أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قراءة المستقبل بالبصيرة وليس بالبصر















المزيد.....

قراءة المستقبل بالبصيرة وليس بالبصر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3423 - 2011 / 7 / 11 - 16:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شهدتْ مصرمع مطلع القرن التاسع عشرنهضة فكرية ، قام بها مفكرون مصريون آمنوا بآليات الدولة الحديثة بجانب إيمانهم بالعلوم الطبيعية. فمثلا يكتشف الباحث أنّ حسن العطار- أستاذ رفاعة الطهطاوى- والذى عيّنه محمد على شيخًا للأزهر، له العديد من الكتب المهمة ، فبجانب كتبه التى ألّفها فى الفقه وأصول الدين وعلم الكلام والحديث والنحو والمنطق والشعر، فقد ألّفّ كتابًا فى الطب بعنوان (راحة الأبدان على نزهة الأذهان) الذى ((يعد من أهم كتب الطب فى بواكيرالقرن 19)) والذى أكد فيه على التشخيص التجريبى من أجل التشخيص فى الطب الباطنى)) (د. أحمد عبدالجواد- تاريخ وفلسفة العلم فى مصرمنذ القرن 19- هيئة قصورالثقافة 2007 ص 156) ويكتشف الباحث أسماء مصرية ساهمت فى شق طريق النهضة المصرية والتمهيد لإنشاء جامعة للمصريين عام 1908 ، مثل حسن باشا إبراهيم (1844- 1917) الذى تعلم فى مصرثم أكمل دراسته فى باريس وميونخ وبرلين . وتولى عدة مناصب فى الحكومة المصرية ، وتم انتخابه رئيس شرف لمدرسة الطب . ومن مؤلفاته (الدستورالمرعى فى الطب الشرعى) ، (جامعة الدروس السنوية فى الأمراض الباطنية- جزءان) و (روضة الآسى فى الطب السياسى) (نقلا عن الموسوعة العربية الميسرة ط 1 عام 1965 ص 717) ومن الأسماء المصرية أيضًا محمود باشا الفلكى (1815- 1885) الذى تخرج من مدرسة المهندسخانة عام 1833 وتولى تدريس الجبروحساب المثلثات والهندسة التحليلية وحساب التفاضل والتكامل ، ثم قام بتدريس علم الفلك إبتداءً من عام 1842 بالمهندسخانة. وكتب د. أحمد عبدالجواد ((إنّ إبتعاد محمود باشا الفلكى عن علم الفلك الجديد الذى درسه فى أوروبا لمدة تسع سنوات ، بجوانبه النظرية ، كان يعنى أنه فضّل نمطًا معينًا من الأعمال العلمية ، ذلك الذى يضع الجوانب العلمية النافعة فوق الجوانب النظرية ، والمعارف المرتبطة بمصرفوق المعارف ذات الطابع العالمى)) ونظرًا لأهمية هذا العالم المصرى ، كتب عنه (باسكال كروزيه) مقالا فى دورية مصر والعالم العربى يناير1995 بعنوان (مسارعالم مصرى من القرن التاسع عشر) (د. أحمد عبدالجواد- مصدرسابق ص 126 ، 260) .
واذا انتقلنا إلى تأسيس الليربالية الفكرية ، نجد أنّ قاسم أمين يكتب فى كتابه (المرأة الجديدة) عام 1900 أنه ((مهما دققنا البحث فى التاريخ لانجد عند أهل العصورالإسلامية ما يستحق أنْ يُسمى نظامًا . فإنّ شكل حكومتهم كان عبارة عن خليفة أو سلطان غيرمقيد ويُديرمصالح الأمة مستبدًا برأيه)) ودعا إلى أنْ ((نُربى أولادنا على أنْ يتعرّفوا شئون المدنية الغربية. وأنه من المستحيل أنْ يتم إصلاح فى أحوالنا إذا لم يكن مؤسسًا على العلوم العصرية الحديثة. ولهذا لانتردد فى أنْ نُصرّح بأننا أرقى من الغربيين هو من قبيل ما تُنشده الأمهات من الغناء لتنويم الأطفال)) (قاسم أمين – الأعمال الكاملة- تحقيق د. محمد عمارة- دارالشروق- ط 2 عام 1989 من ص 495- 503) وفى هذا المناخ يظهرأبوالليبرالية المصرية والقومية المصرية أحمد لطفى السيد . وقائمة أسماء الليبراليين المصريين الذين شقوا ظلمات العصورالوسطى (قبل انقلاب أبيب / يوليو1952) طويلة جدًا أمثال : درية شفيــق ، منيرة ثابت ، سعاد الرملى ، هدى شعراوى ، عبدالحميد الحديدى ، سلامة موسى ، عبد اللطيف شرارة ، إسماعيل أدهم ، إسماعيل مظهر، محمود عزمى ، عبدالقادرحمزة ، أحمد زكى أبوشادى إلخ (ومع مراعاة أنّ هذه الأسماء على سبيل المثال بالطبع) ولكننى أتوقف عند عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) الأعمى الذى أنارطريق المبصرين ، فى قراءة لكتاب له نادرًا ما تُشيرإليه الثقافة السائدة بعد يوليو1952.
