أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حتاته - تكريس مفهوم العبودية فى الاسلام















المزيد.....

تكريس مفهوم العبودية فى الاسلام


هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 23:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كما ان القرآن يحمل لنا بين سوره وآياته تطور الدعوة من بدايتها وحتى موت النبى محمد ، فهو فى الغالب سجل لما حدث خلال هذه الفترة ، فانه ايضا يحمل لنا تصورات ومفاهيم وافكار مجتمع جزيرة العرب فى نفس الفترة ، والتى تركت بصماتها على النص القرآنى فمثلا :
- كل الاوصاف التى وصفت بها جنة الخلد هى تعبيرا عن امنيات هذا المجتمع
ـ غزوات الرسول والجزية هى ايضا تعبيرا عن المفاهيم السائدة فى هذا هذا العصر .
ـ عالم الجن والتنصت على اخبار السماء والوحى بها الى الكهان والعرافين كانت ايضا ضمن اعتقادات بدو الجزيرة ( ويلاحظ ان مثلث الحضارات فى هذا الزمان - مصر – سوريا - العراق لم تعرف شيئا عن موضوع الجن )
ولكن الاهم من كل هذا فهو ايضا مرآة لتصورات هذا العصر عن الاكاسرة ( فارس ) والقياصرة ( روما ) مما كان له اثرة العميق على النص القرآنى سواء فى الشكل العام للعرش ومايحيط به من عظمة وابهة او العلاقة بينهم وبين الرعية.
بينما كان البدوى تائها وسط صحرائة فى حمى القبيلة لم يبلغ حتى الدرجة الاولى من سلم الحضارة كانت امبراطوريتين ذلك الزمان ( الفرس والروم ) فى قمة الازدهار ، وتعددت زيارات بعض وجهاء الجزيرة الى كلا الامبراطورتين ، وعادوا منبهرين بايوان كسرى وعرش قيصر ومع الثقافة الشفاهية التى تميل الى الاطناب والابهار كانت الروايات والاوصاف تاخذ بالالباب .
كسرى او قيصرجالس على ايوانه او على عرشه تحيط به كل مظاهر الابهة والعظمة ، عرشه محمول على الاكتاف ، يقف بين يدية الحجاب واركان الدولة ، يصدر الاوامر والنواهى التى لاتقبل النقض او حتى المناقشه ، كلماته نافذة ، مشيئته فوق الجميع ، جميع الشعب عبيدا لاحسانه . الجميع بين يديه اما منحنى او راكع او مقبلا للارض بين يديه ............ الخ
هو المانح والمانع ، هو الوهاب والمعطاء ، هو الجبار المنتقم الذى لايقبل من رعاياه سوى التسليم المطلق بكل مايقول او الويل والثبور وعظائم الامور ، فهو العليم الاوحد والخبير الاوحد والعظيم الاوحد ............. الخ
هذه كانت صورة ملوك واباطرة وقياصرة هذا الزمان فى المخيال الشعبى لجزيرة العرب بعد التضخيم والتهويل والابهار والتى انتقل بعضها الى القرآن ( العرش والكرسى والملائكة الحاملين للعرش والمسبحين بالحمد والطائفين حول العرش ) ، وبدلا من يأخذها المفسرين على سبيل المجاز قالوا ان من ينكرها كافر، لانهم ابناء نفس الزمان وان كانوا عاشوا فى ظل الدولة العباسية فقد كان للخليفة او امير المؤمنين نفس الابهة والعظمة السابقة لملوك فارس .
ويحمل لنا القرآن نفس صفات الجلال ( المنتقم الجبارالواهب ...... الخ ) ، بجانب صفات الجمال ( الرحمن الرحيم اللطيف ... الخ ) ، وايضا كرر الفقهاء نفس المفهوم فى تفسيراتهم ، دون ان ينتبهوا الى ان صفات الجلال كان من الفروض ان تؤخذ على سبيل المجاز ايضا ، فكيف لألهى ان يشوينى فى النار وهو الرحيم .. ؟؟
واذا كان رعايا الفرس والروم عبيدا لاحسانات ملوكهم ، فأصبحت العلاقة بين الانسان والله فى الفكر الدينى هو العبودية والتسليم التام بالمقدر والمكتوب وهى الاشكالية الكبرى فى الاديان كلها مع اختلاف الدرجات ، ونقصد بها اشكالية ( الجبر والاختيار ) والتى سنتعرض لها فى المقال القادم .
المهم انه تم ترسيخ مفهوم العبودية المطلقة لله ... لابأس . ولكن امتد مفهوم العبودية للنبى ( عبدالنبى – سيدنا محمد ) وايضا ... لابأس . ولكن ان نصبح عبيدا لسيدنا ابو بكر وسيدنا عمر وسيدنا ..... حتى نصل الى سيدنا معاوية - بصفته من كتاب الوحى وليس بصفته مفرق جماعة المسلمين - ومن الخلفاء الراشدين نصل الى الصحابة ( سيدنا خالد بن الوليد – سيدنا عمرو بن العاص ، سيدنا عبيدة بن الجراح ... ) حتى نصل ياسادة – ولا اقول ياعبيد ... !! - الى رواة الاحاديث ، قهذا سيدنا ابو هريرة وسيدنا عبدالله بن عباس ..... الخ . حتى نصل الى اولياء الله الصالحين ، فهذا سيدى السيد البدوى ، وذاك سيدى ابراهيم الدسوقى .... الخ
