أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - لماذا وقعت زوجة القس في حب ملحد (قصة مملة!)















المزيد.....


لماذا وقعت زوجة القس في حب ملحد (قصة مملة!)


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 3542 - 2011 / 11 / 10 - 22:34
المحور: الادب والفن
    


مقدمة: هذه ليست قصة تتبع "قوانين" القصة، بل نقاش حول المرأة والدين. نقاش غير متكامل، مشروع نقاش! فإذا كان هدفكَِ فقط وراء بداية وأحداث ونهاية، فيُرجى ترك هذه القصة المملة على الفور!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قالت وهي تتعرى:

-" اعتقد أنه يراقبني! أحس أنه بدأ بمراقبتي!"

-"إذن راقبي مراقبتـَه!"

-"أتسخر؟"

-"جاد. ما ستفعلين غير أن تكوني حذرة؟"

-" أتدري أيّ جزء من أول محاضرة جعلني أحبك؟"

-"أول محاضرة؟"

قالت:

-"محاضرتك، قبل ثلاثة أشهر."

-" لا أتذكر، ماذا كان موضوعها؟"

-"في اختصاصك، فلسفة الدين، طبعاً، وكان بعنوان ’المرأة والدين‘."

-"لحظة.. من قال ان اختصاصي فلسفة الدين؟ غلط أساسي، رأيي: ليس ثمة فلسفة في الدين!"

-"أحقاً؟"

-"خطأ شائع! أحد الأخطاء المتكلفة التي لا يمكن إحصاؤها! هدف الفلسفة النهائي هو السعادة. سعادة كل الناس. الفلسفة هي حب الحكمة، والحكمة تطبيقياً هي العدل الذي يتطور إلى المساواة التامة. السعادة الحقيقية هي السعادة الشاملة وهي في المساواة التامة. تلك هي الحكمة الآن ومستقبلاً! الدين خال ٍمن الحكمة، لأنه في جميع حالاته يُصبِح عدواَ للمساواة، فلا يربطه إذن بالفلسفة ولا حتى خيط، فهو أداة بيد الطبقة المستغِلة لأن كل الأديان أصبحت، تأريخياً، أدوات بعد سنين قصيرة من انتشارها، ويتم هذا بسهولة: فالطبقات الغنية تتبنى الأديان الجديدة بعد نجاحها أي عندما تعجز عن مواصلة اضطهادها، فما أن يُعلن الأثرياء إنتماءهم الى الدين الجديد حتى يبدأوا على الفور بركوبه! لذا فإنه تجنٍّ على الفلسفة أن يُقال: ’فلسفة الدين‘! لأن الفلسفة يهمها التطبيق اكثر مما يهمها الأفكار المجردة."

قالت وهي تجلس على حافة السرير:

-"لكن لماذا تنجح؟"

-"تنجح في البداية فقط."

-"نعم، لماذا تنجح في البداية؟"

-"...."

-"لماذا تنجح في البداية؟"

-"تلائم عقليات الناس وقت ظهورها لأنها تصف لهم عوالم سعيدة لا وجود لها وتقول لهم أنهم سيذهبون هناك ولكن بعد موتهم، وهذا خداع، وتقول لهم أن هذه العوالم خالدة! وعلى كل: الأديان تحمل بعض الاصلاحات."

-"أليست الاصلاحات تطبيقاً؟"

-"مجرد حمل هذه الاصلاحات دون تطبيقها، أو الفشل في تطبيقها لا يجعل من هذه الاصلاحات فلسفة."

-"ولكن لماذا بقيت الأديان حتى اليوم؟"

-"القدسية. الإرهاب. الجهل. هذه هي الأسباب!"

-"لكني لستُ متأكدة بأن جميع الأديان أدواتٌ بيد المستغِلين!"

-"ما هو الاستثناء؟"

-"الاستثناء؟ الاستثناء أقلية دينية مضطهَدة أ ُجبِرتْ على مغادرة وطنها الأصلي! كيف يمكن أن يكون رجال دينها عملاء في الغربة، كما تدّعي؟ عملاء لمن؟ كيف؟"

-"..."

