أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (7)














المزيد.....

نظرات في القصة القصيرة (7)


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 12:33
المحور: الادب والفن
    


نظرات في القصة القصيرة
طالب عباس الظاهر

(7)

القصة القصيرة، لا شك بأنها أثراً لقيادة واعية، ولكن في العقل الباطن..وقد تبدو غاية في الدقة والإتقان، وقد تصل أحياناً حدّ الإعجاز، إذا ما اقترنت بالموهبة، لإضفاء نوع من الانسجام على متناقضات الأحداث، واختلاف النوازع الشخصية وتقلباتها، وغرابة جريان نهر الوجود على مستوى السطح، من منظور الرؤية اليومية المعاشة، فتحاول تلك القيادة الواعية في العقل الباطن أن تجمع في قبضتها، ما تبعثره الحياة، وتبعثر ما تجمعه..في خضم تشابك خيوط الأحداث والمواقف والأشخاص في الأزمنة والأمكنة المتفاوتة، بتأشير خطوط فاصلة فيما بينهما.
رغم استحالة تحقيق مثل ذلك الأمر في الواقع، وترتيبها حسب مقتضى سير الحبكة عن طريق الوجود في الزمن الحاضر أو الرجوع أو التقدم إلى الآتي، أو الانتقال المتتالي بينها، وعرض أحداث الحياة حية أو كأنها قطعة منها، بدفع جميع المكونات نحو نهاية ينبغي أن تكون حاضرة في وعي القاص المبدع منذ نقطة الشروع الأولى في التمهيد والافتتاح للقصة، لحين بلوغ الهدف النهائي.
لكي يتسنى التوظيف لأدق الجزيئيات المشعة، وحشد جميع الممكنات منها، في خدمة عملية القص، والبناء الداخلي للقصة، باتجاه سد الفراغات السردية، من أجل الإضاءة لأهم الجوانب المعتمة في النص الأدبي، لخلق التأثير اللازم في الآخر، من خلال استدراجه بهدوء وروية، وإغرائه لتتبع البنيات المشكلة، من خلال الاستثمار الأمثل لخزين الخبرة في ذاكرته .. المعبأة أصلاً بذكرى الألفاظ ، والتجارب الشعورية الماضية، وتراكم الخبرات، في عملية تخليق وإشاعة الجو المطلوب لأحداث القصة، بإثارة المتلقي، وجعله حاضر الذهن والتوقع لتلقي المزيد من الومضات أو الإشارات، ومن ثم بدء التصعيد الفني للبناء الداخلي للقصة.. دفق فدفق، وخطوة إثر الخطوة، وانتقاله بعد الإنتقالة وهكذا، حتى تهيج العواطف والأحاسيس، وربما تستدر دموع القارئ حزناً أو فرحاً أو غضباً دون مشيئة منه.
فالقصة القصيرة إذن، هي لحظة قنص بارعة، أو مجموعة ضربات موفقة، لما يستدعيه الجو العام من الألفاظ والأحداث والأوصاف والأسماء، وما إلى ذلك من أشياء، في عملية رصد فذ لأدق الحركات والسكنات والانفعالات، وردود الأفعال وغربلتها، بل والاستجابة الشاعرة لموسيقى الألفاظ والأنساق، بما تحيل إليه من ذكريات موحية، فإذا ما أبطأ القاص بالتصويب باللحظة المناسبة؛ فاتته الفرصة (الفكرة)،أي فشل باقتناص اللحظة المثالية في طرق هذه الفكرة أو تلك، وأضحت تصويبته باردة، فلا تدرك حيلة إزاء الوصول لمبتغاها، وإذا ما تعجّل؛ ولدت ناقصة.. فجة .. تائهة، لا تعرف ماذا تريد، والى أين تذهب، فتجهل نفسها وهدفها، وسرعان ما تتحول إلى مجرد رقم من بين الأرقام، وتضاف إلى هذا الركام الهائل من القصص.
