أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين















المزيد.....

مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المجتمع الشرقي الاستبدادى عالج دوما تناقضته اللانسانية بمسكنات القصص و الحكايات التي كانت اشهرها الف ليلة و ليلة .. حيث انتفض المجتمع (في الخيال ) علي ديكتاتور مخبول فاسد يتحكم في حياة أبناء شعبه (يحي و يميت ) و يعذب في سجون تشبه تلك التي استبقاها عبر التاريخ صدام حسين، معمر القذافي، حسني المبارك و بشير السودان، سجون تحت الارض تصل الي زنازينها بمشقة و تخرج منها بمعجزة .. فاسدة الهواء تمتليء بالحشرات و الهوام التي أخطرها جلادون أغبياء و مرضي علي شاكلة مسرور السياف لا يستمعون الا الي نداء سيدهم الوالي.
الهروب من واقع مؤلم لإصلاحه بأحلام اليقظة حيلة يستخدمها العقل الباطن ليمكن الانسان المحبط من مداومة الحياة مع قهر و استبداد عالم فاشستي يهدر كامل انسانيتة عندما يسعي لتأمين لقمة عيش مغموسة بالذل يتحكم فيها بشر قساة شوهتهم السلطة المطلقة الممنوحة للمديرين و اجهزة الامن و الرقابة.
مؤلف (او مؤلفي ) الف ليلة و ليلة استخدم وسيلتين لمقاومة الاستبداد .. إحداهما المرأة الذكية الصبورة الثائرة علي تهميش بنات جنسها و تشيئهن بحيث يتحولن الي مصدر لمتعة الديكتاتور، يتم التخلص منهن بمجرد امتصاص رحيقهن .. شهرزاد هنا تذكرنا بسيدات كان لهن نفس الدور في ادبيات التاريخ الدينية و الاسطورية (استير) في الكتاب المقدس روضت (احشويرش) و( ايزيس) أحبطت مخططات (ست) و أخواتها من ربات زمن العائلة الامية التي كانت فيها الام ربة الحياة، الارض، السماء، التجدد، المعرفة و الاستقامة و العدل .
الوسيله الثانية لمقاومة الاستبداد كانت استخدام الجان، السحرة، المردة القادرة علي صنع المعجزات فتنقل الصياد الفقير بلمسة اسدعاء لخادم خاتم سليمان الي مالك لكل ما كان يحلم به ..أو الصعلوك المهمش الي ساكن للقصور ينعم بالطعام الوفير و الاموال و الجوارى و العبيد الذين يخدمونه بأمر من جني مصباح علاء الدين ثم ينتقل هؤلاء المهمشون المهانون المذلون بعد ذلك للسلطة بعد ان يتفوقوا بقوة الجان علي الامبراطور، الامير، الملك أو الخليفه أو اى استبدادى شرقي حكم هذه البلاد .
بمعني أن المؤلف ( الشعبي ) خلق من يستطيع المقاومة علي ارض واقع (الخيال ) وكن في الغالب سيدات بارعات يملكن الذكاء و الدهاء والامومة .. وخلق للرجال معجزات سحرية تجعلهم يتغلبون بها علي الاعداء مثل مصباح علاء الدين و طاقية الاخفاء و خاتم سليمان .. ثم في الادبيات التوراتية عصا موسي و جان سليمان و بركة المسيح و براق محمد.
المرأة التي قاومت ظلم الرجل في الخيال كانت عرضة لقهر و اذلال و حرمان من التعليم في الواقع بحيث مورس علي المرأة الشرقية ( طول التاريخ المعروف ) تهميشا كاملا حصر دورها في الانجاب و تربية الاطفال و ادارة شئون المنزل، و زاوال الرجال عليها رقابة صارمة حتي لا تجلب عليهم العار.. الرجال في جميع اطوار حياتهم فرضوا وصاية مستمرة علي الام، الزوجة، الاخت، الابنة وجعلوا منهن كائنات أقرب للجوارى و القنان اللائي يعملن طول الليل والنهار لقاء سد احتياجاتهن الاولية.
