أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - ما صورته -الثورة- الليبية لنفسها، بأنه اكثر الاحداث ثورية، انها في الحقيقة، اكثرها تعارضاً معها!















المزيد.....

ما صورته -الثورة- الليبية لنفسها، بأنه اكثر الاحداث ثورية، انها في الحقيقة، اكثرها تعارضاً معها!


سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" أن ثورة القرن التاسع عشر الاجتماعية لا يسعها أن تستمد أشعارها من الماضي بل من المستقبل فحسب. أنها لا تستطيع أن تبدأ بتنفيذ مهمتها قبل أن تقضي على كل احترام خرافي للماضي. لقد كانت الثورات السابقة في حاجة إلى استعادة ذكريات ما مضى من حوادث تاريخ العالم لكي تخدع نفسها بشأن محتواها هي بالذات. أما ثورة القرن التاسع عشر فكان يترتب عليها لكي تستوضح لنفسها محتواها الخاص أن تدع الموتى يدفنون موتاهم. هناك كانت الجملة تتعدّى المحتوى وهنا كان المحتوى يتعدى الجملة.(ماركس/ الثامن عشر من برومير لويس بونابرت-ص8).

ان سقوط القذافي كديكتاتور للطبقة البرجوازية العربية في ليبيا، دكتاتور فردي سافر، هو امر مبعث فرح للجميع، وبهجة لجميع الليبيين، ولكل من يدق قلبه لسقوط الانظمة الرجعية القومية في العالم العربي او اينما كانوا. لكن في ظل الظرف الليبي هذا، فانه ليس القضية الرئيسية. لان الثورة الليبية الراهنة التي توجت بالنصر بفعل طائرات الفانتوم والميراج والصواريخ المتطورة، بقيادة الناتو، حلف الشر العالمي، كان هدفها تغيير دكتاتور فردي بدكتاتور جمعي، تغيير "شكل الحكومة". هذا هو هدف ناتو والدول الكبرى، الهدف الذي يتطابق مع التوجهات العامة للحركات المشاركة في "الثورة" بصورة عامة من الحركات الأسلامية المقاتلة الى الاسلاميين الاخوانيين والى التيارات القومية والملكية المعارضة، وحتى توجهات شباب ليبيا. ان الذي سقط القذافي، هو اتحاد الناتو مع "الجماهير" الليبية، لان الجانبين يبتغون التغيير وسقوط القذافي.

ان هدف جماهير ليبيا من السقوط كان واضحاً، انها تهدف الى التغيير وليس تغيير الشكل، بل التغيير بمعنى تحسين الامور المعيشية و الحريات والحقوق السياسية، تغيير لصالحها، لتوفير الحريات السياسية والمدنية. ان هذه الاهداف، كلها، اهداف ثورية راقية وخصوصا في بلد مثل ليبيا و في ظل دكتاتور قومي ذو ثقافة و تقاليد قبلية. المشكلة تكمن في ان هذه الاهداف اقترنت، وعجنت باهداف الناتو في ظل الوضع الدولي الراهن، حيث امتزجت العمليتين، كانها خلقت لتكون حركة واحدة. بهذا الاندماج والامتزاج فقدت الثورة بريقها، وافرغت من محتواها، بفعل الضربات الجوية وبفعل المؤسسات والسياسات التي اعدت مسبقاً لتأطير الحركة بكاملها لصالح الناتو والقوى الغربية المشاركة في الحملة. ان اهداف الناتو واضحة ايضا، وهي سياسية على الصعيد العالمي.

