أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - شهداء وجرحى ودماء: قالوا كل شيء ولم يقولوا المفيد















المزيد.....


شهداء وجرحى ودماء: قالوا كل شيء ولم يقولوا المفيد


محمد ضياء عيسى العقابي

الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس بالأمر المستغرب جداً حصول الهجمات الإرهابية بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة ليسقط على أثرها (45) شهيداً وأكثر من (220) جريحاً؛ ولتطال محافظات بغداد (في 19 موقعاً)، وبابل (التي حذر رئيس الوزراء عن تمركز القاعدة في جرف الصخر شمال بابل قبل يوم من الإنفجارات)، وديالى (في 9 مواقع)، وصلاح الدين (في 5 مواقع)، وكركوك (في موقعين)، والموصل والرمادي.
ما من أحد إدعى الهزيمة الكاملة للإرهاب ولكن هناك من إدعى، وهو على حق، بأن الإرهاب قد قُصم ظهره.
أقول ليس مستغرباً حصول الهجمات لأنها يمكن أن تحصل في أي بلد إذا توفرت ما يتوفر في العراق من تفرد في الدناءة والفكر المتخلف والجشع الطغموي(1) الطائفي(2) المتعلق بالسلطة المفقودة وكلها عوامل حالت دون إكتمال الطوق حول الإرهاب ومصادره وممارسيه. فالمتفجرات ووسائل التفخيخ موجودة في كل الدنيا ولكن العوامل المذكورة غير متوفرة.
بغياب تلك العوامل، تنتشر ثقافة الحرص على الأخوّة الوطنية ومصلحة الوطن خاصة في ظل نظام يسعى بجد إلى أن يكون ديمقراطياً حقيقياً مكتملاً وسط محاولات من كل الأطراف المعارضة الداخلية والخارجية الرامية إلى إستفزاز حكومة التحالفين الوطني والكردستاني لدفعها نحو الكتاتورية لأنه طريق سقوط الحكومة (وهو الهدف) وسقوط العراق (وهو المنسي وسط هستيريا المصالح الضيقة والأفكار المسبقة) .
وهنا يلعب الوطنيون والديمقراطيون الحقيقيون أدوارهم في إقناع الجماهير وحثهم على التعاون مع الدولة في سبيل القضاء على الإرهاب.
غير أن خروج البعض عن رواق الوطنية(3) والديمقراطية جعل الأمر ليس بالهيِّن.
فلقد لفتت إنتباهي مواقف إئتلاف العراقية وبعض قادته والمتحدثين بإسمه، أتناولها أدناه:
أولاً - إئتلاف العراقية أصدر بياناً حمّل فيه، وكالعادة، الأجهزة الأمنية المسؤوليةَ ناسياً، هذه المرة، تذكّرَ وجود نائب لرئيس الجمهورية مرشح من قبلهم متهم بالوقوف وراء أكثر من (150) جريمة إرهابية سمعها قادة الإئتلاف من الجنرال بتريوس قبل أن يسمعها الشعب من القاضي عبد الستار البيرقدار، المتحدث الرسمي بإسم مجلس القضاء الأعلى في العراق.
ثانياً - لم يخجل رئيس الإئتلاف السيد أياد علاوي من أفعال الهاشمي، الأشد خزياً وعاراً، بل أعلن عزمه، عبر راديو سوا بتأريخ 24/2/2012، على طرحها، بجانب أمور أخرى (كقضية المتحلل من الأخلاق العامة السيد صالح المطلك)، على مؤتمر القمة العربي الذي حثه السيد أياد، غمزاً، على التريث في الإنعقاد بسبب التفجيرات، وإلغاء القمة هو بيت القصيد كما يُشم من مجمل تصريحاته. كل ما أرجوه من السيد أياد أن يذكَر مؤتمر القمة بضرورة عدم التهاون في قضية الهاشمي وإلا فالهاشمي قد يمد مساحة التغطية للفتوى التي أطلقها بإعلان الجهاد في سبيله كفرض عين، وقد أُعذر من أَنذر.
مشاريع الدكتور أياد لصالح الديمقراطية العراقية عديدة. في عام 2007 قدم مشروعاً لوزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك الدكتورة كونداليزا رايس أوضح فحواه حليفه السيد أسامة النجيفي قائلاً إنه تضمن إلغاء الدستور والعملية السياسية.