هل لاحظت كم مرة فى اليوم تكرس فيها نفسك عبدا لسيدا بداية من سيدنا محمد الى اصغر صاحب كرامات فى اصغر قرية مصرية او اسلامية . ومع التكرار المستمر لكلمة ( سيدنا ) يتم تكريس مفهوم العبودية فى اللاشعور الجمعى للمسلمين ، وتلك هى المشكلة ، وهذا هو المأزق الحقيقى ، فاذا كان العبد الذى كان يباع ويشترى الى وقت قريب يفقد كامل آدميته وكامل ارادته امام السيد المالك ، فنحن امام نموذج آخر من العبودية لما يفترض ان يكونوا احرارا ، فمع هذا الحشد من السادة ومع التكرار اليومى نفقد الكثير من ارادتنا البشرية ونهدر اهم قوانين علم المنطق وهو قانون السببية ( المقدمات والنتائج ) ونصبح اسرى لتصوراتنا العبودية وتسليم مقاليد حياتنا لاسيادنا ، وهذا ماتنبه له المعتزلة ( فرسان العقل ) فى بدايات العصر العباسى عندما اهتم هارون الرشيد بالعلم والعلماء وانشأ جامعة بغداد العظيمة وفتح باب الترجمة ومن بينها الفلسفة اليونانية والهندية والفارسية ، وبدأ التساؤل المشروع : اذا كان الله قدر علينا اعمالنا فلماذا يحاسبنا على هذه الاعمال اذا كانت شريرة ، ولماذا يكافئنا اذا كانت خيرة ؟؟؟؟؟ - وهذا نفس السؤال الذى بنيت عليه فلسفة بن رشد بعد اطلاعة على فلسفات افلاطون وارسطو، وللتوفيق بينهم وبين المنهج الدينى قال باتفاق الارادتين والتى تعنى ان ارادة الانسان اذا اتفقت مع رادة الله يتم الفعل واذا لم تتلاقيا لايتم الفعل ، وتبنى قاعد التيسير التى اشرنا اليها فى نهاية دراستنا عن نقد الفكر الدينى وكانت بعنوان ( مابعد النقد – تطوير الخطالب الدينى ) والتى تقول انه اذا اختلف النص مع العقل يؤول النص لحساب العقل ، ورغم هذا التوفيق التلفيقى الا انه قوبل بالتكفير وحرقت كتبه وتم طردة من الاندلس .... !!
منذ عقدين من الزمان وقبل بداياتى الاولى الى الفكر العلمانى بعد دراستى لتاريخ الاديان والفكر النقدى وتكوين منظومتى الفكرية ، كانت هذه المشكلة تؤرقنى ( الحرية ضد العبودية ، والعدل الالهى ) كنت اتناقش مع صديق عاد من رحلة عمل فى السعودية مبهورا بالوهابية عن العلاقة بين الانسان والله ، كان يقول : يجب ان تعبد الله خوفا وخشية ورجاءا ، وكنت اقول اننى افضل ان تكون علاقتى بالله علاقة محبه لاننى اعتبره ابى الذى فى السماء ، والحب اجمل من الخوف ، فكان ينظر الئ باستنكار ويقول اننى اقرب الى المسيحية منى للاسلام ، فسألته : ايهما افضل لك وانت ذاهب الى العمل ، ان تذهب خوفا من العقاب والغياب والجزاءات ام تذهب الى عملك حبا فيه ، فكان يقول : هذا شئ وذاك شيئ آخر فكنت دائما اقول : الحرية لاتتجزأ والعبودية لاتتجزأ .
مملكة العبيد :
من المعروف ان مملكة آل سعود هى آخر دولة فى العالم الغت النظام العبودى فى بداية ستينات القرن الماضى بسبب الهجوم الناصرى عليها فى ذاك الوقت ، وطبقا لنصيحة امريكية تم عزل الملك سعود ( البدوى المتشدد ) وتوليه اخية الملك فيصل ( الاصلاحى ) وكان ان الغى النظام العبودى خوفا من امتداد الفكر الناصرى الاقرب الى الفكر اليسارى .
ولكن بقت العلاقة بين الملك وامراء الاسرة الحاكمة وبين الشعب هى علاقة عبودية بدون صكوك ، عبودية امتدت من النبوة والاتباع ورجال الدين الى جلالة الملك واصحاب السمو الامراء وترسخت عبر الخطاب الرسمى لهم ومازالت القابهم وحتى الآن هى استمرارا لهذه العبودية فنرى :
الملك هو : حضرة صاحب الجلالة مولاى الملك المعظم ..... اعزه الله .
الامراء هم : حضرة صاحب السمو الملكى سيدى ......... حفظه الله
انتقلت من العمل مشرفا لقسم داخلى باحد معاهد الرياض للعمل بالرئاسة العامة لرعاية الشباب وكان يرأسها الامير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز ، منذ ان كان والده وليا للعهد وكان الرجل القوى فى المملكة نظرا لامية وسذاجة وبدوية الملك خالد ،حيث كان ( فهد ) رئيس المجلس الاعلى للجامعات والمجلس الاعلى للبترول والمجلس الاعلى للشباب والرياضة ... الخ وكانت كل خطابات الامير فيصل لوالده ولى العهد وقتها والملك بعدها عند توقيعه عليها بصفتة الرئيس العام لرعاية الشباب ان يضيف بخط يده بين الوظيفة والاسم كلمة ( الخادم ) شريطة ان تترك له مساحه بين الصفة والاسم ليكتب عليها بخط يده هذه الكلمة ، وطبعا اذا كان الامير يخاطب والده بصفته ( الخادم ) فكان من الطبيعى ان يكتب بعض وكلاء الوزارة عندما يخاطبون الامير فيصل نفس الكلمة بين الوظيفة والاسم . فتصبح العبودية هنا مرتين ،الاولى للسلطه الدينية والثانية للسلطة الزمانية ....!!!
واذكر انه اثناء اقامتى هناك فى النصف الثانى من سبيعنات القرن الماضى ان قام التلفزيون السعودى بعرض المسلسل الامريكى ( الجذور ) الذى كان يتعرض لفترة جلب العبيد من افريقيا الى امريكا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومأساتهم الانسانية ان تمت اذاعه حلقتين منه وفجأة تم الغاءه تماما ، ولم يكن الامر يحتاج الى ذكاء كبير لنعلم ان المسلسل ان كان يعرض مأساه تجارة الرقيق والتى اعتذرت عنها امريكا فيما بعد ، الا انه يمس بشكل غير مباشر مأساة العبيد فى التاريخ الاسلامى والذى لم يعتذروا حتى الان عنه ، ويمس ايضا مفهوم العبودية فى العلاقة بين الحاكم والمحكوم المستمر فى هذه المملكة .
بهذا التكريس المستمر لمفهوم العبودية والاصرار عليه وترديده باستمرار يصبح من طبائع الامور للساده الشيوخ والحكام ، ولكنه على مستوى المسلم العادى والمواطن داخل دولة الدين هو امتهان لانسانيتة وفقدانه القدرة على صنع تاريخه وحياته ومستقبله ، فكل هذا بالنسبه له مرهون بارادة القوى الغيبيه ومن يمثلها على الارض من رجال الدين او رجال الحكم ويعمق لديهم الشعور بالدونية والقزمية والعدمية .
ولنا عودة عزيزى القارئ فى المقال القادم عن اشكالية الجبر والاختيار فى الفكر الدينى .



