النخيب.. مجرد حلقة في سلسلة أزمات

جمال الخرسان

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا ينكر عاقل متابع للشأن العراقي ذلك الكم الهائل الموروث من الازمات الخانقة التي ورثها الوضع العراقي الحالي عن الحكومات السابقة، والذي يضاف اليه بالطبع مشكلات جديدة اخرى فرضتها المتغيرات السياسية على الصعيد الداخلي او الاقليمي وحتى الدولي، مجموعة من التراكمات القديمة الجديدة جعلت من الحالة العراقية برميل بارود قابل للانفجار في ايّة لحظة. اساليب المعالجة هي الاخرى عديمة الجدوى لانها ترقيعية في المقام الاول، كما بعض العقد السياسية ليس من السهولة بمكان ايجاد حلول مناسبة لها. نعم لابد من الاخذ بعين الاعتبار جميع ما تقدم لكن المشكلة الاكبر ان صغائر الخلافات السياسية وكبائرها بين الكتل، المكونات، والوحدات الادارية لاتوجد ثمة تصورات عقلانية لحلها! وليست هناك مباشرة واقعية على الارض باتجاه الحل بحيث تشعرك تلك الحلول بأن المشكلة في طريقها الى الحل ولو بعد ربع قرن!
الامثلة على ذلك كثيرة جدا وما حادثة النخيب الا حلقة ضمن سلسلة طويلة عريضة من تلك التراكمات التي كلما طفت الى السطح حاولنا معالجها بشيء من التخدير وتترك الامور الى لحظة الانفجار، ولذلك فان جميع الازمات في العراق وربما حتى الخلافات البسيطة في طريقها الى الانفجار. لقد تعلمنا كل مرة ان الظواهر السلبية لاتعالج الا بعد خراب البصرة.
أزمة النخيب طالما تبادل التصريحات المتشنجة حولها في مرات سابقة آمال الدين الهر محافظ مدينة كربلاء من جهة والشيخ ابو ريشة الاب الروحي لصحوات العراق وصاحب النفوذ الاكبر والمد الجماهيري في الانبارمن جهة اخرى، وكلما تنابز الطرفان حول النخيب يصار الى تهدئة بلا حلول كما هي العادة، لتصبح كل مناسبة تتصدر فيها النخيب وسائل الاعلام تصبح فرصة مناسبة لاستعراض القوة من قبل هذا او ذاك.
الحالة ذاتها تكررت بين العديد من الاطراف بعيد الحادث الاجرامي في مدينة النخيب والذي راح ضحيته اكثر من عشرين مدنيا، مسؤولون من كربلاء يطالبون بضم النخيب الى مدينتهم، ويقابل تلك التصحريات تهديدات من قبل بعض الساسة وشيوخ العشائر في الانبار! في هذا السياق فإن محمد الموسوي، رئيس مجلس محافظة كربلاء صرح حول هذا الموضوع قائلا: ( ان ضم النخيب الى محافظته ينطوي على ضرورة امنية لحماية الطريق السياحي بما يعود بالفائدة على مواطني الانبار ايضا ). قابل ذلك تصريح النائب عن محافظة الانبار احمد العلواني (لا يهمنا الدوافع، سواء كان الحديث عن وجود نفط او غاز او يورانيوم فهذا لا يهمنا، نحن نرفض بشدة اقتطاع جزء من الانبار، لان كل الوقائع التاريخية والادارية منذ خمسينيات القرن الماضي تثبت وتؤكد عائدية النخيب لمحافظتنا، وهي غير خاضعة للمادة 140 لانها منطقة غير متنازع عليها).
التصريحات تشم منها روائح غير زكية تثير القلق بين المواطنين فهناك من يمهل كربلاء 24 ساعة وهدد بمالايحمد عقباه! ومثله هدد بقطع يد حزب الدعوة، وربما هناك آخرون حدّوا سيوفهم وحرابهم لفعل مايلزم! ما جاء من تصريحات التهديد والوعيد لاتسر عدوا ولاصديق، تشعرك وكأنّ العراق ضيعة لهذا الشيخ او ذلك الحزب.
أزمة النخيب من الازمات التي يفترض ان لاتمر مرور الكرام، على هامش تلك الازمة هناك العديد من الالغام تفجرت ولازال بعضها على وشك الانفجار، لابد من استيقاف الحدث، والحديث بصراحة فلغة المجاملات لاتجدي شيئا. ان ما فعلته الجهات السياسية في كربلاء حتى لو وضع في سياق الخطأ الاداري لكنه لايفترض ان يفجر الوضع بهذا الشكل لو لم تكن الازمة قد وصلت الى مرحلة الذروة، الكل لايريد ان يتنازل عن متر واحد من حدوده الادارية لشريكه في الوطن وهذه الحقيقة المرّة تستبطن حقيقة اخرى اكثر مرارة هي أن الجميع بات على قناعة تامة بما في ذلك ابو ريشة مفادها أن العراق ليس بلد موحدا وان جميع الخيارات مفتوحة. لقد هدد ابو ريشة بقطع الطريق الى سوريا وهذا ما يملك .. بماذا يهدد اذن لو كان يملك اكثر؟!

#جمال_الخرسان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل