أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الغيمة وسادة حلم !














المزيد.....

الغيمة وسادة حلم !


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 17:20
المحور: الادب والفن
    


هل تأملت سجادة الغيوم البيضاء يوماً وهي تستلقي على وجه السماء، بينما جدائل شمس العصاري تتسلل من بين فسحاتها ، لتشكل لوحة رائعة الجمال تبعث على البهجة في عمق الشتاء؟
إن لم تكن قد فعلت هذا، فارفع رأسك الى السماء اليوم ، فإن وجدت غيوماً ترصعها بينما الخيوط الذهبية تتدلى الى جبهتك من بين شقوق السقف الأبيض ، وأثار المشهد إعجابك ، اقرأ هذا الموضوع والدعوة للقراءة مفتوحة حتى إذا لم تر أثراً لغيمة هذا اليوم لأنك في كل الأحوال ستجد لوحات للغيوم في أفق هذا الموضوع .

ـ في ذاكرة الطفولة تصير الغيمة جزءًا من حكايات واساطير قرأ الإنسان عنها او حكيت له او ابتدعها بفعل خياله ، وقد يضيق هذا الجزء او يتسع وفقاً لضعف المقدرة على التخيل او سعتها ، حينما تخبره كتب العلوم والفيزياء من أين تأتي الغيوم؟
"حينما تُسخن أشعة الشمس سطوح المياه يتكون تيار صاعد من الهواء الرطب الساخن الذي يبرد تدريجيا كلما ارتفع الى مناطق الجو العالية، وإذا وصل هذا التيار الى الارتفاع الذي تكون فيه درجة الحرارة أوطأ من الدرجة التي يصبح فيها الهواء مشبعاً بالرطوبة، يتكاثف البخار الزائد مشكلاً سحائب من القطرات الدقيقة نسميها غيوماً. وللغيوم أنواع ، هي :
الغيوم الطبقية وهي متجانسة تشبه الضباب، لكنها لا تلامس سطح الأرض ، والغيوم المتجمعة وتكون قواعدها مستوية وقممها كالقبب ، والغيوم الفرعية وهي خيطية او ريشية الشكل بيضاء في الغالب وقد تظهر على شكل أغشية دقيقة تغطي أجزاءً مبعثرة من السماء بينما تكون الغيوم المرئية دكناء ليس لها شكل معين ، أطرافها ممزقة ويتساقط المطر اوالبرد منها باستمرار".

ـ في مختار الصحاح ترد مفردة الغيمة في باب غيم وتعني السحاب، وغامت السماء تغيم (غيومة) وأغامت كله بمعنى ، وأغم القوم أصابهم غم . أما السحابة فجمعها سحاب وسحب وسحائب ، وفي باب غم ترد كلمة (الغمام) ومفردها غمامة وتعني السحابة الواحدة.

ـ وإذا كان الناظر الى الغيمة من الأرض يدهش بمنظرها لاسيما وقت مولد الغروب عندما يتسرب لون الغسق القرمزي الى السماء وتصير الغيمة عبارة عن بياض يحيط به ويتخلله لون أزرق فاتح جداً ممزوج بالأحمر، وكما وصفها السياب في قصيدته (في الغروب) :

" وسحابة ملك النسيم زمامها بيضاء
تخطر في وشاح أحمر
نفخت ملائكة الدجى بشراعها
وطوته في أفق الغروب الأكدر)..

فكيف يكون انبهار العين عندما تلتقي بالغيمة من فوق؟
إن التحليق بطائرة يجعلنا نشهد هذا الانبهار ونحن نصعد فوق الغيوم ، لنشاهد كتلاً من الثلج الناصع تشرق فوقها شمس صافية .. وتبدو المدينة رائعة من تحت الغيم المتناثر كالقطن هنا وهناك وكأنها واحدة من مدن ألف ليلة وليلة . مما يجعلنا نتخيل الغيمة وسادة، إذ كل ما يحتاجه المتخيل هو جمع القطن المتناثر وجعله كتلة واحدة ، ليستلقي عليها غرقا في حلم .

