أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - برنامج - أكو فد واحد - بين الأسفاف والاعتداء على حقوق الأقليات















المزيد.....

برنامج - أكو فد واحد - بين الأسفاف والاعتداء على حقوق الأقليات


زينب سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 22:00
المحور: الادب والفن
    


لم تكن مصادفة أن يحوز برنامج "أكو فد واحد" الذي تعرضه قناة السومرية العراقية كل يوم أحد على شعبية كبيرة. إذ تشير الدراسات المجتمعية وعلاقتها بالنتاج الثقافي الى أن كل نتاج ثقافي، موسيقياً أو مسرحياً أو تشكيلياً أو درامياً أو إعلامياً كان، هو إنعكاس للمستوى الثقافي للمجتمع. ولا يخفى على قارئ هذا المقال أن المجتمع العراقي قد عانى من تغييرات سلبية أسبابها واضحة ومعروفة لا مجال للخوض فيها هنا، إذ أن الخوض فيها يقودنا الى شرح تعقيدات قد تحتاج الى تأليف كتب وليس كتابة مقال الغضب وحده هو من دفع كاتبته الى خط حروفه. قضيت الثلاث سنوات الأخيرة من حياتي في دراسة الإعلام في معاهد إيرلندا- دبلن وكلياتها، واستخلصت من بعض أبحاثي المتعلقة بالإعلام وعلاقته بحقوق الإنسان، أن واحداً من أهم أدوار المؤسسات الإعلامية هو تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان واحترام الآخر، خصوصاً في المجتمعات الناجية من الكوارث أو الحروب، والتي يتغيير فيها الوعي المجتمعي بشكل سلبي بسبب هذه الكوراث. إذ أن الفرد وهو اللبنة الأساسية لبناء المجتمع قد أُستهدف وشوهت معالم شخصيته خلال عملية نجاته. وهنا يأتي دور المؤسسة الإعلامية بسبب انتشارها الواسع لتقوم بترميم ما خلفته تلك الكوارث من خلال تقديم رسالة إعلامية تحترم من توجه إليه.
كانت الأربعون سنة الماضية من تأريخ العراق قاسية على كل أفراد الشعب العراقي لكنها كانت الأقسى على ذوي الحاجات الخاصة والنساء والشيوخ، إذ أن الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع هي الفئات التي تكون ضحية للكوارث التي يمر بها البلد. وحتى قبل أن يبتلي العراق بتسلط دكتاتورية عاتية مثل دكاتورية النظام السابق وما خلفه هذا النظام من دمار وحروب وكوارث اقتصادية، لم يكن وضع تلك الفئات بحالٍ أفضل إذ قابل المجتمع هؤلاء بالتهميش والأقصاء وعاملهم كأنهم غير موجودين. فأذا كان للعائلة طفل أو طفلة من ذوي الحاجات الخاصة عملوا على أخفائهم، مرة بدافع الحماية ومرة بدافع الخجل من مواجهة المجتمع بأن لهم أبن أو أبنة من ذوي الحاجات خاصة -ولم ينجوا من هذا التصرف الأ القلة القليلة- وفي كلا الحالتين ساهمت العائلة بشكل أو بأخر بمساعدة المجتمع على رفض وإقصاء كل من كان مختلفاً بسبب الجنس أو العمر أو القدرة العقلية أو الجسمانية المحدودة. لم أقصد أن يكون هذا المقال بحثاً في الأسباب التي أدت الى ظلم الأقليات في المجتمع العراقي لكني أردت أن أبين أن هذه الأقليات وبدون وجود برنامج مثل برنامج "أكو فد واحد" قد عانت ظلماً لن يستطيع أي إنسان تحمله فما بالك إذ كان هذا الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة أو شيخاً أو إمرأة.
عرضت قناة السومرية في يوم الأحد المصادف 12 من آذار حلقة من حلقات برنامج "أكو فد واحد" الذي يصفه مقدميه بأنه برنامج العائلة العراقية، ولسوء حظي صدفَ أني كنت أحد مشاهديه في ذلك اليوم، وبعد أن أجريت بحث بسيط عن مدى شعبية هذا البرنامج وجدت أن يتمتع بشعبية لا بأس بها. ومن أجل الموضوعية التي ابتغيتها في كتابة هذا المقال شاهدت بعض المقاطع لحلقات مختلفة منشورة على موقع يو تيوب. سوف لن أخوض بما دار في البرنامج لأنه من الانحطاط الذي وصل حد الأسفاف والاستهتار بمشاعر الأخرين وأذواقهم، جعله غير صالح للذكر، لذا لن أذكره احتراماً مني لقارئي المقال وناشريه، لكني سأضيء بعض النقاط التي