أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - المحامي السوري والسائق الياباني














المزيد.....

المحامي السوري والسائق الياباني


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3101 - 2010 / 8 / 21 - 23:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غريباً كان أمر السائق الياباني توشي كازو سـوغايا عندما أدين بجريمة مروّعة حكم عليه بها بالسجن مدى الحياة قبل أقل من عشرين عاماً لاعلم له فيها البتة، كانت ضحيتها طفلة صغيرة بعد الاعتداء عليها. وأما الأغرب فهو إطلاق سراحه العام الماضي بعد أن وجد الإدعاء العام أن اعترافاته كانت تحت الإكراه، وأن تحليل الحمض النووي الذي استخدم كدليل كان خاطئاً، وعليه، فقد برّأته المحكمة لاحقاً بعد أن أمضى أكثر من 17 عاماً في سجن كان فيه بريئاً مظلوماً حسّك عينك، وفي اليابان أيضاً.
إطلاق سراح توشي كازو مع مارافقه من تغطية صحافية غير مسبوقة قيل فيها أنها هزت ثقة الشارع الياباني في الشرطة والقضاء، ولاسيما أن سوغايا تحول بها إلى رمز وطني، جاب اليابان طولاً وعرضاً منادياً على الملأ من قومه: لاتصدقوا الشرطة، وحجته ضغطٌ وإكراهٌ وصراخٌ واجهه وتعرض له خلال الساعات الطويلة من التحقيق الذي جعله يعترف بارتكاب جرائم لاعلاقة له فيها البتة كقتل فتاتين أيضاً فضلاً عن الطفلة الصغيرة التي اتهم فيها، مما تسبب بوفاة والده من صدمة الخبر بعد حبس كازو بأيام، ودفع بأمه التي توفيت قبل إطلاق سراحه بسنوات إلى رفض زيارته في سجنه لبشاعة التهمة وعظم الجريمة.
أفاد سوغايا العجوز أنه خلال سني سجنه التقى آخرين ممن عانوا من مثل معاملته ضغطاً وإكراهاً أبلغوه أنهم مدانون بسبب اعترافات كاذبة، وأن رغبته في العمل لمساعدتهم تمنعه من العودة إلى حياته الهادئة السابقة.
أما عن المحامي السوري المسكون بعشق وطن اسمه شام، وتدمي قلبه قضايا مواطنيه وشعبه آلاماً ومعاناة، وتشغل عقله وباله مسأله الحريات وحقوق الإنسان فيه، فقد قضى من عمره سجيناً في ثمانينات القرن الماضي سبعاً عجافاً من السنين في سبيل الحرية والكرامة، فالتقى فيه بمن التقى من المئات بل الآلاف ممن هم مدانون لرأيهم وفكرهم. ومن ثم كان عهده على نفسه وربه وأمام ناسه ومواطنيه بعد خروجه أن لايبقى سجين في سجنٍ سُجن فيه لرأيه أو فكره، وأن يبذل في سبيل ذلك كل جهده واستطاعته. وعليه، فقد ندبَ نفسه نخوةً ومروءةً وشهامة للدفاع بكلمته وقلمه عن حقه وحق أبناء وطنه في حياةٍ حرةٍ كريمةٍ ترفض فواحش الاستبداد والاعتداء على الحريات والكرامات، وعملَ لنشر ثقافة حقوق الإنسان ومنع التعذيب، وكان كثيراً مايتوكل متطوعاً عن سجناء الرأي والفكر أمام المحاكم دون مقابل، وقد ينفق من جيبه عوناً لموكليه أحياناً، ودعاؤه الدائم لربه العزيز الجبار المقتدر أن يمنحه القوة والعزم وهو ابن الثمانين عمراً وشيخوخةً ليكمل مسيرته وسيرته دونما وهنٍ أو ضعف في الدفاع عن حقوق مواطنيه واحترام إنسانيتهم.
السوري المحامي والياباني السائق، كلاهما أُدخل غيابات السجن مظلوماً وخرج منها بريئاً، وإنما يحمل بين جوانحه رسالة يريد أن يؤديها. فإذا كان توشي كازا حمل على عاتقه مسؤولية تنبيه اليابانيين بألا يصدقوا الشرطة، فإن هيثم المالح حمل على عاتقه مسؤولية البيان والأذان بين الناس أن السلطة بإمكاناتها الضخمة من جيش ومخابرات وشرطة وأسلحة ووسائل قمع، تتمترس خلف قوانين خارجة عن أي مفهوم حقوقي أو مفهوم عدالة، وأن القانون لا يُطبَّق إلا على الضعيف بينما القوي لديه وسائط وطرق كثيرة لعمل أي شيء. ولئن استمر توشي كازا بأكتافه المنحنية وحركاته المرتجفة مسافراً ناشطاً بين أنحاء اليابان ضد التعسف في استخدام القوة والعنف، ومتحدثاً عن تجربته متهماً مداناً ومجرماً بريئاً ولازِمتُه ومحطّ الكلام عنده:لاتصدقوا الشرطة. فإن العجوز الثمانيني المحامي المالح أُخذ عنوةً من أمام مكتبه ليُساق إلى محكمة عسكرية محكومة بقوانين طوارئ مستمرة منذ قرابة نصف قرن لأنه قال كلاماً وجدته السلطة إضعافاً لنفسية الأمة وتوهيناً لها، فزُجّ به من جديد في غيابات السجن مع القتلة ومرتكبي الجرائم.
إذا كان السائق الياباني وصل نتيجة معاناته حدّ مطالبته الناس بألا يصدقوا الشرطة اليابانية بحالها بسبب ممارساتها، وإذا كان تغييب المحامي المالح في السجن قد أكّد مجدداً تمترس السلطة مع كل إمكاناتها خلف قوانين طوارئ خارجة عن مفهوم الحق والعدالة، فماذا يمكن أن يقوله المقهور المعتّر مواطننا جبر، الغلبان والمضطهد من لحظة قدومه من بطن أمّه إلى وصوله القبر...!؟ وماالذي يمكن أن تؤكده للتاريخ شعارات وممارسات شرطة في خدمة الشعب، وسلطة في خدمة المواطنين، وحكومة في خدمة الوطن، وثورة في خدمة العمال والفلاحين والكادحين ...!!؟

□ ودّعنا قبل أيام الدكتور أحمد البغدادي جار لنا على صفحة السياسة إلى رب كريم مغادراً حياةً أمضاها مجتهداً في رأيه وفكره ونظافة يده، وتلك هي حال الدنيا الفانية. وإنما ندعو الله أن يغفر له ويرحمه، وأن يزيد في إحسانه ويتجاوز عن سيئاته إنه هو الغفور الرحيم.



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاسك ياوطن
- في ذكرى مجزرة تدمر هل إلى فك الحصار عن مَوتانا من سبيل..؟
- سلام على المالح وصحبه الكرام
- سلام على آل هيلين
- أو تعجبون من جرائم ضحاياها هم السبب...!!؟
- كلام يبحث عن عنوان مناسب
- الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 2/2
- الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 1/2
- الباشاوات الجدد
- لفتة حضارية ولفتات غير ذلك
- حرية وكرامة ووطن
- ابن الثمانين عاماً إذ يضعف نفسية الأمة...!!!
- هيثم المالح ابن الثمانين يوهن نفسية الأمة...!!!
- الطريقة الكوكية في الحوار
- انفلونزا التوريث الجمهورلكي
- تفجيرات بغداد والأزمة السورية العراقية
- إمارة رفح الإسلامية ودولة غزة
- هذي الكويت، صلِّ على النبي
- الأمل والإحباط في كلام السيد جنبلاط
- ياحبيبي... كل شيءٍ بقضاء


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - المحامي السوري والسائق الياباني