-"أنت لا تتكلم! لم لا تجيب؟"

-"مصغ ٍ لكِ بانتباه. كل الانتباه!"

-"أود أن أستعير شيئاً من لغتك!"

-"تفضلي!"

-"فقراء ونساء الأقليات، إذا استخدمنا لغتكَ، مخدوعون ومضطهَدون مرتين: من قبل الدولة، أعني: كبار رجال الأعمال ومن قبل رجال الدين، وكذلك من قبل كبار رجال أعمالهم ورجال دينهم، الذين هم مضطهَدون أيضاً.."

-"واصلي!"

-"طبيعي: نساء الأقليات يشملهن البعد الثالث للإضطهاد الذي تتعرض له كل نساء البلاد!"

-"وهو؟"

-"وهو؟ ماذا تعني وهو؟ : سلوك الرجل في البيت، طبعاً!"

-"آه! أفهم ما تعنين! ولكن إسمعي: هل نحن نتحدث عن مجموعة صغيرة، ربما بضعة آلاف، مضطهَدة في ظروف طارئة، أم نتحدث عن سكان العالم؟ فإمّا أن نتحدث عن مجموعة صغيرة أو عن سكان العالم! ومع هذا أقول ينبغي أن تنظري إلى هذه العلاقة في الأقليات: علاقة كبار رجال دينهم برجال أعمالهم! إنها نموذج مصغـّر، أليس كذلك؟"

-"لستُ متأكدة من هذا. ربما مبالغ به! ربما تكون على صواب."

-"...."

-"قل لي: أأنت شاعرٌ أيضاً؟"

-"مالذي يجعلك تقولين هذا؟"

-"قلتَ هذا في ختام المحاضرة..."

-"أي محاضرة؟"

-"الأولى، قبل ثلاثة أشهر!"

-"أوه، المحاضرة إياها..!"

-"قلتَ في ختامها ما يلي:
الشعر صديق المرأة لكن الدين عدوها. فالدين ضبعٌ يستغل ضعف المرأة ويفترسها؛ أما الشعر فحمامة بيضاء تراوحُ قدميها الجميلتين باطمئنان على كتف المرأة."

-" أوه! ذاكرتكِ مدهشة. كنتُ أظن أنك جميلة فقط."

-"آنذاك تذكرتُ بأن الحمامة تراوح وهي تستدير بعد أن تحط على قدميها الورديتين."

-"صورة جميلة! أنتِ شاعرة إذن!"

-"صورة الضبع..تلك.. لا أدري ماذا أقول عنها!"

-"وناقدة أيضاً! أنا كذلك لم تعجبني كلمة ’ضبع‘ لكني استعملـْتـُها! لماذا؟ لا أتذكر بالضبط، ربما لأن صغار الضباع تقتل بعضها وتأكلها، وعند عودة الوالدين فإنهما يدفعانهم بعنف بالغ ليشاركا في الوليمة! هذا ما نراه في التلفزيون!"

-"مخيف!"

-"ليس مخيفاً، بل يجعلك تفكرين: هل لدينا جد مشترَك مع الضباع؟! المخيف هو ما يحدث بين البشر، أليس كذلك؟"

-"هناك رجال دين شعراء!"

-"قلة. ونساء دين شاعرات: إميلي دكنسن. قلة!"

هرع إلى ورقة وقلم على المنضدة:

-"آسف، يجب أكتب هذه الفكرة قبل أن أنساها."

-"قلها لي، لن أنساها."

توقف عن الكتابة:

-" المرأة أكثر نبلاً من الرجل لسببين: أولاً، هي لا تنظر إلى الرجل باعتباره سلعة. ثانياً، ليست هنالك ’نساء دين‘. في كل الأديان يحاول البعض الدفاع عن مصطلح ’رجال الدين‘ بالقول بوجود ’نساء دين‘ وبهذا يحاولون إثبات ’مساواة‘ المرأة مع الرجل! دجل! أتتفقين معي أن هذا نوع من الدجل؟ موظفو الدين كلهم رجال لسببٍ فريد – مهلاً، هل ستتذكرين كل هذا؟"

-"..."

