|
نشيد الإنشاد السومري ..
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 23:50
المحور:
الادب والفن
1
عندما كفرتُ بحبكِ صرتُ أكثر تدينا . صرتُ معصية من العطر ، تركعُ خاشعة لكل وردة . لم أتوقع أن أكونَ مؤمنا يبشر برسالة يتلعثمُ حائرا ، فيطارده الناس بالحجارة : يسقط مغشيا عليه ، كلما شاهدكِ خلف نافذة ترتلين آية من اليأس ، أو تغسلين الصباح بموجة من الرحمة . لم أحلم بكرامة أن أمشي في الهواء ، أو أن اكتبَ شعرا يجعلني جميلا ، ويبعثكِ امرأة خارجة من النار بوجهٍ تنحي لجماله الشعلة . كفرتُ لأكفرَ في ساعة كفر ، ولم أتوقع أن تكوني القربان ، لأنجو من خطيئة أن لا أحبكِ بالطاعة وأن لا أعبدكِ إلا بالمعصية .
2
من أقصى الماضي أتيتُ لأقول : احبكِ ، وإلى أقصى الماضي مضيتُ لأقول : احبكِ
في ذلك الذهاب ، وفي تلك العودة ، كنتُ البستان الذي يطوفُ الأزمنة بحثا عن شجرة ، هي خلاصته ، ساعة يتصحّرُ العالم ، فلا يعود العاشق من رحلته إلا بالغبار على القدمين ، أو بحفنة من الرمل ينفجر ، من داخلها ، مثل واحة ، قلبه ..
3
جاء في أخباركِ أن شاعرا كتب اغنية عن امرأة رآها في منامه ، وأن الاغنية عندما وصلتْ اليكِ رأيتِ الشاعر في المنام ، فخرجتِ باحثة عنه بين المدن ، حتى تفرقتِ في البلدان والقصائد والأغاني . كنتِ تسألين عنه الحيارى والمجانين والغرباء والسكارى والانبياء والصعاليك والفلاسفة ، وما كنتِ تعرفين أنكِ كنتِ تسألينه ، هو الذي تفرّق في هؤلاء ، وتشعّبتْ روحه بين أجسادهم ، بحثا عنكِ في البلدان والقصائد والأغاني ..
4
أيتها العارية كالهواء ، البسيطة كقلم الرصاص ، والمضطربة كعصفور يطير من هنا إلى هناك ، ومن هناك إلى هنا ، بحثا عن جناحيه . أيتها الحافية كالندى . أيتها البعيدة كيدي . أيتها الدافئة ، كموسم من القُبل . أيتها الشفاه التي تعطفُ على الكلام .
5
أفتقدُ صوتكِ الذي يأخذني إلى النبع الذي بحثَ عن الشعراء في الشعر ، ومنقبو الآثار في الخرائط : ذلك النبع المسحور ، الذي قطرة منه تجعلُ الأبد في متناول اليد ، والحياة طويلة ، كشَعركِ الذي يسيل في النبع ، ويسيل معه صوتكِ والشعراء والرحالة والأبد .
أفتقدُ صوتكِ المخضّب بالأبد .
6
كان يحبكِ لأنكِ عاصفة تخجل من أن توقظ الشجرة من غفوتها ، ويحبكِ كان لأن الأرض مستطيلة وأنتِ أضلاعها ، ولأنكِ كنتِ تخيطين الشقَّ في ثياب العالم بضحكتكِ كان يحبكِ : كان يحبكِ وكان يحبكِ وكان .. يحبكِ لأنه يحبكِ : وكان يعرفُ أن ليس بإمكانكِ أن تحبينه لأن أحزانه عصية الفهم مثل لغز ، ولأنه ما كان يملك أكثر من أن ينظر إليكِ بصمت ، مكتفيا بمعجزة وجهكِ الذي تنفجر منه رغبات مبهمة يملكُ أن يحققها لكِ ، سوى أنه يفضل أن لا يكون دخيلا على حياتك ، فيقلبها عليكِ ، كما قارب في اعصار..
7
احبكِ وأنا منشقٌ عن عشاقكِ ، رغم أنني في المقدمة دائما : لا اريد فرحا سهل الكسر كالزجاج ، ولا أعتني بتربية الغفران الذي يلجمُ الصفح : احبُّ العفو العاثر الحظ ، الذي يمنح الكائن حرية وعرة ، يجرفها الحب مع سيوله إلى حيث المخبوء من الدر في الباطن : هكذا احبكِ . وهكذا أسلكُ إلى قلبك طرقا وعرة ، رغم معرفتي أن طرقا اخرى توصلني إليكِ بدون مشقة . كأسي الفارغة على طاولة الحياة لن أتنازل عنها : إنها مأهولة بعطش جوهره أنتِ .
8
و من أخباركَ أنكَ كنتَ ثملا ، فرأيتني أمشي فوق المياه : القيتَ بنفسكَ عاريا ، فأحببتك فورا ، لأن لا أحد رآني ومشي فوق المياه قبلك ، كما أنني لم أكن ماشية فوق الماء حين رأيتني ، لأنني في الأصل ، كنتُ قطرة تفرُّ منها المياه ، كل المياه ، حتى أحببتك . حولني حبك إلى سمكة ، آه سمكة : انظرني .. أنا السمكة ، تلك السمكة التي يصعب الامساك بخيط خواطرها ، وهي تسبح عارية في بحيرات جنونك الشاسعة الزرقة ..
9 جاء في الفرح أنكِ العيد ، وجاء في العيد أنك صبية ، وجاء في الصبية أنكِ عاشقة ، وجاء في العاشقة أنكِ القلب ، وجاء في القلب أنكِ الحنان ، وجاء في الحنان أنكِ الربيع ، وجاء في الربيع أنكِ الوردة ، و جاء في الوردة أنكِ الفراشة ، وجاء في الفراشة أنكِ الرحيق ..
ما جاء في الرحيق لن يصدقه أحد ، لأنه وجهكِ ، ولأن ما جاء في وجهكِ هو الصباح : ذلك الصباح الذي يخلع فيه العالم جلباب كآبته ، ويبتسم ُ لأنكِ صبية عاشقة ، صبية عاشقة ، وحدها ، تعرفُ أين المفتاح ، المفتاح المسحور ، الذي يفتح جميع الأبواب ليدخل ، بكامل قيافته ، العيدُ ..
..........................................................
يتبع ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خزائن حسين علي يونس ، وثقافة الضغينة ..
-
اغنية الخيط ..
-
رسائل غرامية إلى الملاك / 2
-
اينانا ، لماذا تعبثين بحياتي ؟!
-
الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 4
-
الحب حسب التوقيت السومري / 3
-
الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 2
-
قتلتُ مَن اُحبُ ومَن لا اُحبُ ، وأحببتكِ ..
-
الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 1
-
اعجوبة العجائب ..
-
الحبُ ، حسب التوقيت السومري ..
-
رسائل غرامية إلى الملاك / 1
-
حمامة ، حمامة بيضاء ، كحمامة بيضاء ..
-
اغنية نفسي ..
-
أطوفُ حولكِ ، مثلما تطوفُ ريشة حول عاصفة ..
-
أتهمكِ بأخطر الجَمال ..
-
الحب حسب التوقيت البغدادي ..
-
قصيدة نثر لشاعر جاهلي ..
-
عندما شعبٌ من العصافير على كتفيكِ ..
-
قصة الحب ، اغنية الحرية ..
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|