أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - حرية وكرامة ووطن














المزيد.....

حرية وكرامة ووطن


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 22:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أحد معسكرات التدريب الجامعي لعسكرة طلاب الجامعة في ثمانيتات القرن الماضي في دولةٍ ممانِعةٍ مقاومِة، كان ضابط التدريب يتكلم بحماس منقطع وبكلام متداخل، لايُعرف راسه من أساسه عن المواطن الصالح والوطنية وحب الوطن. توقف الضابط عن الحديث، وطلب من الطلاب طرح أسئلتهم لمن عنده استفسار.
سأل أحد الطلاب: سـيدي ليش على الإنسان أن يُحبّ وطنه؟
كان السؤال في بساطة تركيبته وخباثته مفاجأةً للضابط الذي بادر الطالبَ بأسئلةٍ متتابعة خروجاً من ربكته. ولَكْ كِيفْ ياابني؟ وطنك يللي بيعطيك الحرية والكرامة، كيف مابدّك تحبو كِيفْ؟
فأجاب الطالب بسؤال أشـدّ بساطةً من سابقه: طيب سـيدي..!! وإذا كان الوطن ماعم بيعطيه لاحرية ولا كرامة، لازم يحبو؟
فقال الضابط: اش قصدك ولا؟ يعني أنو بلد ؟
قال الطالب الشاب الذي أحس أنه وقع في ورطة من شر أعماله، وبسرعة بديهة أنقذته، منهياً فيها الحديث: ســيدي...!! كل البلاد العربية إلا بلدنا. فانفرجت أسارير الضابط العتيد، وانتفش كديك حبشي قائلاً: إيواااااه..، هو هادا الكلام الصحيح والمعتبر ياابني.
إذا كان الوطن - ياأيها الناس - كما قال ظابطنا مرتبطاً حبه بحرية وكرامة يمنحها لمواطنه وإنسانه، فهذا يعني أننا رحنا فيها (زميط)، فكم من بلداننا إذاً هي أوطان لأهلها...!!! وإذا كانت كل هذه البلاد لاتعطي الحرية والكرامة لأهلها حسبما قال طالبنا الشاب الذي استثنى بلده وهو المراد من أصله في سؤاله خشية أن يروح فيها بشربة كازوزة، فأيّ وطن إذاً هذا الذي يحبه المواطن...!!
وطن الفاسدون فيه هم مصلحوه، والنهابون فيه واللصوص بُناته ومطوّروه، والمفسـدون فيه والمستبدون هم قادته وحاكموه. وطن لقمة عيش فقرائه في بطون حيتان النهب والتشبيح، وناسُه محكومون بقوانين طوارئ لاترعى فيهم إلاً ولا ذمّة، مستمرةٍ منذ قرابة خمسين عاماً، ومحاكم عسكرية جاهزة ومجهزة من أجهزة أمن تعتقل، ومدعٍ عام يتهم، وقاضٍ يحكم، وإعلامٍ يؤكد سلامة الإجراءات، ومثقفين وأساتذة جامعات ومشايخ وعلمانيين يباركون. وطن يعيش فيه المواطن أشبه مايكون بكلبٍ في سوق الجزّارين كل من يراه يرفس فيه من طرف، ويرميه بحجر وينظر إليه بقرف.
وطن ليس فيه معتقلو رأي أو معارضون باعتراف مسؤوليه، وإنما هم عصاة متمردون وعصابات خارجة على القانون. مواطنوه مُوَطَّنُون وطّنوا أنفسهم على أن الأمور مبتداها كما يريدها الفاسدون من اللهيطه والبلاعين والمستبدين، لا كما يريدها الصالحون والمخلصون، ومنتهاها أنهم مواطنون وطّنوا أنفسهم على أنه مافي فايدة مع هذه الإعاقات والسرطانات المتسلطة في الوطن، وأنهم عندهم رهائن وسجناء.
وطن قزّموه فغدا مزرعةً مملوكةً لفلانٍ بن علان، واسمه على اسم الوطن عنوان، كتبوا على كل مَدَاخله، معاً إلى الأبد، أحبّوا آكلي خبزكم وملحكم، وشفّاطي لقمة عيشكم، وسارقي مستقبل أطفالكم وأوطانكم، ومتعهدي إذلالكم وإهانتكم.
بوسوا أيديكم وجهاً وقفا أن وُفّقتم بمن تاجر ويتاجر بعرق الملايين من كادحيكم وفلاحيكم، ومصّر على تجويعكم وقمع حريتكم، ولكنه في الوقت نفسه ومع سبق الإصرار عازم وحالف على المقاومة والمنازلة حتى آخر كادح معتّر ومبهدل منّا باعتبار كلنا فدوى الوطن، والتضحية حتى آخر جائع مسحوق ومطحون فينا، فنموت أو يموّتنا ليحيا الوطن، وليجعلوا من الوطن أنموذج عطاء للحرية والكرامة لمواطنه، ومثال محبة تتدفق من ناسه وأهله في الوديان والقفار والسهول والجبال، وهم يميلون ما مال الهوى، ويدقّون الكاس بالكاس ونحيبهم كاســك ياوطن.







#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن الثمانين عاماً إذ يضعف نفسية الأمة...!!!
- هيثم المالح ابن الثمانين يوهن نفسية الأمة...!!!
- الطريقة الكوكية في الحوار
- انفلونزا التوريث الجمهورلكي
- تفجيرات بغداد والأزمة السورية العراقية
- إمارة رفح الإسلامية ودولة غزة
- هذي الكويت، صلِّ على النبي
- الأمل والإحباط في كلام السيد جنبلاط
- ياحبيبي... كل شيءٍ بقضاء
- المحكمة الجنائية السورية والدولية
- حكاية من زمن الحرب السورية
- هلوسات نرفعها إلى مقام من يهمه الأمر
- مساعدات إعمار غزة والاختلاف عليها
- حدَثَ في أسبوع ماقبل لهيب غزة
- الصحافي الحافي والقتيل المحامي
- الطريقة الدانماركية لتحسين الدخل
- ابن معتوق ضحية قاتلٍ بالقانون معتوق
- عزف منفرد على الطبل
- لماذا كبير الموظفين وليس الرئيس..!!
- - كيلو ميشيل - خيرٌ وأبقى من قنطار...


المزيد.....




- -الموت أحلى من العسل-.. متظاهرة إيرانية في طهران توجه رسالة ...
- ماذا حدث بين سفيري إسرائيل وإيران بمجلس الأمن؟
- مقتل 70 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، واشتباكات في ...
- بين الغضب واللامبالاة: كيف تنظر الشعوب العربية إلى إيران في ...
- قصف صاروخي إيراني يشعل حرائق ويتسبب بأضرار في بئر السبع
- حرب إسرائيلية إيرانية.. هل تتدخل أميركا؟
- الملاكم ناوروتسكي.. لماذا تخشى أوروبا الرئيس البولندي الجديد ...
- محادثات إيرانية أوروبية بجنيف وعراقجي: لا حوار مع واشنطن
- 5 مدمرات أميركية في المنطقة لحماية إسرائيل و-نيميتز- تصل خلا ...
- ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - حرية وكرامة ووطن