أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بدرالدين حسن قربي - طفح الكيل يا بشار، أنقذنا من العصابة..!!














المزيد.....

طفح الكيل يا بشار، أنقذنا من العصابة..!!


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3295 - 2011 / 3 / 4 - 03:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في حي دمشقي عريق اسمه سيدي عامود، كان حريق دمشق الكبير عام 1925 الذي التهم المنطقة بأكملها، ومن يومها صارت سيدي عامود تحمل اسم الحريقة. وفي يوم الخميس 17 شباط/فبراير 2011، الذي انطلقت فيه شرارة الثورة الليبية لإسقاط نظام القذافي، انطلقت أيضاً شرارة الغضب السوري عندما دخل شاب بسيارته في منطقة الحريقة يريد التوقف في مكان ما، قال له شرطي المرور بأدبه الجمّ: امش ياحمار، ورغم أن الشاب ردّ عليه بنفس اللغة، مما أغضب الشرطي فضربه بعصا المرور التي يحملها، مما دفع بالشاب إلى الترجل من سيارته لرد الإهانة للشرطي، غير أن تدخلَ اثنين من عناصر الشرطة المتواجدين في المكان ومشاركتهما في ضرب الشاب حتى إدمائه بشكل وحشي مهين، أدى إلى تجمع المارة والمتسوقين والتجار الذين أغلقوا جميعاً محلاتهم ليغدو الأمر تظاهرة عفوية قدّر عددها بأربعة آلاف، ونداؤها: الشعب السوري مابينذل.
كانت قراءة الكثير من السوريين وغيرهم على أن ماحدث في سيدي عامود السورية، يكاد يتطابق مع ماحدث في سيدي بوزيد التونسية للشاب البوعزيزي والذي كانت نهايته رحيل الرئيس التونسي إلى أبد الآبدين، وقد ردت عليه الجهات الرسمية عبر بعض صحفها بأن البعض من المغرضين حاول تسويق القصة بعيداً عن سياقها الطبيعي رغم أن ماكان ليس أكثر من شجار فردي تحول إلى شجار جماعي انتهى في حينه. ومع ذلك، لم يمض أسبوع على حادثة الشرطي والشاب حتى وقف يوم الأربعاء التالي أحد العاملين في السوق في وضح النهار وهو رجل في الخمسينات من العمر في منتصف ساحة الحريقة محتجاً ورافعاً لافتةً كَتب عليها: طفح الكيل يابشار أنقذنا من العصابة.
التواجد الكثيف لرجال الأمن في المنطقة جعل عدداً منهم يطلبون من صاحب اللوحة مرافقتهم، فأفادهم أنه يريد مقابلة الرئيس، وهو أمر يذكّرنا بمحاولة الشاب البوعزيزي التونسي لقاء رئيس بلدية مدينته والذي رفض مقابلته. ورغم أن الرجل لم يُعرف عنه انتماؤه لأي حزب مرخص أو غير مرخص أو تيار مسموح أو ممنوع أو أن له اهتمامات سياسية سابقة، وأن كل مافعله كان عملاً فردياً بحتاً، فقد بقي في ضيافة الجهات الأمنية ثلاثة أيام سوياً انتقل فيها من الأمن السياسي إلى الأمن الجنائي فسجن عدرا ليُطلق سراحه بعد مثوله أمام القضاء العسكري بتهمة كتابة عبارة تخل بالأمن العام. ومع أن الرجل الذي ناشد الرئيس مستنجداً ومستغيثاً إنقاذ الناس من العصابة الفاسدة والمفسدة من الحيتان والهوامير وسرّاق المال العام من القرابات والنافذين في السلطة، كان عمله سلمياً وديمقراطياً، ويُفترض أن بلداً حُكم أكثر من أربعين عاماً من الأب إلى ابنه وصل إلى الحد الأدنى من الحريات، يسمح بطريقة ما لمواطن واحد من عشرين مليوناً على الأقل أن يقف في مكان ما صامتاً لايتكلم، حاملاً في يده لافتة أو قطعةً ما، يَكتب فيها مطلبه واحتجاجه دون أن يُساق إلى المعتقلات والأجهزة الأمنية بجريمة الإخلال بالأمن العام أو توهين نفسية الأمة وإضعافها. غير أن حالة الطوارئ المعلنة في سورية والمعمول بها منذ قرابة خمسين عاماً متواصلة بحجة حالة الحرب مع العدو الصهيوني، جعلت حياة الناس محكومة بصلاحيات ثورية مطلقة تدار فيها الدولة بطريقة بعيدة عن القانونية المدنية والمساءلة أو المسؤولية، مما أنتج نظاماً شمولياً تنعدم فيه الحريات وتُمتهن الكرامات، وتشيع في بره وبحره منظومةٌ مفرداتها فواحش الظلم والجوع والقمع والاستبداد، أخرجت في النهاية آلافاً من الناس عن صمتهم صارخين ومردّدين في وجه القمع والإذلال: الشعب السوري مابينذل...!!، وواحداً منهم يصرخ في وجه أكابر فاسديها وناهبيها ومفسديها وسرّاقها، ومعلّقاً الجرس بصمت البلغاء والحكماء: طفح الكيل، طفح الكيل....!!!
أخيراً، لعلها مصادفة أن يُعتقل صاحب اليافطة العتيدة بفعل أحكام الطوارئ في نفس اليوم الذي رفض مجلس الشعب السوري بإجماع أعضائه اقتراحاً من أحدهم بإيقاف إعلان هذه الأحكام ولو جزئياً لكون حالة الحرب مع العدو الصهيوني مستمرة. قد يجادل البعض في صدقية مثل هذه الحجة وفائدة استمرارها، بأن لا أحد أطلق طلقة واحدة باتجاه العدو منذ قرابة أربعين عاماً، وإنما لاجدال أن استمرار الحالة قرابة نصف قرن ودون انقطاع شكّل غطاء حديدياً في عموم البلاد، لكل أنواع القمع والنهب والفساد، الذي جعل رجلاً في سيدي عامود الحريقة السورية يغامر بحياته ويحمل روحه على راحته بعد أن طفّ كيله، وينادي على الرئيس بنفسه: أنقذووونا وإلا خسرناكم وخسرتمووونا.



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصحاب الجمل ولازمة الفساد والاستبداد
- من سِيدي عامود سورية إلى سِيدي بوزيد تونس، وصَلنا نداؤكم
- حقيقة الاحتجاجات والمطالبات التونسية والمصرية
- التنحنح والتنحي والتناحة ومابينهما
- التميمة أو التعويذة السورية
- من تونس إلى دمشق إلا أن سورية متميّزة
- بيان كريم، ودعوة إنسانية كريمة
- صندوق الطماطم الفاسد تونسياً وعربياً
- الأنظمة الفاسدة وصاعقة الأخذ الأليم
- لكل طاغية يوم
- الرئيس القذافي مطلوب للقضاء اللبناني
- القيل والقال في تنظيم أشقائنا للمونديال
- أزمة الطماطم الشرق أوسطية..!!
- عن ذاكرة المعتقَلات السياسيّات
- البطاقة الثالثة في اليوم العالمي للمفقودين 3/3
- البطاقة الثانية في اليوم العالمي للمفقودين 2/3
- في اليوم العالمي للمفقودين 1/3
- حيتان وهوامير أم مطمورة ومطامير..!؟
- المحامي السوري والسائق الياباني
- كاسك ياوطن


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بدرالدين حسن قربي - طفح الكيل يا بشار، أنقذنا من العصابة..!!