أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - الحب حسب التوقيت البغدادي ..














المزيد.....

الحب حسب التوقيت البغدادي ..


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 3374 - 2011 / 5 / 23 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


" إن على الجمال أن يكون متشنجا ، أو لا يكون .. "

بريتون



لم يتغلب جمالُ هذه المرأة على جمالكِ ، رغم أنها أكثر جمالا منكِ ، وهو ما يربكني عندما تضبطني جالسا في داخلكِ : أتلوى من اليأس ، أو متشعبا في مزاجكِ الذي يتدبلُ ، حسب طقس عائلة مولعة بنشركِ على حبل الزواج ، كلما خطر في خيالها شبحٌ تعتقد أنه الملاكُ المخلص ، الذي على يديه ستكونين اما صالحة :
تنجببين أولادا يذهبون إلى الحروب ، أو يتشردون بين المنافي ، ثم لا تجد مَن تفيض بحنانها عليه سوى الكراسي الفارغة : تنظفينها ، بنظراتكِ ، من الغبار ، وأنتِ جالسة في زاوية المطبخ .

آه ،
تضبطني هذه المرأة الجميلة متلبسا بالخيانة العظمى : أتلصلصُ عليكِ من ثقوب تصنعها مخيلتي بمهارة ، فأرى حسراتي تحوم حول رأسكِ ، كطيور مهاجرة تبحث ، وسط المياه ، عن جزيرة ما ..
ألمحُ حياتي تتحول إلى دخان ينفذُ من مسامكِ : جسدكِ دخانٌ عبثا تحاول الجدران أن تمسكه : أن تمنعه من الطيران في كل اتجاه ، ليقع في مصيدة الحب ، حسب التوقيت البغدادي :

تتسللين عبر الأسلاك الشائكة ،
تخترقين المفخخات ، الحواجز ، ومنع التجوال :
تجلسين إلى جواري فوق سياج العالم ، ونضحك بمرارة ، لأن الهاوية تلّوح لنا ، من بين أقدامنا ، بشغف جائع ينتظر رغيفا من الخبز ، منذ أول مجاعة .

تنتظرنا هاوية يجب أن ننتظر قرونا طويلة لترتد من قعرها أصداء صرختنا ، أثناء ذلك تشنقني ، هذه المرأة الجميلة ، بحبل عروضها السخية : ستطبع كلّ قصائدي المكتوبة بحبر دموعكِ ، إن أنا قلتُ لها الكلمة التي تنتظرُ ،

لكن ..
ماذا تريد هذه المرأة الفاتنة من قصائدي التي تحبكِ ؟!
إنني ، إضافة إلى كذبي عليكِ ، لا أتقن الصدق إلا معكِ : أدعي أنني بخير في كل مرة ، رغم أنني أفتح نافذتي فأجد الصباح جاهزا لأخذي إلى المخفر ، حيث ينتظرني دائنون مذ أن فرّ آدم من الجنة مصحوبا بديون عليَّ ان اسددها إلى هذه المرأة الناعمة ، المرأة الجميلة ، التي تفتح جميع نوافذها لتسمعني أقول الكلمة المعجزة ، ولا أقولها .
لا أقول لها : احبكِ ، لأنني احبُ غربتي فيكِ .
شقائي وتشردي يتحولان إلى منحةٍ مباركةٍ عندما أشعرُ أنني احبكِ ، كما أنكِ تحبينني هكذا : هائما في الكتبِ ، غارقا في الموسيقى والأغاني والسُكر ، أو نائما على المصاطب : تعشقينني مفلسا ، وترنُّ ضحكتكِ في جميع الجهات عندما أطلبُ منكِ الزواج .

عندما أطلبُ منكِ الزواج تستفيق القبيلة من نومها ، تُغلق الحدود بوجه العصافير ، وتعلنُ امكِ النفير .

ـ لن أتزوجكَ قط ، لأنني تزوجتكَ قبل أن تولد

أنا امكَ ، أيها الولد

وأنا طفلتكَ ، أيها الأب .

دعنا نعيش على هامش اؤلئك ، لنكون مركزا لنا ..

