أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ميتافيزيقا الاستشراق















المزيد.....

ميتافيزيقا الاستشراق


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فى كتاب روبرت إيرون (المستشرقــون وأعداؤهم) تعرّض لكتاب إدوارد سعيد ( الاستشراق ) والذى ذهب فيه (إدوارد سعيد) إلى أنّ الاستشراق يحمل نزعة إمبريالية على الصعيد المفاهيمى بالإضافة إلى كونه أداة للاستعمار. وأشار إيرون إلى أنه رغم وجود من كان عنصريًا من المستشرقين ، فإنّ الغالبية لم يكونوا كذلك ، بل كانوا مبهورين بالعالم العربى وبالإسلام . وأنّ العديد منهم كان معارضًا للامبريالية الغربية فــــى الشرق الأوسط .
ذكّرنى كتاب روبرت إيرون بكتاب المفكر السورى الكبير صادق جلال العظم ( ذهنية التحريم ) الصادر عن دار رياض الريس عام 1992 ، الذى تناول فيه بالنقد والتحليل كتاب إدوارد سعيد . يلاحظ صادق جلال العظم أنّ الاستشراق المذموم عند إدوارد سعيد يمتد من هوميروس إلى المستشرق المعاصر جوستاف فون مرورًا بدانتى وفلوبير وماركس ، وهو أمر مرفوض (( لأنه يكرس عمليًا أسطورة الطبيعة الجوهرية الغربية الثابتة بخصائصها المزعومة وعقلها الذى لايتغير)) (ص 21، 22)
يرى إدوارد سعيد أنّ الاستشراق الثقافى الأكاديمى هو المسئول الأساسى عن ظاهرة بروز شخصيات أمثال نابليون واللورد كرومر وبلفور ولورنس العرب ، الذين أشرفوا على غزو الشرق ، فكتــــــب صادق العظم (( هل يعنى هذا أنه لو قام تراث الاستشراق الثقافى الأكاديمى فى الغرب ، ببناء إطار أبستمولوجى أكثر دقة وانطباقًا على الشرق وتعاطفًا معه ، لسلكت الدول الأوروبية المعنية سلوكًــــا مغايرًا أكثررحمة ورفقًا بالشرق وبمصير تاريخه الحديث ؟ )) (ص26، 27)
وذكر صادق العظم أنّ كتاب إدوارد سعيد لايخلومن مواقف مناهضة للعلم وللتفكير العلمى ، وتتجلـــى هذه المواقف فى هجومه على الاستشراق الثقافى الأكاديمى وتنديده به لأنه قام بتصنيف الشرق وتبويبه وجدولته وتدوينه وفهرسته إلخ وكأنّ هذه العمليات التى لايستقيم بدونها أى تفكير منظم ، شريرة بحد ذاتها ، ورغم ذلك نجد أنّ إدوارد يؤكد من ناحية ثانية ، بأنه يستحيل على أى مجتمع ، أنْ يفهم شيئًا هامًا عن مجتمع آخر غريب عنه دون اللجوء إلى التصنيف والتبويب إلخ (ص28)
يلاحظ صادق العظم على كتاب إدوارد (1) القسوة التى تناول بها محاولات ماركس النظرية لفهم المجتمعات الآسوية والشرقية عمومًا (2) الرفق واللين اللذان أبداهما عند تناوله معالجة كل من المستشرقيْن هارولد جيب وماكدونالد للإسلام (3) التعاطف الكبير والمديح الشديد اللذان عبّر عنهما عند تناوله للتأويلات الروحانية / الصوفية للإسلام ومجتمعه وثقافته التى اشتهر بها لويس ماسينـــون ومدرسته فى الاستشراق . ويرى إدوارد سعيد أنّ ماسينون درس الإسلام والشرق بإنسانية لامتناهية وحنو عميق وتعاطف قوى مكّنه من تحقيق فهم داخلى للقوى الحية التى تعطى الثقافات الشرقية طابعها الخاص . يندهش صادق العظم من إعجاب إدوارد بماسينون ، وأنّ هذا الإعجاب مبعثه التأكيد الجديد (( للتصور الاستشراقى الكلاسيكى عن الإسلام والشرق ، بعد قيام ماسينون بشخصنته وتجميله وتصعيده روحيًا وميتافيزيقيا بطريقة لاتختلف فى جوهرها عن طريقة الاستشراق التقليدى الذى كان دومًا – على حد قول إدوارد نفسه – يمجد الشرق