أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حلم وردي- قصة قصيرة















المزيد.....

حلم وردي- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 07:39
المحور: الادب والفن
    


حلم وردي - قصة قصيره
عبد الفتاح المطلبي
يبدو أن الخوف حيوان بري وضعه الرب في دواخلنا لغرض ما ، بعد هذه الرحلة المليئة بالرعب منذ اندلاق الكف ّمن الردن الزيتوني على معصمي ولغاية هذه اللحظة التي صحبني فيها المأمور إلى قاعة المحكمة الخاصة في قعر بناء لا حدود له لأعترف بكل ما لديّ ، حتى السعلة و إطلاق الريح في اللحظات العصيبة كما أوصاني بعضهم قائلا إن كل ذلك يؤخذ بالإعتبار وسيعلمون بما تترك عمدا، بعد هذه الرحلة يبدو أن الخوف اعتادني كحيوان داجن ، وهكذا بدأت باعترافي فقلت: نعم سيدي كل شيء كل ما تريد...وكما تحدثت به مع رفيق السجن.
قلت لرفيقي في الزنزانة إن تعرفي بحسن ذي الرقبه الطويلة كان بداية قضيتي،
ما بيننا كان أشبه بصداقة ، كنت عرفته في ذلك اليوم الذي لم يبلغنا أحد فيه بالحضور المؤكد للإدلاء بأصواتنا حول تجديد الولاية للقائد، يومها كرهت المشاركة لكنني لامندوحة لي من المشاركة إذ كان جاري( الحزبي) لا يفتأ يرسل إبنه الصغير لتنبيهي حول ضرورة ذلك بالنسبة لي ، وكان شبه الصديق( حسن) قد حضر إلى باحة المدرسة التي يجري فيها رمي الأوراق في الصناديق و بما أنني لم يكن لي أصدقاء ويبدو أنه كان مثلي تماما يريد أن يبدد الوقت دون إثارة ريبة ،فقد حزر ما بداخلي بحسه الأمني البارع ، هكذا ظننت واتجه صوبي ، تبادلنا حديثا مقتضبا حول الصندوق الذي انهالت عليه أكداس الأوراق و الناس جميعا يبسمون بوجوه مرحة استعدادا لأعلان فوز القائد الساحق في الإقتراع ، كان علي أن أبتسم كثيرا بل و أكشر عن أسناني التي أتلفها التبغ، بعد ذلك تكررت لقاءاتنا في سوق المدينة،إذ تأبط كتابا من الحجم المتوسط عندما استرقت نظرة للكتاب لم يظهر عنوانه كاملا لكنني ميزت كلمة أحلام وأظنها كانت الكلمة الثانية لعنوان الكتاب ،وفي تلك اللحظة إقتربنا من كشك بيع الكتب في مدخل السوق ، توقف قليلا ، قلّب بعض الكتب ثم أخذ كتابا ودفع ثمنه ، رحنا نتحدث عن أمور عامه ، بعد ذلك إستمرّ يقلب أوراق الكتاب الذي اشتراه توا ، ذُهلتُ عندما رأيت عنوان الكتاب ( مدخل في التفسير الإشاري للأحلام) و كان كتابا مترجما عن لغة أخرى ، عصفت بي موجة أسئلة لكنني أجلتها لشعوري بأن ذلك لا يعنيني، ابتدرني بالسؤال:-
-هل تحلم و هل تراودك الأحلام كثيرا
- أوه نعم كثيرا بل إنني مدمن أحلام ، ثم أردفت إن أمثالي من قليلي الكلام يحلمون كثيرا ، أو قل تنتابهم الكوابيس بكثره
كشر عن ابتسامة عريضة بانت نواجذه من خلالها ونابان كنابي ذئب و قال :
- آه أنت ثروة ، أنت كنز
لمَ قال ذلك ؟، تملكتني رغبة عارمة منذ ذلك اليوم الذي رأيته فيه في باحة المدرسة، يوم إلقاء الأوراق في الصناديق، في أن أسأله، صار يلمح لي بين فراغات الكلمات القليلة التي تبادلناها ذلك اليوم ، أنه لا صلة له بذوي البدلات الزيتوني الذي لا يشبه لونها لون الزيتون، ربما يشبه الفج من الزيتون الذي لم ينضج بعد ، كما كان يقول، وددت لو أسأله كيف حافظ على رأسه برقبة طويلة مثلما أراها ، عادة لا يسمح للرقاب أن تطول بهذا الشكل الملفت ، وعندما استرقت نظرة خاطفة وجدته ينظر إلى الأمام بشكل مستمر دون أن يقلقه شيء ، كيف ينتظم ذلك ، رقبة طويله نظر إلى الأمام ، ولا صلة له بالزيتوني ، أنه حقا أمرٌ مربكٌ ، أما أنا ، فأنا كعصفور وجل، أتلفت كثيرا ، و أنتبه للوجوه التي تسفح ملامحها على جانبي نظراتي المهدورة هنا وهناك، أخذ بيدي ثم دلفنا إلى المقهى، مقهى السلام الفاخر تحت عمارة ( سلطان)، اختار مكانا قصيا في عمق صالة المقهى وهناك جلسنا نحتسي الشاي ونثرثر، أخرج قلما ودفترا صغيرا من جيب سترته الداخلي
-إيه ماذا حلمت الليلة البارحة
-أشياء غير مترابطة
