رفيق عبد الكريم الخطابي
الحوار المتمدن-العدد: 3703 - 2012 / 4 / 20 - 01:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
للرفيق النمري كل أكاليل الورد الأحمر في عيد ميلاده
لا أدري لماذا نجد صعوبة في الكتابة حول المناضل الحي , مقابل سهولتها إن تعلق الأمر بالمناضل الراحل ...هل كون الأخير قد ختم مسار حياته نهائيا ,ولم يعد من مجال أمام تغيير أو تبديل لسلوكه وقناعاته ؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك ؟.هل يعود إلى مناخ وعادات فكرية سائدة ؟ أي أننا ربما ننتمي إلى بنية فكرية لا تولي أهمية إلا إلى الماضي المنقضي ,نظرة قريبة أو متأثرة بالنظرة الماضوية للأمور عامة خلاصتها أن الأمس أحسن دائما من اليوم. وكأن الماضي هو القمة أو النموذج الدائم للحاضر ولما لا المستقبل كذلك....
أم أن النرجسية أو الذاتية المفرطة , بمعنى النفخ المفتعل في الذات بشكل مرضي قد يمنع من تناول نشاط فكر الآخر ...أهي أنانية البتي- برجوازي الذي لا ينظر للكتابة إلا كأداة هدم للآخر أو نقد له عوض أن تكون كما هي , أداة تواصل وتلاقح فكري أو بعبارة أدق , كأداة لإنتاج معرفتنا بالواقع ,وما الآخر سوى جزء منه...بين الهدف الأناني , أي إبراز الأنا , ووهم شطب أو هدم الآخر , هناك مساحات أخرى تنتظر من يملؤها ,,فهل تستطيع هكذا مبادرة رسم ملامح لتلك المساحات ؟ ذاك مبتغانا...
هل نستطيع أن نكتب حروفا قليلة بعيدا عن الصراع السياسي والفكري , ونحن من يرى ألا تطور دونه ؟ هل نفلح في هذه المحاولة للكتابة ؟ مع علمنا أن الصراع هو المحرك الوحيد للبرك الراكدة التي نفينا إليها قرونا – كشعوب - وأكوام من تراكمات التخلف .
هل نستطيع أن نكتب عن النمري كإنسان , قبل النمري المفكر والمنظر والمناضل ؟ ذاك تحدينا...
الرفيق فؤاد النمري , مقبل بعد أيام معدودة وبالضبط في 25 من أبريل ، على إشعال شمعة عيد ميلاده...شمعة دائمة الاشتعال والإضاءة ,برغم الرياح الهوجاء والأعاصير ,لم تفقد بريقها ولا وهجها,,,تحل ذكرى ميلاده ، والرفيق النمري يستمر واقفا منتصبا , محاربا بشراسة من أجل ما يؤمن به من قناعات ومواقف سياسية ..بصلابة قد لا نجدها حتى بين من لم يراكم من تجارب المعارك وغبارها وآثارها , النزر القليل ..
ها نحن ندخل للسياسة دون أن ندري أو نريد ...ما العمل فنحن نتحدث عن السيد النمري ..لا بأس فلنكمل ما استطعنا لذلك سبيلا....
لعل أولى الملاحظات التي قد يجمع عليها الكثيرين , الأعداء قبل الأصدقاء ,هي الطاقة المتميزة والكبيرة التي يتميز بها الرفيق النمري. بامكانك أن تفتح أي مقال لأي نوع من كتاب الحوار المتمدن , من الليبرالي إلى الشيوعي مرورا بالظلامي أو الرجعي , إن كان عنوانه يحوي إحدى الكلمات من مثل : اشتراكية ,شيوعية , رأسمالية , ماركس , لينين أو ستالين ...لا تستغرب إن وجدت الرفيق النمري موجودا فيها بتعاليقه المتميزة , إما مصححا وموضحا إن كان متفقا أو مصارعا إن كان مختلفا مع مضمونه...هو المصارع الدائم والصلب من أجل قناعاته , وصاحب الحيوية أو الدينامكية الكبيرة جدا...
عند الرفيق النمري , نادرا جدا ما تجد التعابير الدبلوماسية , وهذا ما قربنا منه كثيرا, عند النمري لن تجد غير الكلمة الصلبة والحادة , لا مجال للمحاباة لا مجال للتردد لديه ..هو المقتحم الدائم والمحارب الصلب , لا مجال لديه لحسابات الربح والخسارة , لا مجال لادخار القوى أو الأسلحة , فالمعركة الفكرية عند النمري تخاض إلى النهاية وبكل الأسلحة ...بكل الوسائل المتاحة من المقال إلى التعليق...
رفيقنا النمري صاحب "الرسالات السماوية"و"قضايا معاصرة في التحليل الماركسي /2004... لو لم يبح بسنه لقرائه في موقعه على الحوار المتمدن, لتخيلته , أنا على الأقل لا يتجاوز الخمسين عاما...سنين عديدة من العطاء ..كم هائل من التجارب والمعارك ..ومازال واقفا ومازال صامدا ..مرت الأعاصير ..ولم ينحن أو ينكسر ...أتذكر فقط ولو أني لم أكن أريد الحديث في مثل هذه الأمور..كيف انكسرت وارتدت وانهزمت واستسلمت "قيادات وكوادر" وأحبط شباب ثوري ..بمجرد إعلان غورباتشوف عن الانهيار أو التفكك الأخير ..في 1989 وقف عندنا بالمغرب خصوصا "مفكرون و منظرون " كثر , كانوا بالأمس رموزا من ورق يتحدثون عن المراجعة ويقصدون التراجع , يتحدثون عن القيم الكونية لحقوق الانسان والحداثة , فيما هم يعلنون الردة والاستسلام لخطاب لصوص العرق والدم البشريين ...لكن في المقابل كان هناك المبدئيون , من يؤمن بكون التاريخ لم ولن يكون خطا مستقيما بل متعرجا ..وأن التاريخ يحركه الصراع الطبقي وليس تصريحات القادة...وأن التجارب تقوي حركة الشعوب ,والثوريون في صفوفها الأولى ,إن هم أحسنوا قراءة التاريخ , واستفادوا من تجاربه,,,والنمري باعتقادي واحد من هؤلاء...واحد ممن عكف على التجربة فقرأها بعين النظرية ...النظرية ذاتها التي حاول أهل الردة دحضها انطلاقا من تلك التجربة...نختلف مع جوانب من تلك القراءة ربما ..نتفق ممكن ..لكن الأكيد أن الرفيق النمري أغنى مكتبتنا بمساهماته القيمة.....