انها منافسة القوى الكبرى عالمياً، انها منافسة بين امريكا والغرب من جانب وبالتحديد امريكا و فرنسا من جانب و روسيا والصين من جانب اخر، منافسة وصراع شرس على تقسيم العالم مجدداً. ليس لدى الغرب وامريكا في هذه المرحلة روح الا الناتو، المنظمة التي فقدت اسس بقائها، لكنها وجدت ضالتها في ليبيا ليتسنى لها البقاء ولو لفترة اخرى. ولان ليس بامكان القوى الغربية ولا امريكا وحدها ان تنخرط في هذه المواجهات لوحدها، اصبح الناتو مرة اخرى ولدهم المدلل. سجلت قوى الغربية نقطة لصالحها بسقوط القذافي، لصالحها على الصعيد العالمي، بوجه روسيا والصين، حيث كانت ليبيا في زمن القذافي في اطار النفوذ الروسي و الصيني. لكن هذه ليست القضية كلها. يترتب على هذا الامر قضايا مهمة، منها "اعادة الاعمار" والمحافظة على عقود النفط، في ظل الفوضى العارمة أو"الازمة البناءة" وفق راي الليبراليين الجدد. انهم يدمرون البنية التحيتة ودمروها بالكامل لـ"اعادة اعمارها"، وارسال شركاتهم العالمية لنهب ثروات المجتمع الليبي، وهو ما حصل في العراق وغيره. ان المؤتمر الذي جرى في اسطنبول او الذي سيعقد في الخليح، هي خطوات لتوزيع حصص العقود هذه. ان هذا هو الهدف الفوري والسريع، الذي سكبت من اجله الدماء، لكن ايضا هناك اقتصاد السوق وخصصة كل ميادين الحياة الاجتماعية، بما فيها الماء والكهرباء.... المنافسة شديدة بين الشركات الغربية للحصول على العقود النفطية والبنية التحتية، بدات المنافسة كعادتهم قبل سقوط القذافي. من جانب اخر، الصين مستعدة ايضا لـ"اعادة الاعمار"، هذا المفهوم الاقتصادي الذي ينزف من اجله الدم لا غيره، وهو مفهوم اجوف مليئة بالاكاذيب والخداع والنفاق والفساد.

ان" الثورة" الليبية، وهي فعلا بهذا المعنى لديها مميزات وخصوصيات محددة، هي فعلا مهدت الارض لتهيئة وبناء الدولة للطبقة البرجوازية الليبية، وفق حكم دكتاتورية الطبقة البرجوازية، "التعددية السياسية"، وتجاوزها للدكتاتورية الفردية لديكتاتورية الطبقة. هذا هو عنوان الثورة قبل ان تتمخض عنها نتائجها الملموسة بعد. بيد ان القضية الرئيسية للجماهير في العالم العربي و ليبيا ليس تغير دكتاتور فردي بدكتاتور جماعي، ليس هدفها تداول السلطة بين الاحزاب البرجوازية المختلفة، بل القضية تتعلق فعلا بمعيشتها وحريتها، تتعلق بشئ اخر تماماً. هذا ما تؤكده الثورة المصرية بامتياز، حيث سقط مبارك مبكراً، لكن القضية ليست تغيير الوجوه، تغير دكتاتورية فردية بمجلس عسكري او بدكتاتورية طبقية يشارك فيها الحزب الوطني،" اقصد الاحزاب القومية العربية"، مع الاخوان المسلمين والعساكر مع صف من البلطيجية السابقة، ومع وجوه جديدة ترقص على انغام "الديمقراطية"، بل كانت قضية جماهير مصر وعمالها، كما في تونس هي الخبز والحرية، وعليه ان الأوضاع الثورية مستمرة باشكال مختلفة. حيث نزل العمال الى الشارع و انتفضوا في المصانع، هي بداية طبيعية لثورة تثلج الصدور، لثورة بامكاننا ان نصفق لها بحرارة. لان ثورة مثل هذه هي المقصد والهدف، اذ بها نتجاوز الفقر و العوز والظلم والاستبداد بكافة اشكاله المختلفة.

