أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفيق عبد الكريم الخطابي - تأملات حول الأضحى أو حين يتساوى الإنسان و الكبش















المزيد.....

تأملات حول الأضحى أو حين يتساوى الإنسان و الكبش


رفيق عبد الكريم الخطابي

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 18:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أجواء الأضحى, أو مأساة الأكباس الدموية والإنسان المادية ،فرصة للتأمل في بعض أنماط السلوك الإنساني ( المسلم خصوصا) حيث مازال فكره خاضعا بشكل قطيعي للطقوس الدينية /الاجتماعية تحت سيطرة القوى الماورائية أو لإكراهات المجال الرمزي عموما ، وبهذه المناسبة نرى بعض المشروعية في طرح مجموعة من التساؤلات حول الظاهرة (الأضحى) من مثل:
- إلى أي حد ساهمت الديانات التوحيدية على الخصوص في تغيير أو تكريس هذا المشهد الدموي؟
- إلى أي حد تساهم آلهة العصر الحديث في تغيير أو تكريس ذلك ؟
لفهم معنى الأضحية أو التضحية لابد من فهم فكرة القربان تاريخيا. فتاريخ البشرية عرف محطات مختلفة إلى هذا الحد أو ذاك في كيفية ممارسة هذا الطقس الرمزي / الديني.
و لعل بعض الإضاءات التاريخية على فكرة القربان قد تساعد في فهم هذه الممارسة المسماة (عيدا) و الذي ننجر إليه دون استيعاب أو تساؤل. فكل التفسيرات العلمية لهذه الظاهرة تنحو منحى ربطها بالتناقض القائم بين الطبيعة و الإنسان، هذا الأخير وعبر مراحل تاريخية معينة كان عاجزا عن فهم و تفسير مختلف القوى/الظواهر الطبيعية و بالتالي عاجزا عن تسخيرها و السيطرة عليها فكانت فكرة تقديم القرابين لهذه القوى بداية لكي يرضيها فيتجنب بطشها أو يستدر عطفها، و فيما بعد يقدمها إلى قوى ما وراء الطبيعة دفعا للشر أو جلبا للخير ، ويمكن سوق مثال قدماء المصريين الذين كانوا يرمون أجمل نسائهم قربانا للنيل استدرارا للخصب أو بعض القبائل الأمريكية التي كانت تشق صدر أحد أبنائها ويقدمون قلبه قربانا للآلهة.
جاءت قصة إبراهيم وإسماعيل فحدث تغير تاريخي مهم في شكل الممارسة مع الحفاظ على جوهرها : أي الحفاظ على فكرة القربان بما تحتويه من بعد رمزي وتغيير القربان عبر إبدال الإنسان بالحيوان . إذا كانت الديانات التوحيدية قد غيرت من شكل فكرة القربان في سياق تاريخي تسيطر فيه هذه الفكرة، في أفق إلغائها إذا توفرت سياقات أخرى كما نعتقد ، مستندين في ذلك إلى أنها لم تشرع بشكل إلزامي (كفريضة) ، ولعل هذه الزاوية من النظر هي ما يتجنبها كليا الفكر الديني و المشتغلين به .
إننا نعتبر أن هذا الحدث الإبراهيمي بكل ما يحمل من رمزية له بالغ الدلالة ؛ فمع تطور المجتمعات البشرية بتطور قوى و وسائل إنتاجها والذي أدى إلى تحول الشكل الديني عموما ، أي الاتجاه إلى الإله الواحد عوض تعدد الآلهة كان لابد من تغيير شكل ممارسته كذلك. و هنا نسجل نقطتين أساسيتين:
- إلغاء التضحية بالإنسان .
- الحفاظ على جوهر فكرة القربان عبر التضحية بالحيوان .
