أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - لكل طاغية يوم














المزيد.....

لكل طاغية يوم


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 18:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جرت العادة أن تستخدم الأنظمة القمعية بعض العاملين على عربات بيع الخضار وعربات جمع القمامة والأوساخ في التجسس على شعوبها وجمع المعلومات عنهم ومراقبتهم وإحصاء أنفاسهم. كما جرت عادة هذه الأنظمة الفاسدة أيضاً أن تلاحق مخالفيها الرأي ومعارضيها في لقمة عيشهم وقوت أطفالهم والتضييق عليهم، هذا إن كانوا داخل الوطن الذي يجعل المستبدون منه سجناً كبيراً. وأما من نفد من هؤلاء المواطنين بجلدهم واستطاع الهرب خارج هالوطن فلهم من خدمات نظامهم الديكتاتوري حقهم في الرصد والمتابعة، ومستحقهم من الملاحقة والمضايقة حتى لايضيع عليهم شيء من خدمات نظامهم التعيس. وعليه، فلكثرة متابعة هذه الأنظمة لمواطنيها في بلاد المهجر والمغترب يخيل إليك بأنهم لاينامون مرتاحين حتى يطمئنوا عن كل مواطنيهم وخصوصاً المعارضين منهم في طعامهم وشرابهم وغدوهم ورواحهم وسهرهم وسمرهم ونقاشاتهم وحواراتهم. وهم من أجل ذلك يصرفون الملايين والملايين في الرصد والمتابعة ومن جهدهم وصحتهم الكثير والكثير، ويرسلون عناصرهم الاستخبارتية لتُدس في صفوف هالناس تؤدي دورها المراد وتقوم بما هو ممكن ومستطاع في التخريب والإفساد والتجسس. وإن فاتهم شيء فلا يفوتنّهم منع المستندات الرسمية والوثائق عن هذا المواطن المضطهد ومساومته على حقه ومواطنيته ولاسيما ماكان من مثل جواز السفر، التي لها قصة طويلة وطويلة جداً تعبيداً لمواطنهم وإخضاعاً له تحسباً منه وخوفاً من كل حركة له أن تكون صيحة عليهم.
ماعلينا من مثل هذا الحديث، وقد قام النظام التونسي بمثل هذه الأعمال واشتغل وماقصّر في شأن منها. منع أحزاباً وطارد قادتها وناسها، ولاحقهم في الخارج أيضاً، وأقام المحاكم الاستثنائية والقمعية، فقتل من قتل، وهجّر من هجر، ولم يفوّت حتى العاملين في منظمات إنسانية حقوقية، وسجن الآلاف من مواطنيه لرأيهم وفكرهم ومخالفتهم له، واستأثر بالسلطة والثروة مع مجموعة من الأقارب والرفاق، وأخضع الجيش والأمن ليكونوا حراساً لسلطانه العتيد وفساده العتيق وجعل من الوطن مزرعة وكأنها ميراثه عمن خلفوه حلالاً زلالاً، وعمل كل مايمكن عمله قرابة خمس وعشرين عاماً للتوطيد لحكمه فساداً واستبداداً وقمعاً وقهراً.
وإذا كان لكل طاغية يوم من مثل ماشهدناه للرئيس بن علي، فإن للطغاة والظالمين من شكله وصنفه نهايات سوداء أيضاً، وغالباً ماتكون بئيسة كئيبة، لأنهم يغفلون عن مصيرهم ويتعامَون عن نهايتهم، ولئن ذكّرتهم قالوا لك احنا غير، وجماهيرنا غير. فذات يوم قال الرئيس السوري بشار الأسد: أنا لست صدام حسين (أنا غير)، واليوم كلهم بلسان الحال يقولون: احنا مش تونس. ويتجاهلون مع كل الضجيج الإعلامي والصخب الهادر لثورة الجائعين الحديث عنها باعتبارهم مش تونس.
ولكن ياتُرى هل خطر ببال الرئيس التونسي السابق وهو من اعتاد جلد الناس كبيرهم وصغيرهم، وقهرهم وإخضاعهم بالقوة والبطش، وهو يتظاهر بالشفقة والحنان والعطف والرحمة في هيلمة إعلامية مكشوفة عندما كان يزور في المستشفى شاباً جامعياً عاطلا عن العمل يسترزق من عربة يبيع عليها بعضاً من خضار وفاكهة، قامت البلدية بمصادرتها ورفضت سلطات المحافظة قبول شكواه في حق شرطية صفعته أمام الملأ، فأحرق نفسه احتجاجاً، هل خطر ببال زين العابدين بأن مثل هذا الشاب البائس ممن لايعرفه أحد ولا يُرى عليه أثر معارضة قد أشعل ملكه، وأنه أضرم النار تحت أعمدة قصره وعتبات عرشه ومهاد طاغوته..!؟ بالتأكيد، لم يخطر بباله البتة، لأن يقينه أن الجيش والأمن والأحزاب والمعارضين والإسلاميين واليساريين يمكن أن يفعلوا ذلك ويتهددوا سلطانه وجبروته من دون الجائعين والمقهورين ففعل كل مافعل من قمع وبطش، وأخذ حذره وأقام حصونه ظناً أنها مانعته من ساعة الحساب، ولكن أوتي من حيث لم يحتسب ليكون عبرة للمستبدين والباطشين، ولكن أين المعتبرون؟
اعتاد الطغاة أن يُسخّروا عربات الخضار وبعض سائقيها في القمع والقتل ولم يظنوا يوماً أن ينقلب السحر عليهم، وذلك ظنهم الذي أرداهم، ليقهر أحد أعظم عتاولتهم في بلاد العرب من قبل صاحب عربة خضار، لم يكن يوماً ولو لثانية واحدة داخل توقع الطاغية أو احتماله لاقتلاع هذا الديكتاتور الفاسد الذي هرب وهو لا يلوي على شيء.
بالتأكيد، عرفنا أن أكبر فراعنة التاريخ وطواغيتهم مع كل حساباته واحتياطاته وكل حذره وفتكه وقتله كانت نهايته على يد طفل ألقته أمه في اليمّ أملاً أن تكتب له الحياة، فالتقطه آل فرعون وهم في غاية الفرح والسرور، وترعرع في كنفهم ليكون لهم عدواً وحزناً من حيث لم يحتسبوا.
التاريخ بين فترة وفترة، يعيد الحكاية عن الطغاة والفراعنة وقصة اقتلاعهم وجرفهم، من طفلٍ لاحول له ولا قوة يُلتقط من النهر، إلى شاب يُقهر جوعاً وتُسرق قطرات عرقه، وتُهان كرامته، فهل من مدّكر..!!؟



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس القذافي مطلوب للقضاء اللبناني
- القيل والقال في تنظيم أشقائنا للمونديال
- أزمة الطماطم الشرق أوسطية..!!
- عن ذاكرة المعتقَلات السياسيّات
- البطاقة الثالثة في اليوم العالمي للمفقودين 3/3
- البطاقة الثانية في اليوم العالمي للمفقودين 2/3
- في اليوم العالمي للمفقودين 1/3
- حيتان وهوامير أم مطمورة ومطامير..!؟
- المحامي السوري والسائق الياباني
- كاسك ياوطن
- في ذكرى مجزرة تدمر هل إلى فك الحصار عن مَوتانا من سبيل..؟
- سلام على المالح وصحبه الكرام
- سلام على آل هيلين
- أو تعجبون من جرائم ضحاياها هم السبب...!!؟
- كلام يبحث عن عنوان مناسب
- الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 2/2
- الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 1/2
- الباشاوات الجدد
- لفتة حضارية ولفتات غير ذلك
- حرية وكرامة ووطن


المزيد.....




- بآخر تحديث للجيش العراقي.. هذه نتائج انفجارات قاعدة الحشد ال ...
- شاهد اللحظات الأولى لانفجارات ضخمة داخل قاعدة للحشد الشعبي ف ...
- فيدان: زيارة السيسي لتركيا ضمن جدول أعمالنا
- الميكروبات قد تحل ألغاز جرائم قتل غامضة!
- صحة غزة: 4 مجازر خلال 24 ساعة وإجمالي ضحايا الحرب تجاوز 34 أ ...
- الحرمان من النوم قد يقودنا إلى الإصابة بـ-قاتل صامت-
- مكمّل غذائي شائع يمنع الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا
- العثور على -بكتيريا مصاصة للدماء- قاتلة متعطشة لدم الإنسان
- -واتس آب- يحصل على ميزات شبيهة بتلك الموجودة في -تليغرام-
- لجنة التحقيق الروسية تعمل على تحديد هوية جميع المتورطين في م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - لكل طاغية يوم