عنوان الكتاب (من بعيد) كتب فصوله مابين سنة 1923 وسنة 1930 . وكأنما كان يقرأ المستقبل ، أى يقرأ حاضرنا المتردى بعد تغلغل الأصولية الإسلامية. وسيطرة اللغة الدينية على مجمل نواحى حياتنا المعاصرة . إذْ يناقش خطورة أنْ ينص فى الدستور على أنْ يكون للدولة دين معين . وفى فصل آخر يناقش علاقة الدين بالعلم . وهل من الممكن أنْ يلتقيا ، وتكون لديه شجاعة الكتابة أنّ الدين شىء والعلم شىء آخر .
لقد ترتّب على ثورة جدودنا فى برمهات / مارس 1919 صدور دستور 1923 . ويرى المؤرخ محمود الخفيف أنّ شريف باشا هو الأب الحقيقى للدستور فى مصر . وأنّ مجلس شورى النواب الذى تعهّده برعايته منذ نشأته سنة 1866 تمت له السلطة على يديه عام 1879 ((فصار الحكم فى مصر دستوريًا لايشوبه شائبة مهما يقول القائلون فى طريقة الانتخاب . وهذا الدستور إنما نالته مصر بجهاد بنيها . وما كان دستور 1923 إلاّ الدستور الثانى . وبعبارة أخرى ما كان إلاّ توقدًا لتلك الجمرة التى ظلّت مطمورة تحت رماد الإحتلال)) ( محمود الخفيف : أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه – ج 1 – دار الهلال – يونيو 1971 – ص 48 ) .
تضمن دستورسنة 23 العديد من المواد التى تحمى الحقوق السياسية والفردية وتؤكّدها ، مثل المادة رقم (1) التى نصّت على أنّ ((مصر دولة ذات سيادة وهى حرة مستقلة)) والمادة رقم (3) التى نصت على ((المصريون لدى القانون سواء وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسيــة . وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لاتمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين)) والمادة رقم (4) التى نصت على ((الحرية الشخصية مكفولة)) والمادة رقم (12) التى نصت على ((حرية الاعتقاد مطلقة)) والمادة رقم (15) التى نصت على ((الصحافة حرة فى حدود القانون . والرقابة على الصحف محظورة . وإنذار الصحف أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور..إلخ )) والمادة رقم (20) التى نصت على ((للمصريين حق الاجتماع فى هدوء وسكينة غير حاملين سلاحًا . وليس لأحد من رجال البوليس أنْ يحضر اجتماعهم . ولاحاجة بهم إلى إشعاره)) والمادة رقم (23) التى نصت على أنّ ((جميع السلطات مصدرها الأمة.. إلخ)) (عبدالرحمن الرافعى : فى أعقاب الثورة المصرية ج1 – مكتبة النهضة المصرية – عام 1947 من ص 310 – 327 ) .
