أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صائب خليل - خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في العراق














المزيد.....

خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في العراق


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 09:34
المحور: القضية الكردية
    


اذكر من زمان, فلما اجنبيا بالاسود والابيض. لم اعد اذكر منه سوى ما يلي: بسبب حدث ما, كان الزوج يشك بأن زوجته قد خانته. نفت الزوجة بشدة, وكانت روايتها منطقية ومقبولة ولم يكن لدى الزوج دليل اثبات, لكنه بقي حائرا بين عاطفة تثير شكوكه وكرهه ومنطق يؤكد له وهن دلائله, فلم يتخذ اجراءً, لكنه بقي يعاملها بخشونه.

في احد الايام, تدخل والده العجوز وقال له: يا بني, اما انها خائنة, فلا تكفي معاملتك الخشنة, او انها بريئة ولا تستحق معاملتك تلك. ادرس الموقف وقم باختيارك لعلك تصيب, اما السير في الوسط, فهو الخطأ المؤكد!

موقف الكثيرين من ابناء الشعب الكردي من علاقته بالشعب العربي في العراق يذكرني بموقف الرجل في الفلم. فالالم العظيم الذي عاشه الشعب الكردي على يد حكومات عربية في العراق دفعه الى كره كل ما هو عربي, لكن للمنطق اعتراضه على هذا الشعور. فالحقائق التأريخية تقول ان العرب كانوا مضطهدين مثلما كان الاكراد مضطهدين, من قبل انظمة حكم هي اقرب الى العصابات من تمثيلها لاي انتماء قومي او فكري او غيره.

لقد كانت الجرائم بشعة وعنيفة, حتى صار حديث المنطق باردا بعيدا عن المشاعر, وغير قابل للتصديق, بل قاس وكريه احيانا!

لكن للمنطق اسلوبه في الالحاح على العقول, وكلما كانت العقول اكبر كانت اضعف امام المنطق, وكلما كانت العقول اكثر مرونة وحيوية, صارت فريسة سهلة له. فلا يصمد امام المنطق اللجوج الا العقول الصغيرة والمتحجرة.

المنطق يقول بوضوح, ان حكام العراق لم يمثلوا شعبهم في يوم من الايام, لذا فليس من العدل ان يسأل الشعب عن تصرفاتهم...
لكن العاطفة تصرخ ان صدام كان عربيا

التأريخ يقول ان جلادي العراق لم يوفروا احدا يقف بوجههم, ولم يشفع لاحد كونه عربي او سني او غيره...
لكن الالم يصرخ : صدام كان سنيا

التأريخ يقول ان المذابح شملت الجميع بلا استثناء, وان المقابر الجماعية في العراق مملوؤة بكل انواع الهويات...
لكن صور الطائرات المرعبة تهتف: انهم العرب.

التأريخ يقول ان صدام ربما كان اكبر واشرس واشد دكتاتور في التأريخ على شعبه بكل فئاته...
فيجيب الماضي: صدام لم يكن لوحده!

نعم صدام لم يكن لوحده, ولكن اي دكتاتور في التأريخ كان لوحده؟ اي شعب كان من الوعي والنقاء بحيث يعجز الدكتاتور الذي يحكمه ان يجد له المئات من امثاله, والالاف من المجانين, وعشرات الالاف من المرتزقة ومئات الالاف من الحمقى والملايين من اللااباليين وعشرات الملايين من الصامتين والخائفين؟

اعجز صدام عن ان يجد الافا من الاكراد انفسهم تقف معه وتشاركه الجريمة على العرب او حتى على شعبها الكردي نفسه؟ هل للكردي الذي يعتز ويفخر بنضال شعبه وصدقه ان يطالب العربي ان يكون اكثر وعيا وصدقا وامانة على حقوق الشعب الكردي من الشعب الكردي نفسه؟
هل لشعب ما ان يطالب الشعوب الاخرى, حتى الصديقة وحتى الشقيقة وحتى التي تعيش في نفس الوطن وداخل نفس كتب التأريخ, ان تكون اكثر احساسا بالظلم الذي يقع عليه, مما يطالب ابناء شعبه انفسهم؟ اننا نتمنى من اعمق اعماق ارواحنا, ونعمل ما نستطيع ايضا, من اجل ان تكون كل الشعوب وخاصة شعبنا اكثر وعيا واكثر مبدئية واكثر شجاعة وصدقا, لكن هذه الامنية وهذا الطموح شيء, ومحاسبة شعبنا على كل نواقصه واخطائه بشكل اقسى مما نحاسب عليه الاخرين شيء اخر وهو ظلم يعطي صورة مشوهة عن الواقع.

نعم, لم يكن صدام لوحده, ولكن كم هي نسبة من كان معه من الشعب العراقي؟
لم يتح احدا للعراقيين ان يستفتوا رأيهم بصدام بشكل امين. لم تقدم الفرصة للعراقيين لكي يسجلوا مشاعرهم في صناديق اقتراع.
لكنهم ولحسن الحظ, لم يسمحوا ان تمر الحقيقة ويطمسها التأريخ, فوجدوا طريقتهم للتصويت بصدق حين انتفض العراق وثارت على صدام مدنه حتى استولى الثوار على 14 من المحافظات الثماني عشرة! لقد وجد العراقيون طريقتهم للتصويت, ودفعوا ثمنها الباهظ. فهل نصدقها ام نتصرف وكأننا نصدق تمثيليات "البيعة" السخيفة؟

ولاننا نتحدث عن المشاعر, فهذا السؤال شخصي يقرره كل فرد بنفسه. ولا اريد المجاملة الدبلوماسية فأوزع مسؤوليات تصحيح المشاعر بالتساوي على العرب والاكراد, بل اقول انه وبسبب ماسبق شرحه, فالسؤال مختلف في طبيعته لكل من الطرفين. فالعرب مطالبين بتفهم المشاعر السلبية, رغم انها خاطئة, والموجهة اليهم من قبل نسبة عالية من الاكراد, والعمل على مناقشتها معهم, اما الاكراد فمطالبين بمراجعة عدالة تلك المشاعر واتخاذ موقف شجاع, مهما يكن, على اساس تلك المراجعة.

ليست هذه دعوة للمصالحة والطيبة والتفاهم ونسيان الماضي والحب...الخ, رغم ان تلك المشاعر النبيلة مهمة جدا, ومتوفرة لدى الجميع بلا شك.
انها بالعكس, دعوة للبدء بلمواجهة الحقائق المرة والحلوة ووزنها بميزان العدالة المحدد القاسي. فقبل ان نقرر اين نضع مشاعرنا النبيلة, علينا ان نقرر ما هي الحقائق اولا وما هو وزن كل منها.

نعم لم يكن صدام لوحده, فقد نجح ان يجند عربا على العرب, واكرادا على الاكراد, وعربا على الاكراد واكرادا على العرب. هذه حقيقة اولى, ولن نتهرب منها.

لكن الكثير من الاكراد دافعوا عن العرب بوجه صدام, والكثير من العرب ماتوا وهم يحاربون مع الاكراد ضد صدام, وانا اعرف العديد منهم, من اقارب واصدقاء. وهذه حقيقة ثانية ولا يحق لاحد ان يطمسها هي الاخرى.

فاي الحقيقتين يجب ان يحكم علاقة الاكراد بالعرب وبالعكس؟ ايهما يجب ان يمثل تأريخ العراق ويقرر مستقبله؟

لندرس الامر ولنتخذ موقفا ونتصرف على اساسه لعلنا نصيب, فالسير في الوسط هو الخطأ الوحيد المؤكد هنا.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام والحملات الانتخابية -4 – نظرية التوازن النفسي وتأثير ...
- الحملات الانتخابية والاعلام -3- الخط الايديولوجي
- تحية تقدير للمبادرات السياسية الذكية واصحابها
- ملاحظات حول مشروع الدستور الدائم للدكتور منذر الفضل
- الحملات الانتخابية والاعلام 2- حلزون الصمت
- الحملات الانتخابية والاعلام-1- الرسالة الاعلامية والمتلقي
- من هم الملوك؟
- ملاحظات عاجلة حول الحملات الانتخابية
- الامانة الموضوعية.. والشجرة: مراجعة لمقال صبحي الحديدي
- لم الحماس للقوائم الموحدة؟
- خدمتين جديدتين مهمتين لمستعملي الحاسبات
- هولندا: شعب طيب وصحافة عاهرة – 2- منع التكامل الاجتماعي –
- مقالق جلالة الملك
- الانتخابات: سنذكرها كحلم جميل, ام كابوس مرعب؟
- هولندا: شعب طيب, وصحافة عاهرة: 1- -كفار وسرقتهم حلال-
- عقدة الخوف من صدام تعود الى قلوب العراقيين
- نحن وحوارنا المتمدن
- درس كلاسيكي في التظليل الاعلامي
- رسالة الى ضفتي بلادي الثانية :هولندا
- صفحة من تأريخ الديمقراطية الهولندية وتساؤلات مقلقة حولها


المزيد.....




- آلاف الأشخاص يتظاهرون ضد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي
- الداخلية السعودية تعلن إعدام مصري وتكشف ما فعله بمصري آخر في ...
- دعوات أممية ودولية في الجمعية العامة للتحرك دفاعا عن الأونرو ...
- الأونروا تدعو العالم لإنقاذها من الحظر الإسرائيلي: عواقب كار ...
- شهيد وحصار منزل واعتقالات خلال عدوان الاحتلال المتواصل على ج ...
- شهيد وحصار منزل واعتقالات خلال عدوان الاحتلال المتواصل على ج ...
- إيران.. الحكم على 4 أشخاص بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إسرائي ...
- منظمة دولية: 12 % من النازحين العائدين يعيشون ظروفاً صعبة
- مصادر الاحتلال: الآلاف يتجمعون في القدس ويتظاهرون ضد قانون ا ...
- الكويت.. ديوان حقوق الإنسان يقترح إلغاء نظام -الكفيل-


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صائب خليل - خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في العراق