أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك















المزيد.....

ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن الملك رمسيس الثانى كان اول ملك يوقع معاهدة استسلام بعد محاصرة قواته وهزيمته فى " قادش" الا ان الكهنة وكتـّــاب السير قلبو الحقائق وسجلوا على جدران الرامسيوم كيف ان الملك الجبار أسطورى السطوة تصدى منفردا لقوات الحيثيين المعادية ، يقتل ويجرح ويثير الرعب بين الأفراد الفارين أمام عجلته الحربية ، حتى فك الحصار عن قواته وحول الهزيمة لنصر.
كهنة " آمون " جعلوا من رمسيس الثانى بطلا للحرب والسلام رغم ان معركة قادش ومعاهدة الحيثيين ، كانت البداية لنهاية الامبراطورية التى أسسها ملوك الأسرة الثامنة عشر تحتمس الثالث وخلفاءه .
نفس الكهنة مرتدين ملابس أخرى ، قلبوا الحقائق وجعلوا من القاتل الخائن لسلطانه بطلا للحرب رغم تأكد قيام الظاهر بيبرس باغتيال الأمير قطز عقب انتصاره مياشرة على التتار فى عين جالوت عام 1260 م وحل محله فى السلطنة ، ثم أنهم اعتبروه ايضا بطلا دينيا عندما اعاد للعباسيين الخلافة الاسلامية من القاهرة عام 1261 م بعد أن دمرها التتار .
نفس الكهنة مرتدين ملابس أخرى أداروا حملة دعائية واسعة تمجد فى صاحب الضربة الجوية الأولى ( والأخيرة ) بعد أن تمكن من كرسى الرئاسة إثر اغتيال السادات .. القادة الذين اعدوا وخططوا وحركوا القوات ، القوا فى الظل بعد أن قلب الكهنة الحقائق ، حتى ان السيد حسنى مبارك نفسه فوجئ بأنه بطل رغم محدودية دور الطيران فى المعركة عموما وفى عبور حرب أكتوبر خصوصا ..السيد حسنى مبارك اقتنع مع ارتفاع إيقاعات الحملة ، ثم زاد اقتناعه حتى تخيل ـ كما حدث لمن سبقوه ـ أنه هبة الله لأرض الكنانة وان المصريين بدونه وبدون قدراته وكفاءته ما كانوا منتصرون.
المصريون منذ بداية التاريخ المعروف برعوا فى إتلاف حكامهم وتصوير الهزائم نصرا ونقائصهم مزايا حتى أن ما صوره الكهنة على جدران المعبد لإنتصارات ومعاهدة رمسيس الثانى تكررت بعد أربعة آلاف سنة مع السادات ...المصريون صنعوا أصنامهم ثم عبدوها ( محمد نجيب ، جمال عبد الناصر ، أنور السادات ) وعندما تسقط الأصنام يكتشفون كم كانوا مضللين ومبارك ليس استثناءً.
أوقف الرئيس جمال عبد الناصر المد الديموقراطى الذى بدأ فى مصر مع حكم الخديوى اسماعيل باشا ( 1863 ـ 1879 ) وتطور بعد ثورة 1919 أثناء حكم الملكين فؤاد وفاروق ليحكم العسكر مصر من خلال حزب واحد وسلطة عسكرية أمنية باطشة ، تدير سجونا ومعتقلات لأعداء النظام تكسر فيها آدميتهم وانتماءهم، عبد الناصر أسس نظاما ديكتاتوريا فاشيستيا ، يختلف عن ذلك الذى كان قبل يوليو 52 ، فهو بعد أن أسقط الملكية والارستقراطية الحاكمة ومعها الأحزاب والديموقراطية البرلمانية ، حل محلها طبقات كثيفة من الموظفين يرأسهم ضباط سابقون تتصاعد قيمة كل منهم فى المجتمع مع مقدار تسلقه للسلم الادارى بالدولة ... حكم البيروقراطية العسكرية ، أصبح عاهة مستديمة تعانى منها كل الأنظمة التالية مثلها فى ذلك مثل نسبة العمال والفلاحين المفروضة على مجالس الشعب والتنظيمات الحزبية ومثل القومية العربية وحروب مقاومة الاستعمار، بالاضافة الى مجتمع مهزوم تركه لخلفه يعانى من عجز اقتصادى وتدمير للمرافق وعدو رابض على الضفة الشرقية لقناة السويس المعطلة عن العمل .
الرئيس أنور السادات أوقف معظم ابتكارات عبد الناصر السياسية والاقتصادية ، واستبدلها بعاهات مستديمة أخرى أبرزها دستور 71 الذى يعطى سلطات مطلقة للرئيس من بداية حكمه حتى وفاته .. كذلك الانفتاح الاقتصادى الذى كان التربة التى ترعرعت فيها الرأسمالية الطفيلية الشرهة ، كذلك الخضوع المطلق للارادة الأمريكية الاسرائيلية بعد اتفاقية الاستسلام التى تمنح سيناء استقلالا منقوصا .. الرئيس السادات مع ردود فعل الدول العربية على اتفاقية كامب ديفيد ،غير موقف مصر من القومية العربية ، لتحل محلها علاقة غامضة باسلام الوهابية السعودية متيحا الفرصة للجماعات الدينية المصرية أن تنضم الى التيارات الارهابية بأفغانستان التى أنشاتها القاعدة وطالبان ، بتمويل سعودى وتأييد أمريكى .
الرئيس السادات عندما تم اغتياله بواسطة رجال القوات المسلحة كان قد أتم تجهيزاته لحكم مطلق ديكتاتورى فاشيستى وديموقراطية المخالب والأنياب ، وكانت مراكز القوى الأمنية ، الاقتصادية ، الدينية ، السياسية قد دبت بجذورها عميقا فى التربة المصرية مكونة الأساس المادى لمجتمع البلطجة والفساد .. وهكذا عندما اختارت مراكز القوى الساداتية نائب الرئيس محمد حسنى مبارك ، ليكون واجهتها المقبولة من المصريين فى الداخل وأمريكا واسرائيل فى الخارج ، لم تترك أمامه إلا دربا واحدا ليسلكه ، أن يسير على الطريق الذى مهده رئيسه ومعلمه ومدربه أنور السادات.
محمد حسنى مبارك شاب كفر مصيلحة الريفى القادم من المنوفية ، عندما تم قبوله بالكلية الحربية ( ثم الطيران ) كان طموحه فى أن يجتاز محنة موقعه الطبقى عن طريق البدلة الميرى يضاعف من حماسه ، أن يخدم وطنه ويزود عن ثورته ، لذلك فلقد حرص على أن يكون مطيعا لرؤسائه ينفذ التعليمات بدقة ويحاول أن يكسب رضاء الجميع ، لقد كان يبتعد عن الخوض فى المواضيع السياسية أو الدينية ، وليس له وجهة نظر الا ما يتعلمه شفاهة من خلال دروس التوجيه المعنوى ، وكانت الرفاهية التى يعيش فيها طيارى القوات المسلحة مصدر حسد من جميع المواطنين بما فى ذلك ضباط الجيش والشرطة ، فأصبح هذا دافعا لأن يكون شديد الانضباط ، نموذجا للضابط كما أراده عبد الناصر ، ذلك المـٌــؤمَن ضد الانقلابات العسكرية أو التمرد المسلح ، والذى يدين بولاء شخصى لقائده الأعلى مصدر النعمة التى يرفل فيها.
عندما اختار السادات مبارك لقيادة القوات الجوية بعد هزيمة 67 عمل كضابط محترف حريص على تنفيذ ما تعلمه من الاتحاد السوفييتى فى تأمين طائراته وطياريه ، وبالغ فى هذا لدرجة أن أصبح دور الطيران فيما بعد أقرب للتوقف ، لقد كان ينفذ التعليمات وإن افتقد بحكم تربيته وتدريبه لملكات الابتكار والخيال والقدرة على المغامرة ، وكان قادة الجيش بما فى ذلك الرئيس السادات يعلمون أنه ضابط منضبط ، كثير الشك حريص شديد التردد حتى لا يخطئ ، لقد كان هذا هو النموذج الذى أراده السياسيون لقادة الجيش.
اغتيال السادات فى المنصة أمام ناظرى وعيون نائبه محمد حسنى مبارك ، كان يعنى بالنسبة له تهميش دور الجيش فى الحياة العامة والسياسية على الأخص فأوكل قيادته الى قائد الحرس الجمهورى الذى يأمن له ثم ركز على الأجهزة الأمنية يزيد من دورها بعد أن أصبجت مسئولة عن تأمين سيناء بحكم معاهدة كامب ديفيد .
وهكذا انتهزت مراكز القوى الساداتية خوف القادم الجديد من الاغتيال لتنظم لنفسها دورا متعاظما ، استهلك الجزء الأكبر من الميزانية المخصصة للأمن بعد أن تجاوز عدد قواتها المليونين ... وتفقد القيادة القدرة على السيطرة عليها فتتركها تنمو عشوائيا كالسرطانات فى الجسد المريض .
