أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف السقا - النداهة














المزيد.....

النداهة


شريف السقا

الحوار المتمدن-العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


ظلت حكايات النداهة تتناثر حولي منذ أمد بعيد ....تتردد بين العجائز بروايات متعددة .....لا تسألني عن حقيقتها ...فأنت لا تعرف قريتنا ....هنا لا توجد حقائق ...هي مجرد أكاذيب مغلفة بخيالات الوهم ....أو هكذا أظن .....

قالوا انها تسكن في قناة الماء أعلي القرية .....وتسود في الليالي المعتمة وترسل شباك غوايتها في الليالي المقمرة ليسقط في شباكها الرجال ....تمتص رحيق حياتهم حتي تنتشي وتسحبهم إلي أسفل ليصبحوا عبيدها إلي الأبد .....

قيل إن عملاق القرية كان يسبح كعادته في ليلة أطل فيها البدر في إحدي ليالي الصيف البعيدة فأعجبت بعنفوانه وأغوته ....طارحها الغرام وعندما اقترب الفجر جاهدة لتسحبه معها لكنه بشكل ما لاذ بالفرار .....وأصابته لعنة الخبل ...لكنه لم يستطع الإبتعاد ....قيل إنه أصبح أسيرها وقيل تزوجها....واعطته هي بدورها قوة عشرة رجال لكنها حرمت عليه الزواج .....

هنا لا شيء يقتل الوقت سوي الثرثرة وحكايات العجائز ....

حذرتني امي مراراً إن لا اذهب إلي هناك بعد انتصاف الليل أو في الليالي المقمرة ....لكنني كنت كقط يخدش لوح الحياة بمخالبه الغضة ....فلم ابالي كثيراً وإن ظل الأمر يداعب مخيلتي بإستمرار ....

في ليلة ما تحلق أبي مع اصدقاؤه يتسامرون في حقلنا ...تعالت ضحكاتهم وبدئت الثرثرة من جديد والحكاية المعادة التي سأمت من سماعها ....ورويت هذه الحكاية مرة اخري ...عن حظ هذا العملاق الذي منح قوة عشرة رجال وأصبح عاشقاً لتلك الجنية......وبفضل ما حدث وتدخل الشيخ الراحل ...توقفت النداهة عن ندائها المميت لرجال القرية .....

سألت يومها لابد إن هذه الجنية ملعونة حتي يتم القائها هاهنا في قناة ماء تستقبل كل القاذورات والحيوانات التي جيفت حتي من كانت تصطادهم إمتصت رحيقهم حياتهم البائسة ....نظروا لي مشدوهين وقد فغروا افواههم في بلاهة.....لم احصل يومها علي إجابة ....لكنني حصلت علي لكزة قوية من أبي أوجعتني ....فررت داخل نفسي ومن يومها ابتلعت كل اسئلتي.....

لم تفقد تلك الرواية رونقها بمرور الاعوام بل إشتد عودها وأصبحت أكثر رسوخاً من زي قبل ....علي اية حال فقد ظللن نسوة القرية يتهامسن بأن العملاق الذي خبل عشقاً لديه قوة عشرة رجال ثم يتضاحكن في خبث واضح .....بالطبع فإنه كان يدخل كل البيوت وربما لم تكن النداهة فقط التي تجيد فن الغواية في قريتنا .....

و تقاطر أوغاد القرية وبلهاء القرية علي العطار في أدني القرية الذي زاد ثراؤه بشكل واضح ....

يافعاً يملؤني الحماس والنزق متجاهلاً كل شيء ....تسللت إلي تلك البقعة في إحدي الليالي المقمرة .....كان القمر يلقي بغلالته الفضية علي كل شيء ....

همهمات الشبق المتصاعدة اغوتني بالإقتراب ...أزحت الحشائش الطويلة بهدوء ...هالني ما رأيت ...ذلك العملاق وقد رجع شاباً يحتضن تلك النداهة الشفافة القوام والذي انسدل شعرها حتي سبحت خصلاته وتراقصت علي صفحة المياه ......

مشدوهاً وقفت ....لا أعرف كم من الوقت امضيت ...لكن أعتقد إنه كان وقت قصير مر كدهر .....

لم أشعر سوي عندما نظرت لي تلك الشفافة .....تجمدت الدماء في جسدي....اطلقت ساقي للريح يملؤني الرعب ....ظللت أتعثر طوال الطريق وتسابقني دقات قلبي الذي كاد إن ينفذ من صدري ......

دلفت إلي داخل الدار ومنها إلي غرفتي أوصدت الأبواب وأحكمت أغلاق النوافذ .....انزويت في إحدي الأركان طوال الليل ولم يغالبني النعاس سوي مع نور الصباح وإجتياح التعب .....

لم أبح لأحد بما حدث ففي كل الأحوال لن يصدقني أحد برغم انهم يلوكون تلك الحكاية بشكل دوري إن لم يكن يومي .....

لكن في النهاية لم استطع إن اتخلص من أثر النداهة فقد حولت العملاق لمخبول وأصبحت أنا صامت أو ربما لا منتمي .....



#شريف_السقا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل الفجر
- ليل الهلاوس
- عودة
- رائحة وطن يحترق
- المصنع
- الرحلة
- مرض الرجوع إلي الخلف
- عدالة البؤس و بؤس العدالة
- الشرخ
- الفراغ
- داخل الغرفة
- أتذكر ؟
- كازابلانكا
- كلب السيد
- أميرة الأمل
- العزلة
- سفر الخروج
- فارس لا يموت
- روليت
- درج الذكريات


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف السقا - النداهة