|
جامعة الاسكندرية والأصولية الإسلامية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 10:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شاء قانون المصادفة أنْ أقرأ مقرركلية الآداب جامعة الإسكندرية سنة أولى عن مـــــادة حقوق الإنسان ، حيث جاء فى البند ثانيًا مايلى : حرية العقيدة منوطة بالأديان السماويــــــــــة الثلاثة : عدم جواز توثيق عقود زواج البهائيين لأنّ البهائية ليست من الأديان السماويـــــــــــة وتتعارض معها " وبعد ذلك يشرح أستاذ المادة الأسباب فيقول " استقر القضاء الإدارى علـــى أنّ حال البهائية لايجوزالقياس بينها وبين الأديان الأخرى التى اعتبرالإسلام معتنقيها من أهل الذمة . يُتركون على ما هم عليه وتستحق عليهم الجزية " وهكذا فى أول درس مـــــــــن دروس حقوق الإنسان يتعلم الطالب أنّ المصريين ( المسيحيين ) ليسوا مواطنين ، وإنما هم " من أهــــل الذمة وتستحق عليهم الجزية " أى أنّ الأستاذ الجامعى ينافس الأصوليين فى هدم الولاء الوطنى. أما موقف الأستاذ الجامعى من البهائية ، فهو كما يلى : " ولايجوز الحجاج بحرية العقيـــــدة وحرية ممارسة الشعائر التى كفلها الدستور للقول بوجوب الاعتراف بالبهائية " إلى أنْ يقــــــول " يجب للإعتداد بالعقيدة وآثارها وللسماح بإقامة شعائرها أنْ تكون منبثقة عن الأديان المعترف بها وهى اليهودية والمسيحية والإسلام وألاّ تكون مخالفة للنظام العام والآداب ، أى لايجوزالردة فى الإسلام ، لأنّ المرتد يبطل عمله ولايقرعلى ردته ويهدردمه " وهكذا لايكتفى الأستــــــــــاذ الدكتور بإعلان موقفه الرافض لحق البهائيين فى إعتناق ما يؤمنون به ، وإنما يُعلن أيضًـــــــا أنّ البهائية ضد (( الآداب )) وهذا هو الدرس الثانى . أما الدرس الثالث فهو تربية الطلاب على قتل المختلف دينيًا ، بالنص على أنّ " المرتد يُهدر دمه " . ثم يستطرد الأستاذ الدكتورقائلا " ومتى تثبت مخالفة البهائية للنظام العام ، امتنع مباشرة أى تصرف لأتباعها ، بوصفهم بهائيين أو ترتيب أى حق على هذه التصرفات ، لأنّ الباطل لاينتــــج إلاّ باطلا . لهذا فإنّ زواج البهائى أيًا كان أصل ملّته يكون باطلا بطلانًا مطلقًا،ولايجوزتوثيقه . وهذا هو الدرس الرابع الذى يتعلّمه الطلاب فى مادة ( حقوق الإنسان ) حرمان البهائيين من حـق أساسى من حقوق الإنسان التى نصّتْ عليها المواثيق الدولية ، أى حق الإنسان فى اعتناق مايشاء من أديان ومذاهب، وحقه فى توثيق زواجــه وما يترتّب على ذلك التوثيق من حقوق للأبناء . يُعلل الأستاذ الدكتورموقفه من البهائية ، بــــأن يُذكّرالطلبة بالقانون الصادرعام 1960 بشأن حل المحافل البهائية ووقف نشاطها ..إلخ . وفى مادة حقوق الإنسان يتعلّم الطلبة أيضًا ما يلى " بطلان زواج المرتدة ، عدم توريــــــــث المرتدة ، عدم استحقاقها للمعاش " ثم يستطرد شارحًا " ولما كانت القوانين الوضعية فى مصر ، خلتْ من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن دين الإسلام ، كما أنّ أعــــــراف المجتمع المصرى لاتهتم بحالة المرتد إلاّ فى نطاق قواعد الأخلاق ، لذا يتعيّن الرجوع فى شأنها إلى مبادىء الشريعة الإسلامية التى تقضى بأنّ المسلم الذى يرتد عن دين الإسلام ، سواء إلـــــى دين سماوى آخرأوإلى غيردين ، لايقرعلى ردته " فى هذه الفقرة يعترف الأستاذ الدكتور" أنّ أعراف المجتمع المصرى لاتهتم بحالة المرتد إلاّ فى نطاق قواعد الأخلاق " وقواعد الأخـــــلاق كما يُعرّفها علم الاجتماع هى أنّ معيارتقييم الإنسان هوتعامله مع أبناء وطنه ، فإذا كان شريفًا فى تعاملاته مع الآخرين ، فهومواطن صالح ، والعكس صحيح ، وذلك بغض النظرعـــــــــن معتقداته الشخصية فى الأديان . وأعتقد أنّ هذه الفقرة كتبها الأستاذ الدكتورمن مخزون الوعى الجمعى لشعبنا المصرى ، الذى ورث عن أجدادنا المصريين القدماء قيمة التعددية وقيمة التسامح الفلسفى ، التسامح القائم على احترام معتقدات الآخرين ، ولكن الأستاذ الدكتوريتجاوزهـــــــــذا المعنى الحضارى ، ويصرعلى تكفيرالمختلف دينيًا ويصفه بالمرتد . كما يتعلّم الطلبة أنّ محكمة النقض" قضت ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوّجت بعد ردّتها بغيرمسلم ووجوب التفريق بينهما . وقضتْ محكمة القضاء الإدارى بعدم جوازتغييراسم المرتد وديانته فى بيانات البطاقة الشخصية قديمًا وحديثًا " وهكذا يتم توجيــه عقل الشباب وتدمير وجدانهم الفطرى باقناعهم بأنّ تشتيت الأسرة ( التفريق بين الزوجين ) شىء طبيعى ، وأنه لامبررللنظرإلى أية اعتبارات إنسانية أواجتماعية ، ولامراعاة لخصوصيــــــة الإنسان ، ناهيك عن الموقف المتعامى عن الأولاد بعد التفريق بين الأب والأم . ويتعلّم الطلبة أنه اذا " كان قانون الإرث لم يتناول المرتد " إلاّ أنّ العمل فى كل ما يتعلق بإرث المرتد وأحكامه يكون طبقُا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة . ذلك أنّ المرتدة عن الإسلام يُعتبر زواجهـــــا بالموروث باطلا ولاتستحق معاشًا عند وفاته " أى أنّ سيادة أستاذ مادة حقوق الإنسان لم يكتــــف بتفريق الزوجين ، فيُضيف عقوبة أخرى بجانب تشريد الأسرة ، وهى حرمان الزوجة من معاش زوجها . وشاء قانون المصادفة معى أنْ أقرأ ورقة (( امتحان حقوق الإنسان لنهاية الفصل الدراســــى الأول للعام الجامعى 2006 / 2007 كلية الآداب جامعة الإسكندرية يوم السبت 6/1/2007)) وجاء فى السؤال الثانى ما يلى : أصدرتْ المحكمة الإدارية العليا حكمها أثناء المحاضرات عـــن وضع البهائية فى مصر، يؤكد إتجاه القضاء الإدارى القديم الذى درسته . أذكرمن واقع فهمك للمحاضرات حكم القانون فيها والمبادىء التى وضعها القضاء الإدارى فى هذا الشأن . ثــــــــم استعرض الآثارالمترتبة على حكم القانون فيها ، ذاكرًا أمثلة من واقع الحماية القضائية،مختتمًا إجابتك بتحديد متى وأين نشأتْ وأهدافها من واقع فهمك للمحاضرات " بالطبع على الطلبة – كى ينجحوا فى الامتحان – أنْ يكتبوا ما درسوه . وأنه لايجوزالقياس بين البهائى والمسيحى ، لأنّ الأخيرمن أهل الذمة وعليه أداء الجزية . وأنّ البهائى مرتد ، والمرتد يُهدردمه والتفريق بين الزوجين وعدم استحقاق المعاش وعدم تغييراسم المرتد وديانته فى بيانات البطاقة الشخصية . وبالطبع ( كذلك ) فإنّ أحدًا من الطلبة لايرغب فى الرسوب فى مادة ( حقوق الإنسان ) وبالتالى يترسّخ فى وجدان وعقل الطلبة ( 19 سنة ) أنّ المختلف دينيًا أو عقيديًا ليست له أية حقوق ، بل أكثرمن ذلك فإنّ دمه مهدر. واذا كانت هذه المفاهيم المعادية لأبسط حقوق البشر ، يتم تدريسها فى مادة ( حقوق الإنسان ) فما هى المفاهيم التى يتم تدريسها فى مادة نقيضة اسمها ( الحقوق غيرالمشروعة للإنسان ) ؟ وهكذا نرى أنّ مادة (حقوق الإنسان) ضد الإنسان . إذْ ما الفرق بين الأستاذ الجامعى والأصولى المعادى لكل البشر والمقتنع بأنّ طريق الجنة مفروش بجثث المختلفين معه دينيًا ؟ وإلى أية حفرة مظلمة يأخذنا التعليم فى مصر ؟ وإلى متى سوف يستمرالتعليم والإعلام والثقافة السائدة فى مغازلــــــــــــــــة الأصوليين ؟ وهل يمكن أنْ يتبنى الليبراليون مطلبًا واحدًا ويدافعون عنه ، وهو إلغاء خانة الديانة من كل المحررات الرسمية ، رحمة بكل من يعانون من ثقافة وافدة لاتعرف الرحمة ؟ الكارثة أنّ الأستاذ الدكتور الجامعى يتطابق تتطابق المثلثات مع الأصوليين الرافضين الاعتراف بحق الإنسان فى أنْ يؤمن بما يشاء ، إذْ أعلن أحد السادة أعضاء مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين أنه يجب قتل البهائيين . وعندما استضافه أ. وائل الأبراشى فى برنامج الحقيقة عصر يوم الأحد 21/5/2006 سأله : أنتَ قلتَ يجب قتل البهائيين ، فهل لازلت عند رأيك ؟ قال الأصولى الإخوانى : ((نعم يجب قتلهم)) وكانت حجته أنّ ((البهائيين مرتدون)) وهى ذات الحجة التى شحن الأستاذ الدكتور الجامعى بها عقول أولادنا فى جامعة الاسكندرية ، فى مقرر (حقوق الإنسان) والأصح أنه مقرر (ضد حقوق الإنسان) .
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المفكر الكويتى أحمد البغدادى : التنوير بلا تزوير
-
فؤاد زكريا والعلاقة بين العلمانية ونقد الأصولية الدينية
-
أهمية محاكمة البشير وأعضاء من حكومته كمجرمى حرب
-
خليل عبد الكريم ومجابهة اصولية الإسلامية
-
لماذا تغطية التماثيل بالشمع وليس تدميرها ؟
-
الثورة ومخاطر غياب الحس القومى
-
دعوة لقراءة كتاب (من هنا نبدأ) بعد 60 سنة من التراجع
-
عبد المتعال الصعيدى : أزهرى خارج السياق
-
الإسلاميون فى البرلمان : المقدمات والنتائج
-
ضباط يوليو52وثوار يناير2011 بين الحقيقة والوهم
-
وثيقة الأزهر ووهم تنبى دولة الحداثة
-
جهاز المناعة القومى
-
الأمة المصرية فى مواجهة (الجيتو) الإسلامى
-
الإخوان اليهود والإخوان المسلمون
-
من يُشرع للبشر قوانينهم
-
جامعة للشعوب العربية أم لتجميل استبداد الأنظمة ؟
-
خشيم : الأيديولوجيا = العداء للغة العلم
-
حصار العيون - قصة قصيرة { مهداة إلى الفنان عزالدين نجيب }
-
قراءة المستقبل بالبصيرة وليس بالبصر
-
الشاويش براهيم - قصة قصيرة
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات
...
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
-
مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع
...
-
ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة
...
-
تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب
...
-
ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|