أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كواكب الساعدي - عباس














المزيد.....

عباس


كواكب الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3429 - 2011 / 7 / 17 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


عندما تكون الظلمة هي خيارك الوحيد وكل من حولك يصرخ بك ” لا تمشي وحدك في العتمة” تحتار! أيكون الهروب الملاذ الأخير لتوصم بأنك جبان أم الخنوع لمشيئة القدر لتكون أخر الشجعان.
كواكب الساعدي
تتقطع أنفاسنا لنبلغ حافة النافذة نسرق لحظات من فسحه الدرس لنتلصص فيها و ببراءة على الحجرة المقتطعة أساسا من فناء المدرسة الشاسع الإبعاد تعصف برؤؤسنا الصغيرة الألغاز عما بجوف المغارة السحرية من مقتنيات للحارس عباس. تتسلق ظهورنا الواحد تلو الأخر متحملين ألم ثقل أقراننا البدناء بطيب خاطر ,ومن بين أكداس الكتب الصفراء والأوراق الكثيرة المبعثرة هنا وهناك لا نكتشف إلا النزر من الأشياء تلمح مرتبه على الأرض متهالكة كأنها تعود لازمنه سحيقة غائرة من وسطها إلى الغمق متخذتا شكلا لهيكلا هزيلا.
في الزاوية اليمنى من الحجرة كانت تشغلها بعض ضروريات الحياة من إبريق للشاي اكتسى بالسخام وموقد نفطي و قلة من الآنية وعلى الحائط تتدلى من خيط غليظ صورة مزججه لرجل ذو لحيه طويلة رافعا إصبعه بحدة يتوعد بشيء ما.
عاصر عباس جيلنا وأجيال أتت من بعدنا, لطالما كان كحمل وديع خفيض الصوت يثابر على البقاء على قيد الحياة رغم حزنه الذي لم يجاهر به يوما ما أينما حل ينثر الود من حوله خاصة بتعامله مع الطلبة الصغار.
أيام الشتاء, عندما يتساقط المطر و توحل الأرض , يسعى لسلامتهم من الزلق أو البلل يزرع عيونه حولهم كأم رؤؤم, كان العالم يدور من حوله وهو ساكنا كبركه, نساه التاريخ عند حدود المدرسة تلك
حكوا لنا أهالينا انه كان موظفا حكوميا مرموقا لكن أمرا جللا حل بعائلته عكر صفو حياته, زهد بعدها بكل شئ و بات قرينا للعزلة. التحق حارسا ومقيما دائميا هناك ولم يبطئ يوما في مد يد العون لكل من ينتخيه.
كان في سنين المحنة التي ألمت بالوطن, يبكي أهله الراحلون للمنافي والذين كان اغلبهم من لازمهم والذين تدرجوا مع تدرج حياته.
لم يبرح عباس الذاكرة أبدا
في الرحلة الأخيرة إلى الوطن كان الهاجس الأول أن أتقصى أخباره, اختلفت الروايات حوله, فأصحاب نظرية المؤامرة قالوا لما دخلت قوات الاحتلال كان عباس وقد أصابه مس يهيم في الشوارع المقفرة من الناس بشعرة المسترسل على أكتافه ولحيته المغبرة وثيابه المهلهلة, يصب وابلا من الشتائم على الخونة الذين باعوا الأوطان بابخس الإثمان و كانت الكلمات تسيل منه كالنزيف تختلط بسيل من عبراته و بحركات مسرحيه ينادي بسقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة وسقوط البرجين, تتناثر أسماء رسمت علامات في سفر تاريخنا كهيروشيما وعد بلفورد من فمه كالرذاذ المتطاير . يقولون إن حوامة أمريكية أقلته إلى جهة غير معلومة ليعرفوا سره.و الله اعلم.
إما الروحانيون فكانت روايتهم انه كان هائما على وجهه وسحنته هادئة يحفها الرضى و ان الرصاص كان يتساقط على جانبيه ولم يصب بأي أذى وكأن ملائكة يدقون سور من الأمان حوله, اختفى ولم يعد أحدا يعرف له طريق.
إما العقلاء منهم والتي ترجح روايتهم فيقولون انه قتل في احد الغارات التي تساقطت نيرانها عشوائيا فأصابت المدرسة وكان هو احد الضحايا ,وجدوه بعد هدوء العاصفة منكفئا على وجهه مضرجا بدمائه ,وقد دفنه أهل الخير
ومهما اختلفت الروايات حول ما ال إليه مصير عباس إلا أن الروايات لم تختلف بان أهل الحي السكني يرون كل ليلة شبحا محني الظهر يحوم حول بوابة المدرسة, بيده حلقه صدئه من مفاتيح بأحجام متباينة مطوقا صدره بصورة مزججه لرجل ملتحي متوعد بامر ما



#كواكب_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرة
- لسنا برابرة
- اغتيال بكاتم الصوت
- الأقنعة
- الحالم.... الذي غّير جلبابه
- تعالي ألقيكِ التحية
- رسالة عاجله لأم الشهيد جرجس
- صرخه في قلب ساحه التحرير
- زليخه ..... حتما سنلتقي
- صلاة عند باب توما
- عزف منفرد
- أنهكني ثقل غيابك
- ممر إلى الضوء -قصة ومتن
- ربما تتحقق
- هذيان الأيام الأخيرة
- الرصاصة اليتيمة
- راقصيني على أنغام زوربا
- على أوتار باردة
- الشارع الجميل
- اهدأ قليلاً


المزيد.....




- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كواكب الساعدي - عباس