-"حسناً سأختبر ذاكرتك! موظفو الدين كلهم رجال لسبب فريد: المرأة لا تقلد الرجل! المرأة العادية، عفواً.. أعني المرأة التي كالغالبية الساحقة من النساء لا تقلد الرجل، أما هذا النوع من الرجال: فهي تربأ بنفسها أن تقلدهم! التسمية ’رجال الدين‘ يجب تغييرها إلى ’موظفي الدين‘ عدا رجال أقليتك التي تتحدثين عنهم، وهي حالة نادرة، لأن هذه التسمية ليست فقط تدل على اللامساواة، وإنما أيضاً تتضمن إهانة للرجل مثلما للمرأة. إستمرار الدين كفكر أساسي للبشرية في عصور المساواة الحضارية المقبلة سيكون إهانة للإنسانية جمعاء، وسيكون أمراً لا يُطاق."

نظرتْ إليه متسائلة:

-"ماذا تعني ليست هناك نساء دين؟ والراهبات؟"

-" عندما يختل عقل المرأة الكاثوليكية كلياً، تزوِّج نفسَها لكائن وهمي من خارج كوكب الأرض."

ضحكتْ:

-"وإذا تزوجتْ قسّاً؟"

-" كل ما هو سلبي في نفسية المرأة سببه نوع من اضطهاد الرجل لها، بضمن ذلك سلوك زوجها، حتى وإنْ كان قريباً من الله، بل إن مضطهديها هم أقرب الرجال إلى الله!"

-"إذن فالله..."

-"...طبعاً."

-"طبعاً ماذا؟"

-"أعرف ما تريدين أن تقولي!"

-"ماذا أردتُ أن أقول!"

-"منذ ما قبل وصولنا من الأحراش الى الكهوف ثم القرى، وحتى الآن، كان يمد يده أحياناً، مرة أو مرتين، لانتشالها من الغرق، لكنه، طيلة آلاف .. نعم، نعم: طيلة كل هذه الآلاف من السنين ولعدد هائل من المرات، عدد لا يمكن أن يُحصى لأنه يحتل كل التأريخ وكل دقائقه وأحداثه وشخوصه ونكباته وأعياده، كان يمد يده ليدفعها بكل قوته إلى أعماق المحيط: المرأة كائن ضعيف، غير قادرة بطبيعتها على السباحة في محيط الصراعات والموت، بالكاد تطفو على سطح الماء تتناهشها الأقراش العظيمة، تواجه كائناَ هائلاً بحجم الكون موقعه السماء لا عمل واضح له سوى مراقبتها: فمتى أخرجت رأسها من الماء مد يده الخرافية الحجم لينزلها إلى القاع."

-"وما حدث في نهاية المطاف أنها أزاحت يده وخرجت لكي تقود الجميع."

-"تقود الجميع؟"

-"لكي تقود الجميع، نعم، هذا ممكن جداً!"

-"محتمل.. ولكن كيف في رأيك؟"

- "الهيمنة على دور رجال الدين!"

-"هراء!"

-"ما الهراء في ما أقول؟"

-"مستحيل! كيف تحتل موقع رجل الدين؟ أتخدم عدوَّها؟"

-" ألم تسيطر على التعليم الابتدائي؟"

-"التعليم صديق المرأة. المرأة أ ُمّ ُالتعليم، لأنها اُم.
طبيعة المرأة لا تسمح لها أن تكون ’إمرأة دين‘! مستحيل! لا يمكن أن تكون هناك ’نساء دين‘ بنفس المستوى من إداء رجال الدين، من عدد رجال الدين، خداع رجال الدين، قسوة رجال الدين، مهلاً: ماذا قلتُ؟ الإداء، الأعداد، القدرة على الخداع، القسوة، ماذا بعد؟ لأن ’ناس الدين‘ يجب أن يكونوا رجالاً! نعم يجب أن يكونوا رجالاً كي يُخضِعوا المرأة، لأن المرأة لا تستطيع أن تـُخضع المرأة ولا تستطيع، بالطبع، أن تـُخضع الرجل. في بلادنا تسيطر المرأة سيطرة تامة على التعليم الابتدائي ونصف بقية التعليم، ومن مركزها هذا ستقضي كلياً على عدوّها اللدود! أما التمريض فقد كانت المرأة وما زالت تواصل دون انقطاع عنايتها الصادقة بمن يرسله لها الدين من جرحى حروبه التي يشعلها ويصب عليها الزيت فتفقد إبنها أو زوجَها أو أخاها أو جميعهم. التربية والتمريض مهنتان للبناء وكلاهما ضد الدين لأن الدين للتخريب!"

