أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال الخرسان - قضاء الميمونة .. ذاكرة قمح وسياسة!














المزيد.....

قضاء الميمونة .. ذاكرة قمح وسياسة!


جمال الخرسان

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جرت العادة السيئة في العراق ان لايكون لغير المركز ايّ تأثير بارز في متغيرات الاحداث السياسية .. واذاما ارادت ايّ جماعة بشرية ان تؤثر في العراق عليها السيطرة على زمام الامور في المركز او على الاقل الحضور البارز فيه. جرت الامور بهذه الطريقة المركزية البحتة.. فالتاثير يتمحور في بقعة جغرافية واحدة وربما في مبنى واحد ولهذا فمن يصل بقدرة قادر الى سدة الحكم في بغداد يكون قد امسك بكل شيء، ولم يترك لغيره ايّ شيء. السياسة كانت تحرم مدن العراق الكبيرة من التأثير المباشر وغير المباشر في مسار الاحداث.. فما بالك بالمدن الصغيرة وأطراف المدن؟! تلك القاعدة الصارمة ضيقت جدا حتى دائرة الاستثناءات المحدودة وما شذ عليها نادر جدا، ومن ذلك النادر التاريخ السياسي لمدينة مغمورة معدمة مثل مدينة الميمونة ( المجر الصغير ) وهي حتى الستينات من القرن الماضي كانت ناحية تابعة لمحافظة ميسان قبل ان تتحول الى قضاء بعد ذلك. تقع المدينة الى الجنوب الغربي من مركز محافظه ميسان على بعد 25 كم، فيها اربعه نواحي ( السلام، سيد احمد الرفاعي، الهدام، ابوالسبع).
القدر الذي جعل المدينة الصغيرة واقعة قرب نهر متفرع من دجلة، ذات القدر وضعها ايضا في قلب العاصفة السياسية مرات عديدة بقصد او بغير قصد، كانت تمارس التاثير في محيطها واحيانا حتى في بغداد اكثر مما تتأثر، بحكم كونها مدينة صغيرة واقعة على الهامش بالقياس الى اهمية العاصمة.
في آب من عام 1952 انطلقت من تلك المدينة الصغيرة وما حولها انتفاضة آل ازيرج القبيلة الزبيدية المعروفة في تلك المناطق. التمرد كان ليس من اجل الكرسي ولازعامة بل من اجل الخلاص من سياط الاقطاع وظلمه المرير! اناس يكدحون من الصباح حتى المساء ولايحظون بما يستحقون من المحاصيل الزراعية. لقد كانت ثورة بدوافع غير قبلية وان كانت قد سميت باسم قبيلة آل ازيرج وذلك لان معظم سكان مدينة الميمونة هم من تلك القبيلة. الاقطاعيون كانوا يبيعون الدغار الواحد ( وهو وحدة قياس للمحاصيل الزراعية اكثر بقليل من الطن الواحد ) للحكومة باربعين دينارا ويعطون الفلاح عوضه خمسة دنانير تخصم منها الجباية، قهوة المضيف، اجرة الكاتب، ومضافات اخرى! وهذه كانت خطيئة كبرى في تاريخ الحكم الملكي الذي كان يسير في خطين متناقضين يصعب جدا الجمع بينهما، فالنظام الملكي نظام مدني بامتياز في المدينة وكان يؤسس لدولة حديثة وبنية تحتية ممتازة بالنسبة للعراق، ولكنه في المناطق الريفية يسير في اتجاه آخر مختلف تماما عن الاول لانه يؤسس للقبيلة العشائرية وبشكلها الاقطاعي الذي يسحق الفلاح والطبقات العاملة وهذا كان احد الاسباب المهمة وراء هروب الناس الى المدينة في تلك الفترة العصيبة من تاريخ العراق.

