أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ثقافات سياسية تائهة














المزيد.....

ثقافات سياسية تائهة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 01:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وضعت التطورات السياسية السريعة في عالم اليوم كثيرا من الأفكار في خانة حرجة بحيث بات من المهم مراجعتها وتعديلها وحتى تبديلها, لكن أشد تلك الأفكار بؤسا هي تلك التي تحاول أن تجمع النقائض تحت سقف واحد . إنها ثقافات مرتبكة تائهة مشوشة كانت تأسست في مرحلة معينة على مبادئ خاصة بتلك المرحلة ولكن حينما جابهتها ظروف وحاجات ومعطيات المرحلة الجديدة التي أوجبت عليها تعديل رؤيتها للعالم أو حتى تبديلها فهي لم تلجأ إلى ذلك وإنما فعلت كل ما وسعها لتضيف الجديد إلى القديم في خلطة توفيقية لا يمكن مطلقا أن تنتج سوى الهزيل من الأفكار.

إن بعضا من الأحزاب والحركات السياسية كانت غادرت رفاهيتها النظرية إلى محنة التطبيق حال استلامها لدفة الحكم. قبل ذلك كان بإمكان هذه الحركات أن تؤسس نظريتها من وضع مرتاح خارج السلطة وأثناء وجودها في المعارضة, وأن تذهب بعيدا في تنظيراتها الفكرية الأحادية من دون أن يرف لها حاجب. لكنها حينما تصدرت السلطة أو حينما صارت شريكا فيها كان لزاما عليها أن تتغير وتتعدل بالاتجاه الذي يوجبه الواقع والتطورات التي لم تكن محسوبة من قبل..
إن أحزابا أساسية كانت معقولة حينها, ومقبولة وقتها, وحتى مطلوبة آنذاك, سرعان ما بان عوزها وفقرها بعد إستلامها للسلطة فأسقطت على البلد إشكاليتها مع ذاتها مثلما أدى عوزها إلى فكر النقد والتغيير وآلياته إلى شل البلد أو وضعه على طرق ضالة.

الواقع ليس هناك فكر تاريخي خالد, وبالأمس حينما كان التغيير العلمي والاقتصادي والاجتماعي يحدث ببطء كان ممكنا حتى للعقائد الأيديولوجية أن تصمد طويلا, أما في عالم القفزات التكنولوجية فلم يعد الوقت يسمح لاستمرار نظريات كانت تمتلك في السابق قدرة البقاء حية في عالم كان يفرز متغيراته بالراحة. إن الشاطر في عالم اليوم هو الذي يضع آليات النقد قبل الفكرة, ومنهج النقد قبل العقيدة, والالتزام بالديمقراطية والتخلي عن قمع الأيديولوجية إلى حيث الأفكار اللا- خالدة, ففي عالم اليوم.. الخلود جزء من عقائد تم الإعلان عن موتها.
العقيدة الشيوعية مثلا كانت استجابة لواقع اقتصادي واجتماعي تسيد حينها, واليوم فإن تراجع الشيوعية لا يعني مطلقا أنها كانت خطأ حين التأسيس وإنما يعني أن المتغيرات في العمق الاقتصادي والاجتماعي والعلمي قد نالت من أساسياتها بالاتجاه الذي يوجب عليها تعديل تلك الأساسيات لكي تظل قادرة على حماية حالة التناغم بين مناهجها وبين بيئتها, وإلا لصار مقدرا عليها, كمناهج عملية وحلول موضوعية, وحتى كأفكار ونظريات, أن توضع على الرف لتكون جزء من الأرشيف الإنساني.
وكذلك فإن التجمعات والأحزاب الوطنية والقومية التقدمية لم تكن مخطئة كليا في مرحلة التأسيس وإنما لأنها عجزت بعد ذلك أن تعدل مسارها الفكري والعملي بالاتجاه الذي يأخذ بنظر الاعتبار ما توجبه المتغيرات, وذلك لتصدعات أيديولوجية من جهة ولغياب أفكار ومناهج وآليات التعديل والإصلاح التي تعينها على ذلك.