فإذا كانت الظاهرة الاجتماعية مرتبطة بسياق سوسيوتاريخي يحددها و يحدد شروط تطورها ، فكيف استمرت فكرة القربان / الأضحية إلى عصرنا هذا (عصر ما بعد الحداثة)؟ بل امتدت إلى التقرب بها إلى الموتى /الأضرحة و الجن (السحر و الشعوذة) و غيرها من القوى الغيبية . ترى لو جمعت قيمة هذه القرابين / الأكباش التي يضحى بها و يضاف إليها ما يذبح في الأضرحة وما يوجه للجن وقدمت إلى المقاومة الفلسطينية ، أو إلى أهلنا المحاصرين في غزة ، كيف ستصبح المعادلة في (الشرق الأوسط ) ؟ فبعملية حسابية بسيطة : نأخذ فقط 3 ملايين حاج أي 3 ملايين كبش ؛ ثمن الكبش الواحد 200$ أليست القيمة الإجمالية 600.000.000$ سنويا كافية لوقف المذابح المفتوحة في غزة . ألا تكفي المجازر التي نراها يوميا في أفغانستان و العراق و الصومال و لبنان وفلسطين المحتلة ....حتى يقيم كل منا مذبحا خاصا ببيته ؟
إذن كيف ولماذا تحافظ آلهة العصر الحديث على جوهر وشكل فكرة القربان بطريقة رجعية تخدم مصالحها ؟
قبل الإجابة أريد لفت الانتباه إلى تناقض عبثي يتجلى في كون حتى من لا يصوم ولا يصلي بل من لا يؤمن بأي إله ، يجد نفسه يلهث لتوفير هذا القربان ابتغاء مرضاة القوى الاجتماعية الجاثمة فوق الصدور، وهو عبث قد تكون له ارتباطات بممارسات عبثية أخرى تؤثث كل فضاء العربان ؛ فإنسان جزيرة العرب مثلا يعد استهلاكه اليومي من الماء العذب الأعلى عالميا (من 350 إلى 700 لتر يوميا) في منطقة تعتبر الأكثر ندرة في العالم من المياه !
أثناء الحرب العراقية الإيرانية التي سقط فيها مليون ضحية ، كان الخميني ،أحد آلهة العصر، يرسل أطفالا معصوبي الأعين لتفجير الألغام و بعد احتجاجات دولية على هذه الطريقة في تقديم القرابين في سبيل "الثورة" أو "الإسلام" ... عوّض الأطفال بالحمير (في استلهام كاريكاتوري للحدث الإبراهيمي ) .
ألم يرسل بوش، أحد آلهة العصر كذلك، مرتزقته /جنوده في حربه المقدسة إلى العراق ؟ ألم يذبح أكثر من مليون عراقي في هذا المذبح الفاشستي الكبير ؟وذاك الذي يفجر نفسه وينثر لحمه في كنيسة أو مسجد أو مقهى...ألا يمثل قربانا لأحد الآلهة الجدد إن بلحية أو بدونها؟
ألم يصرح الأمين العام لحزب الله، عقب استشهاد ابنه هادي حسن نصر الله دفاعا عن وطنه في صد العدوان الصهيوني الفاشي على لبنان،بما يلي : "اللهم تقبل منا هذا القربان ، ....هل اكتفيت يا الله ؟"
أستطيع فهم أن يستشهد الإنسان من أجل الوطن والكرامة والحرية والمبدأ والقضية و لكن لا استطيع أن افهم كيف يقدم الإنسان قربانا !؟ مع كل احترامنا و تقديرنا لقائد المقاومة اللبنانية البطلة لكن قائد المقاومة شيء ورجل الدين شيء آخر؛ فقد نخدم آلهة العصر الحديث من حيث نحاربهم إذا استندنا على أرضية فكرية مشتركة معهم.
من مات و يموت في الصحراء الغربية أليس قربانا لصنم صنعه سادة النظام القائم اسمه "الإجماع الوطني "المخزي؛
نعم نرى أن فكرة القربان ما زالت مستمرة بل تفاقمت من جديد لتشمل التضحية بالإنسان عوض الحيوان في فضاء قد يبدو الأكثر عبثية في التاريخ و في الزمن الأكثر وضوحا و إنسانية : زمن انهيار الامبريالية و عملائها. ولكن هذا التعامل العبثي مع الدين و بفعل الدين ومع الواقع الاجتماعي و بفعله أيضا لا يمكن أن تفك طلاسمه إلا بإرجاعه إلى تناقضات البنية الاجتماعية التي تحدده ، فإزالة الوهم الديني تحتاج إل إزالة واقع يحتاج دوما إل الوهم .
ملاحظة لها علاقة بما سبق:
وأنا أكتب هذه المقالة، في لحظات معينة لم أعد أميز بين المضحي والأضحية، وتساءلت من هو القربان الحقيقي في هذا المشهد التراجيدي؟ ومن الكبش ومن الإنسان ضمن هذه المعادلة العبثية ؟



#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفيق عبد الكريم الخطابي - تأملات حول الأضحى أو حين يتساوى الإنسان و الكبش