أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - المُعّلِمون .. أمس واليوم














المزيد.....

المُعّلِمون .. أمس واليوم


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 16:45
المحور: المجتمع المدني
    


مُدّرسنا لمادة اللغة العربية ، في إعدادية الجمهورية للبنين ، الكائنة في بغداد الجديدة ، في سنة 70ـ71 كان الاستاذ " يوسف الصائغ " الشاعر والقاص والاديب .. كنتُ في الصف الخامس ، وطلبَ مِنّا كتابة إنشاء وخّيَرنا حول الموضوع مُتيحاً لنا فُرصة إنتقاء ما يحلو لنا .. كتبتُ صفحتين بعنوان " إتَقِ شَرّ مَنْ أحسنتَ إليهِ " وهي حكاية سمعتها ، حول صيادٍ كان يتجول في منطقةٍ جبلية في الشتاء ، فوجدَ ثعباناً وقَد تَجّمَد من شِدة البرد .. فأشفقَ عليه ووضعه في حقيبته وحملها على ظهره ... بعد مُدّة ، إستعاد الثعبان وعيه جراء حصوله على الدفئ .. فأطَلَ برأسه من فتحة في الحقيبة ، ولدغَ الصياد ! .. هذا هو مُختصر الإنشاء الذي كتبته .. في اليوم التالي ، طلب مني الاستاذ ، ان نتحدث أمام الطلاب عن موضوع الانشاء الذي كتبته .. وقال في البداية : اسلوب الكتابة لابأس بهِ ، لكن المُحتوى خطير وخاطئ ، وهذا ما اّوُد ، شرحه لكم اليوم : أوردَ الطالب مثالاً بنى عليهِ ، نهجاً بالغ السلبية ، وهو ان تحذر وتَشُك ، في أي أحدٍ تُحسنِ اليه .. وإذا صدقنا هذا الكلام ، فأن حياتنا ستتحول الى ساحةٍ للشكوك والمخاوف والحذر من المُقابل ، ويصبح عيشنا لا يُطاق ... قال لنا الاستاذ ، انه ينبغي علينا ، أن نُحسِن الظن بالآخر ، ان نتوقع منه الخير .. وان لاندور في فَلك الريبة والشك ... وان نسترشد بالصفات الجيدة والحسنة ، في أنفُسنا أولاً والآخَرين ثانياً .. فالأنسان أي إنسان طيبٌ في الجوهر . لازالتْ كلمات الاستاذ يوسف الصائغ ، مطبوعة في ذهني منذ اربعين سنة .
لا بَل ان الاستاذ " علي " والذي لاأتذكر اسم والده او كنيته ، المُعلم في " مدرسة كنعان الابتدائية " .. هو مَنْ عّلمني الحروف والارقام ، في الصف الاول الابتدائي ، بصَبرِهِ وتحَمُلهِ .. وذلك سنة 60ـ61 .. حيث كان أبي [ مُنفياً ] لأسباب سياسية ، ويقضي مدة نفيهِ في ناحية كنعان العائدة الى لواء بعقوبة .. كنتُ في الخامسة من عُمري ، حين أدخلني ابي الى هذهِ المدرسة ، بعد حصوله على موافقة الادارة .. الاستاذ "علي" والمُعلمين الآخرين ، بذلوا جُهداً ، حيث انني لم أكن أعرف شيئاً من العربية .. كان المُعلمون حقاً مُرّبون بمعنى الكلمة في ذلك الوقت ، يهتمون بالتلاميذ جميعاً ، بصِدق وشغف .. فكيفَ بتلميذٍ صغير وغريب وأبوه ضيفٌ ومَنفي سياسي ؟ لازلتُ أتذكر ، الرعاية والإهتمام ، الذي لقيته من لدُن الاستاذ علي والمُدير ... خمسين سنةً مّرَتْ .. ولم أنسى ، كيف ان الاستاذ علي ، قال كلاماً كثيراً في أول يومٍ لي في المدرسة .. لم أفهمهُ .. كان يُخاطب التلاميذ ويُشير لي بين الحين والآخر .. ثم صّفقَ التلاميذ وطلب مني الجلوس .. وتدريجياً عرفتُ انه أمَرَ التلاميذ ، بعدم السُخرية مني لعدم معرفتي العربية .. وبل ومساعدتي على التعلم والمشاركة في اللعب .
قضيتُ أكثر من سنة ، في كنعان .. وأبرز الاشخاص الذي لازلتُ أتذكرهم .. الاستاذ علي .. ومأمور المركز ، معاون الشرطة ، حيث كنتُ أذهب بصحبة أبي يومياً ، لكي " يُوّقِع " في السِجل إثباتاً لتواجدهِ ! ... وجارتنا أم محمد التي تجلب لنا خبز التنور اللذيذ الاسمر ... ومن الاماكن والاشياء .. الاشجار العملاقة في طولها في حوش دارنا .. وبَلَد روز التي زرناها عدة مرات ، حيث كان لأبي بعض الاصدقاء هناك " كان يجب ان يستحصل على موافقة مُسبقة من مركز الشرطة ومديرية الناحية ، للخروج من كنعان والعودة في موعدٍ مُحدَدْ " .
سألتُ إبني يوم أمس وهو طالبٌ جامعي : هل تتذكر مُعلميك في المدرسة الابتدائية ؟ قال : نعم .. معلم القراءة كان عصبياً على الدوام ويصرخ علينا .. ومعلم الحساب يضربنا بسببٍ وبدونهِ !... أسفتُ كثيراً ، أن تكون ذكريات إبني عن مُعّلميهِ ، على هذا الشكل من السلبية والسطحية . بينما انا ما زُلتُ أحتفظ ، بعد إنقضاء كُل هذهِ السنوات .. بأجمل الذكريات عن مُعّلمي الاستاذ علي ، ومُدّرسي الاستاذ يوسف الصائغ ، وغيرهم الكثير ... شّتانَ ما بينَ جيلَين .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
- النُخَب المُهّمَشة
- - شالومكي - هو الذي يضرُبنا
- الحكومة ونقود الملا - سين -
- قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
- العبرة ليستْ بِطول الخدمة
- انتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان
- الطالباني والقفز من فوق المخّدة !
- من ستوكهولم الى أربيل
- الزَوجات الأربعة
- الحكومة .. وترقيم النكات !
- قوى أمنية ومُمارسات قمعية
- ألسفارة .. رمز السيادة المُنتهَكة
- بماذا تُفّكِر في هذهِ اللحظة ؟
- الإنتخابات التركية ..ملاحظات أولية
- عندما يخطأ الكِبار
- علاوي والمالكي ينشرونَ الغسيل القَذِر
- مُظاهرات الجُمعة في العراق
- - عملية تَجميل - للرئيس اليمني
- العراق واُفق المُستقبل


المزيد.....




- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - المُعّلِمون .. أمس واليوم