أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قَتَلة- قصة قصيره















المزيد.....

قَتَلة- قصة قصيره


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


يومان مرّا حين صادفتُ السيد حسن سالم حسن أحد زملائي في المدرسة المتوسطة قبل ما يزيد على الأربعين سنه وكنت أجوبُ الأنحاء التي يرتادها أبناء بلدي في بعض أحياء مدينة من مدن بلاد الجوار المحروسة التي كنت أزورها للسياحةِ ،دعاني لسهرة في شقته الفاخرة وطلب لنا عشاءً من مطعمٍ فاخر وكان قد جهز مائدة شرابٍ مميزةٍ كان الجنّ و الويسكي حاضرين بوفرة وأكلنا وشربنا وتعتع السكرُ الشديد صاحبي وسرد حكايته منذ أيامنا حتى تخرجه ضابطا للأمن سابقا قائلا وهو يكاد يقع أرضا من فرط سكره : هل تذكر...
في المدرسةِ يسميني التلاميذُ (إبن العقيد) ما كنت نابهاً لكنني كنت ملفتا للنظرِ ، هندامي فاخرٌُ و خداي منتفخان وموردان ، يشاهدني أترابي حائما حول حانوت المدرسة لا أنقطع عن مضغ البسكولاتة وشرب العصائر ، لا أتوقع أن يغضب المدير مني مهما فعلت فأنا إبن العقيد ، أمي تنفحني بمصروف جيب يليق بابن العقيد ، هكذا وجدتُ نفسي على مدى سني دراستي، لا أعلم كيف تخرجت من الإعدادية وحصلت على البكالوريا بمعدل خمسين بالمائة، كان أبي العقيد يضحك من نتيجتي ،معلقاً بمرح : هذا الشبل من ذاك الأسد مشيرا بإبهامه المعقوف إلى صدره راسما ابتسامةً عريضةً بوجه امرأته التي هي أمي قائلا بجدٍّ مشوب بسخرية: - لا عليكِ، حسناً فعل لأنه إن صار مهندسا فسينهار البناء الذي يبنيه و إن صار طبيبا سيختصر الطريق على المرضى إلى الدار الآخرة و هكذا بدد العقيد أبي الحزنَ في وجه أمي، وخرجتُ عصراً مع زملائي المتفوقين ، نحتسي قناني الكولا ونلعب الدومينو على شاطيء دجلة تحت أضواء (كازينو البلد) المطلّ على النهر، يهب علينا ذلك النسيم النهري المنعش بيد أنني كنت أكثرهم انتعاشاً ، علّق أحد الزملاء على انتعاشي الواضح قائلاً: -سيدخله أبوه كلية الطب بخمسينه وقهقه عاليا وقهقهتُ معه عاليا قائلاً له: -سترى عندما تأتيني صاغرا تتوسطني في أمرٍ ما ، وكنت أقول ذلك بناءً على تلميحات أبي العقيد حول زجي في سلك الشرطة أوالجيش أو قوات الأمن،................................. – كيف هل ستصبح وزيرا ؟ - سترى ما دام السيد الوالد موجوداً وأردفت سترى جمع أبي أوراقي وقدمها بنفسه إلى جهةٍ ما فكان إسمي ضمن قوائمَ كثيرةٍ و تسلسلي العاشر في القائمة الأولى ، ت10 حسن سالم حسن-معهد الأمن القومي ، وهكذا انتسبت لدائرة الأمن واحتفلنا جميعا بالمناسبةِ ، ليلتها سألتُ والدي ماذا سأكون بعد تخرجي من المعهد، رد عليّ حينها، أوه ستكون شيئا كبيرا مثلاً نائبا لضابط الأمن ثم بعد اجتيازك للإختبارات ستصبح رئيسا للأمن أو أكبر من ذلك من يدري ولكني كلي ثقة بموهبتك وقدراتك ، أنت تشبهني ، وربت على كتفي فشعرت بانتعاش كبير في معهد الأمن وبإشراف ضباط من رومانيا أيام جاوجيسكو تم نزع كرامتنا و غسل أدمغتنا من كل ما يمت بصلة للنبل و الشرف و الشهامةو الرأفة و الشفقة فهي كما يقول أستاذنا الروماني ليست من شؤوننا بل هو شأن غيرنا بل إن تلك المسميات هي مكامن الفشل في مهامنا كضباط أمن ، وهكذا اجتزنا الإختبارات تباعا. في دروسنا العملية نطبق ما تعلمناه على سجناء الأحكام الخاصة من تعذيب و ابتكار للقسوة ِو دروس مركزة في الوحشية ، خطوة ..خطوة..