-"هل مضطهـِد المرأة هو الرجل أم الدين إذن؟"

-"سؤال ذكي: كان ينبغي أن تكوني كاتبة. كلاهما. لكن الرجل هو نفسُه مضطهَد فيعكس هذا على المرأة، لذا فالمرأة مضطهَدة بشكل مضاعف. زوجكِ رجل دين، لكنه ليس أسوأ من آخرين!"

-"آخرين؟"

-"هناك من يضطهده، والجميع حَمقى، غير أن أكثر الرجال حُمقاً في عدائه للمرأة هو المتقمص لدور رجل الدين، أعني رجل الدين المقنـّع، رجل الدين غير الرسمي! المؤمن الكاذب، الرجل الذي بلا ملابس دين، بلا وعظ، الرجل الذي يقود رجال الدين ورجال الميديا، رجل القرارات في المراكز العليا التي تحمي الدين وتأبى إلغاءه من حياة البشر، رجل الأكاذيب الكبرى ومرتكب الجرائم ومشعل الحروب، قائد البشر الآن، راكل الكرة الأرضية ومدحرجها صوب الخراب التام، الملحد الحقيقي الكبير بكل القيم الانسانية: الرأسمالي!"

-"كيف؟"

-" الدين هو الأداة الأولى في السيطرة على المرأة، وهو أيضاً إحدى أهم الأدوات بأيدي الأغنياء للسيطرة على الفقراء واستغلال الجميع. هذه هي الحال في معظم دول العالم؛ أما أقوى هذه الأدوات على الإطلاق فهي الدولة ومكوّنها المهم: الجيش والمسلحون الآخرون: الشرطة والجواسيس والميليشيات وعصابات الاغتيال، كل هؤلاء علنيون. بل هم يقومون بأعمالهم بكل فخر؛ وهناك أدوات خبيثة أخرى: رجال الدين المقنـّعون الذين هم نوعان: الأول مخلص، مندفع، بريء، غير مأجور. هذا النوع الذي يتصف بالغباء، يتطور من بسطاء الناس. أما النوع الثاني فهو ذكي جداً ومعظمه يعمل في حقول الإعلام. هؤلاء يُسْدون خدمة أكبر من خدمة رجال الدين المكشوفين، أعني الرسميين."

-"أليس هناك رجال دين مستقلون؟ أعني أبرياء؟"

-"بالتأكيد. لكنهم قلة، وبين هؤلاء مثقفون نادرون. بالإضافة: يكرهون الظهور."

-"نادرون؟"

-"أتحاولين مقارنة هؤلاء بزوجك؟"

-" بالضبط ! ولكني عنيت شيئاً آخر أيضاً!"

-"وهل هو من هؤلاء، أعني الذين أصفهم بالنادرين؟"

قالت وهي تفتح أزرار قميصه:

-"إذن أنت لا تعرف لماذا أحببتـُك!"

-"فهمتُ.. ما هو ’الشيء الآخر‘؟"

-"لماذا تسمّيهم بالنادرين؟"

-"لأنهم يحملون معنى الانفصام الكبير."

-"إنفصام كبير؟"

-"مرحلة الوعي التي ستصلها البشرية بعد مائتي عام، ربما أكثر أو أقل، رقم تقريبي. وتأتي بعدها مرحلة الصفاء، هذا إذا استطاعت البشرية إجتياز الكارثة."

-"كارثة؟"

-"كوارث!"

-"تشاؤم!"

-"كوارث مؤكدة، أنظري: كوارث كبيرة بحجم كوكب الأرض! فوضى من خلق الإنسان. هم يتوقعونها أيضاً. تصوري: ربطوها بأساطيرهم: آرمَكَـدون!"