النمري لا يعرف التعب ...ولا يرحم بياض الورق...حيوية نادرة لشاب كهل ...في وقت تحول شبابنا إلى كهول في الفكر كما الجسد...
أن نكتب عن النمري في خضم معاركنا الفكرية معه , ومن موقع الاختلاف أو التباين , لا يعفينا من ذكر مناقب الرجل ولا إسهاماته...ولا إعجابنا الشخصي والإنساني به...ولا نستطيع حتى لو حاولنا عدم احترامه....
الرفيق النمري سريع الغضب , هكذا أتخيله ...وعندما يغضب رفيقنا فلا ينفع احترامك له , لأن احترامك له قد يؤذيه ...بل قد يزيده غضبا....
النمري في عيد ميلاده الدائم , نحييه عاليا ..نجدد احترامنا وتقديرنا له ولعطاءاته الفكرية ...نتمنى له كل الصحة والعطاء..نتمنى أن نأخذ منه الثبات على الموقف , ونتعلم منه النضال المستمر الذي لا يعرف التقاعد ولا أيام العطل ,يرفض الانحناء والتكسب كما الانتهازية , ولعل هذا الثبات والمبدئية هو ما يجر عليه حقد بعض الليبراليين والمتصهينين ..
الكتابة حول الرفيق فؤاد النمري , وفي هذه المناسبة بالذات , تتجاوز مسألة الكتابة حول فرد ما , حي في مكان ما , في منزل ما , بجانب أسرة ممتدة بين أولاد وأحفاد , عطوف على الجميع , - هكذا أتخيله -... النمري تجاوز كل ذلك , فكتاباته اخترقت كل بيت ينطق بلغة الضاد , وربما غيرها من اللغات , وإسهاماته حاضرة وإلى الأبد ...وبهذا نستطيع أن نقول بكل ثقة وبدون مبالغة ...النمري شمعة لا ولن تنطفئ ...ولن يستطيع أحد إطفاءها إلا النمري نفسه...فلا دخل لقوة أخرى في الأمر...حتى تلك القوى التي يقدم لها البعض قرابينه , أكانت قوى مادية أو ميتافيزيقية...
للنمري منا كل ورود الكون الحمراء..عربون محبة , احترام وتقدير...الوردة الحمراء المهداة إلى رفيقنا النمري في عيد ميلاده , لن تذبل , ولا تحتاج إلى ماء كي تبقى يانعة مزهرة , بل تحتاج لتضحيات وأفكار ...من رفيقنا النمري إلى رفيقنا حسقيل قوجمان مرورا بالرفيق عبد المطلب العلمي ... مسار طويل لم يتوقف . يستمر رفع الراية من جيل لجيل , لثلاثتهم ولكل الرفاق المبدئيين كل تحية حب تقدير واحترام ...لرفاقنا في سجون الرجعية بالمغرب المضربين عن الطعام الحرية وكل التضامن , ولزملائهم رفاقنا في سجون الصهيونية كذلك أي الأسرى الفلسطينيين كل التضامن , للشهداء المجد والتحية والعهد على مواصلة الطريق.
وبهذه الكلمات للرفيق حسقيل أختم مقالي متمنيا أن يجد صدى إيجابيا لدى رفيقنا النمري ...وكل عام ورفيقنا النمري بخير وبنفس الاصرار والحدة في الدفاع عن المبدأ ضد التحريف و الانتهازية
يقول حسقيل : "...ولكني انسان وليس في الوجود انسان معصوم. انا لا اخاف الخطأ ولكن ما يخيفني ويرعبني هو عدم الاعتراف بالخطأ لدى قناعتي وشعوري وتأكدي من وجوده. فمبدئي هو الاصرار على رأيي طالما لم اقتنع بخطئه والإعلان بكل صراحة عن الخطأ والأسباب التي ادت اليه وكيفية اصلاحه بنفس الحماس الذي ابديه في الاصرار على رأيي حتى اذا كان خاطئا اذا كنت ما ازال اعتقد بصحته"
ملاحظة ضمن السياق :
هذه الكلمات وإن كانت موقعة بإسم شخص واحد فهي قد تعبر بالتأكيد عن عدد كبير من رفاق ومحبين ومعجبين ومتأثرين بفكر النمري...وهذا المقال هو ثمرة مجهود رفيق عزيز علينا ورفيقة لم أعرفها إلا من خلال ملاحظاتها التي أغنت المقال- الهدية ...للرفيق وللرفيقة تحياتي الخالصة واعتذر عن عدم ذكر أسمائهما لأني لم أخول بذلك ..تحياتي للجميع رفاقا وأحبة ..تحية للرفيق المتميز والغالي رفيقنا فؤاد النمري
#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