ترتبط بموضوع المقال وهي انتهاك حقوق الأقليات. لم تخلو أي المقاطع التي شاهدتها من طرف (نكت) تنتقص من الأخرين، فلم اجد أي طرفة ألا وكان موضوعها السخرية من الأقليات من ذوي الحاجات الخاصة (أصحاب القدرات الجسمانية المحدودة، أصحاب عيوب النطق، أنصاف المجانين أو المجانين، المنغوليين، فاقدي البصر في كلا العينين او إحداهما)، والنساء والشيوخ . وليس ما استوقفني وأغضبني موضوع الطرفة فحسب بل طريقة سردها وصفاقة ساردها وإمعانه بإهانة مشاهديه، لم يفكروا أن من بين مشاهديهم مَنْ قد يكون لديه ابن او ابنة منغولي أو ضرير، أو من أصحاب عيوب النطق أو حتى من أصحاب القدرات الجسمانية المحدودة على سبيل المثال. لن أتصور أن مَن لديه أي أبن أو أبنه يملكون تلك الحاجات الخاصة قادرون على احتواء آلام أبناءهم حين يواجه أحدهم السخرية او الانتقاص من أحدهم بسبب شعبية هذا البرنامج. ذكرني موضوع هذا المقال وأنا اكتبه بإعلان توعوي تلفزيوني أطلقه التلفزيون العراقي في أواسط الثمانينات كان هدفه توعية الناس بتلقيح أبنائهم ضد شلل الأطفال وقد عرض هذا الإعلان الأطفال المصابين بشلل الأطفال وصاحب هذه الصور أغنية لوم للعائلة على لسان هؤلاء الأطفال كانت الأغنية سهلة التذكر تحتوي على كلمة (لماذا)، لكن هذا الإعلان وعلى الرغم من غايته النبيلة حيث أقدمت كل العوائل بسببه على تلقيح أبناؤها ضد شلل الأطفال والحد من انتشار هذا المرض، ألا أني لازلت أذكر الى الآن الإحراج الذي سببه لكل المصابين بشلل الأطفال فمنهم من امتنع لسنوات من الخروج من البيت ومنهم من ترك المدرسة لأنهم لم يستطيعوا أن يتعاملوا مع سخرية المجتمع منهم بسبب هذا الإعلان فقد أصبح لقب كل المصابين بشلل الأطفال (لماذا)، ولم يوقف التلفزيون العراقي بث هذا الإعلان ألا بعد الحادث الذي أصيب به عدي صدام حسين في بداية التسعينيات، حيث منع الإعلان من البث بقرار من جهات الدولة العليا، وذلك بسبب أن عدي أصبح من فئة (لماذا) . لا أعرف من يمكن أن ينتظر ذوي الحاجات الخاصة أن يصاب من مقدمي البرنامج أو معديه أو القائمين عليه حتى يصدر أمر بإيقاف هذا البرنامج.
نفس الكلام أعلاه ينطبق على النساء والشيوخ حيث لم يحترم معدي ومقدمي البرنامج هؤلاء الناس فلم تخلو طرفهم من كلمات نابية تنتقص من إنسانية شيوخ وعجائز ونساء، ونسى أو تناسى القائمون على هذا البرنامج أن شيوخنا وعجائزنا ونساءنا هم الأولى بتوعية الناس تجاه رعايتهم. لازلت وأنا الباحثة في الشأن الإعلامي منذ سنوات كيف يتم إعداد برنامج للعائلة يكون بهذا المستوى المتدني، لا يحترم فيه مُستقبِل الرسالة الإعلامية أياً كان جنسه و عمره وقدرته الجسمانية. برامج الترفيه الخاصة بالعائلة في بلدان العالم المتقدم تخضع لدراسات نفسية ويقضي معديها أشهر قبل أطلاقها فحصها وفحص رسائلها الآنية والمستقبلية. فلأي شيء استند معدي هذا البرنامج في إعدادهم لهذا البرنامج؟ إذ كانت غايتهم تقليد البرامج اللبنانية الإباحية فيجب أن يتنبه معدي هذه البرنامج أن لعرض هذه البرامج أوقات معينة ليست أوقات ذروة مشاهدة العائلة. أما إذ كانت غايتهم زرع البسمة على شفاه العراقيين كما يدعون، فلا تباركت بسمة تزرع خنجر ألم في صدر ولدي أو أبنتي أو أختي أو جدي أو جدتي .



#زينب_سلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجم ضال
- شهيق القنابل
- حب مع سبق الاصرار
- يوميات من بلادي/ رحلة نحو الشمس
- لحظة الموت حباً
- يوم للنسيان
- ذكرى مقاتل نسى رأسه في خوذته
- اغتراب
- ومضة
- لقاء أخير
- حزن الغياب
- قلبي والمطر
- عرس الانتظار الاخير/- تداعيات الانتظار الازلي للحظة فرح مؤجل ...
- فجر جديد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - برنامج - أكو فد واحد - بين الأسفاف والاعتداء على حقوق الأقليات