|
وداعاً يا راعي البقر
رياض كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 10:59
المحور:
الادب والفن
......SHIT كانت تلك أول كلمة نطقها الرجل الضخم الذي فتح لي الباب وأخذ يتطلع إلي بمزيج من الاستغراب والريبة ، فشكلي العربي ومظهري ولكنتي تدل على أني أتيت إلى العنوان الخطأ في المكان الخطأ . كان الرجل حليق الشعر ، مفتول العضل وموشوم بشعارات ( النازية ) وكأنه خرج لتوه من معركة ... قال بجفاء - ماذا تريد ؟ قلت - تعطلت سيارتي في الطريق ، وأنا ابحث عن هاتف . قال وهو يتلفت - من أي بلد أنت ؟ قلت ببلاهة ... - من العراق ..... كنت انتظر منه أن يصفع الباب بوجهي أو يسألني بسذاجة كعادة الناس هنا . - كيف وصلت إلى أمريكا ؟ لكنه أعطاني ظهره وتوجه إلى الداخل وهو يقول . - تعالوا يا أولاد انظروا من على الباب . تزاحم ثلاثة صبيان حليقي الرؤوس على الباب وحالما رأوني صرخوا بصوت واحد . - شت .... قلت . - ما الأمر ؟ قال أحدهم موجهاً كلامه للرجل الضخم . - من هو ؟ - انه من العراق ، لا ادري كيف وصل إلى هنا . قالوا بصوت واحد . - كيف وصلت إلى هنا ؟ - بواسطة الطائرة ... قلت . قالوا . - هل خطفتها ؟ - كلا .... لم اختطف شيئاً بحياتي . - إذن كيف وصلت إلى أميركا ؟ صرخ الرجل الضخم بصوت أجش . - ( هني ، هني ) ... تعالي انظري إلى هذا العراقي . جاءت سيدة جميلة تحمل على ذراعها طفلة في الرابعة من العمر وتطلعت إلي بفضول وقالت . - هل أنت حقاً من العراق ... كيف الوضع هناك ؟ قلت . - لا أدري ... غادرت البلد منذ سنوات طويلة ، وسيارتي تعطلت على الطريق وأنا ابحث عن هاتف . قالت السيدة مخاطبة الطفلة . - قولي أهلا لضيفنا . قالت الطفلة . - هاي ... - هاي . - ليس لدينا هاتف ، نحن بعيدون جداً عن المدينة . قلت - وما علي أن افعل الآن؟ لا شيء يجب أن تنتظر حتى الصباح- - وأين سأنتظر ؟ قال أحد الأطفال حليقي الرؤوس - يمكنه المبيت في الحديقة حتى يطلع النهار ، لا يمكنني المبيت مع إرهابي تحت سقف واحد . أجاب الأخر - توم على حق ، فمن يدري ربما سيأكل ( جينا ) الصغيرة . بكت ( جينا ) وقالت . - أنا نحيفة جداً ، مجرد عظام وجلد ، لا شيء في يؤكل . قلت وأنا ابتسم - سأنام في الحديقة قالت جينا - أرجوك لا تأكلني ضحكت أمها وربتت على ظهر طفلتها - لا تكوني سيئة الظن بالناس كأخوتك قال توم - لكنه عراقي، العراقيون يقتلون ( المارينز ) هناك قلت وأنا أصر على أسنا ني من الغضب - وماذا يفعل ( المرينز ) هناك؟ - ذهبوا لتحريركم من الديكتاتور قالت السيدة - هؤلاء الأولاد كوالدهم تماماً يواظبون على مشاهدة قناة ( فوكس ) . قال الرجل الحليق - نحن نبحث عن الحقيقة قالت – شت ... لن تجد الحقيقة عند اليمينيين قالت ( جينا ) انتبهي للسانك يا أمي قال الأطفال بصوت واحد – شت - انتبهوا لألسنتكم جميعاً .. ردت الطفلة قلت – لا داعي لكل ذلك ، سأنام في سيارتي قال الرجل وهو يحاول دفعي ألي خارج المنزل - كما تريد ... قالت ( جينا ) – مسكين هذا العراقي ، سيموت من البرد ... غمغم الأولاد الثلاثة – إلى الجحيم . نهرتهم السيدة وقالت - انه ضيفنا لا يمكنني تركه يموت من البرد قال الرجل – ولا يمكنني أن ادعه ينام في منزلي - انه ليس منزلك وحدك ... أجابت السيدة بحدة - إذن سنعطيه فراشاً ونتركه ينام في الحديقة - ربما يهاجمه وحش أو تلدغه أفعى ، لا يصح أن نتركه في الخارج انه ضيفنا ثم أكملت – ادخل الجو بدأ يبرد كان الدفء يشع بالداخل فتوجهت ناحية المدفأة وجلست على الأرض بمواجهتها قالت ( جينا ) وهي تضحك - هل عندك ( جمل ) في العراق قلت مناكداً اياها - عندي قطيع كامل - وماذا تعلفها - اعلفها الأولاد القرعان تضاحك الأولاد الثلاثة بصخب - ضيفنا مرح جلس والدهم قبالتي واخذ ينظف بندقيته ويلقمها الرصاص ثم غمغم – لا اثق ب ( جاكي ) جمال - انه لطيف يا ابي .. قال الأولاد بصوت واحد قالت ( جينا ) – انه لطيف يا ابي قالت السيدة – ما رأيكم يا اولاد بقطعة ( كيك ) كبيرة صرخ الأولاد بحبور - نعم ... بالجاكليت . جلسوا يأكلون بحبور ، فقام الرجل الضخم واخرج قنينة ( جوني ووكر ) ، اخذ منها جرعة وقذفها ناحيتي ، فتلقفتها بصعوبة وسقطت قطرات منها على الأرض . قال – شت ... ردت السيدة - انه ليس راعي بقر ، لا تعامله هكذا . اخذت جرعة من القنينة ، وقذفتها ناحيته فسقطت بحضنه . قال الجميع بصوت واحد . - انه حقاً ( جاكي ) جمال.. قال الرجل بلغة آمرة . - اذهبوا الى غرفكم الآن ؟ تذمر الأولاد قليلا لكنهم انسحبوا في نهاية الأمر الى غرفهم ، وبقيت وحيداً مع الرجل الذي تعتعه السكر ، لكنه رغم ذلك واصل مراقبتي ويده على زناد البندقية ، وعندما حلت اول خيوط الفجر ، فرك عينيه وارتدى ملابس ثقيلة وطلب مني اللحاق به الى حيث السيارة العاطلة . اجتزنا الحقل بصعوبة نتيجة الثلج المتراكم منذ الليلة الماضية ، وكنت المح وجوه الأولاد ترمقنا من النافذة المغلقة واكفهم تشير لي مودعة . - وداعاً ... يا جاكي الجمال .. ارسلت لهم قبلة في الهواء . - وداعاً ... يا رعاة البقر ... فتحت السيدة النافذة وقالت . - وداعاً ... ايها العراقي .... وصلنا الى السيارة ، ففتح الرجل صندوق المحرك والقى عليها نظرة فاحصة وقال . - محرك سيارتك قطعة خراء ... وبصق على الأرض ، ثم انشغل بتفكيك اجزائها واعادتها مرة ثانية بعد تنظيفها ، وطلب مني ان ادير المحرك ، فنهضت السيارة بصعوبة ثم تحركت . قلت – لا ادري كيف اشكرك ؟ قال – لا داعي لذلك .... اذهب الآن ؟ اخرجت يدي من نافذة السيارة وقلت مودعاً . - وداعاً ... ياراعي البقر ... اجاب بلا مبالاة – وداعاً .... يا راعي الجمال ....
#رياض_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجلوس في مدينة الذكريات
-
ليلة غريبة قصة قصيرة
-
مرآة الغرفة والجليس الصامت
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|