-"أليست مبالغة؟"

-"لا بُدَّ من حدوثها إذا أشرف العالم على الإنفصام الكبير الذي يبدأ بالتوازن في وعي البشرية بين الحقيقة والخيال، لأنهم سيمنعون مثل هذا التوازن، وهو توازن حتمي، قبل الزوال الحتمي للأديان. على فكرة: أين يكون زوجك من كل هذا؟"

-" في المرحلة الحالية!"

-"أفهم. أأستطيع أن أسألكِ؟"

-"..."

-"ما هو موقفه منكِ، عفواً، أعني من الجنس؟"

-"عادي. لقد توصلتُ إلى خلاصة: رجل الدين يجب ألا يتزوج!"

-"كاثوليكية!"

ضحكتْ:

-"ما عندي ولا حتى جذور كاثوليكية طبعاً. لكن يبدو لي أن الله يقف ضد الجنس."

-"ضد الحياة! بالضبط ! ضد الجنس السوي، أقصد الجنس المعتاد للمرأة والرجل، نعم، ضد الحياة. الله الكاثوليكي يمنع مؤمنيه الحقيقييين من الزواج لكنه لا يتدخل في اعتداءات الكاثوليكيين على الأطفال، بَيْدَ انه يُرسِل البابا إلى مختلف القارات لمنح تعويضات ببلايين الدولارات لعدة آلاف من الضحايا هنا وعدة آلاف من الضحايا هناك بعد عقود متواصلة من اغتصاب الأطفال المعوّقين أو قليلي الذكاء أو مَن يتصف آباؤهم وأمهاتهم بالغباء الشديد. هكذا يُسكِت البابا الضحايا وأهاليهم. بالمال. أما الميديا فلا تنطق بحرف لأنها ملك السلطات، ملك الدولة، ملك الأغنياء! ولكن مهلاً ماذا تقصدين بـ"كالآخرين"؟"

-"حالتي، كزوجة رجل دين، واضحة، لأنها عادية."

-"...."

-"بم تفكر؟"

-"حالة المرأة في أيما مجتمع لا بُد أن تشير إلى الوضع الطبقي فيه، لذا فإن تحرر المرأة التام ومساواتها التامة بالرجل لا يتحققان إلاّ في المساواة الاقتصادية التامة حيث يكون بإمكان هذا النظام أن ينقل الرجل والمرأة إقتصادياً وفكرياً من آخر المراحل الحيوانية (الحالية) إلى المرحلة الإنسانية (المقبلة) وما بعدها."

-"شبه مستحيل!"

-"لماذا؟"

-"أخبرني أنتَ أولا: هل ما تقول ممكن!"

-"النظام الذي يسمح لفرد أن يملك خمسين بليون دالـَر ويسمح لآخر أن يموت جوعاً، نظام الكهف، الكهف المتفجّر هذا، الذي يصنع من المرأة بضاعة، من كل جزءٍ من جسدها سلعة، كيف لا يمكن تصور زواله؟"

-"لم تـُجـِبْ على سؤالي! التصور شيء ووسيلة تحقيق هدف شيء آخر. هل ما تقول أنت ممكن؟"

-"أقول لكِ بكل إخلاص: لا يتحقق هذا إلاّ بالتنظيم الدقيق."

-"شيوعي!"

-"ماذا؟"

-"أنت شيوعي!"

-"لا. الشيوعي هو الشخص المنتمـ.."

-"أعرف هذا التبرير جيداً: حجة قديمة: الشيوعي هو المنتمي إلى الحزب الشيوعي! أعرف هذا."

-"ولكنه ليس تبريراً! إسمعي: لماذا لا تسألين شيوعياً منتمياً إلى الحزب الشيوعي عن تعريف من هو الشيوعي؟ لن يعترفوا بك شيوعية ما لم تكوني منتمية لهم! ما أقول حقيقة وليس مجرد حجة! تعيدين على أسماعي ما يقوله زوجك!"

شرعتْ بارتداء ملابسها.

قال بلهجة مصالحة:

-"يا إلهي! ما كنتُ أتوقع أن نتشاجر!"

-"يا إلهك!"

-"تحاسبينني على مفردات الآخرين التي علموني إياها في الطفولة!"

-"وتستعملها بشكل إعتيادي، ومعي!"