بعد عشر سنوات من تلك الثورة الفلاحية ضد هيمنة الاقطاع.. حصل في الميمونة ما لا يحمد عقباه واريقت فيها الدماء بعد حملة شنتها السلطات الامنية على خيمة نصبها اليساريون بعيد ثورة 14 تموز احتفالا بنهاية مرحلة استعباد الطبقات الفلاحية فقتل من قتل ونفي من نفي. ذلك ما دفع الجواهري رئيس اتحاد الادباء العراقيين ورئيس نقابة الصحفيين ليكتب مقاله الشهير في صحيفة الرأي العام ( ماذا في الميمونة ؟! ) وهو مقال نقدي حاد استفز الزعيم عبد الكريم قاسم وحصل صدام علني بين الطرفين في جلسة شهيرة بسبب الميمونة مما ادى الى اغلاق الصحيفة ورحيل الجواهري خارج العراق.

في المراحل التاريخية السابقة وفي الفترة الحالية فإنّ الميمونة او المجر الصغير .. قد تختلف عن مثيلاتها من المدن العراقية الصغيرة، بحكم تأثيرها في سير الاحداث، لكنها لم ولن تشذ سابقا او لاحقا عن شراكتها الدائمة مع المدن الاخرى ببؤسها الطافي الى السطح وماتعانيه من حرمان. ولن يغير شيئا بعض ما نفذ فيها من مشاريع خجولة لازالت بعيدة كل البعد عما يلبي الطموح. وبعد خمسين عاما على سؤال الجواهري ( ماذا يجري في الميمونة ؟! ) هل ثمة اجابة تختلف كثيرا عما اجيب به الجواهري آنذاك؟!

جمال الخرسان
[email protected]



#جمال_الخرسان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند الخلافات تظهر الحقائق!
- متحف الدولة للفن وجه هلسنكي المشرق!
- بضاعة رمضان ... عشرة اشخاص في خمسين فضائية!
- كيف تكون التعويضات الايرانية ورقة العراق الرابحة!
- ابو كاطع .. ثلاثون عاما على الرحيل
- وتريات سومرية قرب بيخال
- ماذا انجزت منظمة الامن والتعاون في اوروبا بعد 36 عاما على نش ...
- العراق ومصر وقرارات الاجتثاث !
- قصاص على كبد الجاني ألذ من الشهد !
- الجواهري قرن من الشعر و السياسة
- كي لاتختزل اللغة العربية في مراجعة التراث!
- العراقية تقتات على المالكي
- غلطة الشاطر مردوخ!
- الحكومة الفنلندية الجديدة
- خرج للعلاج ولم يعد!
- ساحة مجلس الشيوخ في فنلندا.. نصب يحكي قصة تسامح الشعوب المحت ...
- عرب الاهوار والمادة 140 من الدستور
- اقطاع النواب في زمن الفيسبوك!
- الارهاب .. والتراب!
- في حضرة مظفر النواب


المزيد.....




- مصر.. السيسي وما فعله يشعل تفاعلا واستذكارا لصورة حُفرت بأذه ...
- -ماذا سيقول الإنسان عندما يقف أمام الله؟-.. البابا تواضروس ا ...
- كارثة بحرية جديدة في إندونيسيا: قتلى وعشرات المفقودين في غرق ...
- طبيبات أجنبيات يصفن الأوضاع في مستشفيات غزة
- مع نهاية -لعبة الحبار-، الكوريون الجنوبيون يعودون إلى الواقع ...
- هل صاروخ الحوثيين -فرط صوتي-؟ | إيقاف شاب -خجول- يخطط لطعن ن ...
- إيطاليا ستصدر ما يقرب من 500 ألف تأشيرة عمل جديدة لغير الأور ...
- بريطانيا: شرطة مكافحة الإرهاب توجه اتهامات لأربعة ناشطين داع ...
- ماذا يعني أن تعلق واشنطن إرسال شحنات أسلحة لأوكرانيا؟
- اتهام 4 نشطاء داعمين لفلسطين في اقتحام قاعدة بريطانية


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال الخرسان - قضاء الميمونة .. ذاكرة قمح وسياسة!