إفقار الشعوب هى لغة الحكام الظلمة

عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 08:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الثروة , تعنى الكثير لمن هم لا يشبعون , الثزوة , هى كنز لأصحاب الكروش التى لا يملأها سوى النار التى سوف تنزل فى جوفهم , إن بريق الثروة يغرى أصحاب العقول الضعيفة , أما الثورة فهى طوفان على كل من سولت له نفسه لأستغلال هذه الشعوب المغلوب على أمرها , حقا إننا شعوب تستحق الشفقة , لآننا أستعبدنا من قوم لا يعرفون الرحمة , الثورة هى لرفع بنيان الشعوب بعد سنوات القهر والعذاب .

بالطبع نحن شعوب مستعبدة دهور كاملة , حكمونا بالنار والحديد , وهددونا بالقضبان والسجان الذى لا يرحم , هناك أرتباط وثيق بين الثورة والثروة , لآنهما جزءان مرتبطان بعضهما ببعض , فأعوان النظام السابق يقولون أن الثورة عورة من عورات الزمان ! ونحن نقول أن أى ثورة فى تاريخ الشعوب لازم تأخذ منحى خطير , ولا سيما أن ثوراتنا العربية فى البلدان التى تعرف وتقيم شرف المواطن , لآنها ثورات بلا قائد , بمعنى أكثر وضوحا , أن هذه الثورات المباركة , هى ثورات شعبية , لم يكن لها من يخطط وينظم لها حركتها من خلال التصدى للطغاة وأعوانهم .

فحين تريد الشعوب المستعبدة من قبل زعماء حسبناهم منذ سنوات طوال أنهم غرباء عنا , هذه الشعوب حين تستشعر بالظلم البين والقهر , فلابد لها أن تهب وتقوم من مرقدها وتثور على أعمدة الفساد والطغيان , إنما بدافع الخلاص من هذا الفساد الذى أستشرى فى البلاد , وأ زل العباد , و الهدف من قيامها من مسباتها , هو التحرر من عبودية عناصر الفساد , لآنهم حولوا البلاد الى تركة لحسابهم هم وأعوانهم , ونسوا ما أفقروهم عن عمد , لآن سياسة هؤلاء هى ( إذا الشعب شبع وملآ البطون , فإنه سوف يهب علينا ويخون , ويبحث عن حقوقه المشروعة ) .

إن الفقر هو السمة السائدة لشعوبنا المغلوب على أمرها , والفقر الذى أقصده هو فقر تراكمى , أى أن الفقر المستدام لشعوبنا هو نتاج ما خلفوه الرؤوساء منذ عهد محمد على للأن , وما أروعك يا مصر منهوبة منذ مئات السنين , ولسه واقفة على رجليك , إذن هذا دلالة واضحة على أن مصر مليئة بالخيرات , لكنها ليست ملكا لشعبها , إنما كانت للحكام الظلمة وأعوانهم , وما أعظمك يامصر , وأنت فى فقرك , لازلت فى عزك وشموخك .

إن تاريخ الشعوب العربية حافل بالثورات على الظلمة من المحتلين الآجانب , والمحتلين من داخل الوطن , لآن كل من يأتى لسدة الحكم , وده أن يموت على كرسى السلطان , حتى لو كان مرضان وكحيان , المهم هو كرسى السلطان , فمنذ عام 1800 , ونحن نعيش فى قهر وكفاح مستمر مع السلطة وأعوانهم الذين يسندونهم ويساعدوهم على الظلم , وكلنا نعلم كل العلم المواجهة التى حدثت بين حاكم من حكام مصر وبين أحد الحكام الفاسدين , وكيف تصدى له الشعب , وكان على رأسهم الزعيم خالد الذكر أحمد عرابى , حيث وقف أمام الخديوى توفيق الذى ضيع ثروات مصر على أهوائه وعلى حاشيته ممن كانوا يساندونه ويحموه , من أنجليز وأعوان مفسدين منافقين , وكانت المواجهة بين الخائن والزعيم , فقال الخديوى فى إستعلاء وكبرياء : ( لقد ورثت أنا ملك هذه البلاد عن أبائى وأجدادى ( الآتراك ) , وما أنتم إلا عبيد عندنا ) , فرد أحمد عرابى على هذا المتعجرف الذى ملآ بطنه من مال الشعب : ( لقد خلقنا الله أحرارا , ولم يخلقنا تراثا و عقارا, والله إننا لم نورث ولن نستعبد بعد اليوم ) .

هذا هو الشعب المصرى الذى لن يرضى بمهانة الطغيان من الحكام , ولن يستكين مهما طالت الآيام , وهذه الصفة متوارثة على مستوى الشعوب العربية منذ الآزل , فإنها تنتفض وقت الآحساس بالظلم والمهانة , ومن ميدان عبابدين أيام زعيم الآمة أحمد عرابى الى ميدان التحرير , إن التاريخ يعيد نفسه مع كل ظالم لشعبه , أفسد أرض مصر , وأفقر شعبها , والتاريخ يثبت أن الشعوب العربية لن ولم تورث لحاكم من الحكام , مهما طال الزمن , ولن يستطيع أحد منهم أن يستحوز على مقدرات الشعوب العربية , لآن هذه الشعوب , حين تستنهض , فهى كالطوفان الجارف , ولن يقف فى وجهها أحد .

لقد جاء اليوم الذى أستنهضت فيه الآمة العربية , لآنها أصبحت شعوبا أكثر وعيا , وأكثر إدراكا من ذى قبل , إن شعوبنا العربية ستعيش حرة , وستوت حرة , رافعة الهامة عالية , لآنها خلقت حرة منذ البداية , أما حالة الخوف من الآغلال والقيود فلم تعد فى حسبانها الآن , وحالة الخوف والهلع التى كانت تعيش فيه فى الماضى قد أنتهت , لآن حاجز الخوف سقط عن شعوبنا العربية , فالأن تولدت أجيال أكثر جرأة وأصرارا وأكثر عزيمة , وهذه الآجيال يساندها جميع الفئات العمرية من عامة الشعب , التى شعرت بالمهانة أيام الحكم الظالم , إن هذه الآجيال شعرت بالحرمان من المال الذى تمتعوا به هؤلاء الظلمة , على حساب المقهورين من فئات الشعب .

#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل