أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - تسونامي..للمثقفين العرب














المزيد.....

تسونامي..للمثقفين العرب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 18:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفرزت العلاقة بين الأنظمة العربية والمثقفين،ثلاثة أنواع:مدّاحون،ومعارضون،وموظفو ثقافة..كان أغلبهم في حالة اغتراب مع الثقافة ،ومع أنفسهم ايضا.فمن مهمات المدّاحين،تجميل الوجه القبيح للسلطة وتبرير التجاوز على الحريات والسكوت عن جرائم البوليس السّري والمخابرات.ومع أن معظم المدّاحين الذين سيطروا على وسائل الثقافة الرسمية:صحافة،اذاعة،تلفزيون..حظوا بالامتيازات،الا أنهم كانوا يدركون أن مهمتهم لا تختلف عن شاعر أموي أو عباسي يمدح الخليفة ليجزل له العطاء..وانهم كانوا يحتقرون أنفسهم حين يختلون بها،الا المسيّسين الذين ربطوا مصيرهم بالنظام وروّضوا (أنا) المثقف لتكون بخدمة (أنا)السياسي.

وكان موظفو الثقافة،بمؤسساتها الرسمية، رماديين في علاقتهم بالسلطة بين من اتخذ الثقافة مصدر عيش فتعامل معها (مسلكيا) وبين من وازن بين (أناه) الثقافي والسلطة بعلاقة شبيهة بشعرة معاوية..فيما توزع المعارضون ،وهم القلّة، بين من انكفأ على ذاته أو هاجر الى بلاد نائية فمات قهرا أو طلّق الوطن أو..نحره ابداعه!.

هذا يعني أن المنجز الثقافي خلال نصف قرن كان في أغلبه اما مزيفا أو مسلكيا أو سوداويا حيث هو الغالب على نتاج المعارضين للسلطة الذين صوروا الحياة بلون الدم ودراما بكائية بطقوس حسينية تستعذب جلد الذات،مع استثناءات أشعلت ضوءا في آخر النفق.

وفي ثقافتنا العراقية بعد 2003،والثقافة العربية بعد تسونامي العرب،كان أغلب المثقفين من نوعي المدّاحين والموظفين قد صاروا في محنة.أذكر أن المثقفين العراقيين عقدوا بعد اسبوعين على سقوط النظام،اجتماعا غصت بهم قاعة الأدريسي بكلية الآداب(باب المعظم)..فقال أحدهم لشاعر شعبي كان معروفا بمدح "القائد" بقصائد نارية:

-ألا تخجل..كيف تأتي وأنت مدحت "صدّام" بقصائد رفعته بها الى السماء.

فأجابه:

+ والآن أمسح به الأرض..ومستعد أن أمدح معمما" أو ملحدا"..اريد أعيش أخي.

ياللكارثة!..ان اتعس حالات الثقافة حين تمتهن وتكون مصدر عيش..يتحول فيها المثقف من أفضل ناقد اجتماعي وانقى عقل في عملية تقدم المجتمع وازدهار الوطن،الى "موظف ثقافة" او ممارس زيف على (أناه) أو انتهازي يبيع (أناه) الثقافي لمن يدفع أكثر.ومحنة كثيرين منهم أن السلاطين قد ولّوا فأين يولون وجوههم؟ ولمن سينظم الشعراء ويغنّي الفنانون:"العزيز أنت" و"عاش الريس"؟.

وما لا يدركه كثيرون أن الوجه الخفي للثقافة هو (القيم)،وان فعل القيم في الانسان كفعل "الداينمو" للسيارة..فكما أننا لا نرى الداينمو حين تتحرك السيارة،فاننا لا نرى القيم مع انها هي التي توجّه السلوك وتحدد الأهداف..ولك أن تلحظ ذلك في اختلاف سلوك رجل الدين عن الفنان عن الارهابي..وتكتشف أن اختلافهم في "قيمهم" هو السبب.

وما لا يدركه كثيرون أن أهم انجاز "غير مرئي" حققه تسونامي العرب،أنه أنهى (الاغتراب النفسي) لدى المواطن.فلأول مرّة يشعر المواطن أن الوطن له وليس لحاكم صادره بكل ما فيه وأحيا وأمات بأسمه.ولأول مرّة يهزج الناس بفرح وكبرياء أنهم ما عادوا يخافون الدولة بعد أن جاءوا هم بها!.ولأول مرّة ينشد الشعراء بصدق ويغني الفنانون بزهو..للناس والوطن. وكان أطعم من تذوق حلاوة عودة الوطن للمواطن هو المثقف الذي أضناه نواحه عليه..لأنه ارهفهم حسّا"،ولأن علاقته بالوطن..رومانسية راقية كعلاقة عاشق متيم بمعشوقة تفردت بالحب والجمال والعطاء.

نعم،انتهت الثقافة الشمولية "الحولاء" التي كانت تنظر للأمور بعين واحدة..عين السلطة والحزب الواحد،لكن ثقافة كانت لنصف قرن بالحال الذي ذكرناه لن ترحل، بزيفها واغترابها وسوداويتها وتشوهاتها الأخلاقية والسلوكية ومفاهيمها المتخلفة المشفّرة في العقل الجمعي للناس،في أسابيع كما رحلت أنظمة..بل هي بحاجة الى تسونامي يكتسح كل ما شاب قيمها من عفن..وعفنين ايضا!.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخصائيون النفسيون العرب ..والسياسة
- الحكّام أم الشعوب..مرضى نفسا؟!
- غباء السلطة ..وخطاياها
- تحليل سيكولوجي لشخصية ونهاية معمر القذافي
- قراءة أولية في مظاهرات جمعة الغضب العراقي
- الحقيقة..دائما عدوّة السلطة!
- في سيكولوجيا الثورة المصرية
- بيان عشرين شباط
- اذا اتحد الدين والفن.. ظهر الحق!
- لتكن صفقة واحدة: الحقوق، والمساءله، والاخلاق ايضا
- نصائح للمتظاهرين العراقيين
- المصريون..أهل نكته..حتى في المحنة!
- في زيارة أربعينية ألامام الحسين ..وتساؤلات مشروعة
- هل يأتي الدور على العراق؟
- بعد تونس.. مصر..وتحذير للعراق
- نحن والجيران والطائفية
- بعد العراق،تونس الحبيبة..وتساؤلات مشروعة
- مبدأ حكم الأكثرية في الديمقراطية..باطل!
- لغة الجسد:العينان واليدان واشارات الغزل
- حسن كبريت!


المزيد.....




- ما هي الامتيازات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية بعد قرار ...
- بقيمة 400 مليون دولار.. واشنطن تعتزم الإعلان عن حزمة مساعدات ...
- البنتاغون يوعز إلى جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين بمغادرة ...
- مصر.. نجيب ساويرس يرد على تدوينة أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- الإمارات.. تأجيل جلسة الحكم في قضية -تنظيم العدالة والكرامة ...
- وسائل إعلام: فرنسا زودت أوكرانيا بصواريخ -SCALP- هي في نهاية ...
- مدفيديف يصف كاميرون بالبريطاني -الموحل ذي الوجهين-
- ناشطتان بيئيتان تهاجمان تحاولان إتلاف نسخة من -ماغنا كارتا- ...
- -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال ...
- معجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - تسونامي..للمثقفين العرب