|
وَعي الجماهير العراقية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3560 - 2011 / 11 / 28 - 09:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حتى ينضج الفرد ، ويكتسب خبرة كافية يستطيع من خلالها ، التعامل المعقول مع مُفردات الحياة .. فأنه على الأغلب ، يمُرُ على الكثير من المَطبات خلال مسيرتهِ ، ويشهد معاناة ناتجة عن الإحباط .. لأن النجاح عادةً لايكون سهلاً . على الرغم من وجود حالات إستثنائية ، حيث يصدف ان يبرز شخصٌ ما ويتصدر المَشهَد .. من دون المرور في المراحل التقليدية ، التي تُهّذِب خلقه وتشذب أخلاقه ، ومن دون ان يمتلك الحَد الضروري من الحصافة والكياسة !. ومشكلتنا في العراق ، هي وفرة أمثال هؤلاء ، من الذين قفزوا قفزاً ، وركبوا موجة السلطة في كافة مستوياتها .. من غير ان تكون لهم مواصفات تؤهلهم للإضطلاع بهذهِ الأدوار . ولو كانت الظاهرة ، مُنحصرة في دائرةٍ صغيرة ، او مَجالٍ ثانوي .. لهانَ الأمر ولأصبح تأثيرهم السلبي محدوداً ، لكن المناصب التي يتبوأها هؤلاء ، والمراكز التي يحتلونها .. تجعلهم يتلاعبون بأرزاق الناس ، وحتى بأمنهم ومصائرهم . ولقد أثبتنا ، نحن الشعب العراقي خلال السنوات التسعة الماضية على الأقل .. " وهنا أعني الكتلة الكبيرة من الناخبين أي الأغلبية المطلقة وليس النُخبة الذين يشكلون أقلية " .. أثبتنا ، بأننا قليلوا الوعي ، ولا ندرك أين تكمن مصالحنا الجوهرية ، ولا نستخدم عقولنا بصورةٍ جيدة لإختيار الأصلح والأكثر أمانة والأكفأ .. بل ننساقُ بِكُل سهولة وراء عاطفتنا الساذجة ، وننتقي وِفقَ إنتماءاتنا الفرعية ، وولاءاتنا الجانبية ، مُبتعدين عن كُل الحسابات الاخرى التي تدخل من ضمنها : الوطنية ، النزاهة ، الإخلاص ، التفاني ... الخ . ولقد كانتْ إنتخابات 2005 ، خير شاهدٍ على ما أقول .. حيث تسلطتْ قوى الاسلام السياسي الشيعي والقوميين الكرد ، على المشهد بِرمتهِ ( في حين قاطع السنة عموماً الانتخابات بذرائع واهية ) .. وكانتْ السنوات الأربعة من 2006 لغاية نهاية 2009 ، كافية جداً ، لإكتشاف ان هذه الاحزاب التي فازتْ وهذه الشخصيات التي تبوأتْ المناصب الكبيرة .. لاتصلح فعلاً لإدارة المرحلة .. وكان من المتوقع ، حسب كافة المُعطيات .. ان يقوم الناخب " بمُعاقبتهم " من خلال عدم التصويت لهم في إنتخابات مجالس المحافظات الاولى والثانية او الانتخابات العامة في 2010 . لكن الذي جرى فعلاً على الأرض ، مُختلِف عن التوقعات المنطقية تماماً ! . حيث عّززتْ نفس الاحزاب مواقعها ، وكان الإشترك الكثيف للسنة ، ليسَ مُوجَها لتصليح الإعوجاج على الساحة السياسية ، بل في الحقيقة ، عملَ على تكريس " الطائفية " عموماً ، بجانبها المذهبي والسياسي والمناطقي . فأصبحتَ ترى .. مجلس مُحافظةٍ ما بعد الإنتخابات ، وكأنه مجلس لشيوخ العشائر .. وينتج عنه ، مُحافظ شيخ ، ورئيس مجلس محافظة شيخ لعشيرة اخرى ، ونوابهم كذلك .. وتُدار الأمور بعقليةٍ عشائرية متخلفة ، وليس بمنهجِ دولة ، كما هو مُفتَرَض . أما مجلس النواب .. فأعتقدُ انه " إنعكاسٌ " لمستوى وعي الكتلة الكبيرة من الشعب ، اي من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم ... لهذا نراهُ هزيلاً ، ضعيفاً في واجباته الاساسية المتمثلة في الرقابة والتشريع .. هّمهُ الحصول على أكبر قدرٍ من الإمتيازات والمكاسب لأعضاءه .. وتكثر الغيابات ، وتجري نقاشات على امور تافهة وقضايا سخيفة ، ليس من وراءها جدوى .. وتُترك المشاكل الكبيرة ، وتُؤجَل .. وسط تواطؤ قادة الكُتل . ومن الطبيعي ان تنتج حكومة كسيحة ، عن هكذا مجلس نواب ، وعن هكذا قادة أحزاب ! . هذه الحكومة ، التي عجزتْ لغاية اليوم ، عن حلِ اي من الإشكالات التي تطغى على الوضع العراقي . أتساءل ... متى ستنضج الجماهير الواسعة ، سياسياً ومعرفياً .. بحيث تستطيع إختيار مَنْ يدافع عن مصالحها الاساسية ، بصورةٍ صحيحة ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر .. فصلٌ جديد من الثورة
-
الرأسمالية المتوحشة
-
مجالس محافظات الأقليم 3
-
التدّخُل الخارجي و - الوطنية -
-
الأسد : لو كنتُ مكان الملك عبدالله لإنتحرت !
-
إنتخابات مجالس محافظات الأقليم 2
-
بين دهوك .. ولندن
-
حافاتٌ خَطِرة
-
عيادة الدكتور بشار الأسد !
-
زيارات مُهِمّة
-
باباندريو .. أقبح من المالكي !
-
هل يوجد في العراق ، نزيهون شُرفاء ؟
-
دولة كردستان .. برعايةٍ عربية !
-
هل إقتربَتْ فيدرالية - السُنة - ؟
-
ربيع الإسلام السياسي العربي
-
برهم صالح في بغداد .. زيارة وداعية
-
هّزة أرضية في دهوك !
-
حرب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني
-
حلمٌ جهنمي
-
غيوم الحَرب تُلّبِد سماء منطقتنا
المزيد.....
-
-الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف
...
-
امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي
...
-
توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح
...
-
علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
-
بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم
...
-
مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير
...
-
رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ
...
-
تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار
...
-
عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
-
لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|