أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - الرداءة.. كتابةً وكاتباً!














المزيد.....

الرداءة.. كتابةً وكاتباً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 18:11
المحور: الصحافة والاعلام
    


"المقالة"، أي "المقالة الصحافية"، أي "مقالة الرأي"، المكتوبة بـ "لغة الضاد"، والتي تُنْشَر في صحيفة يومية أو أسبوعية..، هي الآن، على وجه الخصوص، في أزمة، فعَرْضها يزيد، والطلب عليها يقل، فيُصاب "سعرها المجازي" بما يُصاب به سعر كل بضاعة زاد عرضها، وقل الطلب عليها؛ وهذا ما يعكسه الانكماش المستمر والمتزايد في حجم القراء، الذين، على كثرة ما يُكتب، يقولون للكُتَّاب، كل يوم، اكتبوا حتى نقرأ!

إنَّه "قانون الحاجة" يفعل فعله في عالم "مقالة الرأي"، فما يحتاج إليه القارئ، باحثاً عمَّا يلبيه في "مقالة الرأي"، يَعْظُم ولا يتضاءل؛ لكنه ما أن يقرأ "مقالة الرأي" حتى يستبد به شعور أنَّ حاجته لم تُلبَّ، ولم تُشبع، وأنَّها، من ثمَّ، قد نَمَت واشتدت، وكأنه الظمآن الذي شرب من ماء بحرٍ متوهما أنْ يرتوي، فإذا به يزداد عطشا، وكأنها، أي "مقالة الرأي"، سراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً.

تَكْثُر أسباب عجز "مقالة الرأي" عن تلبية وإشباع ما يحتاج إليه القارئ، أي معظم القراء، في عوالم الفكر والسياسة والثقافة؛ لكن أهمها يبقى هو أنَّ تلك المقالة، أي معظم "مقالات الرأي"، تُنتَج وتُصنَّع لتلبية حاجات الأقوياء النافذين في عالم السلطة والمال، أي الحاجات التي يكفي أن يسعى الكاتب في تلبيتها حتى يعجز عن تلبية الحاجات المضادة.. حاجات الغالبية العظمى من الناس والمواطنين والقراء.

وهذا ليس بالأمر الذي يدهشني أو يحيرني، فـ "مقالة الرأي"، في تاريخها، إنَّما هي اتجاه فكري أو سياسي أو ثقافي يَكْتَشف الأقوياء النافذون في عالم السلطة والمال أهميته وضرورته لهم، ولمصالحهم الفئوية الضيقة، فيتوفرون على تغذيته، ومدِّه بأسباب البقاء والنمو، فيسود كما يسودون، أي سيادة مصطنعة زائفة، مدججة بالسلاح، مثخنة بجراح "الاغتراب"، الذي تقوم عليه العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

ما يدهشني ويحيرني إنَّما هو "الرداءة"، فذوو المصالح الفئوية الضيقة، وهم الأقوياء النافذون في عالم السلطة والمال، لا يستطيعون أن ينتجوا ويُصنِّعوا من الكُتَّاب إلاَّ "الكاتب الرديء"، أي الكاتب الذي بحسب المعايير المهنية والفكرية لا يمكنه إلاَّ أن يكون رديئا في مقالته، وفي الرأي الذي يُضمِّنه إياها، وكأنَّ الرديء من الكُتَّاب، ومن "مقالات الرأي" التي يكتبون وينشرون، هو حاجة ومصلحة وضرورة!

هؤلاء لا يمشون مشيا، ولا يقطعون المسافة خطوة خطوة، ولا يصعدون السلَّم درجة درجة؛ إنهم يقفزون قفزا، فما أن ينهوا الصف الأول، أو الصف الثاني، من "مرحلة الدراسة الابتدائية"، في عالم الصحافة والكتابة والفكر، حتى ينالوا درجة الدكتوراه، وتنهمر عليهم "العروض"، وتُفتح في وجوههم كل الأبواب الموصدة، وتذلل من طريقهم إلى "المجد" و"الشهرة" كل العقبات، وتأتيهم "هوليوود الإعلامية" حتى غرف نومهم، فتلتمع نجومهم حتى في عزِّ الظهيرة، ويغادرون الكهوف والأكواخ إلى ما يشبه القصور، التي ينقشون في واجهاتها عبارة "هذا من فضل ربي"، فهُمْ من نَسْج وخَلْق قانون "مَلِّكه تَمْلُكه"؛ وهذا القانون إنَّما هو لجهة نتائجه كمحاولة، غير موفقة حتما، لاستنبات أجنحة للحمير، حتى تطير!

