أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - القرية 77














المزيد.....

القرية 77


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 20:02
المحور: الادب والفن
    


القرية 77
في الذكرى التاسعة والأربعين، تحية إلى الثمانية وعشرين، الخالدين، الذين كانوا قد تخطوا الرضيّ ومرحلتـَه في وعيهم وصدقهم وإصرارهم.

"بسم" الحياة والإِنسانْ!
الحمد للماء الذي أعارني
من جمود الصخـْر ِشيئاً
برقــّةِ الشاطئ الريّان!
تمنـّيْتُ لمن يلوثُ الماءَ ذاكرة ً
كموهـَبة النسيان
وقلتُ شكراً لهذي الأرض
حياتـِنا العظمى:
أمي التي ألهمتني السؤال
وعلـّمتـْني صغيراً
نعمة َالعصيان

فقد هجرتُ قريتي
لأن اللهَ يحتلـّـُها!
فقد كان بعين ٍتراقبني
بكفّ ٍخثـَّرَتْ فيَّ الدِّما
وأوقفتْ فيَّ الطريق
يختفي كالسرِّ في غابةٍ
صليباً من الذهبِ الصديء
سيفاً أعوجا ً
أخفى جمالَ الهلالْ
سلاماً قاتلاً
بزرقة الدخان ورقته
وكوكبٍ مشوّه الزوايا
كمَكـْمَن الحريق

وكم رأيتُ عناكباً
ملائكة ًمسلحين!
يقطعون أنفاسَ الطريق!
إله ُالكون ِأرسلهم؟
أم جنون؟

قلتُ لروحي
قبل أن يقرعوا بابَ بيتنا
كعادتهم قـُبَيل الفجر
كي يحتلوا ذاك الفجرَ أيضاً:
إمضي للمدينة؟
قالت: كيف أودّع قريتي؟
قلتُ تنكـّري!
أما تنكـّرتِ يوماً بقريةٍ أخرى؟
قالت تنكـّرْتُ
تنكـّرتُ تنكـّرْتُ
حتى ما عدتُ أعرفُ قريتي الأولى
حتى ما عدتُ أعرفني
حتى ما عدتُ أذكرُني
حتى ما كـُنـْتـُني

أشاروا عليّ بارتداء هُدُوم ِفقيرْ،
فارتديتُ غيري
وخشِيتُ من فضح أصابعي!
لذا مضيتُ في الفجر
كمن يبغي شراءَ حليب!
علـّموني كيف أشوّش رأسي
أشعّثُ أفكاري
أ ُحني لهجتي
وأرتدي "غـُتـْرَتي"!
صار الفقرُ يحميني فوقَ فقري
فكان مصيرَ المصير

وكان يُشغلني في الضمير
تصفيقُ أجنحة الفواختِ يعلو كالصفير
حين تهبّ ُمحلـِّقة ً
من عزلة العشْ،
في مباغتةٍ
وازدحام ٍفي غبار ٍ
والتواءات المسير؛
أو حين يهرب الرصاصُ في أقدامها
والنحاسُ الذي لا ينجلي في ريشها
من فضةٍ في غدير

وعند أولى خيوط الشمس أذهلـَني
طوقُ حمامةٍ
وأنت أدرى بأسرار أقواس القـُزحْ
بأمواج شالِها
بلفتتها ومشيتها
فأنت العليم الخبير!

مضَيتُ إذن لأبتاع َالحليب!
كنتُ أخشى أفاعي الفيضان
وموَيْجاتِها في الجانبين
تمرّ مائلة ً، في البعيد
عن الغـُدران !

وما مرّتْ بقريتنا السفينة
تلك السفينة،
لتنحني للموج
كعادتها السِّدادْ
عند مشارات الخيار
تنحني تنحني
ثم تنثلمُ
ثم للأرض التي تمزقت
شفاهُها ظمأ ً
بندرة القمح
أيامَ الحصاد،
لكنْ بَعدَكَ أيّ ُ بـِشـْر ٍ
سيسرّني؟
وكيف أبتسمُ؟

بأحلامي أعود
لقريةٍ مقايضةٍ
(لم تكن فيها نقودْ)!
قريةٍ لا حدودَ لها كالحدود
كانت كما الماضي
وتأريخ المكان،
تنام على تخوم العصور مسالمة ً
بلا ثـُكـْنةٍ فيها
أو بخارجها
ولا يخدع ُالأطفالَ في ملاعبهم
أو يروّعُهمْ في الليل
مرأى جنود!

وفي السوق كنتُ أشم الله من حين لحينْ
أسيرُ تحت سقيفةٍ مائلةٍ ملتهبة ْ
أجسّ ُفي رطوبة السوق طينْ
ففي مسالكه
شيءٌ من روائح التمر أو بقاياه
أو من ثنايا الأحياءِ حامزة ً
يهب من ملابسَ عرقى
بكثير من التـُلـَيْلات والعَثـَرات
وبعض الحُفـَر
وما كان يُلصِقـُنا بأرض ِاللهِ
وأرض ِالسوق ِمن صمغ ٍ
ومن طين ٍوحُبّ ٍوعجينْ
نشم الدبْسَ في صفائحهِ
وأكوامَ الشعير
ورطوبة ًسوداء
كجلدِ خنزير ٍ أو ثيابٍ مبللةٍ ،
وكان الله معلقا ًعلى الجدران
محاطاً بالذباب!
حين كان رأسُ الحكمةِ في مخافته
وعقلـُها في الجنون
عند أذيال الخيالْ
فقد جاء متكئاً
على عصيٍّ ملوّنةٍ
ببساطٍ معلـّق ٍفي سقيفة
يرف في الريح
نديّاً بغزل الحائكين
يَمزج اللعابَ واللصوصَ والتراب
بأرض السوق
وتفسّـُخ ُالأنفاس في الأشياءِ يمزجُه
بالسِّمْن ِوالتمر والفقر والفئران
وأحشاءِ الظلالْ

هناك فقط تتركني ذباباتٌ
جاءت من الصحراء تصحبني
لاحقتني كأذيال عباءتي
تحتمي من الريح
على أسمال خاصرتي
كظلالي التي تسحقها الحَصى
وتنثرُها الرمال.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظفر النواب - 1 - بدايات الفرار الدائم
- حوارات من سِفْر التحدّي -البدائي- - 1
- القرية - 76
- فتوى الشيخ عبدالله الداخل برجال الدين!
- كامل الشوك
- مقدمة جدية في تحليل جذور شخصية ابراهيم عرب - 2
- ملاحظات في اللغة - 2
- ملاحظات في اللغة -1-
- مقدمة جدية في تحليل جذور شخصية ابراهيم عرب
- الدين والجنون - 4 المدينة - 2
- هل صحيح أن الخطر على القطيع يأتي منه وليس من الذئاب حوله؟
- مختارات من -الوصايا-
- أسماك الزينة - إلى كتّاب الإنترنت
- لماذا وقعت زوجة القس في حب ملحد (قصة مملة!)
- مقدمة في -سودونية- أحمد شوقي
- ملاحظات في العلمزيف 2 Notes on Pseudoscience
- القصيدة
- أربع كلمات غير قابلة للقراءة
- ملاحظات في العلمزيف Notes on Pseudoscience
- التفتيش


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - القرية 77