ثالثاً - لم يكتفِ ذلك الإئتلاف ببيانه، فأدلت المتحدثة الرسمية بإسمه السيدة ميسون الدملوجي بتصريح دعت فيه الحكومة العراقية إلى تقديم إستقالتها ليتسنى لمجلس النواب تشكيل حكومة قادرة على توفير الأمن للمواطنين.
الكلام جميل غير أنه سيضع مجلس النواب في حيرة عمن يختار لقيادة الأجهزة الأمنية فهناك "كفاءات" عديدة يصعب إختيار واحدة دون أخرى. آتي ببعض منها فقط:
- السيد طارق الهاشمي الذي أمسى ناراً على علم في كفاءته وإخلاصه (المتهم بريء حتى تثبت إدانته!!). تقرير مراسل صحيفة (البيسو) الإسبانية في واشنطن عام 2007 أشار إلى أن السيد الهاشمي إستجدى من الرئيس بوش تسليم الطغمويين المراكز الرئيسية في العراق مقابل تلبية وخدمة جميع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة (أشار إلى إسرائيل برمز "قضية الشرق الأوسط" التي تريد الحكومات السنية حلها وتعارض ذلك إيران التي تهدد مضيق هرمز أيضاً على حد قول الهاشمي حسبما ورد في الصحيفة). غير أن الرئيس بوش وبخه وطلب إليه نسيان البعث والعشائرية مع وجوب تمتع الناس كالشيعة بحقوقهم السياسية.
- القيادي المستجد في إئتلاف العراقية السيد جواد البولاني وزير الداخلية السابق الذي صدر أمر إلقاء قبض عليه وعلى أخيه أياد وخاله وفق المادة 4 إرهاب (المتهم بريء حتى تثبت إدانته!!)،
- وزير سابق تحدث عنه النائب السيد جواد البزوني وقال إنه على وشك الهرب خارج العراق على خلفية فساد في صفقة الطائرات المشتراة من أوكرانيا (هذه ليست صفقة طائرات السيد حازم الشعلان وزير الدفاع في وزارة الدكتور أياد علاوي)،
- الدكتور السيد صالح المطلك: عندما يختلف السيد صالح مع رئيس الوزراء لا يستقيل كما يفعل كل إنسان سويّ في هذه الدنيا، بل يذهب للفضائيات الدولية ليشتم رئيسه ويتوقع أن يعود في اليوم التالي ليجلس في مجلس الوزراء إلى جوار الرئيس الذي إشمأز من رائحته النتنة فتوسل بالرلمان أن بنجيه منها. لم يستقل الدكتور صالح لأنه يمتلك السمات القيادية التالية:
" بتأريخ 13/9/2007 وفي مقابلة له مع صحيفة الخليج الإماراتية ، قال الرئيس جلال طالباني للصحفي السيد حسني محلي بأن صالح المطلك كان يعمل مع المخابرات العراقية في عهد صدام."
"نقلت فضائية الحرة عن صحيفة اللوس أنجس تايمز بتأريخ 15/1/2010 قولها التالي عن السيد صالح المطلك: "أشركه الأمريكيون في العملية السياسية لأنهم رأوا فيه جسراً إلى التمرد". ثم قالت: "صحيح إن صالح لا يتمتع بشعبية كبيرة"".
- السيدة ميسون الدملوجي: دعونا نقرأ شيئاً عن بطولاتها النضالية ضد الإرهاب:
بتأريخ 25/2/2009 نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية تقريراً بعنوان: "إعادة طائرة نقل الدايني وأربعة نواب إلى مطار بغداد" جاء فيه نصاً ما يلي: "بغداد/ اصوات العراق: قال النائب عن جبهة التوافق العراقية احمد راضي إن طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية تقل خمسة نواب بينهم النائب محمد الدايني كانت متوجهة الى العاصمة الاردنية عمان، أعيدت الى مطار بغداد بعد نحو عشرين دقيقة من انطلاقها اليوم الاربعاء.
وأضاف راضي في اتصال هاتفي مع وكالة (اصوات العراق) أن “الدايني تم تأشير جوازه في المطار، غير ان طاقم الطائرة أبلغ بالعودة بعد نحو عشرين دقيقة من انطلاقها في طريقها الى عمان، ونحن جميعا الآن في مطار بغداد”.
وأوضح ان “من بين النواب النائبة ميسون الدملوجي عن القائمة العراقية وعلي الصجري مستقل واسعد العيساوي عن قائمة التوافق”.