وروحانيته وبداءته )) يمتدح إدوارد ماسينون رغم أنّ الأخير لم يتخل يومًا عن العقيدة الاستشراقية التى يهاجمها إدوارد أعنف هجوم ، القائلة أنّ العالم ينشطر إلى شطريْن غير متكافئيْن ، يتصف كل منهما بطبيعة جوهرية خاصة به . ويعترف أدوارد أنّ ماسينون كان يعتقد بأنّ الشرق يتوافق مع عالم أهل الكهف والأدعية الإبراهيمـــية . وأنّ الفرق بين الشرق والغرب بالنسبة إليه هو فى جوهره الفرق بين الحداثة والتقليد القديم . وأنّ الشرق الإسلامى دومًا روحانى ، سامى ، قبلى ، غير آرى . وأنّ مشورة ماسينون كانت مطلوبة على نطاق واسع كخبير فى الشئون الإسلامية ، من جانب الحكومات الاستعمارية . وأنه كان يطالب بلده فرنسا بمساعدة المسلمين فى الدفاع عن ثقافتهم التقليدية وعن القاعدة التى مارسوا الحكم على أساسها وعن الإرث الذى وصل إليهم من أسلافهم . فإذا كان هذا هو موقف ماسينون وصلاته الاستعمارية ، فلماذا كان إعجاب إدوارد به ؟ ( من ص 33- 40)
شنّ إدوارد سعيد هجومًا حادًا على فكر ماركس ، خاصة فكرة ( النظام الاقتصادى الآسيوى ) الذى شكّل القاعدة التحتية لنوع معين من السلطة عرف باسم ( الاستبداد الشرقى ) وهذا الهجوم غير موضوعى ، لأنّ ماركس أصيب بصدمة كبيرة نتيجة مشاهدته للتدمير الذى تعرّض له النظام الاجتماعى الهندى بسبب الحكم الإنجليزى ، فطرح ماركس وجهة نظره القائلة بأنّ بريطانيا تمهد الطريق أمام قيادة ثورة اجتماعية حقيقية فى الهند ، لأنّ بريطانيا تلعب فى هذا المجال دور أداة التاريخ اللاواعية فى دفع الهند بإتجاه مثل هذه الثورة . أى أنها تقوم بدور مزدوج ، يدمر آسيا ويحييها فى وقت واحد . وأنّ ماقاله ماركس عن دور بريطانيا فى الهند ، طرحه فى البيان الشيوعى عن دور البورجوازية الأوروبية الحديثة ودورها المزدوج : أى دور الأداة التاريخية التى تدمر أوروبا الاقطاعية الماضية وتصنع أوروبا الليبرالية الحاضرة . وأضاف صادق العظم (( إنّ أطروحة ماركس (بغض النظرعما إذا كنا نوافق عليها أولا نوافق) القائلة بأنّ الحكم الإنجليزى فى الهند كان يقوم بدورالأداة التاريخية غيرالواعية فى التمهيد لثورة اجتماعية عن طريق تدميرالهند القديمة وإرساء الأسس التى ستقوم عليها الهند الجديدة ، لاعلاقة لها بالاستشراق من قريب أومن بعـيد . وأعتقد أنّ الصورة التى رسمها إدوارد سعيد لوجهات نظرماركس حول الشرق ولمحاولاته تفسيرالصيرورات التاريخية المعقدة التى أخذتْ مجتمعاته وثقافاته تخضع لها ، لاتُشكل أكثرمن رسم كاريكاتورى)) (من ص 42- 44)
كتب أدونيس مقالا فى مجلة ( مواقف ) قال فيه أنّ صادق العظم إتهم إدوارد بأنه عميل للمخابرات الأمريكية وللسياسة الأمريكية إجمالا . وهى تهمة وجّهها إدوارد إلى صادق فى رسالة شخصية مليئة بالشتائم . فنّد صادق التهمة ، ويرى أنّ غضب إدوارد سببه الفقرة التى نقلها صادق عن إدوارد والتى قال فيها (( يُشكّل العالم العربى اليوم تابعًا فكريًا وسياسيًا وثقافيًا للولايات المتحدة . لاتبعث هذه العلاقة على الأسى بحد ذاتها . لكن الشكل المحدد الذى تتخذه علاقة التبعية هذه هو الذى يبعث على الأسى )) وكان تحليل صادق العظم على هذه الفقرة (( التعبير عن الدهشة لإنصباب اعتراض إدوارد وأساه ليس على تبعية العالم العربى للولايات المتحدة الأمريكية ، بل على الشكل المحدد الذى تتجلى فيه هذه التبعية والأسلوب