أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - ابايعكِ على ارث الجمال ..














المزيد.....

ابايعكِ على ارث الجمال ..


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 18 - 22:28
المحور: الادب والفن
    


ابايعُكِ على إرث الجَمال
( صياغة أخيرة )

إلى شاعرة


خُذي نَفَسَا عميقا من الليل :
نَفَسَا عميقا جدا من بريق النجمة ، التي لم يرها أحدٌ إلا واستغنى عن عينيه ، مسترشدا بما في داخله من نظرة باطنية ، لم يُكتشف أمرها : من أين جاءت ، ناصعة ..ربما من ضباب المجرات ، عندما العقلُ ذهب الى النوم ، فحلّ غيابُه القماطَ ، عن بدن الخيال ، ليلعبَ طفلُ الروح على هواه .

خُذي نَفسا عميقا ، عميقا جدا ، من الهواء :
تملأين به رئة الريح ، حين تسقط عن جناحيها رغبة اللعب مع قشة العشب : هي روح الشاعر منقولة على بساط التنهدات ، من جسد الى جسد ، حتى استقرتْ ، أخيرا ، في عروقكِ ، فصارت ريشا يحرّك الحياة في جسد العاصفة ، التي نسيتْ في أعماق أي شاعر ، قبلكِ ، تركتْ ثيابها .

أنصتي جيدا :
هناك صرّة أصوات مرمية في وهاد الصمت .
هناك مقطعُ من البرد يعزفُ ارتجاف أعمدة الكهرباء .
هناك رعبُ الطيور فوق أسلاكها ،
وهناك الأحلامُ التي تضربُ بعضها البعض بالحجارة .

وكمن انتظر طويلا ، كمن آمن أن لا يحصل شيء مدهش إلا بحضوره ، كمن لا يتوقع حدوث إلا ما هو خارق ، شاهدي المساءَ يُقذفُ من النافذة :شظايا زجاجه المنثور على الأرصفة ربما هي قلبكِ ، فاتركيه :
اتركيه هناك مع الحطام ، يُداس بأحذية المارة .
لاترفعيه .
لم يُعد يُسمى ، هذا الملقى من النوافذ ، قلبا :

اتركيه ،
فلم يعد صالحا لمواصلة الرحلة .
سيأتي مَن يجمعه غصة غصة ،
سيأتي مَن ينهبه ، كمصباح ،
وسيأتي ، أخيرا ، مَن يحطمه على المصاطب ،
مصمما على الذهاب الى الله بقلب مظلم .

لا تأبهي لذلك : يوما ما سيبتكر انسانـُكِ الداخلي قلبـَه الخاص ، وستتركينه مطمئنة ، إذ لم يعد عرضة للانتهاك .

اتركيه عند حافة كل هاوية ، تحت مقصلة نفسه ، كما فعل من قبلك الشعراء .

اتركيه يرفرفُ ،
مثل
علم مكسور في مقدمة موكب لا يسير فيه أحدٌ سواكِ ، وامشي ..

خذي راحتكِ بالمشي بين الأشباح : شبحٌ بعد آخر سوف ينسحبُ الجميعُ ، ليخيطوا الشقَّ الذي تواصلين فتحه ، بلا هوادة ، في ثياب العالم ، وأنتِ تفلتين من الجسد ، فلا تنفذين أخيرا ، إلا وقد تركتِ هيكلكِ العظمي هناك ، مثل ذرة غبار سقطتْ من حجارة الزمن ..

امشي كمن يقود جيشا جرارا ، لكن أينَ ما التفتَ ، وابتدأتْ المعركةُ ، وجدَ نفسه وحيدا .
هناك وقتٌ طويل ينتظركِ في ممر المجازات ، رافعا ضدكِ ومعكِ سيف المخيلة ، غير أن الاستعارات ستدفع بكِ عن الموت بعيدا .
سلاحُكِ جرحُكِ الذي لا تعلمين مَن زرعه عميقا فيكِ ، ولماذا ؟

من جرح الى جرح : في معركة بدأتْ قبل أن يتعرّفَ البدءُ على نفسه : من خندقٍ إلى خندقٍ ، فيما أنتِ تواصلين رشّ الملح فوق كل جرح ، خذي معكِ بشاشة حلمكِ الطائش ، البديع : أن مدينة ما تنتظر منكِ بنائها بإشارة من صفير فمكِ ، أو بنظرة غامضة تكتبها هواجسكِ على هامة الفراغ . وعندما أخيرا تصنعين المدينة ، ولا يعترف بصنيعكِ أحدٌ ، ابتسمي ، لأن فكرة السمو قد تعفنتْ في رأس الملاك ، والشيطان لم يعد أحد بعينه .

لابأس .

نامي ، لبرهة ، تحت جسور مدينتكِ التي بنيتِ ، كما فعل الانبياء ، الصعاليك ، والفلاسفة ، وفي كل صباح ، بقناعة مـَن عرف نفسه أخيرا ، ردّدي مع الفقراء لازمتهم البسيطة : " الله كريم ، الله كريم "
ثم
امضي وحيدة : زادكِ الغناء .

ابتسمي عميقا ، فالنار لم تجفّ في شعلة القصيدة ، كما أن هناك مدينة اخرى بانتظاركِ .

لا تنسي شيئا من عدتكِ الأزلية : جرعتكِ النقية من السهاد ، حتى تسقطين مغشيا عليكِ أمام كِسرة مرآة ، ينكرُ أمامها وجهـُكِ وجهه .
لا تنسي حصتكِ من الخذلان ، فلا كائن سيحنو ، ولا بيت يُعيرُكِ سريرا تموتين عليه ، ولو للمرة الأولى أو الأخيرة .
مع ذلك كله خذي حصتكِ النبيلة من الأمل .
خذي الغصـّة أيضا .
اكرعيها بكامل أشواكها وابكي ، لأن العالمَ لن ينظف إلا بأن تغسلي قدميه بينابيع دموعكِ .

خذي ما لايؤخذ ، وكأنكِ منذورة له :
صفعة قوية من حبكِ الخائب ، الجميل .
صعقة الأشواق ، تحت شمس المنفى .
وقيعان الغرق ،
المالحة ، المالحة ، المالحة ..

الآن ،
وقد دفعتِ الثمنَ ، وانتهتْ رحلتـُكِ ، التي سيبدأها كائنٌ مثلكِ ، من مكان آخر ، لم يعد مهما إن وصلتِ فاقدة النطق :إيماءة ُ من رأسكِ المنسي على أعناق الرماح ، ستوجزكِ كما يوجز الدرُّ نفسه دون أن يقول .

ليس مهماً أن تصافحي أحدا .
أن تبصمي على عهد .
أن تكتبي كلمة في دفتر الزوار ،
أو
أن تلوحي للماضي :
لكِ العذرُ في ذلك .
ربما ،
أثناء الرحلة ، نسيتِ يديكِ تواصلان السباحة في بحر ما ، لكنكِ عبرتِ إلى الجانب الاخر منه من دونهما فهما ، أصلا ، رفيقان زائدان عن الحاجة .

إنما تعالي ، بخفة طير وجدَ عشـّه الضائع في الغابات ، منذ قرون : الشـِعرُ يناديكِ لتقابليه ، وجها لوجه .

سيخلع تاجه من أجلكِ ،
وينحني ،
كما انحيتُ لقامتكِ العالية ،
مبايعا إياكِ على إرث الجمال ..



#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يفكرُ اللمعان في عقل اللؤلؤة ؟!
- نشيد الإنشاد السومري ..
- خزائن حسين علي يونس ، وثقافة الضغينة ..
- اغنية الخيط ..
- رسائل غرامية إلى الملاك / 2
- اينانا ، لماذا تعبثين بحياتي ؟!
- الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 4
- الحب حسب التوقيت السومري / 3
- الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 2
- قتلتُ مَن اُحبُ ومَن لا اُحبُ ، وأحببتكِ ..
- الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 1
- اعجوبة العجائب ..
- الحبُ ، حسب التوقيت السومري ..
- رسائل غرامية إلى الملاك / 1
- حمامة ، حمامة بيضاء ، كحمامة بيضاء ..
- اغنية نفسي ..
- أطوفُ حولكِ ، مثلما تطوفُ ريشة حول عاصفة ..
- أتهمكِ بأخطر الجَمال ..
- الحب حسب التوقيت البغدادي ..
- قصيدة نثر لشاعر جاهلي ..


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - ابايعكِ على ارث الجمال ..