وعلل سبب مرافقته هو والنواب الثلاثة الاخرين للدايني قائلا “علينا الوقوف مع زميلنا الدايني في محنته”.
وفي (12/4/2007) هز انفجار نفذه انتحاري بحزام ناسف كافتيريا داخل مجلس النواب العراقي ما أدى الى مقتل ثلاثة بينهم نائبان أحدهما من جبهة الحوار محمد عوض بالإضافة إلى إصابة 20 آخرين بجروح بينهم عدد من الصحفيين والعاملين في المبنى.
وكان الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا قال على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الأحد إن ابن شقيقة النائب محمد الدايني المدعو رياض الدايني اعترف “بمسؤولية” النائب الدايني عن التفجير الذي حدث في مبنى البرلمان".
- وأخيراً هناك رعيل من ذوي الكفاءات خرجوا من العراق للراحة والإستجمام بعد عناء طويل في خدمة الوطن ودون مقابل وهم على سبيل المثال وليس الحصر: حازم الشعلان ولؤي العرس وأيهم السامرائي ومشعان الجبوري وعبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني وسعد البزاز.
رابعاُ - فسَّر السيد النجيفي، رئيس مجلس النواب، التفجيرات بأنها مصدَّرة من جهات أجنبية لديها أزمة تريد تصديرها للعراق، وأعتقد أنه يقصد سوريا.
(بالمناسبة وقبل الدخول في موضوعنا أذكِّر ما يلي: عندما توفرت أدلة لدى الحكومة العراقية بتورط بعثيين طغمويين عراقيين في سوريا بتفجيرات يوم الأربعاء الدامي عام 2009 وقدمت، الحكومة، شكوى لدى الأمم المتحدة، راح إئتلاف العراقية يدافع عن الحكومة السورية بحرارة. اليوم ولأسباب لا يمكنني أن أصفها إلا بالتبعية للسعودية وتركيا، نرى السيد أسامة يتهم سوريا بتصدير الإرهاب، علماً أن تلك الحكومة ليست لديها القابلية على فعل ذلك حتى لو توفرت لديها الرغبة التكتيكية. هناك سببان للإتهام: (1) لإبعاد الشبهة عن الإرهابيين المحليين، (2) لأن الحكومة العراقية تحذر من عواقب سيطرة المتطرفين الإرهابيين من الإسلاميين على الأوضاع في سوريا؛ حيث قد تبدأ معركة "الكوفة" التي وَعَدَنا بها الشيخ عدنان عرعور الوهابي سوري الأصل القاطن في السعودية وربما على إتصال بالشيخ حارث الضاري.)
كلام السيد النجيفي، ومفاده أن إرهاب يوم 23/2/2012 قادم من الخارج، يتضمن خطاباً قديماً أخذ بَه، في حينه، الديمقراطيون العراقيون، رسميين ولارسميين، دينيين وعلمانيين، لهدف تكتيكي يرمي إلى خلق قناعة بأن هذه الأفعال الإجرامية مصدرُها خارجي؛ إذ قدروا لو أنهم قالوا الحقيقة، التي أثبتتها تقارير إستخبارات الجيش الأمريكي (التي قالت إن الأجانب ساهموا بنسبة 2% من الإرهاب) في العراق، وأثبتها واقع الأحكام الصادرة بحق الإرهابيين المجرمين بضمنها أحكام الإعدام التي نُفذت منذ 2003 حتى يومنا هذا، - لو قالوا الحقيقة أي أن عراقيين هم الذين يمارسون الإرهاب، لقفز إلى ذهن الجمهور مباشرة تصوّرٌ مفاده أن الإرهابيين هم السنة العرب العراقيين، مثلما يروج لهذه الفكرة الأمريكيون والأوربيون ليس عن غير قصد. كان من المحتمل جداً أن ينشأ هكذا تصور بسبب الشحن الطغموي بهذا الإتجاه وإخفاق كل الفصائل الديمقراطية في تشخيص حالة الحكم العراقي السابقة والإجابة على السؤال المحوري: "مَنْ حكم العراق؟"، ذلك السؤال الذي أجبتُ عليه ب"نظم الحكم الطغموية" الموضحة في الهامش رقم (1) أدناه.
لهذا لجأوا إلى نظرية الإرهاب المصدر إلينا وذلك للحفاظ على الوحدة الوطنية وعزل الطغمويين والتكفيريين عن الجماهير العربية السنية وهي في غالبيتها ديمقراطية.