في مقالة سابقة لي حول إمكانات الإصلاح السوري قلت أن هذا النظام كان تأسس قبل أكثر من أربعة عقود ونصف ولم يكن يحمل عقيدة الإصلاح, مثله مثل بناية أهمل مهندسوها أهمية أن يحتفظوا بخرائط التأسيس الكهربائية والمائية وبعدة التصليح اللازمة, فلما انفجرت الأنابيب بعد أن صدئت, وتقطعت الأسلاك بعد أن تهرأت, لم يجد أهلها سبيلا لإصلاحها, لأنهم لا يعرفون من أين ينشأ الخلل أولا كما أنهم لا يملكون أدوات إصلاحه إن عثروا عليه بعد ذلك.

إننا نواجه الآن نوعين من النظريات المتعثرة.. أولها تلك القديمة المتجمدة عند مرحلة التأسيس والتي لم تتعظ لحد الآن من تجاربها السابقة والتي ترى أن الخطأ يوجد في كل شيء ما عداها, والتي لم تتزود أساسا بكل ما يجعل عملية الإصلاح لازمة وملازمة, أي كجزء لا يتجزأ من عقيدتها السياسية, فلما جابهت الأزمة لم تجد غير أن تلتزم بحلول سلبية تنطلق من غياب قضية الإصلاح ووسائله وأدواته لأنها كانت تعتقد أنها أكملت دينها يوم تأسيسها, فكان كل ما فعلته هو أن أعادت توزيع الشتائم على القوى الأجنبية المتآمرة عليها.

أما الثانية فهي القوى المرتبكة العقيدة, المشوشة التفكير, التي تحاول أن تجابه المراحل الجديدة بخلط القديم المستهلك من الأفكار والعقائد مع الجديد, فتراها وهي تتصدر السلطة كبديل للقديمة المتجمدة المستهلكة عاجزة عن أن تقدم نفسها من خلال برنامج يلائم العصر والمرحلة وينسجم مع متطلبات النهضة, فهي طائفية التكوين والعقيدة في حين أن بناء الوطن الموحد من جديد يستوجب وجود حركات لا طائفية على قمة السلطة. وهي أيضا متخلفة الأفكار في حين أن عالم اليوم يتطلب الدخول الفوري بأسلحة بناء علمية لا تتوفر لديها.. وهي ذات أفكار سياسية تصنيمية لا تختلف عن القديمة إلا في شكل الصنم الذي تعبده, ومع ذلك فهي مجبرة على أن تدعي إيمانها بالديمقراطية.

إنها الازدواجية بأبشع صورها, وكما يوجد في الطب أشخاص سايكوباثين كذلك توجد في السياسة أحزاب سايكوباثية.
ومنذ أكثر من خمسين عاما والعراق مبتلى أما بحاكم سايكوباث, أو بنظام سايكوباث, أو بالاثنين معا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا, العراق, البحرين.. رايح جاي
- سوريا.. استأثر حاكمها فأساء الأثرة وجزع شعبها فهل سيسيء الجز ...
- التسامح وصِلاته الدينية
- ستلد الطائفية نهضة حينما تلد القرود أسودا
- المشي مع السلاحف أم الركض كما الغزلان
- حسن العلوي والدولة الكردية.. بين قوة الضعف وضعف القوة
- النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين
- الأتراك قادمون
- اغتيال المهدي.. حينما يكون الاتهام صحيحا وإن كان خطأ
- أنظمة بالية وخطاب سياسي مستهلك
- بين ليبيا العراق.. مقارنات بائسة
- إيران والعراق...التعويضات وأشياء أخرى
- لا تجعلوا كراهية صدام مفتوحة وبدون شروط
- الفساد في محاربة الفساد
- الهجمة العنصرية الأوروبية.. المهاجرون سبب أم ضحية
- إشكالية التقليد ودولة الفقيه لدى الشيعة الإمامية
- جريمة النرويج.. وإن للحضارة ضحاياها أيضا
- الرابع عشر من تموز.. من بدأ الصراع, الشيوعيون أم البعثيون ؟
- الإسلام السياسي وصراع الحضارات
- تصريح النجيفي.. تهديد أم تحذير


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ثقافات سياسية تائهة