-"لم أكن أدري تماماً أنك في قرارتك متحررة، متحررة فعلا!"

-"لماذا؟"

-"أنت زوجة رجل دين!"

-"لكن لماذا أنا هنا؟"

-"لأنك متحررة!"

-"متأثرة بك!"

-"أردتُ فقط أن أقول كم أنت رائعة! ما كنتُ أظن أنك على هذا المستوى الرفيع من المعرفة!"

-"وماذا كنت تظنني؟ سلعة؟"

-"مستحيل! صدقيني!"

-"لم أجئ هنا من أجل النقاش!"

-"النقاش طبيعي في أي زمان ومكان."

-"جئتُ لرؤيتك."

-"وَ..."

-"ماذا تعني وَ..؟"

-"إنها البويضة.."

-"البويضة؟" سألته منذهلة ً.

صَمَتَ.

وعلا صوتـُها:

-"بويضة؟ ماذا تعني بالبويضة؟!"

-"أحد أقاربي، طبيب نسائيات، يقول إذا المرأة.."

-"أنت تحاول إهانتي.."

-"بالعكس، دعيني أكمل.."

-"أعرف ما تريد أن تكمل: الرغبة الجنسية لدى المرأة تعني نضوج بويضة فيها!"

-"إسمحي لي: أنا أفكر بصوت عال، ومعك، معك فقط أفكر هكذا، فلو كنتِ امرأة أخرى ما قلتُ شيئاً مثل هذا."

هدّأها الإطراء قليلاً:

-"إمرأة أخرى؟!"

-"ليست هناك إمرأة أخرى."

قالت وهي تعود إلى الجلوس:

-"أصدّقك. مجيئي إليك هو نوع من التعويض، تدري."

-"تعويض؟!

-"..."

-"آه! مفهوم! لا أدري كيف تقوم المرأة في الشرق بمثل هذا التعويض! هذا التعويض الذي إنْ لم يتحقق تصبح الحالة النفسية للمرأة في خطر! ومع كل المشاكل التي في بلادنا: تعيش المرأة هنا في الجنة مقارنة بنساء الشرق."

-"أنتَ تذكـّرني بالعراق."

-"بالضبط: العراق! هذا ما أردتُ."

قالت ببطء وهدوء:

-"الله الذي أوصى بعدم مصافحة المرأة كي تبقى طاهرة، لا يستطيع أن يرى ما يحدث لها في العراق."

-"أوصى بعدم مصافحتها ليس حفاظاً على "طهرها"، ولا لأنه فقط يعتبرها نجسة، هذا ما نتخيل، لأن هذا جزءٌ من قانون متوارث للإستئثار بالأنثى، قانون سنـَّه رجال الكهوف والأحراش الأقوياء الذين كثيراً ما كانوا يقتلون بعضهم البعض في صراعهم على الإناث وذلك من أجل نقل جيناتهم هم فقط!"

قالت بنفس هدوئها:

-"المرأة العراقية هي بطلة هذا الزمان. تستحق جوائز هذا العصر كلها!"

-"إحدى بطلات الصبر في كل تأريخ العالم. تصوري: إنها ترزح تحت هَرَم مقلوب على نهايته المدببة! وُضِعتْ النهاية المدببة على رأس المرأة العراقية: الرجل الذي في بيتها، والذي بدوره يرزح تحت تحت حجارة الدين الذي يرزح تحت السلطات التي ترزح بدورها تحت الحكومة التي ترزح تحت الاحتلال، حيث قاعدة الهرم العريضة، المجتمعات الغربية الأنانية الغبية التي ترزح تحت الرأسمالية، حيث الرأسمالية شاهقة جداً، ثقيلة جداَ، وقريبة جداً من الله!"

اطرقت صامتة، ولما رفعت رأسها شاهد عينيها ممتلئتين بالمع.

-"آسف. أرجوك لا تحزني. لم أقصد إزعاجك. دعيني أغير الموضوع: أنا في سبيلي إلى أن أكون رجل دين!"

قالت بتألق:

-"ماذا؟ أتمزح؟"

-"سأخلق نوعاً جديداً من رجال الدين! سأبدأ أنا نوعاً جديداً!"

