أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - الغرابة في -بلاغ في الولع- للشاعر سلمان داود محمد














المزيد.....

الغرابة في -بلاغ في الولع- للشاعر سلمان داود محمد


علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


نجح الشاعر "سلمان داود محمد" في قصيدته "بلاغ في الولع" من إماطة اللثام عن أفقٍ شعري لا يبلغه غير المتفردون، بحيث أضحت الغرابة مفتاحا لاقتران العاطفةِ بتفصيلاتها و ملامحها الخفية، دون تغييبِ عناوين رئيسية و أخرى صغيرة، مما ارتقى بالقصيدة و معها المتلقي إلى مستويات بعيدة عنه و لا يُدركها، تفصح عن وجدان الشاعر و ما يشهده من مخاض و صراعاتٍ بين عدة مكونات شعورية، تتحد و تنفصل و تتوحد و تتجزأ، ليغدو المد جزرا و الجزر مدا في المخيال الشاعري، و تصير تراكمات الذات و المرحلة و المحيط، بكل تناقضاتها، لَبِنَاتٍ متراصة في أفقٍ من نوع أخر، يعيدُ صياغة مفاهيم القارئ الجمالية من جديد، و يَخْلُقُ صلة حسيةً بينه و بين كل ما هو غرائبي.

لا يتجادل اثنان في أن الشاعر "سلمان داود محمد" بارع في إبداع و خلق ما قد يعتبره البعض مبهما و غير مألوف، فلكل إحساس عنوانه الخاص و سيرته الذاتية. و حيث يتقاطع السؤال و اللاوعي يتجلى البوح صورة و تكمن عاطفةٌ بين أسارير اللغة، و حيث الفرح طفيفٌ هناك وجع متقد يرمي بشرر، ما يتيح سلسلة من الارتدادات في فكر المتلقي، تفرض عليه استحضار النتائج و مراجعة أسبابها، بملامح وجدانية تتفتح على المجاز المطلق، فتتخذ كل بسمة عنوانا و كل دمعة توقيع، و غير ذلك محض افتراء:
كل دمعة
لا تحمل توقيعك
باطلة

لن نبتعد عن الألم و نحن نغوص في قصيدة "بلاغ في الولع"، و لو قليلا. فهي رحلتك و رحلتي..هي مسيرة الإنسان المثقلة بالأسى، إلا من هنيهات يسرقها دون قصد من فكي السبيل. كما أن الطفولة تستوقفك مرات أمام تفاصيل جامدة في الذاكرة، لا تزعزعها الرتابة أو الأيام، فتحضنك أرصفة الوجع بكل قوة و تعتصرك النوافذ المترعة على طوابير الضوء:
و كما القميص المشنوق بحبل الغسيل
أتقاطر بكل نداي على سطح أيامك
و أشتم الغيوم
تلك الواقعة في طابور الضوء

لقد خط الشاعر "سلمان داود محمد" عواطفه على حقيقتها، مطمئنا لصدق رؤياه، فكان وطن نفسه و كل متاهة كانت له بيتا فيما الخطى عائلة. لذلك تحمل جزاء عناق الزهر و تدمير الحدائق بذنبه، في بيئة انتشرت فيها (باسم الجمال) العقد و الجراثيم:
لأني مشتبه به
في اعتناق أزاهيرك،
اعتقلوا الحدائق كلها
في ثكنات تصنع العطور

و بين همس و همس، عالم غرائبي نسجه الخيال المفرط، و من الفوضى خلق ما هو بديع التكوين. هذا الأسلوب الفريد الذي اختاره "سلمان داود محمد" يحسب له و يميزه عن الكثير من الأصوات الشعرية، و يضعه في خانة خاصة مع أخريين يساهمون في تجديد الروح الشعرية بعالمنا العربي. و لأن كل شيء غريب، فوحدها الغرابة ينطلق منها الشاعر إلى عاطفة المتلقي، ليترك بصمته في ذائقته و يشعل بذلك شراراتٍ في وجدانه، ربما انطفأت، في واقع غير ثابت، يغير فيه العصفور صوته و تتقمص فيه الفراشة دور الحمار:
على فراش الموت تهذي حدائقي
زئير عصافير
نباح زهور
و نعيق فراشات

و لحظة تكره من تحب تكره ذاتك مباشرة، لكنه كره مزيف لا يتحقق مع الحب، فالبداية و النهاية هي الأخر، و كل المظاهر التي ترافقها عواطف و انطباعات، تغدو دون معنى في غياب المقصود الذي تشكلت به الحكاية و صار العنوان و المدلول:
لقد كنت البلاد..البلاد..البلاد
و كنت القرابين
و لكنك..با للأسى..ضائعة
و دليلي ضرير..
سأكرهني كثيرا..

و رغم الألم الذي يفضح الشاعر و يكشفه لقارئه على امتداد القصيدة، فإن الرضا بالمصير و الطمأنينة واضحان كنجمين سماويين. فهو سبيل العاشق إلى معشوقته، و ما أجمل العشق إذا ارتبط بوطن هو البدايات و النهايات، يستحق التضحية لأجله في لحظة محسومة عند قارعة الغروب، بكل شجاعة و نبل:
فألقيت التحية على بقايا رماد احتراقاتي معك،
ثم افترشت دمي
على قارعة الغروب
و مت..

قصيدة "بلاغ في الولع" نقطة مشرقة في شعرنا العربي الحديث، تجعل الشاعر العراقي "سلمان داود محمد" في مكانة خاصة، تخول له الإبلاغ عن كل ما يكتنف الإنسان، من أسى تحفظه المسافات و الجمال، و فرح خفيف بعمر نبضة قلب، و هذه القدرة الفريدة في التعبير، يؤكدها في "بلاغ في الولع" .



#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رصد الوحشية في قصيدة -قذائف و شناشيل- للشاعر سعد ياسين يوسف
- قصيدة -إشارات بأصابع مطفأة- للشاعر -طلال الغوار-: خطوات شاعر ...
- على مهل أمشي
- ليس للقصيدةِ وطنٌ
- صورة بين الظل و النور
- لست محظوظا بما يكفي
- رحلة إلى الظل -في رثاء الصديق الشاعر العراقي ثائر الحيالي-
- عشرين شمعة لوجهين كئيبين
- المأساة و الأمل في -مرثية دم على قميص قتيل- للشاعر العراقي - ...
- الاذاعي و الفنان التشكيلي -عز الدين كطة-: ولادة الذات من الض ...
- الصحافة حلم عمدة مدينة مراكش -فاطمة الزهراء المنصوري-
- إله جمعية سوق أزلي بمدينة مراكش: حكرة على حكرة
- المجلس الجماعي لمدينة مراكش: بؤرة فساد و سوء تسيير
- رؤية عبر الفيسبوك: غوص في شذرات الشاعر المغربي عبد الكريم ال ...
- أمل وراء القضبان
- صراط العصفورة..وسام الشمس
- -بستان الملائكة- ق.ص.ج إلى بغداد
- سقوط
- -همسات ثائرة-..انتفاضة الأنثى
- وسام الشمس


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - الغرابة في -بلاغ في الولع- للشاعر سلمان داود محمد