|
النُخَب المُهّمَشة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 15:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" سُئِلَ شابٌ : أذكر ثلاثة شخصيات ، حسبَ رأيكَ ، أثّرتْ على الجيل الحالي ؟ فأجاب على الفور : هيفاء وهبي ، نانسي عجرم ، وروبي ! " ... طبعاً الشاب هذا ، لا يُمّثِل جيل الشباب جميعاً ، لكنه بالتأكيد إنعكاسٌ لنسبة مُهمة من هؤلاء .. يوم أمس كنتُ أتحدث مع واحدٍ من الشباب الجامعي وهو في المرحلة النهائية ، وجاء ذكر أسم " سقراط " عَرَضاً ، فسألته : هل عندك أية معلومات عن سقراط ؟ قال : ألم يكن لاعب المنتخب البرازيلي قبل سنوات ؟! .. إجابة الشاب صحيحة طبعاً " فعلاً كان هنالك لاعب كُرة بهذا الاسم " ، لكن المأساة هي ، ان صاحبنا سيتخرج في السنة القادمة ، من قسم العلوم السياسية ، ويدرس في نفس الوقت القانون في كليةٍ مسائية ... أي سيصبح حاملاُ لشهادتَين جامعيتَين ، في القانون والعلوم الساسية .. ولم يسبق له ان سمع بفيلسوفٍ اسمه "سقراط" بل يعتقد انه لاعب كرة قدم !!. .. طبيبٌ إختصاصي أعرفه ، يعتقد ان "غاندي" أديبٌ روسي ! .. صحفي يكتب بغزارة مُدهشة في الصحف والمجلات ، لايعرف الفرق ، بين "الثناء" و "التملق" ، ولا بين ان "تحسد" أحداً وبين ان "تغبطه" ! .. من البديهي ، انني لا أدعو ، ان يكون جميع الأطباء ، ضليعين بكافة الامور ، الثقافية والفنية والسياسية ، فذلك غير مُمكن ، ولا مطلوب .. ولكن ينبغي ان يمتلك حداً أدنى ، من الثقافات العامة ، أي ان يعرف شيئاً ولو بسيطاً ، من معظم الأشياء ! . من الضروري ، ان يكون الشخص الذي يُصّنِف نفسه بإعتباره من " النُخبة " ، حائزاً على معلومات موسوعية ، ناتجة عن القراءة والدراسة والمُتابعة التراكُمية ، والخبرة .. لكي يكون جديراً ، بإبداءِ رأيٍ موضوعي ، وقادراً على المُحاججة المَنطقية ، ومتمكناً من المُقارنة والإستنباط ، وحتى على إصدار أحكام تتسِمُ بالعدالة .. وإلا لأصبح شخصاً عادياً من العامة ، ولا ينبغي تصنيفه ضمن " النُخبة " !. ان حشو رؤوس التلاميذ والطلبة في المدارس ، بمعلومات جامدة وِفقَ أساليب مُتخلفة .. لايُساعِد مُطلقاً ، على تعويدهِ على البحث والإبداع ... والمُجتمع بثقافتهِ التقليدية البالية ، يُكمِل المُهمة ، بِزرع الإتكالية والوصولية والخديعة ، في نفس هذا الشاب ، وتقوم الأديان والمذاهب ، بالتحالف مع السلطات والحكومات القمعية الجاهلة ، بإنجاز مُهمة تشويه ، بناء الانسان ... وذلك بتثبيت الخوف والخنوع والفساد ، فيه .. بحيث يتحولَ الى ما يشبه المَسخ ... هذا ما أراه للأسف الشديد ، في ما آل اليه الفرد العراقي ... نتيجة التشويه والقمع والاستغلال والإذلال .. الذي مورِسَ عليهِ طيلة عقود من الزمن ... ومن تداعيات هذهِ الحالة المأساوية ، هو الإفتقار الى [ نُخبة ] حقيقية ، تستطيع الإضطلاع بدورها في ، إنتشالنا من المستنقع الذي نعيش فيه ... وحتى الذين ، فيهم بعض مواصفات النزاهة والصدق والثقافة والعطاء ، الذين يُمكن ان يصبحوا " مشاريع نُخبة " ... فأنهم مُتناثرين مُفّككين ضُعفاء غير مُوّحَدين ، خافتي الصوت ، مقموعين ، مُهّمشين مُحارَبين .. الصوت الرجعي المُتخّلِف ، هو الأعلى نبرةً .. والجموع مازالتْ تنقادُ خلفه بسذاجة .. ولو كان الإهتمامُ ب [ الأحياء ] ، نصف الإهتمام ب [ الأموات ] ، لِتحّسنتْ الأوضاع حتماً ، وتطورتْ الخدمات والوضع الامني ! .. النُخبة السياسية المُتسلطة ، مافتئتْ تُسّوِق الأوهام والخُزعبلات وعبادة الأفراد وتكريس الفساد والإحتكار والطائفية البغيضة ... ولا فَرق كبير ، بين السلطويين ، من الاسلام السياسي بفرعَيهِ الشيعي والسُني ، ولا القوميين الكُرد والعرب .. فجميعهم ، ضالعون بدرجةٍ أو بأخرى ، في إعاقة التقدم الحقيقي للعراق الجديد ، وإطالة أمَد الفساد بأنواعهِ .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
-
الحكومة ونقود الملا - سين -
-
قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
-
العبرة ليستْ بِطول الخدمة
-
انتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان
-
الطالباني والقفز من فوق المخّدة !
-
من ستوكهولم الى أربيل
-
الزَوجات الأربعة
-
الحكومة .. وترقيم النكات !
-
قوى أمنية ومُمارسات قمعية
-
ألسفارة .. رمز السيادة المُنتهَكة
-
بماذا تُفّكِر في هذهِ اللحظة ؟
-
الإنتخابات التركية ..ملاحظات أولية
-
عندما يخطأ الكِبار
-
علاوي والمالكي ينشرونَ الغسيل القَذِر
-
مُظاهرات الجُمعة في العراق
-
- عملية تَجميل - للرئيس اليمني
-
العراق واُفق المُستقبل
-
تقييم المئة يوم
-
الحاج - ش - أفضل من المالكي
المزيد.....
-
بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية
...
-
مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد
...
-
بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر
...
-
ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ-
...
-
رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع
...
-
-حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر قيادة بثكن
...
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا
...
-
طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار
...
-
أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|