غير أن الأيام وأحداثها وتجلياتها على الصعد المختلفة أظهرت الحقيقة لمعظم الجماهير وكشفت هوية المتورطين في أعمال التخريب السياسي الطغموي والعنف الإرهابي ومن يتستر عليهما ويعاونهما.
أعتقد أن عودة السيد النجيفي إلى هذه الإسطوانة التي أكل عليها الدهر وشرب، كانت بدافع إبعاد الشبهة عن الإرهاب المحلي المزدوج التكفيري والطغموي المتحالفين. وهنا يريد السيد النجيفي تحقيق ثلاثة أهداف: أولاٍ: عدم منح المصداقية لحملة الإعتقالات التي أجرتها الحكومة وطالت ما يقرب من ألف منتم جديد لحزب العودة، وهو الإسم الجديد لحزب البعث الذي أصبح إسماً قذراً مكروهاً منبوذاً، وكانوا يخططون لفتنة دموية حسبما بينت أجهزة التحقيق الأمنية. ثانياً: وهذا هو الأهم؛ إذ تهرّب السيد النجيفي والآخرون في إئتلاف العراقية من القيام بواجبهم وهو حث جماهيرهم على التعاون مع الحكومة لمواجهة الإرهاب. إنهم لا يريدون هكذا تعاوناً لأسباب ما باتت خافية على أحد. ثالثاً: التعتيم على رأي لجنة الأمن والدفاع البرلمانية التي عزت الإختراقات الأمنية إلى تغلغل أعداء للعملية السياسية الأجهزةَ الأمنية والعسكرية وخاصة الإستخباراتية في كلا الصنفين ودعت إلى تطهيرها.
في وسط التفجيرات التي بلغت (19) تفجيراً في بغداد وحدها وقف السيد حيدر الملا، المتحدث الإضافي بإسم إئتلاف العراقية، يؤكد طلب الإئتلاف بنقل محاكمة السيد طارق الهاشمي إلى كركوك.
المشهد يوحي وكأن السيد الملا يعرض على الحكومة مطلباً شعبياً بتكريم شخص ضحى في سبيل شعبه ودرء عنه الأخطار وليس شخصاً أمعن في قتل شعبه وتفنن في إطالة أمد عذابه. فلماذا فعل ذلك السيد حيدر الملا؟
لدي قناعة بأن السيد الملا، وهو يتحدث بإسم إئتلاف العراقية، أراد توجيه تهديد مبطن إلى الحكومة المنتخبة وكل الديمقراطيين، إسلاميين وعلمانيين، بأن العراق سيشهد مزيداً من هذه الأيام الدامية إذا لم تُنقل محاكمة الهاشمي إلى كركوك ليليه تهديد آخر لمحكمة كركوك إذا لم يعلنوا الهاشمي بريئاً ويتبعه تهديد آخر لحكومة بغداد بوجوب تسليم "السلطة المفقودة لأهلها".
خلاصةً: قال قادة إئتلاف العراقية كل شيء ولم يقولوا المفيد. كان عليهم أن يتحسسوا وطنيتهم ويحتروا قَسَمَهم بخدمة الشعب والوطن ويحثوا أتباعهم على التعاون مع الحكومة لقطع دابر الإرهاب.
قبل أن أنهي الموضوع لابد لي من التعريج على مقال كتبه نائب رئيس تحرير صحيفة المدى السيد عدنان حسين(4) بعنوان: "شناشيل: من فجر العراق يوم الخميس؟". كان ملخصه ما يلي:
أولاً: " من الصعب جداً أن نتقبل إعلانات المراجع الأمنية والسياسية (الحاكمة) بأن الذي حدث يوم الخميس يقف خلفه تنظيم القاعدة أو فلول النظام السابق. فهذه المراجع هي من أعلن وكرر الإعلان الأسابيع الأخيرة بأن تنظيم القاعدة انهزم شرّ هزيمة " .
للعلم فإن فضائية الحرة قد نقلت بأن دولة العراق الإسلامية أعلنت مسؤوليتها. نعم إنهزم تنظيم القاعدة شر هزيمة ولم يقل أحد إنه إنتهى بل قيل إنه قد قُصم ظهره. كيف ينتهي الإرهاب وحلفاؤه موجودون في العملية السياسية؟
ثانياً: " ....... مسؤولوها المنصرفون الى صراعاتهم والمشغولون بمؤامراتهم من أجل المال والسلطة والنفوذ"
هذا كلام يُراد منه التغطية على المذنب الذي يسعى لإسترجاع سلطته بأية وسيلة كانت حتى بالتآمر مع السعودية وتركيا وذلك بخلط الحابل بالنابل لهدف يصب في خدمة المخطط السعودي الرامي إلى تأجيج حرب طائفية في المنطقة لإبعاد إستحقاق الديمقراطية وحقوق الإنسان عن السعودية التي خدم في صحيفتها "الشرق الأوسط" السيد عدنان حسين قبل 2003 وكان منشغلاً بشتم المعارضة العراقية آنذاك، وأصبح الآن نائب رئيس تحرير صحيفة المدى؛ إذ يبدو أن صفقة تبادل مصالح على نطاق المنطقة قد أملت هذا الترتيب.
ثالثاً: " هل تنظيم القاعدة وفلول نظام صدام أقوى من دولتنا ؟ أم أن ما حدث يوم الخميس وسواه من الأيام دبرته أو تواطأت فيه جهة أو جهات في دولتنا في إطار الصراع الوحشي بين القوى التي تتألف منها النخبة الحاكمة من أجل المال والسلطة والنفوذ؟
نعم، هي أسئلة تشير بالاتهام إلى النخبة الحاكمة بكل قواها إلى أن تثبت بالأدلة القاطعة أنها بريئة."
هذا كلام سعودي يمهد لما بشَّرنا به الشيخ الوهابي السلفي عدنان عرعور سوري الجنسية القاطن في السعودية (قرب الشيخ حارث الضاري) والذي توقع أن تبدأ "معركة الكوفة" بعد أن يتم تحرير سوريا؛ ويُقال إن ملف العراق قد تولاه الملك عبد الله بن عبد العزيز بنفسه ورصد له مبلغ 250 مليار دولار!!! ألم أقل إن تعيين السيد عدنان حسين نائباً لرئيس تحرير صحيفة المدى ووجود الهاشمي في كردستان ووقاحة أردوغان والمفاعل النووي الإيراني والقضية السورية وأطماع شركات النفط وإئتلاف العراقية ودولة العراق الإسلامية وغيرها وغيرها كلها أمور متشابكة لكن ما تنتجه من شر للعراق وديمقراطيته الصاعدة ستتحطم على صخرة صمود الشعب العراقي البسيط الذي أثبت أنه أكثر فهماً ووعياً من الفاشلين ممتهني الثرثرة والكلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.
والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
(3): الوطنية: الأصل في الوطنية أن يحترم المواطن حكومة بلاده المنتخبة وقوانين وتشريعات البلد على ألا يمنعه، المواطن، أي عائق من ممارسة حريته في التظاهر والإحتجاج السلمي والنقد البناء والمسؤول مهما بلغ من الشدة في ظل نظام ديمقراطي أو في طريقه إلى الديمقراطية ذات المعايير الدولية التالية: التعددية، ضمان الحريات الشخصية والعامة، وجود دستور دائم للبلاد مقر بإستفتاء شعبي حر مع إحترامه والإلتزام به كأعلى مرجعية؛ التداول السلمي للسلطة عبر الإحتكام إلى صناديق الإقتراع في إنتخابات حرة ونزيهة بإشراف هيئة مستقلة ومراقبة من قبل الهيئات الدولية؛ الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية؛ وإحترام حرية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.
من غير الوطنية: إعاقة التشريع بطرق غير قانونية، إعاقة عمل الحكومة والمصالح الوطنية بطرق غير شرعية، التأثير على القضاء بطرق غير مشروعة، ممارسة الفساد بأنواعه، تفضيل مصالح الغير على مصالح الوطن، التخابر مع دولة عدوة، إستعداء الخارج على الحكومة والداخل، تشويه سمعة البلد أو الحكومة في الخارج لأهداف حزبية أو فئوية.
مارست الجماعات السياسية العراقية أقصى درجات المرونة والإيجابية مع حكومات دكتاتورية بشعة لمجرد أنها أظهرت النية في خدمة البلد والشعب بشكل غامض غير محدد تبين أنه كيدي. يستوجب هذا التصرف بروح المسؤولية العالية حيال القدر الذي أحرزه العراقيون من مستلزمات الديمقراطية، والمزيد مما يُطلب ويُنتظر منها.
