي سيحقق المعجزة. التقاه البابا وقصّ عليه الحكاية كلها، التحدي الذي جاء به موسى وظهور العذراء له. بعد أداء الصلاة وتقديم الأسرار المقدسة وترديد جموع المصلين بقلوب منكسرة لعبارة “كيرياليسون، يا رب ارحم” أربعمائة مرّة باتجاه الجهات الأربع، أخبر البابا الخليفة الفاطمي عن استعداده لاثبات قوة الإيمان في زحزحة الجبال. بدأت الجموع بالسجود ثلاث مرات والبطريرك يرشم جبل المقطم بإشارة الصليب وإذ بالجبل يعلو ويهبط عند القيام والسجود ثم حدثت المعجزة. فزع الخليفة والجموع الغفيرة المحتشدة وطلب الخليفة من البابا الكف عن الصلاة والتضرع حفاظا على المدينة من الانقلاب وقال له لا ريب أن إيمانكم صحيح. وتروي الحكاية أن البابا التفت حوله ليرى سمعان الخراز الذي كان واقفا خلفه طيلة الوقت ولم يره، كأن الأرض فغرت بطنها وابتلعته. يذكر المؤرخون الأقباط أن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في أعقاب حدوث هذه المعجزة، انتقال جبل المقطّم من بركة الفيل بالسيدة زينب إلى مكان آخر، تخلى عن الخلافة لابنه العزيز، تنصّر وترهبن. إثر ذلك سمح بترميم كنائس كثيرة في أرض الكنانة وعلى رأسها تجديد كنيسة مارقوريوس أبي سيفين. يذكر أن قصة هذه المعجزة باختلافات معينة قد وردت في مذكرات رحلات ماركو پولو المتوفى حوالي عام ١٣٢٤م.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة عامّة على بحثي وكلمات شكر
- العبرية على خلفية العربية - لقاء لغتين شقيقتين
- سرّ التعايش العربي اليهودي في حيفا ١٩٢ ...
- ما لا أعرفه هو: إلى أين أنا ذاهب؟
- حول “رحلة جبلية، رحلة صعبة” لشاعرة فلسطين
- كلمة حول كتاب جديد عن عرب إسرائيل
- العبرنة تتفاقم دون مسوغات لغوية
- رحلة إلى فلسطين قبل قرابة قرن من الزمان
- القدس مدينة السلامين: سلام سماوي وسلام أرضي
- المزوزاه، تميمة الباب، العضادة اليهودية
- عينة من أسماء النبات في اللغة الفنلندية
- جورج أوغست والين (عبد الوالي، 1811-1852)
- الكاليفالا ملحمة الشعب الفنلندي
- نافذة على السامريين
- حول المختصرات العربية
- مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة هلسنكي في خطر حق ...
- من نوادر الجاحظ وطُرفه
- الزوج المفقود جذل
- نظرة على ”مجمع اللغة العربية في إسرائيل-
- العُرس المقدسيّ‏ ‬قبل قرن ونصف


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - لمحة عن القدّيس سمعان الخراز ونقل جبل المقطّم