اقرأ لهم، فإذا تجشَّمت ذلك، فلا بد لك من أن تقف على كثير من الأمراض النفسية التي يعانون؛ فهذا يحدِّثك، في مقالته، التي هي "مقالة رأي"، عن زيارته السياحية الأخيرة لدولة غربية، والتي قام بها تلبية لدعوة من..؛ وذاك يسعى في إقناعك بأنه لا ينطق إلاَّ عن دراية ومعرفة بما يجهله غيره، فهذا الوزير، أو الأعظم من وزير، استضافه، فأسرَّ إليه حديثا بعدما أسرَّ إليه المودة، فصنَّع لنا مما سمع مقالة فيها من المعلومة الجديدة الجيدة ما يخرجنا من الظلمات إلى النور؛ وذلك يحاول، في مقالته، أن يُثْبِتَ للمستثمرين فيه مالا ووقتا وجهدا أنهم كانوا على حق وصواب، فها هو، على ما يظن ويتوهم، يحامي عنهم، وعن مصالحهم، بما يؤكِّد أنَّه يفوق محامي الشيطان حذقا ومهارة!

مأساة هؤلاء إنَّما تكمن في كونهم أكثر الناس اقتناعا بكذب ما يقولون، وسخف وتهافت الرأي الذي عنه يعبرون، والذي عبره يتوفرون على "صناعة الرأي العام"، أي على خلق "رأي عام" على مثال رأي ذوي المصالح الفئوية الضيقة.

قد نَصِف هؤلاء بأنهم "انتهازيون"؛ لكن "مرض الانتهازية" لا يصيب عقل الكاتب، وإنَّما قلمه ولسانه، وما يخرج منهما من رأي وقول، فكبير الانتهازيين يعلم علم اليقين أن الأرض هي التي تدور حول الشمس، ويؤمن بذلك إيمانا لا يتزعزع، ولا تنال أموال قارون من قوته ومتانته؛ لكنه مضطر، أي تضطره مصالحه الشخصية التافهة، إلى أن يمارِس "صناعة الرأي العام" بما يفضي إلى جعل الناس مؤمنين بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض!

وحتى يتصالح هذا الكاتب الرديء مع نفسه لا بد من نشر وإشاعة ثقافة يظهر في مرآتها على أنه خير مَنْ يعرف مِنْ أين تؤكل الكتف، والألعبان، والذكاء إذ اتَّقد، والحنكة والخبرة، والزئبيقة، والطموح إلى العلا، فمن يتهيَّب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر!

إنَّه، وبفضل تلك المرآة الثقافية التي تُريه صورته كما يُحِب، يرى العبقرية في كل ما يخرج من قلمه، الذي ليس بمثله تعلَّم الإنسان ما لم يعلم، ومن لسانه الذي قاء إذ قال، فيستبد به الشعور بالعظمة ولو نظرت الدنيا قاطبة إليه على انَّه أبله!

لقد امتلأت بهم، وبمقالاتهم، المسماة "مقالات الرأي"، صحافتنا حتى أفرغوها، وفرغت، من القراء!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يفعلها التلفزيون السوري؟!
- -يَسْقُط- الضوء!
- خيار نيويورك!
- دفاعاً عن -مادية- المادة.. في الفيزياء!
- -سؤال الهوية-.. أُردنياً وفلسطينياً!
- كمال أردوغان!
- لو زار غزة مصطحباً معه عباس ومشعل!
- -التدليس اللغوي- عند العرب!
- شعب مصر يَحُكُّ جلده بظفره!
- رحلة شيِّقة مع د. همام غصيب في عوالم -النسبية-!
- إشكالية -حُرِّيَّة الإرادة-.. إسلامياً وماركسياً!
- من نيويورك يبدأ -الربيع الفلسطيني-!
- الولايات المتحدة تكيد ل -الربيع العربي-!
- كيف نفهم -توقُّف الزمن-؟
- -حزب الله- خَلَع -الغار- ولبس -العار-!
- -الربيع العربي- في محاذيره الثلاثة!
- العبوس.. أردنياً!
- اليوم سقط ثالثهم.. وغداً رابعهم!
- نارٌ سوريَّة تُنْضِج -الطبخة الليبية-!
- -ارْحَلْ- إذ وصلت إلى -السفير- و-السفارة-!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - الرداءة.. كتابةً وكاتباً!