رغم هذه المواد الصريحة ( وهى على سبيل المثال ) التى تدعم فكرة الدولة الحديثة ، وتواكب التطور الدستورى والسياسى فى الأنظمة الليبرالية ، فإنّ الليبراليين المصريين انتقدوا الدستور لما فيه من عيوب ونقص وتناقض . ولم يكن طه حسين هو الوحيد الذى هاجم دستور 23 ، وإنما شاركه فى هذه الحملة مثقفون كثيرون . وقد تركّز هجومهم على المادة رقم (149) التى نصت على ((الإسلام دين الدولة)) وهى المادة التى نجح التيار الأصولى فى فرضها . ومع مراعاة أنّ الليبراليين المصريين هاجموا هذه المادة بشدة ، رغم أنها جاءتْ قرب ذيل مواد الدستورالمكون من 169مادة ، بما يوحى أنها كُتبتْ على استحياء بعد ضغط التيارالأصولى . ومن الجديربالذكرأنه بينما كانت مواد الدستور مجرد (مشروع) أى قبل أنْ يُعتمد رسميًا للعمل بمقتضاه ، كتب محمود عزمى فى جريدة الاستقلال عدد 22 /9 / 1922 مقالا بعنوان (العقيدة الدينية فى لجنة الدستور) قال فيه ((إنّ ذلك النص المقررللدولة دينًا رسميًا هو ذلك الذى يريد أنْ يستغله أصحاب الآراء العتيقة . وهوالذى سيجرعلى البلاد ارتباكًا قد ينقلب إلى شرمستطير)) وطالب البعض أمثال الشيخ شاكربضرورة ((اشتمال بعض مواد الدستوربما يجعل أحكام الدين هى المتفوقة على كل تشريع)) وبالتالى سيأتى وقت ((على سكان مصرفى هذا القرن العشرين ، فتقطع الأيدى والأرجل من خلاف. والرجم بالحجارة. ويكون السن بالسن والعين بالعين . نحن نُلفت النظر وسنستمرعلى لفت النظرإلى الخطر المحدق الذى يجيىء عن طريق ذلك النص)) وبعد أنْ صدرالدستور واصل محمود عزمى ، ذلك المفكرالمصرى الشجاع ، دفاعه عن الأمة المصرية التى يجب أنْ تكون ليبرالية الفكر والسياسة ، فكتب أنّ الدستور جاء ((هجينًا يجمع بين الشىء ونقيضه . فالأمة مصدر السلطات ، والملك له الحق مع المجلس النيابى فى التشريع ، ويوازن بين سلطة الملك الأوتوقراطية وبين سلطة الأمة ذات المضمون الديموقراطى . وينص على أنّ حرية الاعتقاد مطلقة ، وفى نفس الوقت (ينص على) أنّ الإسلام هو الدين الرسمى للدولة . وهكذا أصبحت البلاد فى مفترق الطرق وأصبح الدستور ثوبًا فضفاضًا ، ويسهل تأويله على أوجه عدة .. إلخ)) .
أما عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) فبالرغم من الجروح النفسية التى أصابته من سهام الأصوليين بعد معركة كتابه (فى الشعر الجاهلى) عام 1926 ، ولأنه مؤمن بقوميته المصرية وبالفكر العالمانى (نسبة إلى العالم الذى يضع البشر قوانينه) فإنه امتلك شجاعة الكتابة فى مجلة الحديث عدد أمشير / فبراير 1927 ( وهو أحد فصول كتابه " من بعيد " ) فقال ((لستُ أرضى عن هذا الدستور الرضا كله . ففيه نقص وفيه تشويه وفيه نصوص لابد من تغييرها)) وكتب أنّ النص فى الدستور على أنّ الإسلام دين الدولة ((مصدر فرقة . لا نقول بين المسلمين وغير المسلمين (فقط) من أهل مصر ، وإنما نقول إنه مصدر فرقة بين المسلمين أنفسهم . فهم لم يفهموه على وجه واحد . وأنّ النص على دين للدولة يتناقض مع حرية الاعتقاد. لأنّ معنى ذلك أنّ الدولة مكلفة أنْ تمحو حرية الرأى محوًا فى كل ما من شأنه أنْ يمس الإسلام من قريب أو من بعيد . سواء أصدر ذلك عن مسلم أو عن غير مسلم . ومعنى ذلك أنّ الدولة مكلفة بحكم الدستور أنْ تسمع ما يقوله الشيوخ فى هذا البـاب . فإذا أعلن أحد رأيًا أو ألّف كتابًا أو نشر فصلا أو اتخذ زيًا ، ورأى الشيوخ فى هذا كله مخالفة للدين . ونبّهوا الحكومة إلى ذلك ، فعلى الحكومة بحكم الدستور أنْ تسمع لهم وتعاقب من يخالف الدين أو يمسه)) وفى هجومه على الأصوليين ذكر أنهم ((كتبوا يطلبون ألاّ يصدر الدستور . لأنّ المسلمين ليسوا فى حاجة إلى دستور وضعى ومعهم كتاب الله وسنة رسوله . وذهب بعضهم إلى أنْ طلب من لجنة الدستور أنْ تنص على أنّ المسلم لايُكلف بالقيام بالواجبات الوطنية ، إذا كانت هذه الواجبات معارضة للإسلام . وفسّروا ذلك بأنّ المسلم يجب أنْ يكون فى حل من رفض الخدمة العسكرية ، حين يُكلف بالوقوف فى وجه أمة مسلمة ، كالأمة التركية مثلا)) .