-"غريبة!"

-"سأكون أول رجل دين يطالب بإنشاء مؤسسات بنفس عدد المؤسسات الدينية الحالية وذلك من أجل منافستها. في بلادنا هناك ثلث مليون كنيسة ومسجد وسنكَوكَـ ومعابد من مختلف الأديان، وكلها تلقـّن الكراهية لروادها وللسكان، بشكل غير مباشر وحتى مباشر، وعلى أسس من الجهل الفاضح بالحقائق العلمية البسيطة، ثم تنتقل هذه الكراهية إلى العالم. هذه البؤر للتمييز والعنصرية ونشر الأكاذيب تموّلها مؤسساتنا الرأسمالية الكبيرة، وتحميها الدولة والحكومة الفدرالية والحكومات المحلية وتؤازرها الميديا، وليس هنالك ’معبد‘ واحد يقول الحقيقة، ليس هنالك ’لامعبد‘! لنشر الحب والسلام والحكمة والمعرفة العلمية!"

-"أتدري ما سيقولون عنك؟"

-"مجنون! أدري! لكن من هو المجنون الحقيقي في واقع الحال؟"

-"ستزيد مشاكلك!"

-"ليست لديّ مشكلة واحدة. المشاكل كلها في الجانب الآخر!"

-"بل أعتقد أن هذا سيضعك في خطر!"

-"خطر؟ أسوأ الأخطار هي الأخطار الفكرية! الفكرية التي في رؤوس الفقراء والنساء: هو الإيمان بوجود ما هو غير موجود: الحياة الأخرى. هذا الإيمان الزائف يمنعهم من التمرد من أجل التغيير في هذا العالم. يجعلهم في أمل ٍغريب، غير واقعي، غير واضح، غير مباشر، غير محسوس تماماً، بأنْ تستقيم الأمور فيما بعد، في عالم آخر، بعد الموت. إذن فالنساء والفقراء يظنون أن كثيراً من الأمور يمكن تأجيلها إلى يوم الموت، ولهذا نجد بعضاً منهم متطلعاً إلى موته من أجل تحقيق آماله. يعني أن الدين هو نوع من المرض النفسي!"

-"نوع من الأحلام، على الأقل!"

-"أحلام؟ كيف يشوّه رجال الدين الأحلام؟ يستغلون حقيقة مهمة في الخداع بوجود حياة أخرى خارج كوكبنا، حياةٍ ذهبَ إليها الأموات، ولكن لم يعدْ أحدٌ منها إطلاقاً ليخبرنا بوجودها، لذا يجعلنا رجال الدين نعتقد أن الأحلام ذات صلة بتلك الحياة، أي بالمستقبل كما يُصوّرونه وليس بالماضي، أو بمراحل الماضي، ماضينا، ذي العلاقة، ماضينا منذ الخلية الواحدة حتى آخر فكرة أو ذكرى لم أمنحها الوقت الكافي للتدقيق قبل أن أنام."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(يتبع؟! ربما! لا أدري!)



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في -سودونية- أحمد شوقي
- ملاحظات في العلمزيف 2 Notes on Pseudoscience
- القصيدة
- أربع كلمات غير قابلة للقراءة
- ملاحظات في العلمزيف Notes on Pseudoscience
- التفتيش
- الدين والجنون 3- زفاف الغراب - نسخة عادية للإستهلاك المحلي
- -قدر- الشعب العربي
- ومَضاتٌ في ظلام الذاكرة
- الدجل في نقد الدجل
- الدين والجنون -2- المدينة
- في الله والعلم
- الدين والجنون - زفاف الأمير – مختارات من النسخة الخاصة التي ...
- غربان البي بي سي والقطط وقطعة الجبن
- مقاطع غير صالحة للنشر من الوصية الثالثة -4-
- مقاطع غير صالحة للنشر من الوصية الثالثة 3
- تساؤلات ليست من -الرأي الآخر-!
- من أجل سواد عيون النفط الليبي – السيطرة على منابع البترول 2
- الخطى 7
- في السيطرة على منابع البترول - خطوة أخرى للرأسمالية الغربية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - لماذا وقعت زوجة القس في حب ملحد (قصة مملة!)