أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - من تونس إلى دمشق إلا أن سورية متميّزة















المزيد.....

من تونس إلى دمشق إلا أن سورية متميّزة


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3266 - 2011 / 2 / 3 - 08:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يختلف العرب بطبيعة الحال على كثير من المسائل والرؤى، ومن الصعب أن تراهم متفقين إلا في توصيف الحال من تونس إلى دمشق مروراً بالجماهيرية العظمى وأم الدنيا فهم متفقون، ودليلنا يسعى بين أيدينا وبأيماننا. نسمع ليبرالياً يتكلم عن الأوضاع الاستبدادية والفساد في تونس، ونسمع إلى الآخر الإسلامي المختلف يصف الأوضاع العامة نفسها في مصر، ونسمع إلى الآخر اليساري أيضاً عن ذات الأوضاع في دمشق، وإلى ناس الجماهيرية العظمى يحدثونك عن القهر والاضطهاد وقمع الحريات. تسمع إلى الجميع على اختلاف دينهم وبلدهم وقوميتهم وتوجههم وتخصصهم ومهنتهم، فتسمع كلاماً عجباً، وإنما هو نفسه من تونس إلى الشام قمع واستبداد وفساد وكأنه طبعة واحدة، وجماهير الناس تئن تحت مزدوجة السلطة والثروة، والكل يصرخ ألماً ووجعاً وفقراً ومعاناة. والتركيبة واحدة، حزب قائد متسلط وحاكم يحتكر الأغلبية كل على طريقته ومذهبه وتفصيلاته الدستورية. من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي إلى اللجان الشعبية فالحزب الوطني وآخرها حزب البعث العربي الاشتراكي، تتقدمها جميعاً عوائل معروفة ومعهم قرابات وأنسباء. وبعرض هذا الكلام على الدول الأربع المذكورة فلسوف تجد الحال واحدة.
اقتلع البركان التونسي ابنَ علي، وثار من بعده البركان المصري حاملاً من الغضب الشيء الكثير مما نراه في شوارع مصر وساحاتها بالآلاف المؤلفة، مما ألزم النظام حتى ساعات الآن على إعلان العديد من القرارات والتعهدات بنقل آمن للسلطة وإجراء الكثير من الإصلاحات، وإنما مازال المعارضون مستمرين لعدم ثقتهم بما لهم من تجربة، ولا أحد حتى الآن يعلم حقيقةً منتهاها، ولكن ماهو حق وحقيقة أن البركان المصري أخرج أثقاله غضباً على مايعيشه من معاناة وقهر. أما في سورية فالناس على موعد مع الغضب اليوم الجمعة، وقد أعياهم الداء والدواء وانعدام المعتبرِين مما حصل في تونس وما يحصل في أم الدنيا رغم أن الحالة السورية هي من مثل حالهم بل أدهى وأمرّ، حزب بعث محنّط قائد للأمة والمجتمع قامع للحريات، وقوانين طوارئ ومحاكم أمنية وعسكرية استثنائية وسجون مليئة بالمعارضين، إلى عائلة وقرابات من شفيطة ونهّابين مسنودين، فلا تجد شركةً ليس لهم فيها علاقة، ولا مصنعاً مهماً ليس لهم فيه دور، ولا مواصلات واتصالات إلا لهم فيها شأن وشأن، ولا إعلان ولا دعاية إلا وتصب في شركاتهم ومنتجاتهم، ولا استثماراً إلا وهم فيه شركاء، ولاصفقة إلا ولهم فيها ضبط وربط وحصة وقصة. بقدرة قادر ممتدون كأخطبوط في كل مصالح الوطن ومقدّراته فقدرتهم بلا حدود، وواصلون ومحظييون ونشاطاتهم وأعمالهم في كافة أنحاء السلطة مدعومة بلا قيود، فلا شيء يُدفع أو يُقبض أو يباع أو يشترى تحت غيمات الوطن إلا ولهم فيه نصيباً مفروضاً، وكان أمراً مقضياً. عدم الاعتبار السوري الرسمي رغم كل تماثلاته التونسية والمصرية مرده فيما يبدو قناعة راسخة لدى النظام أن الوضع السوري غير تونس وغير مصر، وهو أمر أكّده الرئيس الأسد بنفسه في مقابلته قبل يومين مع الوول ستريت جورنال بنفيه احتمال امتداد الاضطراب السياسي الذي يهز تونس ومصر إلى سوريا أو حتى تكرار سيناريو الاحتجاجات المصرية لتميّز الوضع السوري بعدم إقامة علاقات مع إسرائيل. وعليه، فإن الرئيس الأسد عندما أشار إلى نقطة التميّز في الوضع السوري فقط عن تونس ومصر، فقد اعترف بشكل ضمني بالمتقاربات والمتشابهات الأخرى في انتشار الاستبداد وتفشي النهب والفساد وغلاء الأسعار وارتفاع معدلات البطالة مع تلك البلدان. أما المهم، فلئن كان أشار إلى عدم إقامة علاقة مع إسرائيل وهي حقيقة، فإن الكلام الأحقّ والأدق توصيفاً، هو أنها بعض التميّز عن تونس ومصر وليست كله. وعليه، فلإكتمال التميّز وبإنصاف، ينبغي التذكير أن سورية حتى تاريخه يكون قد مضى عليها أكثر من أربعين عاماً تحت حكم الأسد الأب الراحل ومن بعده الوريث الابن، تميّزت هذه السنون أيام الأب خصوصاً بحكم شمولي حديدي، تمّ خلاله ارتكاب العديد من المجازر الدموية والقمعية التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من السوريين فضلاً عن عشرات الآلاف من المنفيين طوعاً أو كرهاً، أي أن تتمة التميّز السوري عن تونس ومصر والمسكوت عنه من قبل الرئيس هو التوريث الذي كان في الحكم، والمذابح التي كانت وعدد ضحاياها المريع مما يجعلها من أكبر مجازر القمع في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ومن ثم نتساءل: إذا تميّز السورييون بعدم إقامة علاقة مع إسرائيل، فهل مقابل ذلك الذبح وأن يقوم التوريث على أشلاء الضحايا أم أن عدم العلاقة هو غطاء لشرعنة المجازر والتوريث..؟
وبمناسبة ذكر المذابح، فإننا نشير إلى أنه في الأسبوع الأول من شباط/فبراير من مثل هذه الأيام من عام 1982 حصل ماحصل من المواجهات الأمنية الدامية مع الجماهير الغاضبة في مدينة حماة السورية في وجه النظام التي استخدم فيها كل قواته العسكرية أرضاً وجواً، مما كان ضحاياه عشرات الآلاف فقيداً وقتيلاً من سكان المدينة. ونشير إلى أنه حتى هذه اللحظة فإن مئات الآلاف من أسر الضحايا وذويهم ممن فقدوا حشاشات قلوبهم يواجَهون من قبل النظام بتعتيم تامّ وسكوتٍ مطبق، مضافاً له مقاومة وممانعة لاحدود لها وغير مبررة لمنع فك الحصار عن آلاف القتلى والمفقودين والكشف عنهم أحياءً وأمواتاً وعن أماكن دفنهم فرادى وجماعات، بل ومن السخرية أن يُحتفظ بأسمائهم في المستندات الرسمية أحياء عند النظام يسأل عن بعض ذويهم بين حين وآخر باعتبارهم مطلوبين له.
في تقديرنا أن النظام السوري ومع كامل تميّزه مدعو الآن أكثر من أي وقت وقبل فوات الأوان للعبرة بما هو حاصل لمراجعة حساباته، وترك مقارناته وتمايزاته مع تونس ومصر، للعمل على إصلاح ديمقراطي حقيقي يتجلى بإصلاحات دستورية تطلق فيها الحريات العامة، ويُوقف فيها العمل بقانون الطوارئ ويُفك سراح معتقلي الرأي والفكر، ويُعمل على ضمان حياة كريمة للسوريين جميعاً بما فيه دعم أسعار المواد الأساسية والغذائية التي يحتاجها الناس وفي مقدمة ذلك إيقاف النهب ومحاسبة البلّاعين والفاسدين. أما أن يقول الرئيس الأسد عندما يُسأل عن الإصلاح في سورية: بأنه سيشرع في إصلاحات سياسية واقتصادية، وإنما لكي نكون واقعيين علينا ان ننتظر الجيل القادم لتحقيق هذا الإصلاح. وإنما هل ينتظر الفقراء والجائعون والمضطهدون والمقموعون حتى الجيل القادم..!؟ خيارهم أن يحرقوا أنفسهم أو أن يحرقوا أنظمتهم الفاسدة وهو لاشك صعيب، ولكن مانراه من فواحش القهر والجوع والفساد ياناس ماعاد مستحيلاً. إن توهم التميّز السوري عن تونس وأم الدنيا هو نفسه توهم المتوهمين للاستقرار القائم على الظلم والفساد، فكله ذو عواقب وخيمة، وما أمر الراحل بن علي تونس وأم الدنيا عن المتوهمين والمعاندين ببعيد، فهل من مدّكر..!!؟



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان كريم، ودعوة إنسانية كريمة
- صندوق الطماطم الفاسد تونسياً وعربياً
- الأنظمة الفاسدة وصاعقة الأخذ الأليم
- لكل طاغية يوم
- الرئيس القذافي مطلوب للقضاء اللبناني
- القيل والقال في تنظيم أشقائنا للمونديال
- أزمة الطماطم الشرق أوسطية..!!
- عن ذاكرة المعتقَلات السياسيّات
- البطاقة الثالثة في اليوم العالمي للمفقودين 3/3
- البطاقة الثانية في اليوم العالمي للمفقودين 2/3
- في اليوم العالمي للمفقودين 1/3
- حيتان وهوامير أم مطمورة ومطامير..!؟
- المحامي السوري والسائق الياباني
- كاسك ياوطن
- في ذكرى مجزرة تدمر هل إلى فك الحصار عن مَوتانا من سبيل..؟
- سلام على المالح وصحبه الكرام
- سلام على آل هيلين
- أو تعجبون من جرائم ضحاياها هم السبب...!!؟
- كلام يبحث عن عنوان مناسب
- الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 2/2


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - من تونس إلى دمشق إلا أن سورية متميّزة