ان وضع المجتمع الليبي والطبقة العاملة ومستقبلهما امام مفترق طرق، وهو مفترق صعب وخطير في الوقت نفسه. مفترق صعب لان سلب منه الاختيار، الاختيار يعني الارادة والقرار. سلبه الناتو والمجلس الوطني، حيث ان تدخل الناتو يعني سلب القرار و الارادة من الجماهير التي انتفضت في ليبيا. وعليه اصبح الاختيار اصعب بكثير، بين السير قدماً مع الناتو والمجلس الوطني، او فصل الطريق عنهما، فصل الطريق عن الحركات الأسلامية و القومية السائدة في ثورة ليبيا. اذا الثورة الليبية تمضي قدماً مع الحالة الراهنة، حركة عجينة مع الناتو وكافة التيارات البرجوازية الاسلامية والقومية، حينذاك ان احدى الاحتمالات الممكنة والقوية حسب الوضع السياسي وطبيعة القوى السائدة فيها، هي انفلات الوضع الامني، والاقتتال الداخلي، ربما سنشهد الحالة العراقية، السيناريو الاسود، هذه هي احدة الاحتمالات الممكنة، في ظل توجه "الثورة" لحد هذه اللحظة. اذا ارادت الطبقة العاملة والجماهير الداعية للحرية والمساواة ان تتطابق ثورتها مع تطلعات الانسان في القرن الحادي والعشرين، اذا تهدف الى تجاوز الخرافات الماضية من القبيلة والعشيرة و والقومية و الخرافات الاخرى، اذا ارادت ان تكون ضامناً لقوت الجماهير وحرياتها، عليها ان تقطع صلتها بالناتو و المجلس الوطني الحاكم، وتشكل صفها الثوري المستقل. اوكد مرة اخرى ان هذا الاختيار هو اختيار صعب، ان لم نقل اصعب في ظل الوضع السياسي الراهن في ليبيا. وعليه، ان الثورة بالمعنى المالوف، اي التغيير الجذري لصالح الجماهير ومعيشتها ومكانتها الاجتماعية، أن قارناها بالثورة الليبية، يتضح لنا فورا انها اكثر تعارضا معها، هذا ما قال ماركس في الثامن عشر من برومير لويس بونابرت حول الثورة الفرنسية في تلك الحقبة.
ما قاله ماركس أعلاه بصدد ثورات المتتالية بين سنوات 1848-1852 في فرنسا، فيه دروس غنية، للحركات الثورية وخصوصا العمالية، التي تهدف الى ان لا تكون ذيلا لحركات اخرى، بل تهدف الى ان تكون حركة لذاتها.



#سامان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الشيوعية العمالية لتنظيم الطبقة العاملة في العراق
- سياسة اوباما و الصدر، وجهان لعملة واحدة
- إخراج الطبقة العاملة كقوة سياسية مقتدرة بوجه الرأسمال و سلطت ...
- الوضع السياسي في العراق واجتماع قادة الكتل السياسية يوم 2 من ...
- (حوار مع سامان كريم حول الفيدرالية
- العملية السياسية الراهنة، والحركات البرجوازية في العراق!
- الدولة في العراق الراهن و التكتيك الشيوعي العمالي!حول تصورات ...
- انتخابات مبكرة، وأغلبية نيابية-سياسية- سياستان، وجهان لعملة ...
- حوار حول رؤية الحزب للتنظيم الحزبي و الجماهيري في الاوضاع ال ...
- حوار مع سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب حول بلاتفورم ...
- مقابلة مع سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ال ...
- الى الامام حتى تحقيق مطالبنا / الجزء الثاني
- -النظام السياسي في العراق ينتج القمع والبؤس والمجاعة!
- الى الامام حتى تحقيق مطالبنا !
- يوم التغيير بدأ في العراق، تنظيمه عمل لكل الشيوعيين والتحرري ...
- ياعمال مصر، نصركم رافدا واساسا، لبناء الشرق الاوسط الجديد!
- الى الامام من اجل الاطاحة بمبارك ومجمل نظامه الراسمالي البال ...
- إنتفاضة مصر، المهمة الأولى فصل الصف الطبقي العمالي عن الحركا ...
- الصراع السياسي داخل الحكومة الناقصة، حلقة من حلقات الصراع لأ ...
- الانتفاضة تجاوزت برنامج الاحزاب البرجوازية، الاشتراكية هي ال ...


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - ما صورته -الثورة- الليبية لنفسها، بأنه اكثر الاحداث ثورية، انها في الحقيقة، اكثرها تعارضاً معها!