فإذا كان هذا هو الموقف النقدى لليبراليين المصريين ضد دستور 1923 ، فإننى أعتقد أنّ الزعيم الهندى العظيم جواهر لال نهرو لم يكن مغاليًا عندما وصف الدستور الذى صدر بعد تضحيات شعبنا فى ثورة برمهات / مارس 1919 بأنه ((لايشبهه دستور آخر فى الرجعية)) (د. عبدالعظيم رمضان – الفكر الثورى فى مصر قبل 23 يوليو 1952 – مكتبة الأسرة – عام 2004 ص 118) .
إنّ النقد الذى وجهه الليبراليون المصريون ضد دستور 23 ، إنما هو جزء من المشروع الثقافى لهؤلاء المثقفين الذين امتلكوا شجاعة الإعلان عن آرئهم بوضوح . تلك الآراء التى يمكن تلخيصها فى جملة واحدة : إنه لايمكن خروج مصر من ثقافة ومن آليات القرون الوسطى ، إلاّ بعد تأسيس دعائم الدولة الحديثة . وأول هذه الدعائم ضرورة فصل الدين عن آليات الإدارة (وليس عن المجتمع) وبتعبير أدق فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية والاقتصادية إلخ . وأنّ المحك الطبيعى والمدخل الحقيقى لهذا الفصل هو إعداد دستور عالمانى يخلو من النص على دين معين للدولة . كما هو الوضع فى الأنظمة الليبرالية ، التى تكرّس دساتيرها وقوانينها لترسيخ حق المواطنة . وتُعلى من شأن هذا الحق ، الذى يتجسد فى منظومة أنّ الولاء للوطن يسبق أى ولاء شخصى (عقيدى أو مذهبى أو فلسفى) وقد امتلك أ. خالد محمد خالد شجاعة أنْ يكتب ((وُجد الوطن فى التاريخ قبل الدين . وكل ولاء للدين لايسبقه ولاء للوطن ، فهو ولاء زائف)) (روزاليوسف 30/10/51) وتتأسس فلسفة الدساتيرالعصرية فى الأنظمة الليبرالية على الآتى :
1 - أنّ النص فى الدستور على دين معين للدولة يعنى انحياز أجهزة الدولة لفئة معينة من الشعب ضد باقى الفئات المختلفة دينيًا . وهذا يعنى إنتفاء الحياد المطلق مع المواطنين ، لأنّ هذا الحياد هو سمة الحكم العادل .
2 - أنّ الدولة كيان اعتبارى . أى شخصية اعتبارية بلغة القانون . مثلها مثل أية مؤسسة اقتصادية أو هيئة قومية . ومن البديهى أنّ الكيانات الاعتبارية ليس لها دين ولاتتعامل بالدين، وإنما تتعامل بقوانين ولوائح وضعها البشر .
3 - أنّ مسئولية الدولة تنحصر فى توفير الأمن والعدل والاستقرار لكافة المواطنين على الأرض وفى الحياة الدنيا . وليس لأجهزة الدولة أى دور فى تحديد مصير المواطنين بعد موتهم . لأنّ هذا المصير يُحدده سلوك وأخلاق كل مواطن وفقًا لكتابه الذى يقدسه .
هذه هى فلسفة الدساتير الليبرالية التى دافع عنها جيل عظيم من الليبراليين المصريين أمثال محمد توفيق صدقى ومحمود الشرقاوى ومحمد سيد كيلانى وخالد محمد خالد الذى نشر كتابه (من هنا نبدأ) عام 1950 وانتقد فيه بكل قوة وشجاعة الدولة الدينية . ودافع بكل قوة وشجاعة عن الدولة الحديثة .
فى هذه المرحلة من تاريخ شعبنا المصرى ، لم تكن مصادفة أنْ يقف النائب فكرى أباظة فى البرلمان فى الثلاثينات من القرن العشرين ويطالب بإلغاء خانة (الديانة) من جواز السفر وقال ((ألا تكفى مصريتنا لكى تدل على هويتنا؟ فمصر قبل الأديان . والدين لله والوطن للجميع . فلماذا التفرقة ؟ وما ضرورة هذا التمييز الدينى؟)) أما محمود عزمى فقد أقام دعوى قضائية ضد الحكومة طلب فيها إلغاء خانة الديانة من كل المحررات الرسمية .
فى هذه المرحلة السابقة على انقلاب أبيب / يوليو 52 يكتب أحمد شوقى : ((ويا وطنى لقيتك بعد يأس / كأنى قد لقيتُ بك الشبابا / ولو أنى دعيتُ لكنتَ دينى / عليه أقابل الحتم المجابا / أدير إليك قبل البيت وجهى / اذا فهتُ الشهادة والمتابا)) وفى زخم الروح القومية لثورة 19 يقف شيخ معمم هو محمد عبدالمطلب فى جمع غفير من المصريين يحتفلون بعيد رأس السنة القبطية وينشد ((كلانا على دين هو به مؤمن / ولكن خذلان البلاد هو الكفر)) ويغنى عبقرى زمانه (سيد درويش) والشعب يُردد وراءه ((اللى تجمعهم أوطانهم .. عمر الأديان ما تفرقهم)) .
فى هذا المناخ كتب عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) فصول كتابه (من بعيد) الذى انتقد فيه اللجنة التى وضعت دستور 23 . وفى فصل آخر يرى أنّ ((الخصومة بين العلم والدين ستظل قوية متصلة ، لأنّ الخلاف بينهما أساسى وجوهرى . لاسبيل إلى ازالته ولا إلى تخفيفه إلاّ إذا استطاع كل واحد منهما أنْ ينسى صاحبه نسيانًا تامًا. ويعرض عنه اعراضًا مطلقًا)) وكتب أيضًا أنّ ((الدين يرى لنفسه الثبات والاستقرار . و العلم يرى لنفسه التغير والتجدد . فلايمكن أنْ يتفقا إلاّ أنْ ينزل أحدهما عن شخصيته)) وببصيرته النافذة يُلخّص الموقف الذى يجب أنْ تتخذه أية حكومة عصرية وهو (( أنْ تُرغم السياسة على أنْ تقف موقف الحيدة من هذين الخصمين . فالعلم فى نفسه لايريد ولايستطيع الأذى . والدين فى نفسه لايريد ولا يستطيع الأذى . ولكن السياسة تريد وتستطيع الأذى)) ويشرح فكرته أكثر فيرى أنّ الخطورة تتمثل فى ((أنْ تستغل السياسة هذه الخصومة فتعتز برجال العلم حينًا . وحينئذ تضطهد رجال الدين . وتعتز برجال الدين حينًا ، ويومئذ تضطهد رجال العلم . وتحتمل فى سبيل ذلك من التبعات مثلما احتملته السياسة المسيحية (فى أوروبا العصور الوسطى) حين كانت تحرق العلماء وتذيقهم ألوان العذاب لترضى رجال الدين . وحين كانت تُشرّد القسيسين وتُهدر دماءهم لترضى رجال العلم)) .
هذا هو عميد الثقافة المصرية طاها حسين . الأعمى الذى أنار طريق المبصرين .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاويش براهيم - قصة قصيرة
- دنشواى أغسطس 1952 وسياسة العين الحمرا
- التعصب
- ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة
- التعليم الأزهرى والاعتقال فى كهوف الماضى
- الشعريواجه الدكتاتورالمحتمى بعرش السلطة
- عندما يكون البشر مثلثات متطابقة
- معبررفح وأمن مصرالقومى
- حقوق الإنسان والعقوبات البدنية
- إنقاذ الأمة المصرية من حرب أهلية دينية
- الإفراج عن كاميليا أم الإفراج عن العقل المصرى
- الانتقال من الاستبداد السياسى إلى الطغيان باسم الدين
- الكتابة واحترام عقل القارىء
- هل إعدام القتلة والمُفسدين هو الحل ؟
- إرادة الشعوب جمرة نارتحت رماد الاستبداد
- هل الرئيس المخلوع وأسرته فوق القانون ؟
- المستشارطارق البشرى بين المؤرخ والداعية الإسلامى
- حمام - قصة قصيرة
- شتاء الحرية وسقوط أوراق التوت
- مبارة عصرية فى شد الحبل بين الحرية والاستبداد


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قراءة المستقبل بالبصيرة وليس بالبصر