#هشام_حتاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثلية الجنسية فى جزيرة العرب 2/2
- المثلية الجنسية فى جزيرة العرب 1/2
- الحياة الجنسية للنبى محمد من خلال آيات القرآن
- التحليل النفسى لزواج النبى محمد من عائشة
- تبخيس المرأة فى الفكر البدوى وارتباطه بالتعويض النفسى عن الع ...
- جمعية تبادل الزوجات بين الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة..!!
- مابعد النقد : (7) تطوير الخطاب الدينى
- نقد الفكر الدينى : (6) اشكالية علوم القرآن واستخراج الاحكام
- المجلس العسكرى والاسلاميين : انقسام مصر بعد اقتسامها
- مبروك للاخوان والسلفيين امارة المحروسة
- خطأ ثوار التحرير .. وخطيئة المجلس العسكرى
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 5/5
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 4/5
- نقد الفكر الدينى (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 3/5
- السعودية : الشقيقة الكبرى لمصر ....!!
- احداث ماسبيرو .. وتحديد الولاءات
- من البكباشى عبدالناصر الى اللواء الفنجرى - ياقلب ماتحزن - .. ...
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 2/5
- الى المجلس العسكرى : دستور ياسيادنا ..!!
- نقد الفكر الدينى : (5) العلاقة الجدلية بين النص والواقع 1/5


المزيد.....




- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حتاته - تكريس مفهوم العبودية فى الاسلام