أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - العربة -قصة قصيرة














المزيد.....

العربة -قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3317 - 2011 / 3 / 26 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


العربــــــــــــــة
قصة قصيرة
عبد الفتاح المطلبي

كانت عربة حمادي الخضراء بخطين أزرقين على جانبيها يمتدان من مقدمة العربة إلى مؤخرتها التي حرص حمادي على أن تكون جميلة جدا و ملفتة للنظر ببابها القلاب المغلق دائما بكلابين أصفرين لمّاعين و على الطرفين من جهة اليمين و اليسار جعل الخطاط جاسم الذي يعرفه جميع أصحاب العربات هم و عرباتهم التي مرت عليها فرشاته برسم أنيق أو خط باذخ الجمال ، جعله يرسم عينين خضراوين برموش طويلة و في الوسط خطَّ عبارة ...( حبيبي ياوطن) كانت بحق أعجوبة عربات حي النصر خلف السدة ، لطالما حلم حمادي بامتلاك مثل هذه العربة و كانت في تلك المرحلة أقصى أمانيه ، و لما واتت الفرصة لم يتردد حمادي و كان من ضمن مجموعات كثيرة كل يبحث عن مبتغاه و عن ما خف حمله و غلا ثمنه في لحظة فلتت فيها الأمور أو أفلتت عمدا لغرض في نفس يعقوب، ولم يكن حمادي ليلتفت لا ليعقوب ولا غيره بل كانت عيناه تجوسان المرائب و الزرائب و المزارع ذات القصور الفارهة التي فرّ شاغليها لأمكنة أمينة وتركت مشاعا ولم يكن أحد غير حمادي قد وضع في رأسه هدفا محددا و راح يبحث عنه ذلك البحث المحموم ، وفي لحظة تاريخية وجدها، ..آه ها هي أمامه عربه باللون البيج العسكري بأربعة عجلات تماما كعجلات أي سياره و قرص دوار تحتها مصنوع في بلاد الجيك ( أصدقائنا أيام جاو جسكو) و ذراع طويلة تمتد أمامها لمسافة متر و نصف آه كان منفعلا جدا و قلبه يخفق من شدة الفرح ، لم يخامره الخوف أبدا لأن الجميع لا يغريهم ما أغراه ، و لأن المزرعة العائدة لأحد قادة القصر الجمهوري كانت مليئة بأشياء ثمينه أخرى ، و في لمح البصر دخل اسطبل المزرعة و أتى بحصان أشقر جميل ، كان الحصان سلسا مطواعا ، و يبدو أن الحصان الجميل رأى شبها بحمادي لسائسه الذي فر منذ ليلة البارحة ، ربط حمادي العربة إلى الحصان بواسطة الحبال الكثيرة المعلقة في معالف المزرعة و اختار ما يشكم فم الحصان ليجعله مستجيبا لأوامره و همزاته التي يجيدها بشكل جيد و هكذا كانت العربة الجميلة و حصانه الأشقر الجميل أمام بيت حمادي في حي النصر خلف السدة عصر ذلك اليوم التاسع من أبريل سنة 2003 و لكي تصبح العربة حلالا بلالا لم يبخل حمادي عليها بعلبتي دهان من النوع الجيد واحدة زرقاء و الأخرى خضراء ليلبسها حلة جديدة تنتمي بها لحمادي و ليس لغيره، لم يخرجها في الأسبوعين الأولين و في الإسبوع الثالث ذهب بها الى جاسم الخطاط فخططها و رسم العينين الخضراوين و( عبارة حبيبي يا وطن ) وهكذا أصبحت عربة حمادي ( حبيبي يا وطن) العربة رقم واحد في حي النصر و ربما في كل العاصمة ، في الأسبوعين التاليين كان حمادي قد أكمل عدة العربة وجهز حصانها الأشقر الآتي من البلاد البعيدة بالطائرة حتما لأنه لم يشاهد في حياته حصانا أشقرا بهذا الجمال و لأنه حدد جنسيته من هناك حيث كل شيء أشقر فقد أطلق عليه إسم ( طوني ) و راح يخاطبه باحترام... تفضل ياسيد طوني و هيا ياسيد طوني و راح يشتري له علفا من الدرجة الأولى شوفانا و شعيرا و نخالة الحنطةو أشياء أخرى و عندما كانت تطالبه زهرة زوجته بمصروف البيت ، يصرخ في وجهها من أين و هذا الطوني لم يترك لي شيئا ، ثم راح يقنعها بأن عليها أن تصبر لحين ، و أكد لها إن هذا الطوني إبن أكابر و علينا أن نداريه لحين تقبله أوضاعنا ، فتسكت المسكينة على مضض..
و في صباح أحد الأيام وبعد إن صار جيب حمادي خاويا تماما ، بشر زوجته زهرة بإن هذا اليوم قد انتهى دلال طوني و عليه أن يخرج معي إلى الشارع لنبحث عن رزقنا ، إطمئني يا أم حسين ( زوجته زهره) سنرى الخير إن شاء الله و تجمع حول العربة صغار الحي و كباره و هم يشيعون حمادي و ابنه حسين على مصطبة العربة وهو يقود حصانها طوني إلى حيث يظن أنه سيلاقي رزقه، و لما اختفى عن أنظار الجميع الذين كانوا يتحدثون بفخر عن حمادي و حصانه و عربته الفاخرة و لم يكد الناس يأخذون نفسا عميقا بعد حديث طويل و مليء بالمغامرات الطازجة عن قصة حمادي و عربته ( حبيبي يا وطن) حتى لاح لهم حسين إبن حمادي وهو يركض صارخا ، يستنجد بأخواله الستة و أعمامه الأربعة و عشرة من أصدقاء حمادي الخُلّص وهو يلهث
_ إلحقوا أبي يستنجد بكم و يقول هلموا لمساعدتي
-ماذا ؟ ماذا دهاه؟
- لقد وقع الحصان طوني في حفرة مجاري وسط الشارع و يظن أبي أن رجله قد كسرت و يريد أن تساعدوه.
هبّ الجميع لنجدة طوني و حمادي و بعد جهود مضنية و ثلاث ساعات من العمل الشاق استطاعوا رفع طوني من الحفرة ووضعه فوق العربة مكسور الساق، ثم راحوا يسحبون العربة عشرة من الأمام و أربعه من الخلف وطوني بساقه المكسورة يستريح فوق العربة حتى وصلوا جميعا لحي النصر خلف السده..
في الليل أخبرهم حمادي بأن الذنب ذنبه و إن طوني المسكين راح ضحية لسوء تدبيره ، قال له أخوه الأكبر و ماذا كان بيدك أن تصنع؟
قال حمادي و هو يعض على سبابته ندما
كان علي أن أذبح ذبيحة و أطبخ طبيخا فدية لطوني و العربه ، و عندما ذهب الجميع و اجتمع حمادي و زوجته زهره في فراشهما ، راحت تسري عنه و تخفف وطأة ما حصل و هي تقول: حمادي أتظن أن عينا أصابتنا ، ، ألم تكن العربة خضراء و زرقاء ، ألم ترسم عليها عينين خضراوين من الحسد ،؟ قال لها لابد من ذبيحة لوجه الله يا امرأة!!!!! ...............
بعد ذلك انشغل حمادي و عياله بطوني و جبيرة رجله المكسوره و علفه من الدرجة ألأولى و جلب له طبيبا بيطريا على نفقته وراح يستدين و ينفق على الحصان الأشقر الجميل الآتي من وراء البحار ولا زالت عربة حمادي الجميلة مركونة جنب بيت الصفيح في حي النصر خلف السدة و قد بدا الصدأ وقد تسلل إلى بعض أجزائها رغم علبتي الدهان من الدرجة الأولى و لا زال حمادي يقول لزوجته زهره ( الله كريم) .. إذا تم شفاء طوني لن تتحرك العربه إلا بذبيحة لوجه الله .



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظارة سوداء -قصة قصيره
- لما ذكرتكِ -قصيدة
- دمٌ مثل لون الشجر
- موت المدن
- موقف_ قصيدة
- الفقراء- قصيدة واضحة
- وطن كالقلب
- قال لي- قصيدة
- يا ساحة التحرير-قصيدة
- ذيول - نص تهويمي
- حييت مصر- قصيدة
- في ذلك النهار- قصة قصيرة
- غواية التباريح- قصيدة
- سلاما لمصر- قصيدة
- عثار الروح- قصيدة
- اغتيال-قصة قصيرة
- إحذري يا جميلة
- هموم الجميلة- نص
- عدوان -قصيدة
- الحلقةالثانية و العشرون و الأخيرة من سيرة المحموم(22) -هذيان ...


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - العربة -قصة قصيرة