القصة القصيرة، لا يمكن أن تجيّر إلا لذاتها .. تقودها النظرة الفلسفية لكاتبها في الحياة والوجود والإنسان، وإن بدت معالم مثل تلك النظرة، غير واضحة تماماً بين ثنيات النص القصصي المطروح لأول وهلة، وقد يلتبس الأمر حتى على الكاتب نفسه .. المبدع لها، لأن لها وجودها الفني المستقل بعد صدورها عنه، المرتبط أصلاً بخلفيته الثقافية، ومواريثه الاجتماعية، فهي بالتالي ابنة عواطفه دون تجريد ملكاته العقلية، فمن يستطيع بالحقيقة دفع لحظة حزن واحدة عن نفسه، أو جلب الفرح لها؟
أجل..فإن الإبداع بصورة عامة، وفي القصة على وجه الخصوص، لا يأتي بحقائق خارجية ليعرفها للآخرين، فأنه كفن غير معني بذلك أصلاً، لأنها مسؤولية العلم، وغاية ما يرجوه استنفارها فيهم،؛ أي حقائق الوجود .. ليوقظ سباتها المديد، ويوقظ غفلة ذواتهم عنها، من خلال العودة للكشف عن معدنها الأصيل؛ أي ليذكرهم .. سبيلاً نحو إزاحة غشاء الإهمال عنها في عميق مشاعرهم، وجلي الرين المتراكم عليها بالنسيان، تطهيراً لفطرتهم - الملوثة بهموم ومشاكل الحياة المادية - التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيهم، منذ صورهم وكانوا عدما.
إذ إن النتاج الفكري، ربما يخرج من واحة الشعور من خلال بوابة العقل والمنطق، أما النتاج الشعري فإنه يخرج من واحة العقل والمنطق، من خلال بوابة الشعور، فالإنسان أذن، لن يخضع فينقاد انقيادا واعيا لشيء؛ مثلما يخضع وينقاد للذوق الفني السليم، والحس المرهف، والأصالة في الإنعكاس، والصدق في الإلتقاط لجمال الكون والحياة والإنسان .
وهنالك من يستجيب لمسحة دون الأخرى من مسحات القصة القصيرة، ويستهويه طابع دون الآخر، سواء أكان تشاؤمي أم متفائل، فرح أو حزن، ويحاول فرض وجه نظره، إلا إننا نعتقد بما يفرضه المقام، فالكل في موقعه مستحسن، وهي بالتالي ستظل وليدة بيئتها، وإفرازاً حقيقياً لما يخبئه الواقع، وما تعكسه مرآة كاتبها من خلالها، إذ ليس بالضرورة إن كل مفرح جميل، أو أن يكون كل محزن قبيح، لكن قطعاً إن كل حقيقي مؤثر، وحسب صدق الدوافع في نفسها، ومن ثم الموهبة في ترجمة المشاعر، وهي أثيرية الوجود، وتحويلها إلى أحداث وصور.. نابضة بدفق الحياة، ونسغ الخلود، مع كونها مجرد تسطيراً للكلمات الخرساء، وتسييلاً للحبر الميت على أديم ورق أصم.



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرات في القصة القصيرة(6)
- نظرات في القصة القصيرة (5)
- نظرات في القصة القصيرة (4)
- نظرات في القصة القصيرة (3)
- نظرات في القصة القصيرة (2)
- نظرات في القصة القصيرة
- العمليات الحسابية والسياسة
- حيرة - ق ق ج
- خطأ - ق ق ج
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- وداع
- زائر نحن في حضرته الضيوف!
- تراتيل
- أرجوحة الموت
- فوق المطر... تحت المطر
- -ترانيم صباحية-
- تسع قصص قصيرة جداً
- عذراً يا عراق (رسالة من مسؤول إلى شعبه)
- الزنزانة
- الشيء...!!


المزيد.....




- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (7)