لا يمكن تخيل ما فعلنا بمشورة معلمينا في الإجازة يوصوننا بنسيان كل ما فعلنا ، واستمر الأمرُ إلى أن جاء اليوم الذي سُئلِنا فيه: - متى تظنون أنكم ستكونون ضباطا أكفاء يفخر بكم الحزب والقائد؟ قلنا : عندما نضع النجمةَ على أكتافنا أجاب المعلم الروماني -خطأ , خطأ فظيع ، ستكونون أكفاءً عندما تجتازون الإختبار الأخير.. الإختبار الأخيــــــــــــر: قال المشرف على التدريب ، هل من سؤال؟ ، رفعت يدي وسألت: -ماهو الإختبار الأخير سيدي ؟ قال: القتل! و أردفَ المقدرة على القتل بدم بارد! أجبت: لكننا ياسيدي قد مارسنا القتل في المعتقلات وقتلنا في التعذيب كثيرا من أعداء الحزب رد علي ببرود: لا هذا الإختبار يختلف تماما فأنت عندما تقتل المُعتقل تحت التعذيب لك مبرراتك ، إنه عدوك ، عدو الحزب وعدو ال... تقتله لأنك تعرف أنه عدو أما في الإختبار الأخير ستنفذ الواجب دون نقاش ودون مبررات و دون معرفة بالمنكود الذي ستقتله فهو إنسانٌ عادي لا صلة له بك ولم يرتكب جناية، إنما يكون طريدتك ، تصطاده و تقتله وطريقتك في تنفيذ هذا الإختبار ستحدد درجة اجتيازك له كأن تقتله وتسلب ماله أو سيارته،أو...أو....و أضاف سنحدد لكم نقطة الصفر( ساعة الشروع) وقاعدة العودة وأضاف إياكم أن تنفذوا الواجب على أيّ ممن تعرفون ولو كانوا قتلة آبائكم ، سنحقق في كل حالة على حدة و سنعرف، كنت أعرف أن لا مجال للتراجع وهكذا سأقتل أحداًما دون لفت الأنظار و سأتقدم كما أراد السيد العقيد الوالد التنفيذ: ترك لنا المشرف حرية اختيار مكان التنفيذ فاخترتًُ شارعاً يفصل بين حيين شعبيين وهناك وقفت وسط ظلمة حالكة وسرعان ما مرت سيارة ، أشرت لها بيدي، توقفت بجانبي كان سائقُها شاباً لم يتجاوز الخامسة و العشرين من العمر، نظر إلي باهتمام فقد كنت أرتدي بذلة أجنبيةً فاخرة ورباط عنق أحمر وتضوع من ملابسي رائحة عطرٍ فاخر لم يشك الرجل ولا لحظة واحدة بأني رجل سوي سأنفحه بأجر ٍ عالٍ لذلك فتح لي الباب جنب السائق بحركة ودية وهو يضحك ، قلت له إنني أريد أن أستريح في المقعد الخلفي أمدد رجلي وصدق الرجل دعواي و قبل أن نصل إلى نهاية الشارع المقفر طلبت منه التوقف و بسرعةٍ فائقة وضعت الحبل السلكي المغلف بمادة بلاستيكية حول عنقه كانت ردة فعله أبطأ مما كان متوقعا إذ كان الرجل مطمئنا ، لم يتعبني كثيرا و مات دون عناء كبير ,و..و........................... ولهذا الحد بدأحسن سالم حسن يدخل في نوبة نومٍ عميق ثم وضع رأسه على طرف الأريكة ونام ، تسللت إلى الخارج دون أن ألتفت وهبطت السلم الطويل ملقيا بنفسي إلى الشارع فهو أكثر أمانا من النوم في شقة حسن سالم ، إذ كبف يصح أن تطمئن لمثل هذا الكاسر المدرب . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :الإسم الذي ورد في القصة إسم متخيل لايمت للواقع بصلةٍ ولكنه يشبهه



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا سيد النخل
- طقوس مختلفة
- سقوط مريع -قصة قصيرة
- طوقان- قصيدة
- دم......دمة نص مدور
- ظننتك لي أخا
- شرفة تطل على جهات أربع-قصة قصيرة
- وصايا- تهويمات
- حلم وردي- قصة قصيرة
- سراب- تهويمات
- براعة الماء-قصة قصيرة
- يا نون يونس- قصيدة
- يانديمي-قصيدة
- صرصار- قصة قصيرة
- شيطان الآن-نص تهويمي
- أخدود النار
- يا خليّ الفؤاد-قصيدة
- أوراق التوت- تهويمات
- محنة الماء- قصيدة
- مزمور لسيد الأنهار- تهويمات


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قَتَلة- قصة قصيره