السيىء الذى تُمارس به ( من جانب المتبوع وليس التابع ) وأنّ هذه الدهشة تزداد خاصة أنّ إدوارد سعيد اشتهر بعد 1967 بكونه مفكرًا تقدميًا يساريًا ومعاديًا للامبريالية . أما نص كلام إدوارد فهو يؤدى إلى الإسهام فى تحسين شروط علاقة التبعية والتخلص من جوانبها السيئة ( بما يخدم الجانب التابع ) وليس الدعوة للتخلص منها كليًا وتحطيمها نهائيًا . كما أنّ إدوارد حذّر الخبراء من صانعى السياسة الأمريكية ، بأنهم مالم ينظروا نظرة واقعية جديدة إلى العالم العربى ، فإنّ المصالح الأمريكية تبقى مستندة إلى أسس من الرمال المتحركة . وبناءً على هذا فإنّ إدوارد سعيد حريص على سلامة الاستثمارات أو التوظيفات الأمريكية الهائلة فى الشرق الأوسط . ونسى إدوارد أو تناسى أنه لو قام هؤلاء الخبراء وأسيادهم بإتباع نصيحته ، سيجد الشرق عندئذ فى الامبريالية الأمريكية عدوًا أعظم هولا مما يجد الآن . كما أنّ إدوارد لايخفى عضويته فى مجلس العلاقات الخارجية . أى الهيئة المسئولة عن إصدار مجلة فورين أفيرز المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية . وأنّ ونستون لورد رئيس مجلس إدارة العلاقات الخارجية ، هو فى نفس الوقت عضو مجلس الأمن الأمريكى ، المسئول عن الشئون العسكرية والسياسية والاقتصادية فى وزارة الخارجية الأمريكية ومدير هيئة التخطيط فى الوزارة نفسها . ويختتم صادق العظم هذا الجزء قائلا (( لذلك لا أعتقد أنى تجنيتُ على إدوارد عندما أخذت عليه إرتداده إلى موقع المستشرقين الذين انتقدهم بسبب صلاتهم المعروفة بحكومات دولهم الاستعمارية)) (من ص47- 49، من 87- 97)
إنّ كتاب صادق العظم جدير بالقراءة ، بمنهجه العلمى ، ومعلوماته الغزيرة الموثقة ، وكتـــــب (( تعمل المصالح الحيوية للطرف المتقدم ، ليس على منع الطرف المتخلف من اكتساب تجاوز التخلف فحسب ، بل على إعادة إنتاج تخلفه )) بخلاف قصائد المديح التى سطّرها المريدون لإدوارد سعيد من ماركسيين وناصريين وإسلاميين ، وافتقدوا أبسط قواعد البحث العلمى . وفى دفاعه عن سلمان رشدى ، والهجوم عليه بلا شفقة ، كتب أنّ وراءه ((ذلك التحالف الوثيق المدعوم بقوة ، أمريكيًا وغربيًا ، وبين التعصب الدينى الإسلامى الارتدادى ، وبين الديكتاتورية العسكرية السافرة فى بلد مثل الباكستان)) (ص 328)
******

E mail : [email protected]



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العروبى والإسلامى : إيران نموذجًا
- توأم الروح - قصة قصيرة
- المرأة المصرية والعربية بعد الثورات
- قارئة ودع - قصة قصيرة
- موسيقى من السماء - قصة للأطفال
- عادل لا يقول الحقيقة - قصة للأطفال
- الأحادية المصدرالرئيسى للتعصب
- الغموض الفنى فى مذاق الدهشة
- سمير عبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر
- أمونه تخاوى الجان وتوظيف التراث
- عبد العزيز جمال الدين واللغة المصرية
- لقاء البهجة والتوتر - قصة قصيرة
- عادل مطلوب للشهادة - قصة للأطفال
- ثنائية الكمان والبيانو: قصة قصيرة
- الحرية أو الموت : شعار الأحرار
- روح الفراشة - قصة قصيرة
- محمد على بين التأريخ العلمى والأيديولوجيا السياسية
- تلك المرأة - قصة قصيرة
- رحم الحياة - قصة قصيرة
- امرأة البرد والظلام - قصة قصيرة


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ميتافيزيقا الاستشراق