أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كريم كطافة - خرائط تبحث عن من يرسم ملامحها














المزيد.....

خرائط تبحث عن من يرسم ملامحها


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 09:07
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


من الأمور التي كنت أجهلها وهي كثيرة والحمد لله، ما يدعى بالخرائط الفرعية. ربما لعدم اهتمامي أو حاجتي لتلك المعرفة، لم تكن تعنيني كثيراً أو قليلاً معرفة أصل وفصل الذي يلاعبني في أزقة وساحات الطفولة، ليكن ما يكون. الذي كان يعنيني وقتها أكثر من معرفة أصله وفصله هو صداقته التي فضلتها على صداقة غيره. ولما كبرت تطور معي الجهل وتلك اللاإبالية بالتدقيق في فصل وأصل أصدقائي، على يد الشيوعيين هذه المرة، وهؤلاء فصيلة من البشر لا تدري لهم لوناً عرقياً أو قومياً أو طائفيا، يداهمك الواحد منهم بحضوره الشخصي الفاعل والمؤثر فيك إلى حد عدم الحاجة إلى أسئلة زائدة حول الأصل والفصل. ثم تكتشف لاحقاً ويكتشف هو والاكتشاف سيكون متأخراً، بعد استشهاد أو موت أحدكما، أو بعد عشرين سنة صداقة، أن ذلك الرفيق والصديق كان كردياً أو مسيحياً أو تركمانياً أو صابئيا أو سنيا أو شيعياً.. حينها سوف لا تكون للمعرفة الجديدة أية قيمة أو معنى خاص. لذلك كله لم يكن غريباً جهلي للخرائط الفرعية داخل الخريطة الأم.
الآن، وفي هذه الفسحة القبيحة من تاريخ بلدي الحديث، بدأت تتكشف لي ألوان البلد الأصلية على شكل خرائط فرعية، خرائط تريد التسلح بالمخالب والأنياب الحادة، ولعلها تسلحت وانتهى الأمر، كيف لا والعالم كله يضخ أسلحة في البلد. ظهرت لي أربعة خرائط داخل الخريطة الأم، أكبرها الخارطة الشيعية الممتدة بشكل متصل من الفاو جنوباً إلى تخوم الخارطة الكردية شمالاً ومن أقصى الشرق إلى عمق الخارطة السنية غرباً، خارطة بانحناءات ونتوءات وتعرجات ستشكل منها أكثر خارطة سريالية في العالم.. الخارطة الثانية التي تأتي بعدها مباشرة من حيث الحجم وأقل منها سريالية من حيث الالتواءات والتعرجات والنتوءات هي الخارطة الكردية، الممتدة من آخر قمة كردية لا تطالب بها تركيا شرعاً من الشمال إلى داخل صرة بغداد جنوباً ومن أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الشمال الغربي (للعلم دون غيره.. عدد سكان بغداد من الأكراد هو أكبر من عدد سكان أكبر مدينة كردية). الخارطة الثالثة هي الخارطة السنية التي أرادوا تثليثها، لكنها أبت على التثليث.. وهذه تمتد من أقصى الغرب حيث الرمال الممتدة مع تمدد السراب العربي إلى أقصى الشرق المتوسط من الخارطة الأم (ما زالت الاتجاهات بالنسبة لي هي اتجاهات الخارطة الأم) ومن جنوب الخارطة الكردية شمالاً حتى دواخل بغداد جنوباً، ستكون لها مخالب وتمددات داخل الجسد الشيعي المجاور لها.. ثم أخيراً ولعله ليس آخراً، تأتي الخارطة التركمانية وهذه سيكون حضها في التوحد يشبه حض الدولة الفلسطينية الحديثة، لأنها مكونة من كتلتين متباعدتين لا تواصل أرضي بينهما.. أذكر مرة أحد صحفيي اليمين الإسرائيلي (وهذا استدراك قد يبدو خارج الموضوع، لكني أصر على صلته بالموضوع) قال ذلك الصحفي: يا فلسطينين، يا عرب، يا أمريكا، يا إسرائيل، يا عالم.. يا هووو.. كل من يقول لكم ستكون هناك دولة فلسطينية قولوا له: أنك دجال كاذب!! والسبب ببساطة ومن خارج يمينيتي وإسرائيليتي هذه المرة ليس عدم الرغبة في دولة فلسطينية، إنما بسبب الواقع الجغرافي.. انظروا بأعينكم وأحكموا هل توجد دولة في العالم تتوزع أشلائها بالأقساط داخل دولة أخرى.. هل توجد دولة تحيطها دولة أخرى بشكل دائري.. وهل توجد أخيراً دولة مكونة من كتل متباعدة تربط بينهما جسور معلقة. هكذا أقول: مساكين التركمان ستكون دولتهم مستحيلة هذه المرة استحالة حل القضية الفلسطينية بالشكل الإسلامي أو العربي.