-لا عليك وصلاتها معي ، أنا أجعلها كالسلسلة إحكي..وأخرج دفتر ملاحظات صغير من جيب سترته الداخلي ، هكذا بدأنا، إتفقنا بعد ذلك أن نلتقي بانتظام كل يوم جمعة صباحا في المكان ذاته ، راق لي الأمر لأن الرجل كان مبسوط اليد فمنذ لقائنا قرب المكتبة حتى هذه اللحظة لم أدفع دينارا واحدا ، ياله من رجل كريم! سألني مره عن أحوالي و كيف أعيش بهذا الراتب البائس بعد ذلك أخرج بضعة ورقات من فئة العشرة ووضعها بجيب سترتي ولما تململت وحاولت الرفض ، أصر على قبولها قائلا اعتبرها سلفة، قلت لكنني ..و استدرك أنت غير ملزم بإرجاعها لحين ميسرة ، ثم أردف إذا كان صيدك للأحلام وفيرا ستكون المكافأة مجزيه ، إنها أعمال يا رجل و هكذا وجدتني واقعا في مصيدة الإلتزام فرحت أدون أحلامي بحذافيرها لا أترك شيئا منها دون تدوين و من العجيب أن أحلامي لاتزول بعد يقظتي بل إنني أتذكرها فأدونها طازجة ، وخلال هذا الإسبوع بعد إن دسّ الرجل مبلغا من المال في جيبي الخاوي ، مما جعل روحي تنتعش قليلا فتحركت دودة الآمال السابتة في قعرها ، ذلك جعل أحلامي تتحول إلى اللون الوردي المشرق، و انتبهت إلى أنني رأيت أحلاما مشرقة مكرورة ففكرت أنه لابد أن يكون حلما مهما يروق لصديقي السخي دونته بعناية واستغرق مني ثلاث ورقات من القطع الكبير طويت الورقات ووضعتها بعناية في جيب سترتي الداخلي ثم ذهبت للقاء صاحبي يوم الجمعة والحق أقول أنني كنت آمل أن ينعشني بمبلغ آخر سينعش بدوره أحلامي ، كان صاحبي يجلس دائما بمواجهة الباب مما يضطرني لمقابلته معاكسا الباب و انتبهت إلى أنني كنت أسلمه الورقات الثلاث المطويات بعنايه كمن يسلمُ منشورا سريا، انتابتني رغبة بالتلفت يمينا وشمالا لكنني فوجئت بكفّ ثقيلة تندلقُ من ردن زيتوني تقبض على معصمي ثم تنتزع الورقات المطويات مني ووراءه ثلاثة من الزيتونيون بمسدساتهم النافجة من وراء بدلاتهم ، وبعد إن قرأ حلمي الوردي قال تفضلوا معنا إلى المقر للإستفسار لا غير ، كاد الرعب يصعقني لولا هيئة صاحبي الباردة كالصقيع.، وكل ما تقدم سيدي كنت أحكيه لزميلي في زنزانتي...وهنا تعبت من الكلام ناولني رفيق السجن قليلا من ماء كان يدخره بعلبة فارغة من تلك العلب التي نستعملها في السجن لأغراض شتى ، سألني صاحبي السجين :
-مالذي كتبته في الورقات الثلاث؟
-كان حلما ورديا رأيت فيه أنني أسير برأس مرفوع والشارع كان نظيفا والأضوية المتوهجة تنيره والناس مبتسمون ، وقد اختفى اللون الزيتوني تماما ولا وجود لصور القائد على واجهات المحلات وزوايا الشارع ولا وجود للشرطة ولا العساكر باستثناء شرطي مرور باسم الثغر يقف في الساحة وحيدا و...و...و الحلم طويل ...طويل ثم التفتّ لصاحبي السجين وقلت: وأنت ماذا فعلت ،أدنى فمه قرب أذني وهمس : أنا أمتّ بصلة قرابةٍ للرجل الهارب المطلوب في قضية زين ال.........ولم يكمل همسته إذ عصبت عيناه و اقتيد إلى......و بعدها ياسيدي لم أتكلم مع أحد مطلقا.
وها أنت ترى ياسيدي قد أدليت بكل ماعندي منذ يوم الصناديق التي تُرمى بها الأوراق حتى همسة رفيق السجن......
رفع مطرقته التي كانت تهوي على خشبه على شكل رأس إنسان ولم يكن في القاعة غيري وحارسين أشار لهما بالمطرقة نحو الباب الثاني على يمينه ، ذلك جعلني أشعر بامتنان كبير لذي المطرقة المخيف كانت الباب المقفلة بوجهي والتي ستفتح بعد لحظات مكتوب عليها (( أحكام المؤبد))، ياه كأنني أفوز بجائزة ، يا لهذا الرأس العزيز لا زلت أحتفظ به على كتفيّ.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سراب- تهويمات
- براعة الماء-قصة قصيرة
- يا نون يونس- قصيدة
- يانديمي-قصيدة
- صرصار- قصة قصيرة
- شيطان الآن-نص تهويمي
- أخدود النار
- يا خليّ الفؤاد-قصيدة
- أوراق التوت- تهويمات
- محنة الماء- قصيدة
- مزمور لسيد الأنهار- تهويمات
- براءة-قصيدة
- كذبة هوى
- مزامير-نص صامت
- تعالوا خذوا قلبي -قصيدة
- العربة -قصة قصيرة
- نظارة سوداء -قصة قصيره
- لما ذكرتكِ -قصيدة
- دمٌ مثل لون الشجر
- موت المدن


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حلم وردي- قصة قصيرة