أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - لازاريوس بروجكت














المزيد.....

لازاريوس بروجكت


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


لازاريوس بروجكت
لـ: حنين عمر

كانت ليلة ماطرة جدا، فقررت أن أنام : أطفأت الضوء و أرخيت ستائر الشباك بعد أن تأملت للحظات الشوارع النائمة الغارقة بين حزن الفوانيس ودموع السماء، ثم اتجهت لأطفئ التفاز... إلا أنني دون أن أعرف لماذا –كالعادة- أجلت القرار الإستعجالي قليلا وأقنعت نفسي بمشاهدة دقائق معدودة من الفلم الموالي الذي كان عنوانه " ذي لازريوس بروجكت " رغم كونه مصورا بطريقة الكاميرا المتحركة التي تفقدني حماستي دائما لمتابعة أي فلم، غير أن ما شدني إليه وطرد نعاسي هو ذلك الإحساس الفلسفي العالي الذي لمسته في مشاهده الأولى.

صانع هذا الفلم هو المخرج جون باتريك غلين الذي بالإضافة للإخراج عمل على كتابة السيناريو بنفسه وناضل من أجل إنتاجه ثلاث سنوات ليحقق حلمه أخيرا عام 2008. وتدور الأحداث حول الشاب "بين" الذي يجسد شخصيته الممثل بول والكر، والذي يجر خلفه تاريخا من الانحرافات والجنايات والأخطاء والفشل، لينتهي به الأمر متورطا في جريمة قتل عمدي يحكم عليه بالإعدام فيها، فيساق إلى غرفة التنفيذ حيث يحقن بمادة يفترض أنها قاتلة، لكنه ينام ليستيقظ بعدها في مكان آخر تماما إذ يجد نفسه في مصحة نفسية دينية. ومع أن ذاكرته كان قد تم مسحها، إلا أن فلاشات كثيرة من حياته السابقة ظلت تطارده وظل هناك حنين خفي بداخله إلى عائلته رغم كون المحيطين به أكدوا له أن زوجته وابنته توفيتا في حادث مريع وأنه جن بعدها و أمضى سنوات في المصحة ذاتها، وقدموا له أدلة على ذلك وتفاصيل مختلفة تماما عن حياته السابقة إضافة إلى صور شابة وطفلة لا علاقة لهما بما يراه في كوابيسه.

كان عقل "بين" مبرمجا على التصديق طبعا، إلا أن عواطفه كانت أقوى من عقله، و حبه العظيم لزوجته وتعلقه بعائلته جعلاه يشعر أن ما يراه هو وهم الحقيقة ليركض بحثا عن حقيقة الوهم، ومن خلال محاولات معرفة ما وراء هذا الوهم يكتشف أخيرا أنه "فأر تجارب" في مشروع "لازاريوس"الهادف إلى إعادة تأهيل المجرمين ومنحهم حياة جديدة من خلال إيهامهم بأن حكم الإعدام تم تنفيذه، ومن ثم زرع شريحة إلكترونية في جسدهم هدفها مسح علاقتهم الدماغية بحياتهم السابقة وبكل ما فيها، و إخراجهم فيما بعد بشخصيات جديدة وبأفكار مثالية وبذكريات خيالية إلى المجتمع مرة أخرى. هنا يواجه البطل الطبيب المسئول عن التجربة فيحاول هذا الأخير إقناعه بأهمية المشروع الذي سيمنحه فرصة ثانية لحياة أفضل بعيدا عن حياته السيئة السابقة ، إلا أن "بين" يتمسك بحياته الأصلية ويرفض أن يستبدلها وأن يستبدل حبيبته وابنته وعواطفه بعائلة جديدة وأن يتنصل من ماضيه مقابل مستقبل مريح، لأنه كما قال:" لم يطلب فرصة أخرى" ، وأنا أوافقه الرأي تماما فالموت في نظري لا يختلف كثيرا عن حالة انقطاعنا عن ذاتنا وذكرياتنا وعواطفنا، ومهما كان الآتي جميلا فلا قيمة له إن لم يكن لنا ماضٍ حقيقي يخصنا.

عاد البطل إلى زوجته وابنته، وإلى حياته وذكرياته وأخطائه ليثبت لنا في آخر لحظات الفلم حينما يعانق حبيبته وطفلته أنه لا يمكن لنا أن نكون "نحن" إلا إذا تمسكنا بكل ما صنع هذه الـ "نحن" عبر سنوات عمرنا من عواطفٍ وأخطاء ونجاحات وفشل وابتسامات ودموع. وعدت أنا إلى الشباك لأقنع العتمة بفكرة الضوء: ذلك الضوء الذي في داخلنا واسمه عاطفتنا الصادقة، ولأخبرها عن كون خصوصيتنا كبشر ليست في مثاليتنا إنما هي في أخطائنا ذاتها وفي هذه الذاكرة الشبيهة بـ ميموري آلة تصوير مليئة بتفاصيلنا و التي لن نكون أبدا ما نحن عليه إلا بوجودها مهما كانت الصور التي التقطناها لماضينا حزينة ومعتمة وسيئة، لأن هذه الصور جزء منّا ولن نكتمل دونها، وعلى سيرة الصور أخذت كاميرتي والتقطت للعتمة صورة جميلة...ثم أسدلت الستار ونمت.//
د.حنين عمر
من مقالات صفحة فانيليا



#حنين_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنجان قهوة
- أنتَ ؟ : أنتَ الذّاكرة
- نقطة...أول العطر!!!
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا
- سيجارة إخبارية
- ست ُّالشناشيل
- سرطان
- فنجان شاي مع أدونيس والدلباني
- تغريبة النهرين
- سبورة سوداء
- أسوأ مهنة في التاريخ
- بين منفى الجسد ومنفى الروح
- أدباء... أم مهرجون ؟؟؟
- حينما تبتسم الملائكة - 1
- بوابة المغادرة
- رسالة الى تورنتو
- تماثيل من الملح
- على خطى جرش//عمان كمحطة للنزيف المشتهى
- الياسمين الأحمر - إلى كل اللواتي أكل الظلم من اجسادهن وشرب ا ...


المزيد.....




- لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- ...
- محمد المعزوز يوقع روايته -أول النسيان- في أصيلة
- مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين ...
- مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين ...
- الوجه المظلم لـ-كريستوفر كولومبوس- و-عالمه الجديد-
- قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
- المخرج الايراني ناصر تقوائي يودَّع -خاله العزيز نابليون-
- إنجاز جديد للسينما الفلسطينية.. -فلسطين 36- بين الأفلام المر ...
- وليد سيف يسدل الستار على آخر فصول المشهد الأندلسي في رواية - ...
- موسم أصيلة الـ 46 يكرم أهالي المدينة في ختام فعاليات دورته ا ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - لازاريوس بروجكت