لا تخلو كل خارطة من هذه الخرائط الفرعية الكبيرة من تشكلات خريطية أخرى، ستكون فرعية كذلك إنما داخل الفرعية الأولى، مثلاً داخل الخارطة الكردية هناك ثلاثة خرائط معروفة لحد الآن السورانية والبادينية والأيزيدية.. تفصل هذه التشكلات حدود معروفة كانت حتى الأمس القريب سبباً لحرب طاحنة داخل الجسد الواحد.. وداخل الخارطة السنية ثمة جزر شيعية وتركمانية وكردية.. مثلما ضمن الخارطة الشيعية كذلك ثمة جزر سنية وكردية ومسيحية وصابئية، الخارطة الفرعية الأخيرة العائدة للصابئة المندائيين سيكون شكلها يشبه تمدد الأفعى داخل جسد الخارطة الشيعية، متمددة مع تمدد دجلة والفرات والأنهر الفرعية جنوباً، لأن لهؤلاء القوم خاصية التعلق بضفاف الأنهر بشكل عجيب، وكأنه سيقضى عليهم لو هم فارقوا تلك الضفاف. وهناك أخيراً وليس آخراً مرة أخرى ثمة خارطة أكثر عجباً وتعجيزاً من خارطة الدولة الفلسطينية الحديثة، تعود لطوائف المسيحيين من الكلدان والآشوريين والأرمن، هذه الخريطة عن حق يمكن وصفها بـ(شذر مذر) موزعة في داخل كل الخرائط الفرعية، لا تخلو خريطة فرعية كبيرة من نتوءات مسيحية.. لا أقول بحق هؤلاء القوم غير الله يعينهم.. لأنهم سيعانون كثيراً فيما لو تسلط على رقابهم حزب كل همه الوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة.. لأن شياطين الأرض وملائكتها لو تجمعوا سيعجزون عن توحيد مزق خارطتهم..
أخيراً وليس آخراً مرة ثالثة، ستكون للجميع مشاكل حدودية مع جيرانهم القدامى – الجدد وسيكون تقديس الحدود أكثر من تقديس حياة البشر. وستكون لكل خارطة فرعية دولة مجاورة أو غير مجاورة ترعاها كما ترعى شركات الإعلان برامج الإثارة التلفزيونية، وبسب من خلافات الدول الخارجية فيما بينهما سيشتد الطلب على مخالب القط في هذه الخريطة أو تلك. سنجد في جسد كل خارطة فرعية مخلب صغير أو كبير لذلك القط العائد للجيران. ستزدهر في الخرائط الجديدة أناشيد التوحيد وصد المؤامرات الخارجية الدنيئة.. سينتعش سوق متعهدي شعارات الوحدة وقادة الجموع السائرة على هدي وحدة وحدة حتى النصر.. ولتسقط كل مؤامرات العصر..
أعتقد انهم يقصدون مؤامرات العولمة. إنما للضرورات الشعرية اختاروا مفردة العصر.
خرائط تبحث عن من يرسم ملامحها.. لكن.. هل سنمكنه من ذلك..؟
26/10/2004



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف الفرنسي من وحلٍ إلى وحل
- عيون وآذان جهاد الخازن وأخطاء علاوي
- بماذا أرد على صديقي المتشائل..؟
- مرة أخرى.. عن الشعب الكردي وقضيته
- حلم امرأة
- شارع القدور
- ماذا تبقى من مشروع لجنة اجتثاث البعث..؟
- كرسافة
- صلح الحديبية الثاني..!!
- تغيير اسم حزب البعث
- فقهاء الأجراس
- توريات عراقية في زمن الاحتلال
- لكم أن تكذبوا أمريكا الدهر كله.. إنما صدقوها هذه المرة!!
- قصة طف معلن
- لماذا لا يكون لنا طريق ثالث..!!؟
- ماذا تعرفون عن العلمانية لتطردوها..!؟
- أيها الإسلاميون من كل الأطياف.. رفقاً بدينكم!!
- هل يتحول مرقد الإمام علي (ع) إلى لجنة اولمبية جديدة!!!!
- ألفت انتباه السادة المشاهدين..إلى حلقة الاتجاه المعاكس القاد ...
- من أجل أن لا يضحك علينا الفرنسيون..


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كريم كطافة - خرائط تبحث عن من يرسم ملامحها