|
على هامش حرق القرآن
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3327 - 2011 / 4 / 5 - 12:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قامَ أحد القساوسة المُتطرفين في الولايات المتحدة الامريكية ، بحرق نسخةٍ من القرآن ، كرمزٍ لإعتبارهِ " الإسلام " مسؤولاً عن الإرهاب في العالم . علماً ان هذا القس هو راعٍ لكنيسة صغيرة وان أتباعهُ قليلون جداً لايتجاوزون المئات . ولأن هذا الشخص له توجهات مُتعّصبة ولا يتمتع بشعبية ، حتى في بلدتهِ الصغيرة .. فأنه يستغل وسائل الإعلام ، في الترويج لطروحاتهِ السخيفة .. ولقد لاقتْ أفعاله الكثير من الرفض الشعبي والرسمي داخل الولايات المتحدة وخارجها ، وحتى الرئيس الامريكي نفسه ، أدانَ في كلمةٍ لهُ ، ما قام به " جونز " من فعلٍ شائن بحرقهِ القرآن . لكن المؤسف ، هو قيام العديد من " المُسلمين " هنا وهناك ، بتحقيق [ الغاية ] الخبيثة التي أرادها تيري جونز من وراء فعلتهِ الحمقاء !. فأن ردود الفعل المتشنجة والعنيفة ، هي ما يريده بالضبط ، هذا القَس المخبول ... لكي يؤكِد نظريته . ففي أفغانستان بادرَ نُظراء جونز في التطرف ، الى الهجوم على مقرات الامم المتحدة " المُتواجدين أصلاً لمساعدة الأفغان " وقتلوا موظفين أبرياء وذبحوا عمالاً وأحرقوا مقرات ... إنتقاماً لحرق القرآن !. وخرجتْ مسيرات ومظاهرات في أرجاء مُتفرِقة من العالم الاسلامي ، مُنّدِدة ومُهّدِدة بالويل والثبور . يوم أمس الاثنين 4/4 ، وفي جلسة مجلس النواب العراقي ... قُرأ جدوَل الأعمال الذي كان يتضمن بحث موضوع حرق القرآن ، وكان تسلسُل هذه الفقرة في منتصف الجدول تقريباً ... لكن نائبةً من التيار الصدري ، لم تتحمل الى ان يحين الوقت ، فطلبتْ الأذن بالحديث ، وقالتْ بصوتها الهادر : كيف يجوز ان تتناقشوا في أية امور ، قبل موضوع حرق الكتاب المُقّدس ؟ اُطالب بتقديم الفقرة الآن !. فصفقَ البعض .. وتقررَ ذلك فعلاً . تحدثَ بعض النواب بنفس النغمة المُكَررة ، وتحَمسَ أحدهم وقال : اُطالب هيئة رئاسة المجلس ، بإستدعاء السفير الامريكي هنا ، وإدانة ما قام به ذلك القس ، وطرد السفير الامريكي من العراق فوراً ! ... صّفقَ بعض النواب إستحساناً لكلام زميلهم . وبعد ان إنخفضَ مُستوى الحماس قليلاً وتوضيح رئيس المجلس بانه لايمتلك صلاحية إستدعاء السفير الامريكي... تقرَرَ ان يُفاتَح مجلس القضاء الاعلى بخصوص ، إتخاذ إجراءات قانونية ضد القس تيري جونز . - هذه القضية ، تُبَيِن سهولة التأثير على الكثير من " المُسلمين " ، والتحّكُم بتوجيه ردود أفعالهم ، وِفق رغبات ومرامي القائمين بمثل هذه الأعمال . فالقوانين السائدة في كثير من دول العالم ، أما تبيح لأمثال تيري جونز ، القيام بهكذا ممارسة مُستهجنة ، أو معاقبتهِ بأحكام خفيفة لاتردعه . فمن المؤسف ، ان تصبح رسوم كاريكاتير ، مثلاً ، مقياساً ل " كرامة " المُسلمين .. وان تخرج مظاهرات عارمة بسبب ذلك ، وان تتحدد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دولٍ جراء رسمٍ كاريكاتيري ! . أو ان يصبح كتابة رواية ، سبباً في إصدار فتاوي بالقتل . - حين يسمح المسلمون لأنفسهم ، ان يُسّيَروا ويضيعوا وقتهم في مناقشات عقيمة ، وردود أفعال لا طائل من وراءها ، وتكريس مفاهيم خاطئة لديهم بصدد الكرامة والعِزّة والسؤدُد ، وتركيزها في بؤرةٍ واحدة : " مُجابهة ومُحاربة رسامي الكاريكاتير ومؤلفي الروايات وحارقي القرآن " ... فتَصّوَر ماذا يتنظرنا في قادم الأيام ! . بعد ان تهدأ قضية تيري جونز الحالية .. سيقوم شخصٌ تافه آخر في هولندا مثلاً ، بإحراق القرآن ... أو سيُخرج استرالي فيلماً سينمائياً مسيئاً ... أو سيرسم ايطالي كاريكاتيراً .. او يؤلف ايرلندي روايةً عن قُريش ... فهل سنبقى ندور في هذه الدوامة ؟ ونستجيب لِما يقوم بهِ بعض السخفاء ؟ أم ان الحَل الأمثل هو تَجاهل أمثال هؤلاء ، وعدم توفير فرصة الإنتشار الإعلامي لهم ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقليم كردستان .. بين السُلطة والمُعارَضة
-
التربية والتعليم ... ثانيةً
-
البَديل
-
كِذبة نيسان
-
تحية للحزب الشيوعي العراقي
-
إرهاصات عراقية
-
أردوغان في كردستان
-
- الأحمر - واللعب في الوقت الضائع
-
أفكارٌ سورية
-
ديكٌ وحِمار .. في مكتب الوزير
-
عُطلة بين عُطلتين
-
ألله كريم !
-
الذي يَملُك والذي لا يَملُك
-
حكوماتنا وبُطلان الوضوء
-
- نوروز - مَصدر إلهام الثُوار
-
سُفراء المُحاصصة الطائفية والسياسية
-
إنتفاضة الشعب السوري
-
الحظر الجَوي .. بداية اللعبة
-
بين المواطن والسُلطة
-
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
المزيد.....
-
الإمارات تدين اقتحام باحات المسجد الأقصى وتحذر من التصعيد
-
عبارة -فلسطين حرة- على وجبات لركاب يهود على متن رحلة لشركة ط
...
-
رئيسة المسيحي الديمقراطي تريد نقل سفارة السويد من تل أبيب إل
...
-
هل دعا شيخ الأزهر لمسيرة إلى رفح لإغاثة غزة؟
-
-في المشمش-.. هكذا رد ساويرس على إمكانية -عودة الإخوان المسل
...
-
أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030
...
-
قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
-
-العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة
...
-
وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
-
الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|