ومع ذلك يكشف لنا التاريخ كيف حولت شهرزاد القهر الي تحكم في الخلفاء العباسيين حتي تصدعت خلافتهم بسبب مؤامرات الجوارى و كيد النساء وأن حرملك الدولة العثمانية كان المطبخ الذى تصنع فيه قرارات الحرب و السلام وتوريث الخلافة .. وأن سيدات مثل شجرة الدر او حتي الخنساء كان لهن دورا مؤثرا في صعود و سقوط الرجال و احكامهم ولدينا حاليا نماذج لسيدات زوجات طغاة اوصلوهم للسجن بفضل طموحهن ان المراة التي فرض عليها الحجر والحجز كانت دائما ما تجد وسيلة تكسر بها الطوق و تلعب بالرجال حتي لو كانت جارية او فلاحة تعمل في الحقل.. التاريخ المظلم لعلاقة الرجل الشرقي بالمرأة انتفضت علية اخوات هدى شعراوى اثناء ثورة 1919 عندما سرن في المظاهرات وخلعن اليشمك وكن مصرات علي استكمال التعلم و خوض مجالات العمل المختلفه كزميلة للرجل علي قدم المساواة.
انتقال المرأة من الحرملك الي المدرسة و الجامعة استمر بقوة حتي نهاية سبعينيات القرن الماضي فاستكملت تواجدها الصحي طبيبة، مهندسة، أستاذة، مدرسة، ممثلة، مطربة، ثم عضو برلمان ووزيرة عصرية لا تفترق عن زميلتها الاوروبية ولكن و مع استسلام الرئيس المؤمن لقوى الرجعية الوهابية بدأت انتصارات النصف الاول من القرن العشرين تتآكل وتعود السيدات الي ما كن عليه قبل 1919 فنجد المحجبة المهمشة بارادتها بان تحصل علي شهادتها و تبقي في الحرملك لا تبرحه للعمل، ثم المنقبة المستسلمة لارهاب ذكورى عاد مع عودة قوات السلفيين والاخوان المسلمين الرابضة علي الحدود منتظرة لحظة القفز علي السلطة، السيدة المصرية الهادرة لكفاح طال منذ زمن شهرزاد حتي الجدات والامهات لا تملك حتي مهارة الجوارى في تطويع سيدها ذو اللحية صعبة الغسيل و التطهير.
جني (علاء الدين) خرج من القمقم في ميدان التحرير يوم 25 يناير استمع الي أصوات المتجمهرين وقال شبيك لبيك و أطاح بالمبارك و عائلته و بعض من رجاله ثم وقف المسكين مذهولا من حجم الطلبات و الاوامر التي وجهت لة فطق مات.
اعتبار ما حدث في يناير 2011 معجزة هو عادة شرقية لا تؤمن بدراسة الاسباب و مدى تأثير القوى الفاعلة علي تغيير الواقع ، ولا تؤمن بأن البشر هم سادة الكون القادرون علي الاعتراض و المقاومة و الرد علي زبانية السلطة الاستبدادية لذلك عندما ركب ذوى اللحي الموجة رافعين المقدس امام الدنيوى قالوا أن الله سبحانه قد اهدى بفضله جموع الشعب فرحة اسقاط الطاغوت، ايدهم البعض و لم يعارضهم اخرون علي اساس ان قتل و جرح وانتهاك حرمة و ملكية البشر لا يمكن ان تكون من صنع الرب .. ثم تطورت الامور، فبما ان الله سبحانه صاحب هذا الفضل فان مندوبيه المميزين باللحي و الجلباب استعدوا لامتلاك الارض و ما عليها من غنائم، أصبح صياحهم هو الاعلي و اصبح علي الاخرين السمع والطاعه .. ركوب السلفية و الاخوان لموجة التغيير( التي عادوها من قبل) و اعتقاد البعض أن هؤلاء المتخلفين من عصور سحيقة قادرون علي الحل هو غفلة شرقية .. لا يدانيها الا توهم الاخرون أن القمقم قد أخرج حكاما جدد مستعدين لصنع معجزات اعادة الامور الخربة منذ نصف قرن الي نصابها.