ـ ولأن ثمة علاقة جدلية بين البيئة والنفس البشرية ، ترتبط الغيمة بمشاعر الإنسان، ووفقاً لتكوينه النفسي ونظرته الى الحياة يرى في الغيمة حزناً او خوفاً او غربة او فرحاً. إذ إن هناك من تنتابه مشاعر الحزن حين تحجب الغيوم الشمس ، الأمر الذي يتناغم مع سؤال السياب في قصيدته عن الغروب :

" لِمَ ياسحابة تسترين ضياءها
او ماكفت حجب الغروب لتستري؟
الشمس ذاهبة فلا تتعجلي
والأفق بين يديك فأسري واعبري "

ـ إن مشاعر الاكتئاب قد تبقى متغلبة على البعض حتى يسقط المطر وتتبدد الغيوم لأنه يشبه الغيوم بالهموم لاسيما إذا كانت دكناء ، لذا فإن تساقط المطر يعني انفراجها وفتح نافذة الخير.. بينما نرى أيضاً مَن يعدّ الغيوم من أجمل مواليد الطبيعة وبرؤيتها يشعر بفرح غامر.
أما لماذا يربط البعض الغيمة بالحزن معإنها منبع الغيث الذي يمثل الخير، حتى إن هذا البعض يشبه الحدث السيء بالغيمة السوداء ، فإن علم النفس يُرجِع ذلك الى العلاقة الجدلية بين الإنسان والبيئة ، يؤثر فيها ويتأثر بها، ويعكس مشاعره وانفعالاته على ماموجود فيها ، ومن تلك الموجودات الغيوم ، إذ إن الفلاح على سبيل المثال يفرح برؤيته غيمة ، لأن وجودها يعني سقوط المطر وسقاية الزرع . ومثله ينتاب المتفاءلون شعور المسرة عند رؤية الغيوم ، ذلك إنهم ينظرون الى الجانب المشرق من الحياة ولديهم ثقة بأنفسهم ولهم تصور أبيض وصحيح عن المستقبل .. بينما من يمتلكهم قلق او خوف من شيء ما، يشعرون بالضيق اوالخوف من منظر الغيوم لاسيما مع ميل الجو الى لون أدكن ناجم عن زحف الغيوم على السماء.

ـ وفي الوقت الذي يرى المتفاءلون في الغيمة فرحاً ، فإن هناك أناساً لا يصح أن نضعهم في قائمة المتشائمين ، لأنهم وإن لم يحبوا منظر الغيوم إلا أنهم يفرحون لتساقط المطر ، وذلك ، وكما يفسره علم النفس ، يعود الى إن الغيمة مجهول إذ تمثل غموضاً للإنسان . وهو لا يتحمل المجهول والغموض ، فيعيش حالة تأرجح بين خوف وأمل ، حتى تمطر الغيمة ، فيشعر بالراحة لأنه عرف ماذا بعد ظهور الغيمة.

ـ وإذ نكتب هذا الموضوع على أصداء هدير الرعد ونغمات تساقط قطرات المطر لتدغدغ الأرض ، فإننا نأمل أن تكون لوحات الغيوم التي افترشت هذا الحيز قد أعجبتكم ، مثلما نتمنى أن تحملوا مخيلاتكم الى احدى الغيمات في السماء للاستلقاء عليها من أجل معانقة حلم ما.



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجوم على أغاني التفخيخ خير وسيلة للدفاع !!
- أسمائيات : بشرى سارة للسمان في العراق !!
- أسمائيات : خلجات امرأة منسية في منطقة البرزخ !!
- أعماق الإنسان نوافذ للضوء والأمل والجمال
- أفكار متمردة على دكتاتورية المجتمع والرجال !!
- اللجوء الى جنوب السودان !!
- متى ننتفض على العنف ضد المرأة ؟!
- مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي العراقي .. نريد قراراً حاس ...
- مباشر الى وزير التعليم العالي العراقي .. قبل أن تبتلع الخيبة ...
- كيف تتحسن حال العراق ، وأنتم تتناحرون ؟!
- فقدان ذاكرة .. مُتعَمَد
- لكي لاتضيع حقوقكم!
- نريد حكومات تحترم إنسانية المواطن
- نعم للمظاهرات والمطالبة بحق الحياة والكرامة
- أمراض بالقرعة .. أمراض بالجملة !!
- قضية المفصولين السياسيين من ناحية أخلاقية وإنسانية
- لأنها امرأة .. لأنه رجل
- زحمة يادنيا زحمة!!
- الموظفون يهلكون بسبب الحَر .. مَن ينقذهم من غرف الساونا الإج ...
- البعض طار الى عش التناقضات ، ولم يهبط بعد !


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الغيمة وسادة حلم !