جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 20:29
المحور:
كتابات ساخرة
الشخص الذي يتمعن في مبدأ الوحدانية يصاب عاجلا ام آجلا بصدمة اذا اكتشف الافكار الرهيبة التي تكمن وراء هذه الفكرة. اولا و كما قلنا سابقا تضع الوحدانية السيطرة على الكون في يد مارد جبار لا يموت و لاينام و لاياكل و لا يشرب ويمسك مفتاح جميع الابواب بيده و يتكبر فوق ذلك على الخلق ليخلق بذلك نظام العبيد و الدرجات و الاستعلاء. نعم هو الدكتاتور الاوحد يلعب بالمقدرات - يتوعد و يخوف بالنار و الجهنم اذا اهمل طاعته. تتطابق هذه الفكرة مع دور رب العائلة المتمثل بشخصية الاب القاسي الحنون او رئيس عشيرة او حزب ولها ماتقابلها في عالم الحيوان.
و قد ازدهرت هذه الفكرة في المجتمعات البشرية الشرقية التي خضعت لحكم شخص واحد دون رقيب و نحن لانزال نسير عليها الى يومنا هذا وان التغيرات الحالية الحاصلة في بعض الدول العربية تبشر بالخلاص من انفراد الحزب الواحد او الحاكم الظالم او العائلة المحتكرة بمصير هذه البلدان و لكننا رغم ذلك لا نستطيع التخلص من الوحدانية والدكتاتوريات الكامنة في داخلنا دون اقلاع فكرة الوحدانية الخارجية من جذورها من قائمتنا.
و تبين هذه الحقيقة ايضا العلااقة الوثيقة بين انتشار الفساد و الوحدانية لان الوحدانية تركزعلى العبادة و الطاعة العمياء و تضعها في الصدارة مما يؤدي الى اهمال مسائل دنيوية اخلاقية مهمة اخرى والمؤمن بالوحدانية يعتقد بانه اذا صلى و صام سيدخل الجنة و ليس لديه حافز آخرلعمل الخيرغير مصلحته في ضمان الجنة و تفادي نار الجهنم.
واخطر افكارالوحدانية هي ليست فقط تعليق الفكر و استسلام الانسان في اسلامه لهذا الطاغوت دون قيد او شرط و كأنما فرغ جمجمته من الدماغ كاملة بقدر اعطائها قدرة العليم و المحيط بكل صغيرة و كبيرة لهذا الوحش الرهيب دون ترك المجال للاكتشافات والتنبؤات المستقبلية في هذا الكون الشاسع. فكل شيء خاضع لعلمه ليحول الكون الى نحو لغة مصطنعة يمكن التكهن بقواعدها مسبقا لتقتلها. في الوحدانية الموت.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