السيد الرئيس محمد حسنى مبارك عندما بدأ فترة رئاسته الأولى كان حريصا على النقاء والشفافية ومحاربة الانحراف والفساد ، فأخرج قيادات الفكر من معتقل السادات وطارد بعض منحرفى الزمن السابق ، وقدم أوراق اعتماده لأمريكا واسرائيل باستكمال مسيرة سلفه ( ولم يكن بقادر على فعل عكس ذلك ) ، وبدأ يقترب من الدول العربية فى محاولة لرأب الصدع الذى أحدثته معاهدة السلام ، وطارد الجماعات الارهابية داخل وخارج البلاد ، لقد كانت بداية جادة أكسبته تعاطف المصريين .. ثم غلبه التيارفانجرف أمام التدفق الغير مسبوق لعصابات السادات الانفتاحية ، ثم بدأ يقبل هداياهم .. ثم حلت السيدة الفاضلة زوجته محل السيدة الفاضلة زوجة السادات فى العمل الاجتماعى والخيرى ، ثم تغاضى عن محاولات علاء وجمال لأن يجدا لنفسيهما قدما فى مجال البيزنس ، ثم أصبح الواجهة الصلبة لعصابة واسعة النفوذ من الزملاء السابقين والأصدقاء الذين صوروا له أن مصر إنما هى عزبته الشخصية وأنه يمكنه أن يتصرف فيها تصرف المالك فى أملاكه ، لقد اقتنع بهذا ونفذه لأن سابقيه من رؤساء مهدوا له الطريق بالقوانين والدساتير والجهاز الادارى المتضخم والعاهات السياسية التى خلفها كل من عبد الناصر والسادات .
الرئيس حسنى مبارك رغم أن مدة حكمه هى الأطول فى تاريخ مصر ( عدا محمد على ) فانه لم يترك اى بصمة إيجابية وترك الجهاز الذى أسسه سلفه يعمل دون تعديل ، مما جعل الشعب يثور فى 25 يناير 2011 ، إن طبيعة الرئيس كموظف مطيع لرؤسائه جعلت مسئول المخابرات المركزية الأمريكية عن مصر ، يعطيه التعليمات ويراجع معه الانجاز ، ولقد كان نعم الموظف فلماذا نعترض !!.
ان التأهيل الذى لاقاه فى زمن عبد الناصر والسادات يمنعه من الابتكار والمغامرة والخروج عن النص فلماذا نعترض !!
ان المجتمع الذى حكمه تم تجهيزه وتدجينه بواسطة عبد الناصر والسادات فلماذا نعترض !!
ان الزحف الدينى السلفى الوهابى ، تم التمهيد له بواسطة الرئيس المسلم لدولة مسلمة ( السادات ) فلماذا ندين خلفه !! هل ندينه لأنه كان مخلصا لرئيسه ومعلمه ومدربه فلم يغير شيئا من نظامه وتعليماته !! أم ندينه بسبب استسلامه للنفوذ الأمريكى الاسرائيلى وهو لم يكن بيدة أى حلول بديلة!!
ان حكام امس عبد الناصر وعبد الحكيم والسادات وباقى ضباط يوليو ، هم الذين أرسوا هذه السياسات والقوانين والأنظمة ، وهم الأجدى بالمحاكمة .
ان الأصدقاء والشلة والعصابة هم الذين ضللوه وجعلوا منه مخلب قط لأطماعهم وهم الأجدى بالمحاكمة .
ان السيدة الفاضلة حرمه ونجليها الذين استغلوا سلطة الأب المطلقة فى الفساد هم الأجدى بالمحاكمة.
إذا أردنا أن نسجن فبلطجية الأمن الذين غرروا به بدعوى تعرضه للاغتيال ، أما سيادة المتهم محمد حسنى مبارك فهو الضحية التى استخدمها كل منهم لتحقيق أغراضه ، حقا لقد فعل هذا بكامل ارادته ووعيه ، ولكنه يستحق أن ينظر له بعين الرحمة والرأفة ، لقد كان ابنا مخلصا لنظام فاسد لم يشارك فى انشاءه .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثانيا ..مصر مستعمرة وهابية
- هذا النظام غير قابل للاصلاح
- نعيب بين اطلال نظام مبارك
- - غزوة الصناديق - 19 مارس .2011
- وطن بديل ..يا محسنين
- هل يؤسس البشرى والجمل لخلافة اسلامية
- سيدى الرئيس .. هل أدوات سلفك مناسبة لك ؟؟
- لا أملك الا.. دموعي
- لماذا يكره فقهاء الدستور .. مصر!!
- اكشفوا، افضحوا، جرسوا من سرقوا مصر
- كابوس أن يحكم مصر عصابة لصوص
- الشعب لم يسقط بعد النظام
- حكم مبارك البائد.. بلطجة و فساد
- اسرائيل.. هل تمزح ام تمهد لاحتلال سيناء!!
- سيادة الرئيس .. أنت لست بطلا
- حلم تفكيك الدولة الأمنية (2)
- البياداجوجيا وحلم تفكيك الدولة الامنية
- توجيهات حزبية بخصوص الانتحار حرقا
- حنحارب..حنحارب..تحيا مصر.
- ثلاثة أسئلة عن أكتوبر 73


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك