أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن















المزيد.....

أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3668 - 2012 / 3 / 15 - 08:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن
طلعت رضوان
لم يكن الراحل الجليل بيومى قنديل يميل إلى الترجمة، رغم إجادته لعدة لغات حديثة وقديمة ، ومع ذلك كان يُضحى بوقته ويُسارع بترجمة الكتاب الذى يؤكد نظرته للحضارة المصرية. ولأنه كان يرى أنّ عالم المصريات الكندى (دونالد ريد فورد) من العلماء الذين يعتمدون على المصادر الأصلية (البرديات والخراطيش الخ) + منهجه العلمى الصارم ، لذلك لم يتردد فى ترجمة كتابيه (أخناتون ذلك الفرعون المارق- على نفقته الخاصة- دارالوفاء لدنيا الطباعة والنشر- الإسكندرية عام 2000) ، (مصروكنعان وإسرائيل فى العصورالقديمة- المجلس الأعلى للثقافة عام 2004) فى الفصول الأولى من الكتاب الأول رصد (ريد فورد) ظاهرة تعدد الآلهة فى الديانة المصرية ، وما ترتّب عليها من ترسيخ قيمة (التعددية) بمعناها الأشمل ، وضرب مثالا بأبناء الأجانب الذين وفدوا إلى مصرللتعليم ، لدرجة أنّ أطفال الكنعانيين الذين تلقوا تعليمًا مصريًا ((فقدوا جذورهم وأصبحوا لايعرفون لهم لغة غيرالمصرية ، فأصبحوا منبوذين تمامًا من شعوبهم)) (ص32) كما ذكرواقعة الحلاق الملكى (سى – باست) الذى أنعم عليه الملك بامتلاك أحد الأسرى ، فإذا به يُعامله معاملة أهل بيته ، بل ويُزوّجه ابنة أخته التى سترث نصيبًا يوازى ما سترثه زوجته وأخته (ص 29) لذلك ذكرفى المقدمة أنّ مصرفى القرن 15 ق. م كانت مجتمعًا متحضرًا. وأضاف ((لم تكن جذورنا الأوروبية قد ضربتْ بعد ، ولم يكن أى من سقراط أوبيركليس أوأثينا بفلاسفتها أو روما بمشرعيها قد ظهروا بعد حتى فى صورة جنينية ، فأثينا لم تكن وقت ذاك أكثرمن بلدة متوحشة فى الأحراش)) (ص 9) ويرى (ريد فورد) أنّ المصريين القدماء مالوا فى تأملاتهم عن بداية وأصل الكون ميلا قويًا نحوالتعددية ، سواء فى مدرسة (أتوم) الذى خرجتْ منه المواد الأولية. أو فى النسق (المنفى) الذى عظم من شأن القلب (= العقل) الذى خلق الأشياء عن طريق الفكر، أى الاسقاط المتجسد للفكرالذى تحدوه الإرادة. أوالنسق الثالث فى مدرسة الأشمونين التى وصفتْ العنصرالأول (للخلق) باعتباره اللامتناهى فى الحجم. اللامتناهى فى الظلمة. الهلامى بصورة كاملة والباطن بصفة عامة. وتلك كانت بمثابة البشائرالفلسفية التى سبقتْ فلسفة ما قبل سقراط ، إلاّ أنّ العبادة التى فرضها أخناتون كانت تنتمى لنسق مختلف ، إذْ أنّ العبادات السابقة كانت نسبية ، بينما عبادة أخناتون مطلقة. الأولى قائمة على التعدد والثانية وحدانية (159) لذلك فإنّ الترنيمة الشهيرة (من ترنيمات أخناتون) الموجّهة للإلهة حتحورتم تنقيحها بحيث تتخلص من كل سمة لتعددية الآلهة. وأكثرمن ذلك فلا ذكرلآلهة عظمى مثل بتاح أوتحوت أوأوزير(131) ووصل تطرف أخناتون لدرجة أنْ أعلن أنّ الإله آمون ملعون. وأرسل حاملى البلط ليطوفوا بالمعابد لينتهكوا قدسيته .