الحلم الشرقي بمعجزات خارج قوانين الطبيعة تجعل كثير من المضارين يأملون أن يحارب الجني بدلا منهم و يحل لهم مشاكل السكن و المواصلات و التلوث البيئي والطعام والتكاثر والتعليم والصحة، كل ما عليهم ان يقفوا في ميدان ما يصيحون وستصلهم هدايا الجني تباعا علي اطباق نصفها من ذهب والنصف الآخر من فضة .. مع ماتش كورة ينتصر فيه الاهلي علي الزمالك بحفنة اجوال .
الشعب المهمش دائما انتفض بدون معجزات، سحر، أو اى دوافع غير رفض الظلم، القهر والاستبداد المستمر من الدولة الامنية البوليسية الهادرة لكرامته .. انتفض الشعب لان أمواله تسرق وتهرب ولانه اصبح يعيش في دولة يقوم اقتصادها علي الشحاتة ويعالج مترفيها سوء احوال فقرائها بالحسنة ( وانا سيدك ) انتفض الشعب لان المشاريع التي تتم تسرق و توهب لمن يدفع الرشوة الاكبر انتفض، لانه يشرب مياه ملوثة ويأكل طعاما ملوثا ويعيش في بيئة ملوثة ويتعلم و يتداوى في أماكن تعاف الحيوانات دخولها ..هكذا ببساطة لم يكن خلف الانتفاضة نظرية أو برنامج او خطة أو حتى شبه خطة ، ولكننا نعرف الآن أننا نحن المهمشون علينا أن نصارع كى نفكك الدولة الأمنية والجهاز البيروقراطى الفاسد الفاشل المتخلف، نعرف الآن أن اقتصاد بلدنا عليه أن يقوم على عمل جاد لا على تسول رغيف الخبز، وأن عائد العمل يجب أن يوزع بقدر من العدالة لا تجعل لأبناء المسئولين أغلب الكعكة ولأبناء المهمشين الفتات، نحن نعرف الآن أن الديموقراطية ودستور الدولة التى يتساوى فيها المواطنين بعيدا عن النوع أو الدين أو اللون أو الجنس، هى الحماية الحقيقية لمكاسبنا .
ان أمل قيام الجني الخارج من قمقم 25 يناير فى ميدان التحرير باصلاح ما أفسده السادات ومبارك وسيادة الشيخ الوزير، وهم شرقى أعاد لنا من جديد الحكم الاستبدادى .. الشعب المهمش يحتاج لدليل، والدليل يحتاج لنظرية وتدريب، وشارع اليوم هو ميدان المعركة التى ستخلق قيادات جديدة وجيل ينحى عن فكره أن جني علاء الدين سوف يقوم بالعمل بدلا منه ، قيادة لن تكون للرجال فقط لكى تحقق أهدافها فشهرزاد لازالت قادرة على العطاء.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكنولوجيا و العقل البدوى
- العودة الي متوشالح
- الخوف من الحرية
- -تكليف الله - و النكوص الجيني
- حامد حمودى و احواض السمك
- صعوبة أن تكون مسلما
- الجالية المصرية ..في مصر
- أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
- طفولة البشرية ام شعوب أطفال
- خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
- هل هو دجل.. ام جهل !!
- حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح
- فلينظر الانسان كيف تطور
- هل يقيم الفاشست ديموقراطية !!
- (الخلافة) غضب الله في ارضه
- الي الاجيال المقبلة
- إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب
- الفاشيستية الدينية أخطر من القومية والحرامية
- ليس دفاعا.. عن المتهم محمد حسني مبارك (2 )
- ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين