أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الباشاوات الجدد














المزيد.....

الباشاوات الجدد


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3003 - 2010 / 5 / 13 - 15:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقل لنا التاريخ الحديث أن رجلاً اسمه أحمد جمال باشا حكم بلاد الشام، فكمم الأفواه، ومارس ظلماً وبطشـاً على عباد الله بشـتى طوائفهم. في عهده فاض كيل الناس مظالم ونكبات، وزادوا فقراً ومرضاً، وعاشوا غرباء في أوطانهم كما ارتكبت في عهده مآسٍ إنسـانية ومجـازر فظيعة. فقد تمّ في عهده إعدام أحد عشر رجلاً من رجالات الفكر وأصحاب الرأي في آب/أغسطس 1915، ولحقهم واحد وعشرون أمثالهم في 6 أيار/ مايو 1916 بعد محاكمة صورية في عاليه/لبنان، سبعة منهم علقوا في ساحة المرجة الدمشقية، وبقيتهم في ساحة البرج البيروتية، فكان جمعهم 32 رجلاً.
ومنذ ذلك اليوم تم تغيير اسم الساحتين ليصبح اسم كل منهما «ساحة الشهداء» تكريماً لهؤلاء الرجال الذين قضوا من أجل حريتهم وسيادتهم، واعتمد فيما بعد تاريخ 6 أيار من كل عام ليكون ذكرى لهؤلاء الرجال وأمثالهم في(شام ستان)من فرسان الرأي والكلمة في وجه الظلم والفساد، وللذين استشهدوا دفاعاً عن وطنهم وحريته وسيادته واستقلاله، كما تمّ إطلاق لقب السـفّاح على هذا الوالي الظالم والمستبد ليصبح اسمه ولقبه الدائم من بعدها ( جمال باشـا السفاح).
قيل وقتها بأن الوالي قَدِم من طرف الباب العالي ومعه ملفات تهمٍ لهم، بتوهين نفسية الأمة وإضعاف الدولة بدعوتهم للانشقاق عنها والخروج على السلطة، جاهزة ومحضّرة، وكان ينقصه المحكمة العرفية الاستثنائية فأمر بتشكيلها لهذا الغرض الطاريء لمجرد وصوله في عاليه. ومن ثم صدرت أحكامها عليهم بالإعدام للاعتبارات السابقة. وعليه، فقد تجددت الجدلية بين جماهير مقموعة بالاستبداد ومضطهدة بلقمة عيشها تقول بأنهم ضحايا فكر ورأي ومطالبة بالحرية والحقوق المدنية، وباشا زعم خروجهم على القانون والسلطة والنظام العام، فأصابهم ماأصابهم من عدالة ولايته وقانونية مشانقه.
ومن ثمّ فمابين ماضي الاحتلال وحاضر الاستقلال فيما عنه يقال، مازالت الأفواه مكممة منذ عشـرات السـنين والحريات معدومة، والأحكام العرفية وقوانين الطواريء سيف قائم على رقاب العباد، والظلم والبطش شـغّال عمّال على بطّال، وأما الفسـاد والفقر والنهب فأمره تطاول وطال، أما المآسي والمجازر فقد كثرت وتعددت وساء الحال.
قتل الباشا من معارضيه 32 رجلاً فحاز على لقب السفّاح، ومن ثمّ فأي لقب يحوز من قَتل الآلاف من مواطنيه شباباً وشيوخاً وعلماء ومفكرين فضلاً عن عشرات الآلاف من عامة الناس وجماهيرهم وفيهم النسـاء والأطفال والعجّز والمعوقين، وبماذا يمكن وصف من يقتل في أقل من ساعة من ليلٍ أو نهار المئات من شعبه من طلقاء الناس ومساجينهم...؟
ولئن جعل الوالي السفاح من ساحتين في عاصمتين كبيرتين مسرحاً لتصفية رجال الرأي والكلمة الحرة بحجج واهية من الخروج على القانون والسلطة فإن الحاضرين من الباشاوات أيضاً مع حفظ الألقاب والمقامات أرادوا للوطن من شرقه لغربه ومن شماله إلى جنوبه أن يكون ساحتهم فأقاموا في كل مدينة معالم للذكرى وأقبيةً للتصفية والتعذيب إذلالاً وإخضاعاً في كلٍ منها (باشا)، ومن ثمّ أصبحنا بباشاوات وجَمَالات لاحصر لها وحجتهم مكرورة ومعادة، هي هي حجة النبّاش الأول جمال باشا.
ولئن كان السادس من أيار يوماً أسود في تاريخ الوالي الباشا، فلقد بات عندنا سـوادس وسـواديس كثيرة في الحاضر من تاريخنا لكثرة المجازر والقتل والتصفيات والحرق والإعدامات بمحاكماتٍ وغيرها، جعلت الكثير الكثير من ناسنا يترحمون على النبّاش الأول من الباشاوات لهول مايرون وماهو كائن، ونسوا حتى أسماء شهدائهم، فأصبحت ذكراهم مطوية، وبات الحديث عنهم شيئاً من الماضي وإحساساً على أن مافعله أحمد جمال باشا السفّاح رغم فحش جرائمه لم يعد شيئاً مذكوراً أمام هذه الأهوال والمشاهد، وأنه ليس إلا صعلوكاً في مدرسة الباشاوات الجدد باعتبار أن من عادة الناس أن ينسوا عظيم الهول يوم يرون الأعظم.
الرحمة والرضوان لمن قدّموا ويقدمون أرواحهم من أجل كلمة حرةٍ وموقف شجاع رفضاً للذل أوالخنوع لقيم القمع والاستبداد والفساد عند السفّاكين المتاجرين بأرواح الناس وسرّاق لقمة عيشهم من الباشاوات الجدد. والويل والعار لكل أعداء الإنسان وقيمه الإنسانية وحقوقه المدنية من سلالة جمال باشا وجنسه، ولمن طمس ذكرى مشانق 6 أيار بأهوال ماارتكب من مجازر، وبآلاف مااقترف من قتلٍ من الباشاوات الجدد.



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لفتة حضارية ولفتات غير ذلك
- حرية وكرامة ووطن
- ابن الثمانين عاماً إذ يضعف نفسية الأمة...!!!
- هيثم المالح ابن الثمانين يوهن نفسية الأمة...!!!
- الطريقة الكوكية في الحوار
- انفلونزا التوريث الجمهورلكي
- تفجيرات بغداد والأزمة السورية العراقية
- إمارة رفح الإسلامية ودولة غزة
- هذي الكويت، صلِّ على النبي
- الأمل والإحباط في كلام السيد جنبلاط
- ياحبيبي... كل شيءٍ بقضاء
- المحكمة الجنائية السورية والدولية
- حكاية من زمن الحرب السورية
- هلوسات نرفعها إلى مقام من يهمه الأمر
- مساعدات إعمار غزة والاختلاف عليها
- حدَثَ في أسبوع ماقبل لهيب غزة
- الصحافي الحافي والقتيل المحامي
- الطريقة الدانماركية لتحسين الدخل
- ابن معتوق ضحية قاتلٍ بالقانون معتوق
- عزف منفرد على الطبل


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الباشاوات الجدد