تسبّبتْ شطحات أخناتون مع قرص شمسه ، فى عدم الإهتمام بالشعب مثل باقى الملوك السابقين ، ومن بين كل البرديات التى عثرعليها المؤلف ذكرأنه ((لم يقع فى أيدينا أى نص يُخبرنا أنه (= أخناتون) يسمع صرخة الفقيرأويشفى المريض أويغفرللمذنب)) (185) ولم يهتم بسياسة مصرالخارجية لدرجة التفريط فى الولايات التابعة لمصر. وأنه ((يتحمل مسئولية انهيار الوفاق المصرى – الميتانى. وكان تعليق المؤلف أنه ((متى تشاجرطرفان ابتهج طرف ثالث)) الطرف الثالث هنا هم الحيثيون الذين انتهزوا رخاوة حكم أخناتون وتفريطه فى معاهدة الصلح مع الميتانيين ، فإذا بالحيثيين يعملون على تعميق الفجوة بين مصر وميتانى ، الأمرالذى انتهى باستسلام سوريا (التى كانت ولاية تابعة لمصر) ووقعت فى قبضة الحيثيين ، وبذلك انتقلتْ سوريا الشمالية بأسرها إلى السيادة الحيثية. وهكذا فقدتْ مصرمركزها العصبى على الساحل السورى (من 206- 214) وبالتالى ((دبّتْ عوامل عديدة فى الأراضى الواقعة على مشارف المناطق الخاضعة لنفوذ مصرمنذ حكم أخناتون الذى جلب على بلاده النوائب. ضاربًا فى أعماق الوهم ، وهذه هى الحقيقة التى استيقظ عليها توت- عنخ- آمون)) .
غيّرتوت- عنخ- آتون اسمه إلى (توت- عنخ- آمون) واستقل برأيه بعد أنْ ابتعد عن أخيتاتون (تل العمارنة حاليًا والتى كانت مقرأخناتون) ورغم أنه كان فى مقتبل العمر، فقد وعى جذوره. وارتفع إلى المثل الأعلى الذى وضعه أسلافه الأولون. ونتج عن سياسته الخارجية الحازمة أنّ أشور- أوبالت (ملك أشور) أرسل إليه رسالة أبدى فيها رغبته فى إقامة علاقة طيبة مع مصر، وأنه رحّب بها. وجديربالملاحظة أنّ ولادته (= توت – عنخ آمون) جاءت فى عالم تحطيم تماثيل الآلهة على يد المارق (أخناتون) ، فلم يرمصرالتقليدية التى تقوم عبادتها على التعددية. كما حرمه الموت المبكرمن إمكانية الكشف عما كان فى طوعه أنْ يفعل لو واتته الفرصة. وعن التغيرات الداخلية التى أحدثها فى السنة الثالثة من حكمه ، كان أهمها مرسوم التسامح ، فلم يتعرّض أى معبد من معابد (قرص الشمس) للإغلاق. ولم تُكشط نقوشها ولم يواجه رجال الدين الأتونى محنة التسريح من أعمالهم . كما لم تصدرآيات اللعن ضد أخناتون أونفرتيتى . وفى المقابل أصبح كل إنسان حرًا فى ذكرالآلهة القديمة دون خشية العقاب . وقاد الفرعون الشاب وزوجته الملكة (عنخ- إس- إن- آمون) مسيرة إعادة الاعتبارلكل الآلهة . لذلك فإنّ حكمه يُمثل فاصلا بين التشدد الذى ساد فترة تحطيم تماثيل الآلهة ، وبين التحول التام نحوتسامح التعددية. وبالتالى أصبح من الممكن الابتهال ل آمون أوبتاح إلخ . وأنّ ذلك لم يكن يُقدرله النجاح لوأنّ مصرعرفتْ النظام الكهنوتى ، لأنه ((لم يكن هناك رجال دين محترفون فى القرن 14 ق. م )) وتوازى مع هذا أنّ توت- عنخ- آمون حرص على استعادة مجد الامبراطورية المصرية. كما نراه فى موتيف تقليدى وقد خرج يُطارد حشدًا من الأعداء (من 218- 226) .
ويقدّرعلماء المصريات ل توت- عنخ- آمون حصافته عندما اختارحور- إم- حب ليتولى الحملات التأديبية ضد كل من يحاول اختراق حدود مصر. وبعد وفاة توت-عنخ- آمون تولى الحكم (آى) وبعده تولى الحكم حور-إم- حب رغم أنه من عامة الشعب. ويرى البعض أنه تزوج من شقيقة نفرتيتى (موت- نجمت) لإضفاء شرعية الحكم ، وفق المنظومة المصرية التى تعطى للمرأة (جدة. أم. زوجة. شقيقة الملكة أوالملك) حق الحكم . وذكرريد فورد عنه أنه ((لم يكن ملوثا بالمروق الذى عرفته أخيتاتون. وكان نشطًا واسع الخيال وملتزمًا. وقلبه مفعمٌ بالمصلحة العامة للبلاد. وتركزتْ جهوده الرئيسية على استئصال فساد البيروقراطيين. والقضاء على الفوضى التى هى إرث مباشرلفترة المروق الآتونية. وأهم وثيقة صدرت عنه هى مرسوم الإصلاح ، المعروف باسم تشريع حور-إم- حب الذى عُثرعليه شمالىْ الصرح العاشرللكرنك ، وتضمن محاربة الفساد سواء فى الجيش أوالقطاعات المدنية وإصلاح القضاء وتطهيربيت وزارة العدل من الداخل. كما أصدرأمرًا بإعفاء الفلاحين من الضرائب وإسقاط الضرائب المتأخرة عليهم. ولذلك ((لم يُمزق القناع عن الوجه الحقيقى لعصرأخيتاتون قدرمرسوم الإصلاح)) فقد شهد عصرأخناتون جيشًا مفوّضًا بإخماد الشعب وفلاحين معدمين وقضاة فاسدين. وانسحاب رأس الدولة (أخناتون) فى حاضرته الجديدة (مع إلهه الجديد) ونظرًا لأهمية تشريع حور-إم- حب الاصلاحى ، ودفاعه عن حدود مصريراه المؤلف ((الشخصية الأولى بلا منازع على مسرح الأحداث التى شهدتها تلك الفترة)) ورغم ذلك فإنّ الإعلام الأمريكى والسينما الأمريكية تعمّدا تشويه صورته. ونفى (المؤلف) الآراء التى تدعى أنّ موسى تعلم على يد أخناتون ، نظرًا للفروق الجوهرية بين الآتونية والموسوية. ولأنّ المؤلف يتسم بالموضوعية ، فإنه لم يغفل ذكرتطورالفن فى عهد أخناتون. وكذلك قدرته الخارقة كشاعروخاصة فى الترنيمة الكبرى لقرص الشمس فهى تقف شامخة فى تصورها لجمال الخلق. ولكنه كان حاكمًا شموليًا ، يجهل (والأدق يتجاهل) حق الفرد فى أنْ يختاربحرية. وانتصرلوجود قوة سماوية تطلب خضوعًا كليًا وتزعم أنها الحق الكلى (المطلق) فى حين أنّ اللاهوتين المصريين القدماء على غراراللاهوتين المحدثين أنجزوا رسائل فلسفية ذات قيمة ، مثل اللاهوت (المنفى) وترانيم بتاح إلخ فما الذى جاء به أخناتون كبديل لها وأعلن عليها اللعن ؟ الجواب لاشىء (من 236- 256).
******



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة صينية (مشهد واقعى)
- روبابيكيا ( مشهد من الحياة)
- الشروط الموضوعية لتحدى الإدارة الأمريكية
- عادل وحلم الطيران- قصة للأطفال
- صديقان - قصة للأطفال
- من يفتح الباب - قصة للأطفال
- السياسة والإبداع
- تاريخ مصرمن ساويرس إلى عبدالعزيزجمال
- هديل الحمام - قصة للأطفال
- نزوات الموج - قصة قصيرة
- ميتافيزيقا الاستشراق
- الإعلام العروبى والإسلامى : إيران نموذجًا
- توأم الروح - قصة قصيرة
- المرأة المصرية والعربية بعد الثورات
- قارئة ودع - قصة قصيرة
- موسيقى من السماء - قصة للأطفال
- عادل لا يقول الحقيقة - قصة للأطفال
- الأحادية المصدرالرئيسى للتعصب
- الغموض الفنى فى مذاق الدهشة
- سمير عبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن