|
حلم ليلة عيد الميلاد
رياض كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 09:25
المحور:
الادب والفن
لم يحضر احد هذا المساء ، لم يدق بابي أحد ، لم ار مارة في الطريق ، الطريق موحش والثلوج الكثيفة تغطي الاشجار والبيوت والارصفة ، بخار انفاسي على زجاج النافذة يضبب المرئيات ويصنع منها اشباحاً تتلوى مع انحناءاآت قطرات البخار ، لم اكن بانتظار احد ، لم اطبخ عشاءاً هذه الليلة ، لم اشتر نبيذا ودخاناً ، لم اشعل ضوءاً .... رسمت شبح امرأة على زجاج النافذة ، امرأة بأثداء ضخمة وعنق طويل ، تشبه تلك التي كنت اراها باحلامي وهي تدفع بصدرها الثلج والبرد وليالي الشتاء الطويلة ، بخار انفاسي ، كلا ليس بخار انفاسي ، ربما شيء آخر ، معجزة ... كلا ليست معجزة انا بعيد عن حدوث معجزة في حياتي ، ربما اوهام ... ربما ... أشعلت لفافة ( قنب ) وانا أسعل بشدة ، رئتي لا تتحمل الدخان ، أصغيت لوقع أقدام رشيقة تجوس المنزل ، ترفع الكؤوس الفارغة وتضعها بمكانها ، ترفع الاطباق وبقايا البيض وريش الدجاج .. رائحة امرأة تجوس المنزل ... كانت ليلة عيد الميلاد ، كانت المدينة تلتحف بالاضواء والثلج والهدايا ، كنت انتظر هدية من ( سانتا ) ، لابد ان احصل على هدية حالي حال ملايين البشر ، استيقظت مرعوباً كعادتي وهرعت ناحية الباب ، باب شقتي ، فتحته عسى ان أجد صندوقاً او صرة او خريطة الكنز ، ليس هناك شيء سوى أزبال وقنينة نبيذ رخيصة وبضعة قناني عصير فارغة ، فتحت صندوق بريدي عسى ان اجد بطاقة عيد من احد الاصدقاء ، وجدت فاتورة الكهرباء المرعبة ، فاتورة الديون المتراكمة ، فاتورة الكيبل والايجار وفاتورة الماء والهواء والشمس والثلوج ، فاتورة النساء الجميلات اللواتي ضاجعتهن مرة واحدة بأحلامي ، فاتورة رئتي المتورمة من الدخان . جلست ادخن وانصت لخطوات المرأة الغريبة وهي تتنقل مابين المطبخ وغرفة النوم والمعيشة ، تعيد ترتيب أشيائي بصبر احسدها عليه ... قالت وهي تقطع اللحم بسكين طويل وحاد ... _ ما اسم أمك ؟ قلت _ آية ... شقت المرأة زيقها وكشفت عن اثداء بيضاء ضخمة وصلبة كصلابة المرمر وصرخت .. يا حراس ، يا جلاس ، يا جلاس يا حراس ، رياض ابن آية يناديكم ، اين الكس والكاس ؟ ربما بفعل دخان القنب او بفعل المعجزة غير المتوقعة ، شققت زيجي وكشفت عن كرشي وعورتي وقروحي ودماملي وصرخت .. _ يا حراس يا جلاس ، ها نحن حاضرون وبوجودكم فرحون ، لنشرب ونأكل وننيك حتى ينبلج الصباح ويصيح ديك الفلاح .. اقتربت مني المرأة ووضعت فمها لصق فمي وقالت .. _ ماذا قلت ؟ _ نفرح ونشرب ونأكل .. _ كلا قلت شيئا آخر ، عيب ، عيب ايها المجرم الفاسق ، عيب عليك ، تنيك من ؟ تنيكني ام تنيك هذا العبد الاسود ؟ ظهر عبد اسود بعجيزة ضخمة وهو يرتدي دشداشة بصراوية واخذ يغني .. مهبوبتي ، مهبوبتي وين ما اروه الكاك وين ما اهرب اشوفك مهبوتي مهبوبتي جاءت خلفه فرقة موسيقية من الزنوج والبيض والسمر والشقر والحمر ، بعضهم يعزف على العود وبعضهم يدق على الطيران والدفوف واخذوا يرقصون ويشربون ويأكلون وكل ذلك حدث من قدرة الله الحي القيوم ، او بفعل دخان القنب ، لست ادري ؟ لكني وجدتها فرحة وهدية عيد الميلاد ، فالصقت فمي بخدود تلك واثداء تلك ودعكت مؤخرة السمراء والتصقت بسرة الشقراء ... فجأة ككل ما حدث ويحدث بحياتي من منغصات ، سمعت طرقاً على الباب ، طرقاً شديدا حتى كاد ان يقتلعه .. فتحت الباب ، اذا برجل ابيض بأبيض تياب بيضاء شعر ابيض ولحية بيضاء طويلة ، ابتسم الرجل الابيض وكشف عن اثنتين وثلاثين سناً بيضاء وقال . _ لا تخف ولا تهن يا ابن أخي ، انا عمك الشيخ ( معروف ) .. زاحمتني على الباب السيدة ذات الاثداء الضخمة ودفعتني بصدرها الايمن الى الخلف وقالت . _ عمنا الشيخ معروف ، اهلا بالعم الجليل ذو العير الطويل وانفاس العبير ، ادخل يا سيدي ومولاي على الرحب والسعة . قال الشيخ _ هل ادخل يا مولاتي ؟ _ ادخل يا سيدي وتاج رأسي ، ادخل يا سيد الانس والجان ؟ ردد جمع الزنوج والسمر والشقر والبيض .. _ ادخل يا صنديد يا عربيد يا مبيد من لبس الحديد .. قال الزنجي البصراوي _ ادهل يا ثيد الناث وهربيد الماث وعثث الهاث ، ادهل يا مثث الهوث وههاثل الروث وبهثيل التوث ، دهولك مبثوث في القلوب وحضورك مثرور الهوش ومبحوج الهوع ، عندك شكح الروه ومنك هاع الغوع ، نشلت شهلا وهللت رحلا ، احلا احلا .. قال الشيخ _ هل ادخل يا مولاتي ؟ قلت _ ادخل يا اخ القحبة .. قالت المرأة _ ادخل .. قال الزنجي _ ادهل على اليمين ، واهلت بالقور والكلك والهوم ، شكم شكم ، مرتاهين والله كلش هواي ، نشكر كلنا شكرانين كلس ، اذا تحب تسرب ، اسرب واذا تحب تنيك نيك ام ديوش ، بجم بجم بجم ، الهياة هلوة بدون عكد ، الهياة هلوة بدون جلق شكم شكم .. رفع الشيخ ذراعاه وبارك المكان بارك الشقة والعفن والازبال ، بارك الديوس المندلقة والعيور المنتعضة بارك الات الموسيقى ورفع كأسه المترعة بالنبيذ وقال . _ يا ابناء اخي انتم جديرون بالسر ، لا تقولوا لاحد ان عمكم يشرب ويسكر ، عدوني يا اولادي ان لا تفشوا سري .. اجاب الجميع _ افرح والعب واسكر يا عمنا لن نشي بك لن نقول .. قال الزنجي البصراوي _ اشكر ياهمي ، اشكر للثباح وما الدنيا الا كش وكاش ... خلع العم الجليل طاقيته وجلبابه وظهر جسده الناحل العليل واخذ يراقص اثداء المرأة ، يغوص بينهما يبحث عن القرار .. بين دخان ( القنب ) والبخور طرق الباب ثانية طرقات عنيفة .. قلت _ ادخل يا ديوث ... دخل ساعي البريد يحمل رسالة مسجلة من الحكومة تطالبني بدفع الفواتير المتأخرة ...
#رياض_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوصول الى جزيرة هاي
-
ساسون
-
اليوم الأخير والسعيد في حياة عباس أفندي
-
اوكسجين
-
امرأة ورجلان
-
حول غرابة الاشياء من حولنا
-
قطة على الجدار
-
المسافرون الخالدون
-
صميدع
-
بيت الشجعان
-
وداعاً يا راعي البقر
-
الجلوس في مدينة الذكريات
-
ليلة غريبة قصة قصيرة
-
مرآة الغرفة والجليس الصامت
المزيد.....
-
حصريا قيامة عثمان ح 163 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 163 متر
...
-
الآن الحلقة 27 مترجمة .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 27
...
-
الآن مُتابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 27 مترجمة على ق
...
-
-أغنية لفرس النهر- ديوان يطرح رؤية جديدة للعالم
-
مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة بجودة HD ومواعيد عرضها ع
...
-
الحياة الأكثر جمالا بعد الموت.. طبعة جديدة من رواية -بعد الح
...
-
من سمرقند إلى ممالك البارود.. -سيف الإسلام- تيمورلنك وتفكيك
...
-
-الشبكة المعادية للمجتمع-.. فيلم جديد عن كراهية الإنترنت
-
حصيلة العدوان على غزة تتجاوز 119 ألفا و500 شهيد ومصاب
-
الدراما الأقوى… مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 163 على قناة ATV ا
...
المزيد.....
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
المزيد.....
|