هكذا تسحبين البساط من تحت الجميع ، فتنتهي المعركة بهدوء :
دائما تنتهي المعركة بهدوء : تذهبين إلى الأرق ، وأذهب لأسكر في الحانات ، فيما يعجز جمالُ هذه المرأة الجميلة أن يتغلب على جمالكِ ، رغم أنه يجرجرني إلى هزيمة طفرتْ معي إلى العالم منذ صرخة الولادة .

لا أعرف لماذا أنتِ جميلة ، كامرأة جميلة جدا ، رغم أن هذه المرأة أكثر جمالا منكِ ؟!
ينقصها شيء ما لا أعرفه ، أنا الذي أعرفكِ كما يعرف الطفلُ شكلَ أجفانه .
أعرفكِ ، كما لا أعرفني عندما أكون ممزقا بين صداقة البرق وخصومات الغيوم .
أعرفكِ كما لا اعرفكِ عندما تفتحين أزرار قميصك ، ليطير الحمام .
أعرفكِ عندما تسرقين رصيد هاتفكِ من هاتف آخر ، لتخبريني أن الحمام لم يعد إلى الآن لينام تحت قميصكِ .
هذا ما يجعل من هذه المرأة الجميلة ، هذه المرأة الغنية ، امرأة لا أضعف منها ، رغم أنني لا أعرف عاصفة أنحف من عظامكِ :

لماذا أنتِ جميلة ؟!

أهمس في إذن الهواء ، فتبتسم المرأة : هذه المرأة التي تبتسم لأنها تريد أن تبتسم ، كأن كآبة هذا الكون الذي في داخلي ، لا تعني لها شيئا .

يا إلهي
ينقصها شيءٌ ما ، هذه المرأة ، التي لا اطلبُ منها سوى أن تصبر على قلبي ليحسم الأمر : لماذا لا تبدو جميلة مثلما أنتِ ؟!
ربما ينقصها أن تسرقَ علبة سجائري :
تدخن ، وترفع صوتها بالغناء ، من النافذة ، فينزعج الجيران : أصيحُ بها ، فتمد رأسها إلى الشارع : هل الرجال قوامون على النساء حتى في الغناء ؟!
ينقصها شيء آخر ، ربما ، هذه المرأة اللطيفة : هذه المرأة التي تقيس كلامي بالمسطرة ، وتكلمني من وراء منديل ، خشية أن اصيبها بعدواي .
ينقصها أن تفاجئني وهي مريضة :

ـ أنا مريضة بكَ ، ولا اريد منكَ سوى أن تلف وجهي بأنفاسكَ لأتمتع بموت عميق ..

آه ،
لم يتغلب الجمال كله على جمالكِ ،
ولا اعرف ماذا فيكِ لأنجو من هذا الدوران حولكِ : احجّ اليكِ ، بلا موسم ، وأرمي كل جمال ، سواك ، بالحجارة .

ربما
كان وجهكِ البريء ،
وجهكِ الشيطاني ،
وجهكِ الذي لا أجد له وصفا .

ربما
كان كذبكِ ،
ربما صدقكِ ،
ربما حزنكِ الطويل ، هذا الذي يشدني إلى عمود الشوق ، ويجلدني بسوطه .

آه ،
لو أعرف لماذا أنتِ جميلة .
ربما هي الكتبُ التي أفسدتْ عليكِ كل زواج ،
مثلما خرّبت حياتي ..



ربما ..



#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة نثر لشاعر جاهلي ..
- عندما شعبٌ من العصافير على كتفيكِ ..
- قصة الحب ، اغنية الحرية ..
- اغنية هي التي ..
- بورتريه الشاعر ..
- لماذا تعشقين شاعرا بسيطا مثلي .. ؟!
- الملائكة يصلّون عليكِ ، والخائبون والخائبات ..
- لحظة جان دمو ..
- اعجوبتكِ ..
- شاسعة جدا ، كالبياض ..
- قصيدة العصفور
- كن عاشقا عالميا ، كالتراب ..
- رأيتُكِ في البلدة التي لا اسم لها ..
- احبكِ قبل أن يبتكروا الكتابة ..
- كيف تولد المعجزة .. ؟!
- كان عليَّ أن أهربَ منكِ ..
- الشاهد .. !
- قصيدة نثر عن الحب والزمن
- اغنية جان دمو
- اغنية السيدة ذات القلب الأعظم ..


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - الحب حسب التوقيت البغدادي ..