هناك عدة عوامل أدت بمجموعها إلى الحط من قيمة الوطنية لدى المواطن العراقي. هذه العوامل هي: (أ):إبتلاء العراق بنظم طغموية طائفية عنصرية دكتاتورية ديماغوجية، مارس آخرها وهو النظام البعثي الطغموي أقصى درجات التهميش والإقصاء والإضطهاد الذي بلغ حد التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والإطاحة بكل القيم والمثل الوطنية والإنسانية ما خلق حالة اليأس واللاأبالية لدى الفرد العراقي. (ب): إحتلال العراق إذ إن الإحتلال، حتى ولو إنه حرر العراقيين من نظام ما عاد قادراً على إطاحته سوى الله أو أمريكا، وحتى ولو إن خروج القوات كان مؤكداً، إلا أنه مذل على المدى القصير للشعب وللفرد خاصة بوجود من مارس الإستهانة بإرادة الشعب وممثليه بغية عرقلة بناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية وعلى أنقاض النظام الطغموي. (ج): الإرهاب البشع الذي ضرب العراق والجميع يعلم أن هدفه هو إستعادة النظام الطغموي ما سبب الإحباط لدى المواطن إذ هز جدوى تمسكه باللحمة الوطنية. (د): نجاح خطة هجومية إعلامية طغموية خبيثة لزرع الشكوك وعدم الثقة وقد إنطلت على كثيرين حتى من بين الطيبين. (و): التطرف في ممارسة النقد حتى إنقلب بعضه وبالاً. فالمبالغة والتعميم في قضايا الفساد وإستخدامه دعائياً للتسقيط السياسي أشاع روح اليأس واللاأبالية لدى المواطن البسيط خاصة وأن العراق الجديد قد ورث بلداً محطماً من النظام السابق بسبب الحروب الخارجية والداخلية. (ز): إبتلاء العراق بإرث ثقيل طبع نفسية الفرد العراقي بالتمرد والشك بالحاكم والإستعجال وطلب الكمال بلمح البصر واللاواقعية.
يتطلب الأمر تكاتف الجميع للخروج من هذه الحالة الشاذة، وعدم إخضاع هذه المسألة للمزايدات والكسب الضيق.
(4): كتب السيد عدنان حسين مقالاً في صحيفة "الشرق الأوسط" أقتطف منه المقطع التالي الذي يدل على عدم إتزانه وعدم موضوعيته وتحيزه: ".... وكان من الممكن الحؤول دون نشوب مقاومة مسلحة واسعة وقوية، كما هو حاصل اليوم، لو أن الطبقة السياسية الجديدة في بغداد، خصوصاً العربية وبالذات الشيعية، تصرفت بحكمة وإيثار ووطنية متجاوزة الأحقاد والضغائن ومترفعة عن نزعة الثأر والإنتقام".



#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كان وراء محاولة إغتيال قائد شرطة البصرة؟
- الديماغوجيون
- ما هكذا الولاء يا دكتورة ندى
- نبوءة نوري السعيد تحققت يوم 8 شباط الأسود
- السيد طارق الهاشمي يهذي بتأثير حمّى إفتضاح أمره
- لماذا موقفا (منظمة الهيومان رايتس ووج) وصحيفة (الغارديان) غر ...
- حذارِ حذارِ من محاولات الإستهانة بمؤسسة مجلس النواب
- هم يلعبون ويخربون وأنتم إعملوا وإلعبوا لترويضهم
- إنتهى الوجود العسكري الأمريكي في العراق فما هي القصة من الأس ...
- لماذا توجد ملفات أمنية سرية غير مفعلة؟
- توقفوا عن التأجيج الطائفي يا أصحاب المشروع -الوطني-
- حافظوا على سلامة السيد طارق الهاشمي من الإغتيال الكيدي
- هل الدكتور أياد علاوي يتستر على الإرهاب أم متورط فيه؟
- أفيقي من أحلام اليقظة يا سيدة ميسون
- متى يستقيم وضعنا يا مثقفون؟
- الديمقراطية ليست هامبركر يا سيد صالح المطلك!!
- الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة
- ما لم يقله وكيل الداخلية للإستخبارات حول التخطيط البعثي
- lموقف الجادرجي من قيادة ثورة 14 تموز
- ماذا وراء تصريحات وزير الدفاع الأمريكي؟


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - شهداء وجرحى ودماء: قالوا كل شيء ولم يقولوا المفيد